تقرير فرنسي يحذر من خطر الشيخوخة ما لم تُسهّل اجراءات اقامة العمال الاجانب
2005/12/27
يرفض الهجرة الانتقائية ويدعو لاسقاط شرط الجنسية عن بعض الوظائف
باريس ـ القدس العربي ـ من شوقي أمين: بعيدا عن الحسابات السياسية والخطابات المناهضة للهجرة والمهاجرين علي خلفيات عنصرية في كثير من الأحيان، أصدرت محافظة التخطيط الفرنسية تقريرا حول مستقبل فرنسا الديمغرافي يشرح بالتفصيل لماذا سيضطر هذا البلد الي استقبال أعداد هائلة من المهاجرين لمواجهة شبح الشيخوخة الذي يهدد مختلف قطاعات العمل في السنوات القليلة القادمة.
وعملت محافظة التخطيط في تقريرها الهام علي دراسة حاجيات كل قطاع في السنين القادمة وكذا عدد العاملين الذين سيحالون علي التقاعد، فضلا عن الوفاة.
وخلصت الي أن الوسيلة الوحيدة الممكنة في هذه الحالة لمحاصرة العجز المؤكد في استخلاف المتقاعدين هو استقدام يد عاملة أجنبية.
وجاء في التقرير انه اذا ارادت فرنسا تثبيت اقتصادها وان توفر عليها خطر تناقص عدد سكانها، فعليها أن تضاعف من عدد المهاجرين.
ويري التقرير في هذا السياق أن علي فرنسا أن تضاعف عدد المهاجرين علي أراضيها بنسبة 1.8 في المئة بين 2010 و2040 علما أنها تستقبل في الوقت الراهن ما يقارب الـ100 ألف مهاجر سنويا.
ويوضح تقرير محافظة التخطيط، وهي أعلي هيئة مهمتها استشراف المستقبل واقتراح الحلول لمعضلات السكان والاقتصاد، أن نسبة المهاجرين من مجموع السكان ستصل الي 7.8 بحلول 2010 وستقفز الي 11.6 في 2040.
من زاوية أخري، أبرزت محافظة التخطيط في تقريرها المساهمة الايجابية لليد العاملة الأجنبية للمحافظة علي توازن الانفاق العام علي المدي المتوسط، بينما لن يكون الامر كذلك علي المدي الطويل بحكم الشيخوخة التي ستطالها هي بدورها أيضا.
وبناء علي هذه النتائج المقلقة سياسيا، والموضوعية اقتصاديا ، يطرح التساؤل عن أية سياسة هجرة ستتبناها الحكومة الفرنسية لدرء النقص الخطير في اليد العاملة الذي باتت تعاني منه قطاعات واسعة في سوق العمل، خاصة في قطاع الخدمات العامة والبناء والتعمير والفندقة والمطاعم والفلاحة؟
هذا هو السؤال الذي ما فتئت تطرحه الأطياف السياسية واللوبيات الاقتصادية في العقدين الأخيرين دون أن يفضي الي برنامج واضح المعالم يخرج مسألة الهجرة من حلبة العراك السياسي العقيم الي دائرة البراغماتية، خاصة وأن مؤشرات اقتصادية واجتماعية حقيقية دقت ناقوس خطر تراجع اليد العاملة والسكان الذي سيكون له انعكاس سلبي علي الأداء الاقتصادي ومكانة فرنسا الدولية.
وفي اجابتها علي هذا السؤال، تري محافظة التخطيط أن الهجرة الانتقائية التي دعا اليها وزير الداخلية الحالي نيكولا ساركوزي ليست مفيدة بكل المقاييس ، و معارضة للحقوق الأساسية . ذلك أن التقيد، حسب المحافظة، بسقف معين من الوافدين (الي فرنسا) بهدف العمل سيصيب البناء الاقتصادي والاجتماعي بتكلس عام في عالم لا يخضع لمقاييس ثابتة وفي محيط متسم بالحركية الدائمة فضلا عن التكاليف الباهظة الناتجة عن اجراءات توطين المهاجرين الجدد .
وفي مرحلة أولي يدعو التقرير المؤسسات الاقتصادية الي الاعتماد علي خزان البطالة الذي ترتفع أعداد الملتحقين به من سنة الي اخري بسبب نقص الكفاءة وتحسين ظروف العمال خاصة في القطاعات الصعبة. ويدعو كذلك المؤسسات الي ان تقلل من شروطها حول الكفاءة العالية وتبني استراتيجية التكوين المستمر، بالاضافة الي تشجيع استقبال اليد العاملة الأجنبية ذات الكفاءة العالية مع تسهيل الاجراءات الادارية للطلبة الأجانب للاقامة والعمل بفرنسا.
وفي ذات المقام يقترح التقرير العمل بسياسة للهجرة تتسم بالمرونة وباللامركزية تتيح لكل اقليم ومنطقة استقبال ما يشاء من المهاجرين لاحتواء العجز في توظيف اليد العاملة في هذا القطاع أو ذاك. كما يدعو الي تمكين الأجانب من وظائف هي حكر فقط علي الفرنسيين.
ولقد أحصي التقرير ما لا يقل عن 50 وظيفة ممنوعة علي الأجانب داعيا الي اسقاط شرط الجنسية تماشيا مع التحولات الاقتصادية العظمي الجارية في العالم.
ويري التقرير أنه من غير المعقول أن يبقي الوظيف العمومي مغلقا علي نفسه كما هو الحال في قطاع البريد والمواصلات والتربية والتعليم والادارة العامة والطب والمحاماة.
عن جريدة القدس العربي
Aucun commentaire