Home»Débats»ضجة زواج الصغيرة في بلادنا

ضجة زواج الصغيرة في بلادنا

0
Shares
PinterestGoogle+

أثارت وسائل الإعلام في بلادنا وخارجها ضجة كبرى بخصوص فتوى أحد الشيوخ أو الفقهاء الذين أفتوى بجواز نكاح الصغيرة في سن التاسعة ، ولا زالت للقضية تداعيات حيث رفعت دعوة قضائية ضد صاحب الفتوى ، بل اتخذت إجراءات ضده قبل محاكمته من قبيل مصادرة موقعه الإلكتروني كما ذكرت بعض وسائل الإعلام.
ومن المعلوم أن قضية زواج الصغيرة كان عبر التاريخ في بلادنا وغيرها من بلاد الإسلام موضوع خلاف بين الفقهاء حيث يرى البعض أنه من الإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم العمل بسنته لأن الله عز وجل جعله لأمته إسوة . ولما كان عليه السلام قد بنى بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي بنت تسع سنين فقد رأى هؤلاء أن ذلك من الشرع ، في حين يرى آخرون أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها مما خص به وحده دون غيره من الأمور التي لا تجوز لأحد من أمته ، لهذا لا يرى هؤلاء ذلك من الشرع.
وعندما نتأمل حجة الذين يقولون بزواج الصغيرة في سن زواج عائشة أم المؤمنين نجدهم يرون أن بعض الإناث في بعض البيئات ينشأن ببنيات جسدية قوية تجعلهن في سن التاسعة يظهرن وكأنهن في سن أكبر من ذلك بكثير، وأنهن قادرات على الزواج ، وقد يخطئ من يراهن في تقدير أعمارهن. كما أننا عندما نتأمل حجة الذين ينكرون زواج الصغيرة في سن التاسعة نجدهم يرون أن غالبية الإناث لا تسمح بنياتهن الجسدية بالقدرة على الزواج.
وتتساوى الحجتان إذ يعتمد البعض حالات استثنائية ، بينما يعتمد آخرون حالات عامة ، علما بأنه لا يقاس عام على استثناء والعكس أيضا صحيح.
وأعتقد أن الزوبعة التي أثارتها الفتوى القديمة الجديدة في بلادنا هي في الحقيقة انعكاس للخلاف بين الجهة التي تمثل الدين الإداري في البلاد، وهي المجلس العلمي الأعلى، وبين الجهة التي تمثل الدين الشعبي في البلاد ـ إن صح التعبير ـ . وفي طبقات الشعب من يحترم الجهات التي تمثل الدين الشعبي ولا تحظى عندهم الجهة التي تمثل الدين الإداري بأدنى اهتمام لكونها تهتم بما هو رسمي وتهمل ما هو شعبي في نظرها.
ولقد كان ضمن لجنة إعداد مدونة الأسرة علماء أجلاء لا يطعن في مصداقيتهم الفقهية وقدرتهم على الإفتاء ومع ذلك لم يجيزوا زواج الصغيرة كما كان الأمر من قبل بل أجازوا استثناء زواج الفتاة فوق التاسعة ودون الثامنة عشرة في بعض الحالات. ومن المعلوم أن لجنة إعداد مدونة الأسرة لم يكن فيها الفقهاء وحدهم بل كان يشاركهم فيها من ليسوا بفقهاء وإنما هم من فئات المجتمع المدني لهذا يجب ألا يحسب على الفقهاء ما خالف الفقه في المدونة ، كما أنه لا يحسب على غيرهم ما وافق الفقه.
ولا زال الناس إلى يومنا هذا ينكرون على المدونة الجديدة كثيرا من الأمور إما لمخالفتها الشرع أو لمخالفتها مطالب الحياة العصرية المتأثرة بحياة الغرب. ولقد جاء مدونة الأسرة وعن قصد وسبق إصرار في صيغة توفيقية بين دعاة الأصالة ودعاة المعاصرة حسما لنزاعهما في مجتمع يتبنى الوسطية والاعتدال ويتنكب التطرف في هذا الاتجاه أو ذاك من الأصالة أو الحداثة.
وعملا بهذا النهج التوفيقي وبسياسة الانفتاح التي ينهجها المغرب وفيها ضمان لحريات الرأي والتعبير لا يوجد ما يبرر إجراءات محاكمة فقيه أو شيخ أو مصادرة موقعه لمجرد تعبيره عن رأيه الذي يلزمه وحده ولا يلزم غيره. ولا يمكن وصفه بالفتان إرضاء لفئة على حساب أخرى والحالة أن المغاربة ليسوا على رأي واحد في موضوع زواج الصغيرة منذ زمن بعيد.
ولعل الحرج الذي يواجهه المجلس العلمي الأعلى الذي يستأثر بالفتوى في البلاد هو سكوته عن عشرات الأمور المحرمة شرعا بنصوص قطعية لا تقبل التأويل، فهل تقتصر فتاوى هذا المجلس على جزء من قضايا الأحوال الشخصية دون غيرها من الأحوال ؟؟ ولعل سكوت هذا المجلس أو عجزه عن الإفتاء في قضايا واضحة التحريم هو الذي يفقده المصداقية ، ويعطي المصداقية لفتاوى الفقه الشعبي.
أما زواج الصغيرة فعبارة عن قشة تستعمل لقصم ظهر بعير في مجتمع يحاول التوفيق بين فئتين: فئة متدينة وأخرى متحررة من الدين. والصغيرة قد تكون مظلومة عند الفئتين معا فإن فرض عليها الزواج في سن التاسعة أو بعد حيضها مباشرة ، وكان الزوج المتدين يكبرها كان لذلك آثارا نفسية سيئة للغاية إذ كيف يمكن لصغيرة في مستوى السنة الثالثة أو الرابعة أو حتى السادسة ابتدائي أن يكون عقلها مكافئا لعقل رجل لا يقل مستواه عن شهادة الباكلوريا علما بأن التكافؤ في الزواج لا يكون جسديا فقط بل عقليا ونفسيا؟ ولهذا يكون هذا ظلم في حقها. وإذا ما كان المدافعون عن الصغيرة ضد زواجها المبكر ينكرون على من يفتي بذلك فيجب ألا يسكتوا عن استغلالها جنسيا والحالة أن وسائل الإعلام تنقل يوميا أخبار هذا الاستغلال المخزي للصغيرات ، ويكون الزواج أرحم لهن من هذا الاستغلال المخزي باسم الحضارة. ولا زالت مدينة وجدة لم تنس اغتصاب الصغيرة وقتلها دون تعزير الفاعل بالقتل ليكون ذلك رادعا لكل من تسول له نفسه ارتكاب نفس الفعل الشنيع. فلا يجوز أن ننكر فتوى زواج الصغيرة وفي المقابل نسكت عن استغلالها جنسيا أو تشجيعها على ذلك باسم التحرر والحداثة ، وإننا لنعاين وبشكل فاضح ركوب بعض الصغيرات من تلميذات السلك الإعدادي السيارات مع الراشدين دون وجود من يمنع ذلك من شرطة الأخلاق ، ودون من يرفع دعوى ضد المستغلين لهؤلاء الفتيات كما رفعت الدعوة ضد صاحب فتوى زواج الصغيرة ، ودون أن يتدخل المجلس العلمي الأعلى.
وما نخشاه من فتوى الشيخ أو الفقيه أن يكون ذلك من آثار المد الشيعي في بلادنا الذي حذر منه بعض الدعاة ، وهي عقيدة لا ترى بأسا في الزواج بالصغيرة بل والتمتع بها و تفخيذها ـ والعياذ بالله ـ حتى لو كانت رضيعة.
إن ما نريده هو أن تأخذ القضية مسارها الصحيح عند أهل الحل والعقد دون ازدواجية المعايير ولا تكون موضوعا للمزايدة السياسية والحزبية وغير ذلك من أجل تحقيق أغراض على حساب الصغيرة المغربية، وعلى حساب الدين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. Oujdi
    30/09/2008 at 14:56

    Bravo Lalla Chahrazad Andalousi, Bravo sur l’éclaircissement et l’exposition de ce sujet. On entend mais on souhaitait que quelqu’un(e) du domaine ait le courage de parler de cet événement car la plupart des Oulémas restent bouche baie! Le silence car la peur gouverne leur vie. Il y a beaucoup de fille mineure qui utilisent la pilule il faut demander les pharmaciens, il y a 600 avortements par jour au Maroc; il y a sûrement des filles petites qui ne savent pas le mal du bien et qui ont été impliquée par des drogues karkoubi vers un chemin sombre et noir, où moment il y beaucoup de parents inconscients et responsable qui connaissent TOUT mais il veulent ce désordre, cette bassesse. Mais le conseil suprême des Oulèmas c’est la catastrophe, Comment regarder sur les chaînes de Télévision des héros qui rayonnent, on lit derrière leur visage la FOI, le sérieux mais derrière nos Oulémas des visages non barbus avec des déclarations non convaincantes… La masse a son jugement: Le prophète dit qu’au Dernier Jour il y a des Oulémas qui viennent tourner autour du Feu à l’Enfer et leur Intestin sortant de leur Anus. Ils étaient incohérent avec la foi, ils cachaient la vérité et ne participaient pas a développement humain….

  2. محمد أبو أنس
    30/09/2008 at 15:06

    يا أختي إنها فتوى منشورة في موقع هذا الرجل من زمان ولم يأبه لها أحد.المقصود ليست الفتوى رغم أنني مع الفتوى الجماعية المؤسساتية وفق المذهب المالكي، الغرض من تحريك الملف هو إغلاق 20دار لتحفيض القرآن الكريم في مراكش ومنها تخرج إمام مسجد الحسن الثاني الأستاذ لقزابري.لو تحرك أهل العلم وعارضوه بالحجة والبرهان وحكموا عليه بما شاؤوا لكان الأمر طبيعيا، لكن أن يحاكمه العلمانيون واليساريون والمفسدون ويشنون عايه حملة كبيرة فإن الغرض هو الدين وليس التطرف أو الشذوذ في الفتوى. بهذا المنطق، سوف يبحثون بالمكرسكوب عن رأي شارد لشخص مغمور من أجل أن يغلقوا المساجد والمدارس القرآنية ويمنعو تدريس التربية الإسلامية أو ربما وضع الحجاب على رأس المرأة ووو…كان عليهم محاسبة صاحب الفتوى دون إغلاق مدارس تحفيظ القرآن الكريم وإعلان الحرب على الله في هذا الشهر الفضيل.

  3. aminos
    30/09/2008 at 15:06

    tzwjo lkbarate 3ad ytzwjou molat 9 snine li 3ad katrd3 fsb3ha.3lach maydirouch fatawi yfd7o fiha chfara.dbiz

  4. عمر حيمري
    02/10/2008 at 15:41

    السلام عليكم بارك الله فيك يا أختاع عين العقل أصبت .وكم أعجبتني فكرة شرطة الأخلاق لو خرجت إلى النور .ومع الأسف الشديد فلقد كانت موجودة مع الاستعمار وبداية الاستقلال لوعادت لصانت كثيرا من العائلات

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *