ان مصطلح الانفجار الديموغرافي مصطلح قبيح مستهجن ,يوحي بالفقر ,والجوع ,والتخلف ويجعل من كل زيادة سكانية شرا مستطيرا , وخطرا حقيقيا لا مفر منه.ومن ثم آثرت استخدام مصطلح التكاثر بدلا منه.
لقد اقتبست مصطلح التكاثر من قوله صلى الله عليه وسلم \تناكحوا تناسلوا تكثروا فاني مباه بكم الأمم يوم القيامة\ .اذا ان مصدر المباهاة هو التكاثر ,دون أن يغيب عن أذهاننا ,أن المباهاة لا تكون بالمتسولين ولا بالشواذ ,والمنحرفين ولا بجيش العاطلين…ولكن بتلك الكثرة المؤمنة القوية التي لا تعرف الخمول, ولا الضعف والاستكانة .
ان مصطلح قطع النسل لا تستسيغه العقول ولا القلوب ولذالك لجأ دعاته الى مفاهيم أخرى , كتحديد النسل , وتنظيم النسل , وتنظيم الأسرة…وهذه المصطلحات تبدوا غير متعارضة مع مصطلح قطع النسل, بل ومقبولة عند الكثيرين من الناس. وفي رأيي أن هذا مجرد تلاعب بالمفاهيم لأن المقصود في النهاية هو قطع النسل بشكل جزئي أوكلي.
ترى ماهي الدوافع الحقيقية الكامنة وراء الدعوة الى تحديد النسل بالتأكيد ليست العوامل الاقتصادية التي أعلنها مالتوس كما سأبين فيما بعد.وانما هي خروج المرأة الى العمل وشيوع ظاهر الاختلاط الغير البريئة,زيادة على تضخم الأنا وحب الذات لدى الشباب واقباله على الملذات الامسؤولة,وكراهية الغير حتى ولو كانوا أبناءه مخافة من أن يشاركوه طعامه أو مسكنه.وتحطيم الأسرة بشكليها الممتد والزوجي أو النووي نتيجة للثورة الجنسية التي التي دعا اليها سيجموند فرويد. يقول سعيد رمضان البوطي \ان ثورة الجنس …حطمت معنى الأسرة تحطيما واستلبت من الجل مشاعر الأبوة, وخنقت في المرأة مشاعر الأمومة, فسار كل منهما وراء لذاته الشخصية. وعاد طبيعيا أن يزيل كل منهما كل عائق عن اللذة عن طريقه ,دونما نظر الى الجناية الانسانية التي تكمن في عمله\.كما أن الدعوة الى الفاحشة تحت غطاء التربية الجنسية كان لها دور كبير في تحطيم الأسرة. تقول مسز أوتسن الأمريكية عن تعليمها للشباب في السويد \انني أخبرهم بأن أهم شيء هو أن يتحابوا . واني أقول للفتيات انه من الطبيعي أن يضاجعن الشباب على شرط أن يحبوهن أولا …وعندما أقول لهن ذلك أراهن يتضاحكن ويتغامزن…\.
ان تاريخ ظهور هذه الدعوة المشؤومة لتحديد النسل يرجعه الكثير من الباحثين الى القسيس البريطاني روبرت مالتوس الذي نشر عدة بحوث ومؤلفات منها ÷ مقالة حول مبدأ السكان كما يؤثر في تحسين مستقبل المجتمع\ و\ رسالة في الآقتصاد السياسي\ و\ملاحظات عن آثار قوانين الغلال\….كل هذه الؤلفات جسدت وجهة نظر مالتوس وصراعه مع الاقتصاديين الكلاسيكيين كدفيد ريكاردوا و كوندورسي وغيرهما.يرى مالتوس أن الزيادة السكانية تتم طبقا للمتوالية الهندسية 2 4 8 16 32 64 ….بينما الموارد الاقتصادية لاتتزايد الا بمتوالية حسابية 1 2 3 4 5 6…الشيء الذي يؤدي في النهاية الى نذرة الغذاء وتضاعف عدد السكان كل 25 سنة .وهذا ما يسميه مالتوس بالمشكلة السكانية وعلاجها في نظره يتم عن طريق التوازن بين عدد السكان واغذاء لأن كلاهما ضروري لاستمرار الحياة ولا يمكن الاستغناء عن أحدهما دون الآخر ومن فهو يقطرح خطتين للتوفيق بينهما.
أولا÷ أن يؤخر الشباب سن الزواج
ثانيا÷ أن يبذل الأزواج قصارى جهدهم وبكل الوسائل الممكن للحد من النسل أو الأقلال منه .
وذهب الى أبعد من هذا فاقترح منع الفقراء من الزواج , وكثرة الانجاب, ومنع كل مساعدة عنهم الا تلك المساعدة التي تشرح لهم قانون السكان والمخاطر التي يسببها الانفجار الديموغرافي.ولقد كرس أتباعه الجدد هذه الأفكارمعلنين أن خطرالزيادة السكانية يهدد البشرية أكثر مما تهددها به القنابل النووية.يقول بول ارليش في كتابه القنبلة السكانية الصادرعام 1970\ ان العالم سوف يشهد مجاعات هائلة يوما ما في السنوات الواقعة بين 1970 و1985 ولسوف يموت جوعا مئات الملايين من البشر اللهم الا اذا سبق موتهم على يد وباء مثل الطاعون أو بفعل حرب تستخدم فيها الاسلحة النووية الحرارية أو أي عامل آخر . لسوف يموت العديد من الجوع على الرغم من أي برامج للطواريء قد نقدم عليه الآن…\ مقدما نصيحته للشعب الامريكي في شكل شعار \كونوا مثالا ولا تنجبوا أكثر من طفلين\
ولا يتوقف المالتوسيون الجدد عد هذا الحد بل يدعون الى استخدام كل الوسائل الممكنة لتوقيف النسل , لأن الأسلوب الاختياري في تحديد النسل لم يعد مجديا كما صرح بذلك الدكتور هارديت \ ان أسلوب تنظيم الاسرة الاختياري لن يكون مجديا اذ أنه أقل مما يجب .كما أن فرصة الركون اليه قد فاتت \
وفي الواقع أن كثيرا من الدول المتخلفة منها نهجت سياسة تحديد النسل أو فرضت عليها من طرف دول المركز منذ الستينات وحتى الآن وأنفقت على ذلك ملايين الدولارات.لقد بلغ في كثير من الحالات ما أنفقته الدولة على برنامج تحديد النسل بالنسبة للفرد الواحد أكثرمما كانت تنفقه على التعليم .ومع ذالك لم تكن النتائج كما يهوى المالتوسيون كما أكد بعض الخبراء.فجن جنونهم وأعلنها حربا على الشعوب المتخلفة باعتبارها مصدر ازعاجهم بانفجاراتها السكانية.وفي هذا المعنى يقول وليام فوجت \ انه طالما أن هذه الدول لم تضع بعد لنفسها سياسات سكانية رشيدة فانها ليس لها الحف في أن تنتظر المعونة من دول العالم الآخر.\
ان المالتوسيين الجدد لم يقفوا عند مقترح وليام فوجت هذا بل تجاوزوه بمقترحاتهم الجهنمية التي تتراوح بين القسر والاجبار وغسل الدمغ . وهذه نماذج من مقترحاتهم الساقطة واللانسانية كما أوردها الدكتور رمزي زكي في كتابه \المشكلة السكنية\
اولا ضرورة تعقيم الرجال والنساء لافساد قدرتهم على الانجاب
ثانيا لابد من التعقيم الجماعي دون أن يدري الناس وذلك من خلال مواد كيماوية أو فيروسات مضادة للخصوبة تبث في مواد الطعام أو الماء
وهذا الاقتراح الثاني خطير للغاية ومن ثم فلا بد من أخذ الحيطة والحذر من القمح الأمريكي الذي أذلنا ومن أجله أصبحنا نقتل أبناءنا وكذا الاحتياط من حبوب منع الحمل ومن العازل الطبي لأنها مواد مستوردة وليست لنا التجهيزات الكافية ولا الخبراء الذين يمكنوننا من اكتشاف ما يمكن أن يدس علينا في هذه المواد من فيروسات أو مواد كيماوية ضارة أو حتى اشعاعات نووية .خصوصا ونحن نعلم الضجة التي أحدثها الاعلام الأمريكي حول قضية حقن المعوقين الأمركيين بحقن محملة بالاشعاعات النووية قصد التجريب عليهم .
ثالثا اباحة الاجهاض قانونيا
رابعا الغاء قوانين اغاثة الفقراء وقصر التعليم المجاني على الطفلين الأولين لأي أسرة
خامسا ضرورة وضع قانون يمنع الزاج على الفقراء
سادسا فرض رسوم كبيرة على شهادات الزواج والحد من توزيع المساكن وفرض ضرائب على العاب وملابس وأغذية الأطفال وأدويتهم مع فرض ضريبة رؤوس الأطفال .
سابعا وضع حوافز من مكافئات واعفاءات ضريبة واصدار يناصيب للذين لا يتزوجون أو لاينجبون,وايجاد تأمينات اجتماعية لهم قصد مساعدتهم في شيخوختهم.
لكن هل التخلف والفقر الذي نعاني منه هو بالفعل نتيجة للتكاثر السكاني ؟ وهل سوء التغذية وقلتها نتيجة أم سبب لزيادة السكان؟ تقول فرانسيس لابيه ومعها جوزيف مؤلفا كتاب \عشرخرافات عن الجوع في العالم\اذا كانت كثرة الناس تسبب الجوع ,فالأولى أن نتوقع انتشار المجاعة في البلدان التي فيها عدد أكبرمن السكان بالقياس الى كل فدان مزروع.لكننا لانجد هذه العلاقة اذا قارنا الصين مع الهند لأن الصين تملك نصف الفدادين لكل فرد مقارنة مع الهند ومع ذالك توصلت الصين
الى القضاء على كل مظاهر الجوع بينما لايزال الملايين في الهند يجوعون. اما العالم الفرنسي الفريد سوفي يؤكد على أنتكاثر السكان هو نتيجة للتخلف وليس سببا له يزول بارتفاع مستوى المعيشة وبزوال التخلف . بقول الفريد \ ان الاكتضاض الذي قد تبدو سماته في بعض البلدان ,مرده الى قلة استغلال الموارد الطبيعية وضعف اختصاص العمال, ولاعتماد على الزراعة. فالاكتضاض في نهاية التحليل ظاهرة من ظواهر التأخريزول عند أخذ المجتمع بأسباب التقدم\
هذا وحتى لو افترضنا أن العالم سيموت جوعا من فرط الزيادة السكانية فان عالمنا الاسلامي والغربي لن يجوع نظرا لللامكانيات المادية الهائلة التي يتوفر عليها. فمساحة العالم العربي وحده تتجاوز 12,76 مليون كلم2 وهو يربط بين قارات ثلاثة ويشرف على المحيط الأطلسي والبحر البيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي.
ومعنى هذا أنه يراقب الحركات التجارية التي تمر عبر هذه الطرق .زيادة على وفرة وتنوع موارده الطبيعية ومناخه بشكل لاتعرفه أية منطقة جغرافية أخرى في العالم.كما أن الكثافة السكانية في العالم العربي لاتزيد علي 9في كلم2 في حين أنها تبلغ في أروبا أزيد من 87 في كلم2 أضف الى هذه الامكانيات المادية التكافل الاجتماعي الذي يحث عليه ديننا الاسلامي .اذن ان كل دعوة الى تحديد النسل في العالم العربي تعتبر في نظري جريمة لا تغتفر . واستمع معي الى قول سعيد رمضان البوطي \ ان أي تقدم اقتصادي أو عمراني في ربوع الوطن العربي,رهن بزيادة سكانية.وما لم تتحقق هذه الزيادة بنسبة عالية فان شيئا من أحلام المشاريع الاقتصادية الكبرى لن يتحقق فيه وأن تتواثب العقول المبدعة لشيء من التسابق والتنافس الشريفين في ميدان البحث العلمي والانتاج الاقتصادي وأن تتشابك أيدي التعاون لنصرة الحق ورد الكيد\
ان الغرب يدعوا الى استكثار نسله في الوقت الذي يحثنا نحن العرب والمسلمين على قطع نسلنا ويحذرنا من استفحال ما يسمنه بخطر الانفجار الديموغرافي. بقول أحد وزراء الداخلية البريطاني \ ان بريطانية اذا كانت تحب المحافظة على مستواها في الوقت الحاضر والتقدم في سبيل الرقي والازدهار في المستقبل ,فمن اللازم أن يتزايد فيها أفراد كل أسرة بنسبة 25في المئةعلى الأقل\ ان اوربا اليوم كلها تحتاج اعداد هائلة من الهاجرين سنويا حتى تستطيع الوقوف في وجه زحف الشيخوخة.وما يسمونه محاربة الهجرة ما هي الا لعبة مفتعلة تسمح لهم باقتناء نوعي للمهاجرين وما القوانين التي تخرج بها علينا أوربا من آ ن لآخر لادماج المهاجرين من آن لآخر الا دليل عل ذلك واني لأتحداهم أن يوقفوا الهجرة بصفة نهائية ان لم تكن في صالحهم كما يدعون. ورحم الله محمد اقبال الذي تنبه ال كيد الغرب فقال \ وكل ما هو واقع اليوم وما سيقع في الغد القريب في بلادنا الا من آثار دعاية أوربا. هناك سيل عارم من الكتب والوسائل الأخرى قد انجرف في بلادنا لدعة الناس الى اتباع خطة منع الحمل وتشويقهم الى قبول حركتها ,في حين أن أهل الغرب في بلادهم أنفسهم يتابعون الجهود الفنية لرفع المواليد وزيادة أعداد السكان.\
ان الدول الغربية التي استجابت لدعاة تحديد النسل قل نسلها وأصبحت البيوت عندها فارغة الا من العجزة ,الذين هم أنفسهم تم التخلص منهم عن طريق دور العجزة.وبدلا من اطفال يبعثون الحياة ويخلقون البسمة في البيوت تجد كلابا تبيت الليل تهرش وتنبح وقططا تموء…ففي فرنسا وحدها تقول بعض الاحصائيات القديمة يعيش 14 مليون من الكلاب تنفق عليهم فرنسا ما يقدر بمزانية دولة افريقية .وفي سنة 1994 أنشيء منزل خاص للكلاب في بريطانيا بتكلفة بلغت 5ملايين دولار .أما مشاكل القاذورات التي تغرق فيه المساحات والحدائق العامة فجدث ولاحرج.
عجبافبدلا من أن تطعم فرنسابشرا أطعمت كلابا وبدلا من تحديد نسل الكلاب حددت نسل الانسان.وبدلا من أن تكون هناك جمعيات تدافع عن حقوق الأجنة وجدت جمعيات الرفق بالحيوان. أما الفاحشة وما ينتج عنها من امراض واجهاض وأمهات عازبات وابناء غير شرعيين ترعاهم الدولة فهذه كارثة أخرى تغرق فيها اوربا.
ان دعوة الغرب لنا لتحديد النسل ماهي الا حرب غير مكشوفة واستعمار جديد حتى وان كان يتمتحت غطاء الصداقة والمساعدة والنصيحة.لأن الغرب الذي نعرف أناني محب لذاته ,يسحق كل من يتعرض لمصلحته غير عابئ لابجوار ولابصداقة .أن لعبة الغرب تجاهن حبلها قصيروحتما ستنكشف لعبتها ,أغراضها الدنيئة وعند ذلك لاينفعنا الندم وهذ ما صرح به آثر كورماك عندما قال \ ان أهل الشرق سوف لا يلبثون الا قليلاا حتى يطلعوا علىحقيقة هذا الدجل ثم لا يغتفرونه لأهل الغرب لأنه استعمار من نوع جديد يهدف الى دفع الأمم الغير المتقدمة ولا سيما السوداء الى المزيد من الذل والخسف حتى تتمكن الأمم البيضاء من الاحتفاض بسيلدتها.\
ان التاريخ والتجارب التي مرت بها الأمم تثبت بطلان ما يدعيه دعات تحديد النسل فهذه اليابان لا تبلغ مساحتها نصف ماتبلغ مساحة باكستان مع الاشارة الى أن 83في المئة من مساحة اليابان غير صالحة للاستغلال لأنه عبارة عن جبال بركانيةوأن المساحة الصالحة للاستغلال تمثل 8في المئة فقط . ومع ذلك حافظت اليابان على عدد سكانها ورفعت من انتاجها الى درجة السيطرة على اسواق العالم.
ولقد صدق رمضان البوطي عندما قال \ ليس سرالعيش الرغيد في هذه الدنيا,هو هذه المدخرات في باطن الارض أو هذه الأرزاق المبثوثة على سطحها, وانما السر كامن في نقطة التلاقي بين هذه المدخرات والأرزاق والعقل الانساني العجيب.\