Home»Débats»أغمات و التاريخ المنسي

أغمات و التاريخ المنسي

5
Shares
PinterestGoogle+

قبر الغريب سقاك الرائح الغادي….حقا ظفرت بأشلاء ابن عباد

مطلع قصيدة للمعتمد بن عباد الشاعر وملك اشبيلية الذي أسره يوسف بن تاشفين المرابطي بعد توحيده للأندلس التي عانت من تطاحن  ملوك الطوائف فنفاه إلى  أغمات ليمكث بها سجينا حتى وفاته سنة 1095 م بعد تدهور أحواله الصحية والمادية  حسب بعض الروايات ,وقد أوصى أن تكتب أبياتها فوق قبره حيث لا زالت شاهدة على  معاناة الشاعر الأسير الذي انقلبت حياته رأسا على عقب من القصور الأندلسية الفخمة  ونعيمها إلى أسير بقرية تقبع في سفوح جبال الأطلس الصغير,  لا أنيس له إلا زوجته الشاعرة اعتماد الرميكية التي لحقت به رفقة بناتها اللائي قاسمنه الحرمان و شظف العيش و العزلة . وكما قال الشاعر أبو البقاء الرندي

وَهَذِهِ الدارُ لا تُبقي عَلى أَحَدٍ

وَلا يَدُومُ عَلى حالٍ لَها شانُ

إذا كان هذا حال المعتمد بن عباد وأسرته فان حال  » أغمات  » ليس بأحسن  حال , رغم تاريخها العريق  الذي يمتد لفترة ما قبل الإسلام , كما كانت قاعدة ادريسية  مزدهرة وعاصمة لإمارة مغراوة واستقر بها المرابطون قبل تشييد مدينة مراكش سنة 1062م وقصة يوسف بن تاشفين وزينب النفزاوية شاهدة على ذلك , واستمر اشعاهها في العهد الموحدي قبل ان تدخل مرحلة السبات فطمرت آثارها وطواها النسيان لقرون عديدة و حتى الضريح الذي يحتضن قبورالمعتمد بن عباد الأندلسي وزوجته اعتماد الرميكية وابنه ابو سليمان الربيع  لم يتم بناؤه  إلا سنة 1970 .

سنة 2005 سيتم اكتشاف الموقع الأثري  » أغمات  » في إطار عمل تنسيقي بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجامعة  » فاندربيلت  » الأمريكية , ومكنت الحفريات من اكتشاف أقدم حمام بالمغرب يعود تاريخة إلى نهاية القرن العاشر وبداية القرن الحادي عشر بالإضافة إلى مسجد أغمات وقصرها الممتد عل مساحة شاسعة غطتها الأتربة بشكل كامل و أصبحت حقلا زراعيا قبل أن تكتشف هذه الآثار عن طريق الصدفة .

سنة 2009 تأسست مؤسسة أغمات من اجل متابعة الأبحاث الأثرية والمحافظة على الآثار المكتشفة بشراكة مع مؤسسات أجنبية.

ومن شان متابعة الأبحاث الأركيولوجية و توسيع مجال الحفريات والتنقيب الكشف عن المزيد من الآثار المطمورة , فسجل اغمات التاريخي موغل في القدم وقد يكون حافلا بالمفاجئات , كيف لا وهي التي وصفها الجغرافي أبو عبيد الله البكري بما يلي  » أغمات مدينتان سهليتان إحداهما تسمى أغمات أيلان والأخرى أغمات وريكة … وبها مسكن رئيسهم وبها ينزل التجار والغرباء , وأغمات أيلان بلد واسع تسكنه قبائل مصمودة في قصور وديار , وبها أسواقا جامعة . »

الزائر لمركز أغمات يشعر بالتهميش الذي يعاني منه من حيث النقص في البنية التحتية والتجهيزات, وتواضع عمرانه والمستوى المعيشي للساكنة المحلية  , فالطابع البدوي يطغى على مركز يعد  أقدم  من مراكش التي لا تبعد عنه إلا بحوالي  30 كلم.

يلاحظ الزائر عدم وجود لوحات إرشادية تدله على الأماكن الأثرية التي تزخر بها أغمات ومنها ضريح المعتمد بن عباد  الذي يحرسه عون تابع لوزارة الثقافة لا ثقافة تاريخية له  ولا يروي فضول الزوار لمعرفة المزيد عن عظمة المكان والراقد تحت ترابه , وكان من الأجدر تعيين محافظ مختص ذو خبرة و إلمام   , وهذه النواقص لا تخدم السياحة التي تعد رافعة أساسية للتنمية المحلية  التي تسعى المجالس المنتخبة لتحقيقها,  بالإضافة لبعض السلبيات التي تسيء لجمالية الموقع الطبيعي الخلاب الذي حظى الله  به المنطقة بين جبال وحقول ووديان وبساتين حيث  تعانق أشجار النخيل الأعالي في الواحات و المنابت التي تنتشر على طول الطريق من مراكش إلى أوريكة ومنها تنقل الشتلات إلى مختلف ربوع المملكة لتزين الشوارع والساحات.

مراكش فعلا وردة بين النخيل كما تغنى بذلك أحد رواد الأغنية المغربية , كل شيء فيها جميل يغري الزائر بالعودة إليها من جديد , إلا أن جشع بعض التجار وأرباب المقاهي والمطاعم و الانتهازيين من مقدمي الخدمات اللوجستية و النقل  خاصة عربات الكوتشي  وكذلك حراس مواقف السيارات  والطفيليين منهم ,  يعد نقطة سوداء ينبغي محوها لأنها لا تليق بالحاضرة المراكشية المشهورة ببهجتها و مستملحاتها و كرم ضيافتها .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *