Home»Débats»السرطان و المكلات الغذائية

السرطان و المكلات الغذائية

0
Shares
PinterestGoogle+
 
عندما نتكلم عن المكملات الغذائية يتبادر تلقائيا إلى أذهاننا الفيتامينات (A, E,D, B, C….) و الأملاح المعدنية مثل الكالسيوم، السيلينيوم. و جرت العادة أن تقدم هذه الأخيرة على أنها مضادات أكسدة قوية أي بالتالي فهي تساهم في الوقاية من أمراض السرطان و تقاومها عند الأشخاص الذين يداومون عليها. استند هذا الإعتقاد على عدة دراسات أقيمت منذ سبعينيات القرن الماضي حيث برهنت على أن الأشخاص الذين يعتمدون في تغذيتهم على الخضر و الفواكه أقل عرضة لمرض السرطان من غيرهم، وذلك لاحتواءها على فيتامينات و أملاح معدنية تلعب دورا مهما في المحافظة على الخلايا.
خلال العقدين الأخيرين بدأت تتواتر دراسات علمية عديدة تشكك في هذا الأمر سنستعرضها خلال هذا المقال و نسلط الضوء على أبرز جوانبها:
– في مقال نشر في مجلة أوكسفورد الطبية خلال سنة 2014 قام فريق طبي أمريكي بمراجعة علمية و تحليل لأكثر من 50 دراسة علمية بين سنتي 2004 إلى 2014. تمحورت هذه المراجعة حول سؤال واحد هل فعلا المكملات الغذائية تساهم في الحماية من السرطان؟ أغلب الدراسات شككت في أي أثر محتمل للمكملات الغذائية في هذا الاتجاه حيث كانت هنالك مقارنة للعديد من الأشخاص الذين اخذوا المكملات الغذائية لسنوات و كانت النتيجة أنه ليس هنالك فرق واضح بينهم و بين الأشخاص الذين لم يأخذوها، بل في بعض التجارب تم وقفها بعد سنتين بسبب ظهور مرض السرطان عند عدد من الأشخاص في المجموعات التي تعاطت للمكملات الغذائية .
– دائما في إطار نفس المراجعة تم تحليل دراسات علمية أخرى حاولت فهم سبب ارتفاع الاصابة بالسرطان، أشارت الأبحاث أنه بسبب كونها تحمي الخلايا من الضرر ففي نفس الوقت هي تعطل ميكانزمات الخلية للدفاع عن نفسها ضد تكون الخلايا السرطانية حيث توقف الموت المبرمج للخلايا و انتاج بروتينات التي تقوم بتصحيح ADN في حالة تضرره.
– دراسة أخرى سويدية أجريت على فئران معدلة جينيا ليكون لها قابلية الاصابة بمرض سرطان الرئة، حيث تم تقسيمها لمجموعتين الأولى تأخذ تغذية و معها مكمل غذائي فيتامين E و الأخرى بدونه كانت النتيجة أن فئران المجموعة الأولى أكثر عرضة لسرطان الرئة و كانت أورامها أكثر خطورة وفتكا.
– و جاءت دراسة بريطانية أخيرة بسنة 2015 أجراها فريق طبي حول مرضى السرطان و العلاج الكيميائي و الاشعاعي. حيث خلص الأطباء إلى وجوب مراجعة التوصيات التي تنصح بإعطاء المرضى مكملات غذائية من فيتامينات و أملاح من أجل مساعدتهم في تخطي الآثار الجانبية للعلاج. حيث بينت الدراسة أن عدد المرضى الذين تفاقمت حالتهم مع العلاج بل في عدة حالات كان العلاج أقل نجاعة من المرضى الآخرين كان كبيرا جدا. و مرة أخرى كان التفسير أن المكملات تعطل العلاج لدورها الحمائي للخلايا سرطانية كانت أو سليمة.
الدراسات تكلمت عن آثار سلبية لكل من فيتامين A وفيتامين E حيث ارتفعت بسببهما الاصابة بسرطان القولون و البروستات، سرطان الثدي للنساء و سرطان الرئة كما هنالك شكوك حول فيتامين D. كما أن سيلينيوم الذي يعتقد أنه يحمي من سرطان البروستاتا لم توجد أي براهين قوية تدعم هذا الادعاء. كما لوحظ ارتفاع في الاصابة بالأزمات القلبية عند الأشخاص المتعاطين للكالسيوم.
جل الدراسات أعلاه خلصت إلى أن الضرر يكمن في المكملات التي تباع في الوسط الصيدلاني وليست العناصر الموجودة في الغذاء الطبيعي لسبب بسيط أن تركيز الفيتامينات و الأملاح المعدنية يبقى ضئيلا و يعطي أثرا إيجابيا بخلاف المكملات المصنعة التي تركيزها أعلى و تتداخل مع الخلايا البشرية. هذا بدون إغفال الفرق الكبير بين ماهو طبيعي و ماهو مصنع.
تسائل الفريق الطبي الأمريكي عن كيف يكون هنالك هذه الهوة السحيقة بين ما يقوله العلم وبين ما يروج له في الإعلام و مايعتده العامة حول المكملات الغذائية. يجب أن نضع في الحسبان أن في أمريكا لوحدها نصف البالغين بها يتعاطون للمكملات الغذائية بشكل منتظم، وحجم رقم معاملات هذا القطاع يفوق 50 مليار دولار، كما يجب التذكير أن أمريكا تعرف من أكبر نسب الإصابة بالسرطان في العالم خصوصا سرطان القولون و سرطان الرئة.
أخيرا العديد مما نظنه صحيحا ليس له سند علمي قوي أو ما نعتقد أن حوله إجماع فهو في الحقيقة أمر مختلف عليه بشدة لكن للأسف الدور القوي للإعلام يجعل من بعض الأمور مسلمات لا تناقش، لذلك و نحن في عصر المعلومة يجب علينا أن نبحث و نتعلم و نحمي أنفسنا، وتذكروا دائما هذه القاعدة: ليس هنالك أحسن من الطعام الطبيعي و ابتعدوا ما أمكن من كل ما هو مصنع. كما لا ننفي دور هذه المكملات في بعض ا لحالات المرضية التي ينصح بها الطبيب لكن ليس أن تأخذ دائما كأسلوب حياة أو لأسباب وقائية.
لنا عودة بإذن الله للمزيد من المعلومات حول السرطان و التغذية
دمتم بخير واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
بنعبود جمال
باحث في البيولوجيا
MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.