Home»Correspondants»مظاهر التدين نفاق اجتماعي

مظاهر التدين نفاق اجتماعي

1
Shares
PinterestGoogle+

تعارف المجتمع ا لمغربي الى عهد قريب على تصنيف الناس والحكم عليهم من خلال مظهرهم الخارجي ,المتمثل في اللباس وما يتبعه من مظاهر الغنى أو الفقر, وفي تصرفاتهم السلوكية .وهذه نظرة لها ما بررها عند أصحاب المدرسة النفسية السلوكية التي لامجال للبحث فيها الآن. لكن مع تعقد الحياة , وتغلب المصلحة الذاتية على العامة,وتراجع التضامن الاجتماعي,وسيطرة الأنانية اصبح الفرد في مجتمعنا يتقن منطق التناقض ويتفاعل معه بطريقة محيرة خصوصا وأنه لاعلم له بما يسمى منطق التناقض.فهو يتعامل مع القضية ونقيضها في نفس الوقت دون أن يشعر بالحرج اذا كانت مصلحته تقتضي ذلك.فلقد تكيف نفسيا وعقليا,بل تعود اجتماعيا على الجمع بين القضية ونقيضها دون أن يشعر بأي خلل منطقي فعقله يؤمن ويقبل كل المتناقضات كيف ما كانت , وفي نفس الوقت , ومن نفس الجهة ولا يحدث عنده أي شعور بالخجل أو الاستحياء أو خوف من ردة فعل اجتماعي ضده لأنه يعرف مسبقا أن المجتمع قد ألف لعبة التناقض.لأنه مجتمع ذو بنية مركبة معقدة.
ان الفرد يلعب عدة ادوار متعارضة في نفس الوقت ويعطيها تفسيرا يقنع به نفسه .فهو مثلا قد يفقد عزيزا عليه فيتأسف عليه ويبكيه .وهذا شيء محمود يدل على الاخلاص والوفاء والاعتراف بمناقب وفضائل المفقود,فتراه يلبس اللباس الأبيض الذي يدل عند الانسان المغربي على الحزن اذا كانت الناسبة مناسبة حزن, وفي نفس الوقت يدل على الفرح اذا كانت المناسبة مفرحة كما يدل على المظهر الديني . لاحظ اللباس نفسه يستعمل استعمالات متناقضة ولا حرج قلت ان هذا اللباس يظهره بمظهر المتدين الحزين على صاحبه , وهذا شيء لا نختلف في معه .ولكن ما ان تصل الجنازة الى المسجد ويدخل الناس للصلاة عليها حتى تتسمر قدماه أمام باب المسجد ولا يحضر الصلاة على صاحبه , منتظرا خروج الجنازة ليصاحبها الى مثواها الأخير .دون أن يرى في مظهره الخارجي الذي يدل على التدين و وتركه للصلاة الذي يدل على عدم انتمائه لأدنى مستويات التدين أي تناقض , ولا يشعر بأية غضاضة في ذلك.
وهذا شيخ تجاوز السبعين , لباسه لباس التقوى , والسبحة ذات المئة حبة لا تفارق يمينه, وشفتاه التي لا تكاد تتوقف عن الحركة توحي لك بأنه غارق في ذكر الله . ولكن وقفته المريبة في مكان مريب ,وكلما مرت عليه امرأة تطلع اليها , وتحرش بها دون أي حياء وعلى مرأى ومسمع من المارة هذا السلوك المزدوج المتناقض الصادر من هذا الشيخ لا يزعزع عنده الايمان بمبدأ عدم التناقض أو مبدأ الهوية ولا يحدث له أي شرخ في شخصيته المتعودة على النفاق .فهو مع المؤمنين ذاكرا , ومع العصات زانيا ولا بأس في ذلك في منطق كل شات تتعلق برجلها.
وهذا صاحب حانة , وبائع خمور , ومروج لكل فساد . يغلق حانته في شهر رمضان , ويذهب الى العمرة وقد يؤدي عن غيره كل مصاريف العمرة , ويقضي الشهر كله في البيت الحرام عابدا ناسكا , وربما باكيا .ولكن ما ان يرجع حتى يفتح حانته ويعود من جديد الى ما كان عليه من فساد وخسة وربم بشكل أكبر ,دون أن يرى في ذلك بأسا . وترى الآخرون من الشريحة الاجتماعية المحسوبة على الدين يسارعون في مرضاته طبعا ليس حبا فيه , فهم يكرهونه في أعماق أنفسهم ,ولكن لحاجة في أنفسهم يريدون قضاءها .
وهذا ثري وهبه الله المال يتحل بيته الى مزار يحج اليه كل محتاج أو متظاهر بلاحتياج, ليخرج عليهم صاحب البيت من ساعة لأخرى يوزع عليهم دراهم معدودات ,وأحيانا يلقي بها فوق رؤوسهم ليتلذذ بمظهر التخاطف عليها . أما بعض زكاة أمواله فيوزعها على أبنائه وزوجاته ومن له معهم مصلحة .وبتصرفه هذا فهو لا يعرف أو يعرف فالأمر سيان عنده ,أنه لاهو أدى زكاة أمواله طبقا للشريعة الاسلامية , ولا هو احتفظ بها.
هذه نماذج نجدها تتكرر في الصيام وفي الحج وفي الأعياد… تصور معي أن شخصا لايصوم ولا يصلي , ويقضي ليله مخمورا ونهاره غارقا في كل ماحرم الله.فاذا جاء العيد تجده أول من يهتم بكل مظهر من مظاهر العيد , وقد يبيع أثاث منزله وكل غال عليه لتوفير أضحية العيد.
أي منطق هذا , وأي عقلية هذه التي تجمع بين المتناقضات فتؤمن بالله ورسوله وفي نفس الوقت تسب الله ورسوله وتغار عليهما وتندد بمن يمسهما ,وياويل من نعتها بغير المسلمة .ان لم تكن عقلية المنافق ,المارق الذي وعده الله بالدرك الأسفل من النار.ا ن التركبة الاجتماعية للمجتمع المغربي معقدة تعقيد هذه النماذج التي عرضتها .,وكل دارس لهذا المجتمع أو الذي له تطلعات انتخابية اذا لم يكن على وعي كاف بهذا التعقيد للتركبة الاجتماعية للمغرب .وان شئت قل هذا النفاق الفردي الاجتماعي لن يصل الى الوقوف على الحقيقة العلمية أوالهدف الذي يبتغيه .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *