Home»Débats»هل هو عقاب مستحق؟

هل هو عقاب مستحق؟

0
Shares
PinterestGoogle+

محمد شحلال
سيظل اقتراع ثامن شتنبر2021 حدثا مدويا في تاريخ حزب العدالة والتنمية بما أحدث من تراجع مأساوي في رصيد الحزب الاسلامي.
لقد تمكن هذا الحزب من تجاوز وضعه الاصلي كحركة اسلامية ليصبح تنظيما يصطف الى جانب الحزب العريقة والمحدثة بفضل ،،لمسة احتضان،،من الزعيم د. عبد الكريم الخطيب الذي وظف نصيبا من رصيده الوطني القوي ليظهر في الساحة تنظيم حزبي بمرجعية اسلامية واضحة تتجاوز ميولات حزب الاستقلال الدينية.
ظهر حزب العدالة والتنمية الذي تماهى مع نظيره التركي في الشكل أكثر من المضمون،ظهر في ظرف كان لا بد فيه من تغيير ما يخرج البلد من ارهاصات الاحتقان واحتمال الانفجار الذي حصل في بلاد عربية عديدة تحت مسمى ،،الربيع العربي،،وهو ربيع ما لبث أن تحول خريف مدمر لكل تم من انجازات عبر التاريخ القديم والمعاصر مثلما يلخصه الوضع في بلاد الشام على سبيل الحصر.
دخل حزب العدالة والتنمية غمار الانتخابات معتمدا اسلوب،،سلامة السريرة والطهرانية،،كوسيلة لاحداث التغييرات التي ينتظرها جل المغاربة الذين ضاقوا ذرعا بالتحولات التي عرفتها القيم والاخلاق في ظل أحزاب ،،متحررة،،غضت الطرف عن اختراق الأسر والفضيلة عبر الانفتاح الاعلامي القادم من كل أصقاع الدنيا ،حيث غزتنا مسلسلات لا تنتهي لم تتأخر نتائجها الكارثية،حيث انتشر الانحلال الخلقي،وتم تشييء المراة حتى تجاوزت العنوسة كل الحدود،ووجدنا أنفسنا نتعايش فجأة مع ظاهرة الامهات العازبات ،والولادات خارج اطار الزواج،الى جانب ظواهر غريبة أخرى عن تقاليدنا سرعان ما وجدت مم يدافع عنها
بشراسة من خلال ،،مناضلات ومناضلين،،متشبعين
بعقيدة التحرر التي بلغت مستوى الدفاع عن حرية الجسد !
تحاوب المغاربة مع شعارات الحزب الاسلامي ومكنوه من احتلال الصدارة في استحقاقين متواليين،مما الحق ضربة موجعة بالأحزاب التاريخية التي فقدت زمام الأمور بكثير من الذهول.
اكتست حزب العدالة والتنمية شعبية هائلة،وتحول أمينه العام الى نجم في مداخلاته التي كانت تتناغم مع ما يعتمل في نفوس المواطنين المحافظين بصفة خاصة،وهو ما يسر للوزير الأول أن يقرر زيادات في ثمن المحروقات من غير معارضة تذكر لأن الرجل عرف كيف يمرر العديد من اجراءاته بدعوى صيانة الوطن من الرجات من غير الارتماء في ايد المؤسسات المالية التي قد ترهن مصير البلد.
قدم حزب العدالة والتنمية صورة مشرفة عن بلدنا الذي فتح الباب أمام حزب اسلامي ليتولى تدبير الشؤون على خلاف دول مجاورة لم تتقبل حكم الأحزاب الاسلامية فأجهضت تجربتها بالقوة.
لا أنكر أني كنت معجبا بحزب العدالة والتنمية الذي أغنى تميز المغرب واتساعه لكل الحساسيات التي تحترم الثوابت،فمنحته صوتي الذي لأ أملك ما عداه.
عمل حزب العدالة ما في وسعه ليتجذر أكثر،وتمكن من تقوية تنظيماته الموازية حتى صار مضرب مثل في الانضباط الحزبي والتنظيم المحكم،لكن اهتمامه بالبيت الداخلي،شغله عن دراسة المرحلة وخباياها فقبل أن تمرر في عهدته قرارات قاسية ربما كان على رأسها قرار تمديد سن التقاعد وما ارتبط به من اجراءات لم يستسغها جل المواطنين.
لقد كان القرار يستند الى شجاعة ووطنية لا يتقبلها الاخرون،ولكن هذا القرار كان لا بد له من ثمن أو ضريبة يؤديها الحزب فيما بعد ولو كانت نيته سليمة كما ازعم-شخصيا-غير أن المواطن في العصر الراهن لم يعد مستعدا للتنازل أو التضحية في أبسط أشكالها،لذلك أصبح المقياس لدى سائر الناس هو الأخذ من غير عطاء ولو ذهبت مصلحة الوطن العليا الى الجحيم.
أعتقد أن حزب العدالة بقدر ما كان محظوظا في اكتساح صناديق الاقتراع،بقدر ما كان حظه عاثر من حيث الظرفية التي تولى في تدبير امور البلاد،ولا أظن أن حزب اخر كان سيخرج من مثل هذه المرحلة بسلام !
لقد مكن الحزب الاسلامي ولاة الأمور من ايجاد جسر لتجاوز وضعية صعبة،لكنه ربما افتقد الحذق السياسي كي لا يؤدي الثمن من مستقبله السياسي.
والى جانب القرارات الصعبة التي اتخذت في عهدة الحزب الاسلامي-الذي لم يكن وحيدا-على رأس السلطة،فان أحداثا جانبية قد عجلت بأفول نجمه عندما انكشفت ممارسات بعض المرشدين والمرشدات المحسوبين عايه،وهي ممارسات لا أخلاقية أصابت مصداقية دعاة العفة في مقتل،ولما توالت الانتكاسات،نهج مسؤولو الحزب طريقا سورياليا،حيث لجأوا الى ممارسة دور الحاكم والمعارض في ذات الوقت،وهو أمر لا يمكن تفسيره الا بالاخفاقات التي توالت في كثير من المجالات.
هذه بعض ارتسامات مواطن لا حول له ولا قوة،وكان كل همه أن يرى هذا الحزب الفتي يسير نحو مزيد من التألق،لكن الممارسة السياسية لا تنضج في يوم وليلة،ومع كل ذلك،فانه لا يسعني الا أن أحيي زعماء الحزب الذين بادروا الى اعلان استقالتهم كاجراء ديموقراطي لا تمارسه الا الاحزاب التي تحترم قواعدها،وأرجو أن يعمد هذا الحزب الى اعادة بناء لبناته ليعود الى التنافس الشريف وقد استوفى شروط النزال.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *