Home»Débats»بكائيات النظام الجزائري

بكائيات النظام الجزائري

6
Shares
PinterestGoogle+

تتسارع الأحداث مغاربيا بوتيرة تهدد بتصعيد قد لا يخدم شعوب المنطقة , وتأبى الجزائر إلا أن تغرد خارج السرب مرددة أسطوانتها المشروخة التي تمتح من الزمن الماضي الذي أكل عليه الدهر وشرب , وتبقى الأساطير المؤسسة لعقيدة الكراهية لدى الجيران ثابتة رغم تغير الظروف ومرور مياه كثيرة تحت الجسر. و قد يحار علماء النفس في فك شيفرة تلك العقد التي تعكر صفو العلاقات المغربية الجزائرية و تذكي نار العداوة المجانية التي لا يخفيها قادة الجزائر رغم اليد الممدودة والتعبير عن حسن النية من طرف المغرب.

عقدة حرب الرمال

خطاب المظلومية لم يفارق يوما ذاكرة حكام الجزائر حتى أن مقولة الرئيس الراحل احمد بنبلة  »  حكرونا حكرونا لمغاربة  » بعد واقعة حرب الرمال سنة 1963 أصبحت أشهر من نار على علم رغم أن الرواية الجزائرية مغلوطة وسكان إقليم فكيك أعلم  بأسباب اندلاعها وكيف أن الجزائر عملت بسياسة  » ضربني وبكى سبقني وشكا  » , و لا داعي لنكأ الجراح بالدخول في التفاصيل لأنها متشعبة و تتداخل فيها عدة عوامل سياسية وجغرافية و إيديولوجية ساهم فيها المستعمر القديم بخلط أوراق الحدود الشرقية و غايته فرق تسد  و التيار الناصري  الساعي للهيمنة و الذي صب الزيت على النار و غيرهما من الأيادي  الخفية .

و من هذه الوقائع تأسست عقيدة العدائية التي لا تترك الجزائر أي مناسبة لإثارتها و نظم مرثيات شعرية تحفظها للأجيال المتعاقبة مورثة إياها الحقد و الضغينة للمغرب الذي تتقاسم معه الفضاء المغاربي و مكوناته من لغة ودين وتاريخ مشترك.

عقدة الصحراء المغربية

بعد قرار المغرب استكمال وحدته الترابية وتحرير أقاليمه الجنوبية من الاستعمار الاسباني الذي تم بفضل المسيرة الخضراء سنة 1975 والتي التحمت فيها إرادة الملك والشعب في ثورة جديدة هي استمرار لثورة 20غشت 1954 انتهت بجلاء المستعمر و توحيد شمال المملكة بجنوبها , ثارت ثائرة النظام  العسكري البومديني مظهرا وجهه الحقيقي المعاكس لمطالب المغرب المشروعة و عمل كل ما في وسعه من طاقة وجهد للمس بوحدته الترابية و عرقلة أهدافه ومراميه , وعمل بتنسيق مع المقبور معمر القذافي على خلق كيان وهمي وتسليحه  لخوض حرب بالوكالة عن طريق تجنيد عناصر انفصالية ومرتزقة تحتضنهم  إلى اليوم مخيمات  تندوف و صحاريها , مغدقة عليهم بأموال مصدرها مداخيل البترول والغاز التي حرم منها الشعب الجزائري , وجندت دبلوماسيتها برئاسة  عبد العزير بوتفليقة وزير خارجية تلك الحقبة لشراء الذمم و تمويل اللوبيات لمواجهة المغرب في المحافل الدولية بعد الفشل العسكري ,  ورغم ذلك ظل المغرب صامدا مناضلا مؤمننا بعدالة قضيته , وكان النصر حليفه في الميدان ودبلوماسيا على الصعيدين الإقليمي والدولي , وتوالت هزائم العدو إلى أن خر صاغرا طالبا وقف إطلاق النار , وقد تمسك المغرب بالشرعية الدولية والقرارات الأممية .

واستمرت مناورات البلد الجار الذي كان يطمح للحصول على منفذ للمحيط الأطلسي عبر بوابة الصحراء بعد خلق جمهورية خيالية لا تتوفر على عناصر الدولة كواجهة لإطماعها التوسعية, إلا أن المغرب كان دائما بالمرصاد محطما أحلام ونوايا أعداء الوحدة الترابية. ومعركة أمغالا  التي أسرت فيها عناصر من الجيش الوطني الجزائري شاهدة على ذلك  وهي موثقة بالصوت والصورة .

الكركرات مصيدة البوليساريو

آخر محاولة للنظام الجزائري هي افتعال أزمة الكركرات  التي كان الهدف  من وراءها تطبيق مخطط جهنمي باقتحام المنطقة العازلة بين موريتانيا والحدود المغربية وشل حركة تنقل الأشخاص والبضائع  و ربما احتلال المنطقة بإيعاز من أطراف أخرى تمني النفس بوضع قدم لها هناك ,  إلا أن المغرب علم مسبقا بنواياهم المبية  وسعى جاهدا لضبط النفس ساعيا لحل المشكل بالتي هي أحسن , وأمام فشل بعثة المينورسو في احتواء الوضع الذي بدا في الخروج عن سيطرتها وفق المهام الموكولة لها من طرف هيئة الأمم و أمينها العام الذي أحيط علما بالوقائع من طرف جلالة الملك شخصيا .

عملت القوات المسلحة الملكية  يوم 13/11/2020 على إنهاء إغلاق المعبر وتامين انسيابية حركية المرور التجاري والمدني  وتعزيز تواجد الجيش الملكي المغربي بالحزام الأمني الذي يغطي حتى المنطقة العازلة التي كان المرتزقة يدعون تحريرها  .

وأمام هذا النصر المبين لم يبقى للبوليساريو إلا الإعلان عن خرق وقف إطلاق النار وليشرع في بث بلاغاته عن حرب لا وجود لها على ارض الواقع , وساهم الإعلام الجزائري في إخراج رديء لسيناريوهات ومشاهد سينمائية لتغليط الرأي العام المحلي والدولي وتوهيمه بأن حربا تدور رحاها في الصحراء المغربية وان البوليساريو تقوم بأقصاف داخل التراب المغربي وواقع الحال يكذب ذلك , و لم تنطل تلك الحيل على احد بل قوبلت بالتجاهل المطلق .

سعار قيادة الجيش الجزائري

أمام الهزائم المتتالية بالصحراء المغربية وديبلوماسيا بالاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء وفتح عدد كبير من القنصليات بالعيون والداخلة من طرف الدول الصديقة والشقيقة المؤيدة للمغرب في معركته العادلة لتأمين وحدته الترابية , ازداد سعار العسكر الجزائري و لم  يعد يكتفي بالتنديد بل لجا لأساليب الاستفزاز و الدعاية المغرضة وشن حروب كلامية و مناورات قرب الحدود المغربية استعمل فيها الرصاص الحي , إلا أن المغرب الواثق في قدراته وقوة جيشه الباسل ظل مرابطا بمواقعه على استعداد لتحييد أي خطر ورصد تحركات العدو وتدمير آلياته وعتاده وواقعة الداه البندير ومن معه خير دليل على ذلك .

لم تستسغ الجزائر الانهزام المتكرر لتمر للسرعة القصوى في سياستها العدائية للمغرب خاصة وان أوضاعها الداخلية تنذر بكوارث اقتصادية واجتماعية وسياسية , ولم تتبقى لها إلا سياسة الهروب إلى الإمام بافتعال عدو خارجي لتشتيت الأنظار و توقيف الحراك الذي يطالب بدولة مدنية لا عسكرية والهاء الشعب الذي عبر عن سخطه من النظام الحاكم بمقاطعة الانتخابات الراسية والاستفتاء على الدستور واخيرا وليس آخرا الانتخابات البرلمانية والقادم أسوا .

الحرائق التي اتخذت ذريعة لتصدير الأزمة

جاءت النار بردا وسلاما على حكام الجزائر  , إذ أمام هول الحرائق الغابوية بمنطقة القبائل و مخلفاتها المؤسفة ماديا وبشريا و عجزهم عن تدخل فعال بسبب عدم التوفر على طائرات لإخماد الحرائق و الزج بعناصر من الجيش للموت وسط الجبال والأحراش وتضاريس وعرة بدون ابسط  المعدات والوسائل , الشيء الذي جر عليهم غضبا شعبيا غير مسبوق  خاصة بعد رفض اليد الممدودة للمغرب بعرضه المساعدة بطائرات كانادير التي يتوفر على عدد منها, مفضلين استجداء أوروبا ومستعمر الأمس الذي تلكأ في البداية لأسباب مختلفة , ومما زاد الطين بلة مقتل المغني الشاب جمال إسماعيل من مليانة و الذي جاء لتقديم يد العون للمتضررين فسلمته قوات الأمن للجمهور الغاضب بدعوى انه محرق الغابات ظلما وعدوانا في محاولة يائسة لبث التفرقة بين العرب و الأمازيغ وجرهم لحرب أهلية , إلا أن مخططهم الدنيء كان ماله الفشل الذريع لان عائلة الضحية تفهمت الوضع و أبت أن يزج باسم ابنها في لعبة مخابرات قذرة لم يكتب لها النجاح .

وهنا ستحاول الأجهزة العسكرية والمخابراتية  لعب ورقة العدو الكلاسيكي كما يحلو لشن قريحة تسميته  و اتهام المغرب بالتنسيق مع حركتي الماك والرشاد لا ضرام النيران بتزي وزو وبجاية و الادعاء كذبا بان القاتل المفترض للمرحوم جمال إسماعيل كان ينوي الهروب الى المغرب رغم البعد الجغرافي , وهذه كلها وقائع من نسج خيال حكام البلد الجار ولا وجود لأي دليل مادي يثبتها أو حجج تؤكد تلك المزاعم العبثية التي لا يصدقها إلا المعاق ذهنيا كما ورد في موقع فرنس أنتير .

المجلس الأعلى للأمن الجزائري تبنى تلك الأكاذيب التي لا تستند على أية أسس صحيحة لاتخاذ قرارات قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب و تشديد التواجد العسكري على الحدود الغربية مما يعتبربمثابة إعلان حرب.

والمغرب العصي على أعدائه والقادر على رد الصاع صاعين و الذي يتميز بدبلوماسيته التي تتصف بالحكمة والرصانة وبعد النظر ولا مجال فيها للتهور و الحماقات كما هو الشأن لدى جيرانه الذين يعيشون الحاضر بعقلية الماضي ويتخذون قراراتهم المتسرعة المؤسسة على أساطير وهمية ليس الا.

الأساطير المؤسسة لبكائيات الجزائر

أسباب نزول قرار قطع العلاقات المقطوعة أصلا لم يجد وزير الخارجية رمطان العمامرة – العائد من فترة عبور للصحراء والغير المواكب لتطور العمل الدبلوماسي  و أعرافه وأصوله – ما يبررها به غير الرجوع لعقدة حرب الرمال للبكاء على الإطلال , والتشبث بأوهام التجسس والعداء الدائم وغيرها من الترهات التي تدخل في خانة العبث والسريالية والتي تظهر بوضوح أن الركب قد فاته مع المستجدات الميدانية و الظرفية التي لا تخدم الأجندة التي جيء به من أجلها .

خلاصة

المغرب عانى من استفزازات حكام الجزائر وعدوانيتهم لمدة تفوق الأربعين سنة وظل صابرا محتسبا مراعيا علاقات الجوار والروابط التي تجمع الشعبين, التي لم يراعها هذا البلد عند طرد ألاف المواطنين المغاربة – بعد المسيرة الخضراء- مشتتا شمل أسر تجمعها روابط الدم والمصاهرة وتفريق الأب و الأم عن الأبناء  في سابقة تاريخية تسجل بمداد الخزي والعار في سجل الرئيس بومدين ومن معه , والحمد لله الذي اظهر فيهم الحق وهم أحياء فان الله يمهل ولا يهمل.

وبحكم انتمائي للجهة الشرقية وعاصمتها وجدة أعرف بان المتضررين الأساسيين من إغلاق الحدود البرية و ضحايا مخلفات قطع العلاقات الدبلوماسية هم بالدرجة الأولى أفراد العائلات المتواجدين بكلا القطرين , وقد عاينت بموقع بين لجراف قرب السعيدية كثيرا من العائلات يتجمع أفرادها في النقطة الحدودية من الجانبين حيث تفصل بينهما الأسلاك الشائكة و الخنادق  يتبادلون التحيات عن بعد وهم ممسكين بهواتفهم النقالة في اتصال مباشر بينهم , ورأيت دموعهم تذرف بغزارة لهذا الواقع العائلي المؤلم حيث لا يتمكنون من لقاء الأحبة  و لا مشاركتهم الأفراح و الأقراح وهم على مرمى حجر ,  فبماذا تخدم قرارات مزاجية  كهاته هؤلاء المواطنين المنتمين لعائلة واحدة حكم عليها بالتشتت بسبب حسابات سياسوية  ماضوية  انتقامية تتناقض مع كافة  الشرائع والمبادئ والأخلاق , فلو تمت مراعاة هذا الجانب فقط لكفى لكن لا حياة لمن تنادي .

المغرب ليس في موقف ضعف وقادر على حماية أراضيه تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية  ضد أي عدوان مهما كان مصدره .

وهو ماض في تطبيق مخططه التنموي الجديد رغم التشويش الذي يروم زعزعة أمنه واستقراره, فمغرب اليوم ليس مغرب الأمس, والتغير لن يكون إلا كما نريده نحن وليس كما يراد لنا كما عبرت عن ذلك صراحة الخطب الملكية السامية.

وكما قال الشاعر ميخائيل نعيمة …

 سقف بيتي حديد ** ركن بيتي حجر
فاعصفي يا رياح ** وانتحب يا شجر
واسبحي يا غيوم ** واهطلي بالمطر
واقصفي يا رعود ** لست أخشى خطر

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *