Home»Débats»التوجهات الجديدة للرأي العام المغربي  » مقاطعة المنتجات نموذجا »

التوجهات الجديدة للرأي العام المغربي  » مقاطعة المنتجات نموذجا »

1
Shares
PinterestGoogle+

*محفوظ كيطوني
على اعتبار أن الرأي العام في أي مجتمع أو أمة يفسر و يوضح لصناع القرار وجهات نظر مختلف شرائح الشعب في أمور الشأن العام بصفة عامة،ورؤيته من مجال السياسة و الاقتصاد و التنمية الاجتماعية..ويحدد مواقفه العلنية إزاء قضايا معينة سواء كانت محلية أو وطنية أو دولية بصفة خاصة .
و الجميع يعلم أن الرأي العام كموقف أو اتجاه يتبناه أو يتكون لدى الأغلبية من الشعب ،دائم التغيير و التطور و لا يعرف استقرارا و لا ثباتا سواء للتخلف أو للتطور و سواء للضعف أو للقوة .
وبفعل وسائل الاتصال الحديثة التي أصبحت كموجه و مؤثر في عقليات اغلب المواطنين المغاربة بفعل التحرر في وسائل التواصل الاجتماعي .
والكل يجمع أن الشرارة الأولى للثورات (( الربيع العربي)) كان منطلقها هي وسائل التواصل الاجتماعي .
و بالمغرب تبقى أهم مخرجات وسائل التواصل الاجتماعي هي تبني موقف مقاطعة ثلاث منتجات لأكبر الشركات بالمغرب ،في بادرة هي الأولى من حيث تبني الموقف على الوسائل الافتراضية و تحويل الفكرة لسلوك، لقي استجابة واسعة من مختلف الفئات و الشرائح الاجتماعية المغربية و بمختلف مناطق المغرب، بهدف إجبار هذه الشركات على التخفيض من ثمن منتجاتها ..و ما صحبها من رد لبعض المسؤولين المغاربة خاصة وزير الاقتصاد و المالية و مسؤول الشركة بأسلوب احتقاري تهديدي ساهم في تأجيج الوضع و استمرارية المقاطعة و إعطاء الأحقية و الإشعاعية لأصحابها .
فمن جهة أولى :
لابد أولا أن يتفق الجميع و يستوجب على الجميع تقبل الرأي الآخر ،و حسن استيعاب اختلاف الرؤى ،وإن كانت هذه المقاطعة كما يقال و قيل أنها سياسية ،فالرد يجب أن يكون مسؤولا و مبني على حقائق و معطيات واقعية ،و الأكثر من ذلك يجب أن يكون في مستوى أخلاقي أفقي ، مادام هؤلاء ( دعاة المقاطعة ) ليسوا من كوكب آخر بل هم مغاربة ، و المسؤول أو الوزير هو وزير لكل المغاربة و مسؤول رهن إشارة و في إطار تدبير شأن المغاربة .
ومن جهة ثانية :
كنا نعيش أزمة ثقة ،بين المواطن و المسؤول و المنتخب و المؤسسة الحزبية و النقابية و الإدارة …فأصبحنا نعيش حاليا أزمة تواصل بين المواطن و المسؤول .
فأزمة ثقة و أزمة تواصل تؤدي لا محالة إلى تضاد و خلاف .
وبلغة الاقتصاد ، إن الشركات الكبرى و منذ مطلع القرن العشرين كانت تنظر إلى العقل الجمعي كأكبر تهديد لها باتفاقه .و هي من ساهمت إلى حد كبير في معرفة توجهات الرأي العام و تدخلت في محاولة السيطرة عليه عبر توجيه الحكومات لإعادة برمجة إعلامها و تعليمها و سياساتها ،وهذا ما جعل الساسة في انجلترا يبعدون رجال الأعمال و المال عن السياسة ،و هو المنظور الذي صار عليه جميع رجال الأعمال في العالم خاصة الميلياردير الصيني جاك ما ، لكونهم سينظرون للشعب كأنه زبون و ليس كمواطن .
و الدليل على هذا التباين الواضح في المواقف بين المقاطعين و بين من هم ضد المقاطعة ،هو عدم وجود حلقة وصل واتصال بين رجل الأعمال في ثياب سياسي و المسؤول و بين المقاطعين في ثورة هلامية انطلقت في الفضاء الأزرق و تحققت على أرض الواقع .
فكان على مسؤولي المغرب سواء كانوا كبار التجار أو رجال أعمال أو ساسة، أن يطرحوا قبل الرد و قبل توجيه التهديدات و الانتقادات و الشتائم و الاستفزازات لدعاة المقاطعة عبر الفيسبوك ، موضوع المقاطعة للنقاش و التداول و التحليل ،وقبل ذلك أن يكون لديهم معلومات كافية باعتبارهم مسولين في الدولة على قاعدة بيانات لتوجهات و اتجاهات الرأي العام من ناحية ، وتأثير هذه المقاطعة و هذه الطريقة الجديدة في الاحتجاج على الرأي العام الوطني من ناحية أخرى ،لكون أن عدد مستخدمي الإنترنت في المغرب 20 مليون مستخدم، أي ما يمثل 57.6 في المائة من السكان، ويعرف نمو بمعدل 1.7 في المائة في كل سنة ، وان أكثر من 95% من مستخدمي الانترنيت المغاربة يمتلكون حسابا على منصات التواصل الاجتماعي و 90% منهم يملكون حسابا على مواقع الفيسبوك ( 13 مليون حسب إحصائيات ميديا نيت ) و ( 18 مليون حسب إحصائيات منصة هوت سويت ).
فعدد الحسابات الخاصة (سواء 13 مليون أو 18 مليون حساب) عدد لا يستهان به ، إن اعتبرنا أن عدد المشاركين في الانتخابات التشريعية لسنة 2016 لم يتجاوز 7 مليون من أصل 15.7 مليون مسجل ، وبالتالي فهذا العدد و لو نصفه، أو حتى ربعه إن اعتبرناهم من تيار المقاطعة ،فهو عدد جد كافي لتكون له كلمته و يستوجب احترامه و تقدير رأيه ، أو أننا نقدر ونفخم فقط شردمة من أكلة رمضان أو دعاة صايتي حريتي .!!
فقياس التوجهات و اتجاهات الرأي العام تستند عليها جميع الدول المتقدمة لتحوير النقاش والتوجه العام للدولة وفق استراتيجيات محددة ، و الاستهتار بفئة معينة أثبت على وجودها الواقعي عبر المقاطعة الصريحة و الحقيقية على أرض الواقع، لا دليل واضح أن المسألة لم تعد مرتبطة بنظريات افتراضية أو احتجاجات منعزلة أو أقوال غير واقعية، بل أصبحت ظاهرة جديدة في الاحتجاج الراقي في رفض السياسة الاقتصادية للدولة و رفض سياسة النعامة التي تنهجها الحكومة الحالية ،و أكثر من ذلك فانه ناقوس خطر على ضمور الدولة في الوعي المواطن المغربي بتوالي خيبات الأمل الناتجة عن فشل و تعثر المشاريع الوطنية ،،وهو ما أدى سابقا إلى ظهور احتجاجات هنا وهناك ( الحسيمة ، جرادة …)
وأمام تغيير شكل الاحتجاج من تظاهرات ميدانية في مدن مختلفة، القاسم المشترك بينها هو المطالبة بالكرامة و التنمية الاجتماعية ،و هي مطالب مشروعة على اختلاف حدتها من منطقة لأخرى، إلى بروز شكل احتجاجي ابتدأ فكرة افتراضية / ويتحقق سلوكا واقعيا ، الأمر الذي أصبح من الضرورة بمكان على الدولة أن تتدخل بإعادة النظر في التوجهات الجديدة للرأي العام المغربي وذلك بــــ :
1-إعادة التفكير في بناء تماسك الدولة بالمجتمع و توطيده ، وذلك بتعزيز ثوابت الأمة و مقدساتها و ترسيخ القيم و الهوية المغربية في الناشئة .
2- إعادة توجيه دور الإعلام وفق ما يخدم و لصالح الأمة المغربية .
3- إعادة النظر في سياسة الإلهاء و الترفيه المبالغ فيه .
4- إعادة النظر في المؤسسات الحزبية و التمثلية و العمل على تعزيز دورها و تقويتها لتكون قادرة على تأطير الرأي العام .
5- التوجه نحو ترسيخ فكرة دولة الأمة ودولة الأمل .
وبمجرد طرح هذه الرؤى التي ترسخ مفهوم تماسك الفرد في مجتمعه تماسكا حقيقيا وفق ثوابت الأمة و مقدساتها ،سيجعل الشعب المغربي أكثر التصاق بهويته و وطنيته من شيء أخر .

الأستاذ :
محفوظ كيطوني
محام
mahfoud.guitouni@gmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *