Home»Débats»جنرال فرنسي يفكك شفرة الحراك الجزائري

جنرال فرنسي يفكك شفرة الحراك الجزائري

10
Shares
PinterestGoogle+
 

رمضان مصباح الادريسي

تقديم:
شغل الجنرال الفرنسي DELAWARDE ، سابقا، منصب رئيس « الاستخبارات والحرب الالكترونية » بهيئة الأركان الفرنسية.
في مقاله ، المعتمد هنا، وهو بعنوان « الحراك في الجزائر بين التلقائية والتدبير المغرض »؛ والذي وصفه موقع réseau international الذي نشره ،بأنه  » تحليل قارس » ؛يؤكد الجنرال بأنه ،اعتبارا لاشتغاله السابق على الملف الجزائري ،واستمرار متابعته لمستجداته، يستجيب في هذا التحليل لرغبة زملائه ،الذين طلبوا منه تسليط الضوء على ما يقع اليوم في الجزائر.
ونظرا لأهميته ، وحتى خطورته- اعتبارا لمكانة صاحبه – بدا لي أن أستعرض أهم ما ورد به ، وفق التصميم الذي اعتمد صاحبه : لماذا ؟ ماذا؟ كيف؟
***

لماذا؟
يكمن الجواب عن سؤال « لماذا الحراك؟ » في سياق جيوسياسي ،يتجاوز بكثير حدود الجزائر.
ان العالم منقسم اليوم الى كتلتين متصارعتين:
من جهة الكتلة المتوافقة مع نظام المجتمع الدولي ،كما استوى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية:
صندوق النقد الدولي ،المنظمة العالمية للصحة، البنك الدولي ،الدولار ،وهيمنة الولايات المتحدة المطلقة منذ 1990.
ان اديولوجيي هذا التكتل ،من المحافظين الجدد ، يميلون اليوم تدريجيا صوب هدف العولمة السعيدة ( بالنسبة لهم ) القائمة على أحادية القطبية، تحت الهيمنة الغربية(في الواقع تحت هيمنة أمريكا- الحلف الأطلسي.
انه تكتل يشكل أقلية : أربعون الى خمسون دولة، بمليار من السكان، وبقوة اقتصادية لا تزال الأولى ،ولو لبعض سنوات فقط:60% من الناتج الداخلي العالمي الخام.
يضاف الى هذا ،ا لتفوق العسكري للحلف الأطلسي ،مع تحرك أربعة من دوله ،جهارافي الساحة الدولية ،أو الكواليس، لفرض هيمنته وتثبيت مصالحه:
الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، فرنسا وإسرائيل؛ وتبقى الصدارة ضمنها لثنائي أمريكا- إسرائيل، القلب النابض للتحالف الغربي.
أما التكتل الثاني فتشكل حول محور روسيا والصين؛وقوته في تصاعد سريع ؛مدعوما من المنظمات الدولية التي ظهرت مع مطلع القرن الواحد والعشرين: ال BRICS و ال OCSمثلا.
يسعى هذا التكتل الى إرساء قطبية متعددة ،من خلال إعادة النظر في النظام العالمي، وقواعد الحكامة الدولية ، التي تأسست بعد الخروج من الحرب العالمية الثانية، لفائدة الغربيين.
ترتبط بمحور روسيا والصين دول كبرى كالهند وباكستان النوويتين؛ إضافة الى دول أخرى مشايعة.
يتفوق هذا التكتل من حيث عدد الدول والكثافة السكانية (حوالي مائة دولة بأربعة ملايير من الساكنة). قوته الاقتصادية لا تزال متعثرة:40% من الناتج الداخلي العالمي الخام.
ان الجزائر، يقول الجنرال « دولاوار »، دولة كبيرة، بمساحة تصل الى 2.4 مليون كلم2.
انها ،في نفس الوقت، أكبر دولة افريقية ،عربية، ومتوسطية.
لقد ظلت، تحت حكم بوتفليقة، دولة مستقلة ؛خلافا لعدد من الدول العربية التي اقتربت كثيرا أو قليلا من التحالف الغربي؛ عملا بمقولة: » قبِّل اليد التي لا تستطيع قطعها ».
ارتكب نظام بوتفليقة، في نظر التحالف الغربي، خمسة أخطاء « لا تغتفر ».
1.اقامته لعلاقات جيدة ووثيقة مع روسيا ؛حيث يكون ضباطه منذ زمن، إضافة الى مقتنياته من العتاد العسكري الأساسي(على غرار صواريخS400 المشهورة).
2.علاقاته الجيدة والمتميزة مع ايران ،عدوة الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وهي على أي حال ليست صديقة لفرنسا والمملكة المتحدة.
3.خلافا لأنظمة العديد من الدول العربية (منها المغرب ،جارها السهل الانقياد DOCILE)
رفضت الجزائر الالتحاق بالتحالف السعودي الكبير ،المدعوم من التحالف الغربي، في حربه باليمن ،للقضاء على ثورة تنظيم أنصار الله ،والحد من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط ،لفائدة الدولة العبرية.
4. ربط نظام بوتفليقة ، منذ بداية الصراع في سوريا، علاقات جيدة مع بشار الأسد ؛كما أنه رفض تقسيم هذا البلد ،وفق مخطط التحالف الغربي ،وبعض داعميه من الدول العربية ،لفائدة إسرائيل.
5.وأخيرا تظل جزائر بوتفليقة صامدة ، ضمن قلة من دول الممانعة، في الدفاع عن القضية الفلسطينية؛ وهذا لا يعجب طبعا الدولة العبرية وحليفتها الولايات المتحدة؛ فهما تريان فيها عرقلة جدية ل »صفقة القرن ».

ماذا؟
لا تعوزنا المؤشرات –يقول الجنرال- لنرى في الأزمة السياسية الجزائرية الحالية عملية لتغيير النظامrégime change ،من تلك العمليات التي يولع بها الغربيون (أوكرانيا،ليبيا،الربيع العربي،سوريا،فنزويلا والبرازيل..) ويفلحون فيها أحيانا:
ميدان التحرير، ليبيا، البرازيل. ان « اسرار صناعة هذه العمليات » مصونة بحرص كبير.
ان تصريحات « برنارد هنري ليفي » الملتهبة ، الموجهة للشعب الجزائري، تؤكد على جريان عملية لتغيير النظام. ان للرجل سوابق في هذا المجال ،وهي ذات طابع مسرحي دائما: البوسنة، الميدان ،الثورات الملونة، سوريا، وحتى فينزويلا مؤخرا.
ان دعواته الى الثورة( لدى الآخرين وليس لدينا) تنتمي الى الكلاسيكيات الكبرى ،أكثر من انتمائها الى أفضل الكوميديات.
وأمامنا أيضا – يقول الجنرال – تصريحات كبار زعماء التحالف الغربي ،حول ما يقع في الجزائر ؛وهي تصريحات تُظهر بكل وضوح الرغبة في تغيير النظام بالجزائر ،والسعي من أجل نظام جديد ،يكون أكثر خدمة لمصالحهم.
وتمضي في هذا الاتجاه ردود فعل وسائل الاعلام ،بالدول القائدة للتحالف الغربي ،والتي تمضي رويدا رويدا صوب ترسيم تعبير « الأزمة الجزائرية » ؛وبعد أيام سيتم نعتها ب »الربيع الجزائري ».
ان تفكيك شفرة ما يرد ب:نيويورك تايمز، الواشنطن بوست، لوموند، وتقارير bfmtv ،إضافة الى الصحف الإسرائيلية :ها آريتز و جيريزاليم بوست ،ليس صعبا على مختص في المخابرات.
وأخيرا هناك المؤشرات المهمة ، المتمثلة في المنهجية والتقنيات والوسائل المعتمدة لإشاعة أكبر قدر من الفوضى الضرورية لانبثاق نظام جديد.

كيف؟
كما يقع في كل عمليات « تغيير النظام » يجب مراعاة عدد من القواعد الأساسية ،والتوفر على الإمكانيات المالية الضخمة:
1.اختيار الوقت المناسب لإطلاق العملية؛ والوقت المناسب بالنسبة للنظام المستهدف هو فترات ضعفه: أزمة اقتصادية أو اجتماعية، حكامة هشة، ساكنة منقسمة..
توفر الفترات الانتخابية الفرصة المناسبة لتفادي المواجهات ،التي قد تؤدي الى حرب أهلية. في مارس 2019 اشتعلت كل الأضواء الخضراء، بالجزائر، للشروع في عمليةrégime change ؛مع بعض الأمل في النجاح.
2. تشويه النظام المراد اسقاطه ،وتعزيز النظام البديل.
انها التقنيات الأساسية المعتمدة من طرف cambridge analytica في أزيد من 200حملة انتخابية ؛ ما بين شتنبر 2013 و مارس 2018. هذه التقنيات لا تزال معتمدة اليوم.
في الجزائر أحِلَّ مرضُ بوتفليقة الصدارة ،وتم الكشف عن النتائج السلبية لنظامه، واعتباره كارثة حلت بالبلاد: البطالة، اللامساواة، النتائج الاقتصادية.
تم فضح محيطه، وشيوع الرشوة.
وتم الاستناد الى « الدياسبورا » الجزائرية ،الواقعة تحت تأثير الاعلام الغربي ،لإلهاب الشارع .
3اعتماد وسائل التواصل الحديثة بين المواطنين.
تم توظيف الفيسبوك والتويتر ، وهما تحت المراقة الغربية ،لتحريك وتسخين الجموع ،وتجميعها في زمن قياسي في أماكن محددة. هنا أيضا يتعلق الأمر بأساليب تواصلية مجربة حديثا ،بأمريكا الجنوبية، من طرف cambridge analytica .

ان الذين يشرفون على هذه العمليات الرقمية –يقول الجنرال دولاوار – لا يقيمون دائما في البلد المستهدف بالتدخل ؛بل قد يتواجدون في دولة غربية (الولايات المتحدة غالبا).
يكفي التوفر على مجموعة من الأشخاص بمؤهلات تواصليةعالية، منها اتقان لغة البلد.
هؤلاء متوفرون بأعداد كبيرة ضمن الدياسبورا الجزائرية ،وحتى ضمن الإسرائيلية.
تم تجريب هذا سابقا في حالة تونس ،ليبيا ومصر.
4.ارشاء أكبر عدد من السياسيين ، والمنظمات النافذة، والأشخاص المهمين ضمن النظام: الجيش، العدالة، المنتخبون..
يتعلق الأمر ،أولا، بتنظيم عملية التملص من النظام القائم ،ثم تليها عملية تعزيز وإبراز المرشح الجديد. هنا أيضا نكون أمام عملية معتمدة من طرف cambridge analytica ؛وهي تتطلب طبعا الكثير من المال ،وهذا لا يُعجز الدولة التي تطبع الدولار.
من شأن المال ،والوعود بمواقع متميزة ضمن النظام الجديد ،الإيقاع حتى بشديدي التمنع.
من المهم، لمعرفة انتماء الرئيس الجديد ،بعد انهيار النظام الحالي بالجزائر( هل الى التحالف الغربي أم الى تكتل brics-ocs ؟ ) دراسة ماضيه وداعميه ومحيطه .
ومن المهم جدا معرفة اتجاه الخطوات الأولى للنظام الجديد؛ اذ تطبيع العلاقات مع المغرب والتقارب مع دول الخليج ،من المؤشرات الدالة.
لا أفكر طبعا ،يقول الجنرال ، في المضي الى حد تطبيع العلاقات مع إسرائيل ،والقيام بزيارة لتل أبيب ، أو فتح سفارة جزائرية بالقدس.
وفي الختام لقد أدركتم الآن أني لا أميل الى القول بالتلقائية ،بالنسبة للأحداث التي تتلاحق اليوم بالجزائر.
لا أحد من التكتلين الكبيرين ،اللذين يتواجهان اليوم في العالم ،يمكن أن يكون لا مباليا بما يجري في الجزائر .
ان التدخل الأجنبي وارد بقوة ، وسيكون القول بالعكس غريبا.
طبعا سيصرخ الداعمون للتحالف الغربي بوجود « مؤامرة » لدى قراءتهم لتحليلي هذا .
انها تقنية معروفة لنزع المصداقية عن الأشخاص الذين تختلف وجهات نظرهم عن المواقف الرسمية؛ لكن هذا لا يمنع الذين لا يزالون يفكرون باستقلالية من طرح الأسئلة الجيدة.
أما عن مآل الأمور في الجزائر فيتحفظ الجنرال ، ولا يدلي بأي تخمين ،ويختم تحليله بالقول:
 » من المحتمل ألا تكون للشارع الجزائري أي فكرة عن التلاعب الذي يخضع له .ان النظام القائم ومصالح مخابراته يتوفران بالتأكيد على معلومات دقيقة ،يمكن أن تشكل عامل قوة. ان التنبؤ بالفائز غير ممكن الآن.
لا نملك الا أن نقول شيئا واحدا: حالفك الحظ السعيد يا جزائر »
رابط المصدر: https://reseauinternational.net/le-hirak-en-algerie-entre-spontaneite-et-manip-lanalyse-glacante-du-general-francais-dominique-delawarde/

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.