عويل الليل
لهذا الليل نشوة الحلم المغمس في الأنوثة الموشومة بخصلة الجنون ، ولذكراك طقوس بجلتها أفواه الضجة والأضواء وشظايا اللغو ، ولرغبتي ينبوع تنسكب منه آهات حارة مدغدغة ، وللشمس مذاق البسمة المخطوطة على شفتيك المعتقتين ، وللشارع القديم رائحة نبيذ شرقي تعبق بها فرشات غجرية ، ولعرسك قصيدة صففت فيها الاستعارات ونبذت فيها لنفسي بيتا مرصعا بالطفولة ، ولعينيك صمت الرطوبة والعطاء فيهما قرأت ارتباطي الأزلي بمنعرجات الذات المنشطرة .
لهذا الليل تبتل عشتاري انسل من مسام الماضي ومن بوتقة الذكريات … ها هي كل النجوم جاءت تعرج لتبارك ذبحي على مرآتي الأخيرة .. ها هي ذي كل النجوم تصنع من اللحظة تابوتا يغري بالانتحار ، أو على الأقل يشهي بتمزيق جلدة الصدر لتتنفس عصافير القلب ضوء النهار وتنسج من ضلوعه أجنحة خضراء وتملأ الفضاء بأصواتها المنعشة .. ها هي ذي صغار النجوم تأكل من لحمة الليل البني ، وتمضغني بحقد مكشوف في حضرة صخب الزفاف ، وفي عتمة الصمت قبعت اللغة ولوت عنقها ثم تلاشت ، وأدركت حينها هفواتي التي كانت بالجملة وتذكرت نصائح الأصحاب وذوي القربة والندامى والعرايا ، ورجوت الفجر أن يرتدي نوره ويرفل في خيوط ضوئه القرمزي كالعادة لأرى وجهك المرسوم بالحمرة المشتهاة وبخضرة العشب والتاريخ ..
لهذا الليل طعم مجهول يتمطى في تجاويف الصدر المخنوقة بتكالب السجائر المهربة ، وأدرك مرة ثانية أن نسيانك أضحى صعبا مادام في القلب فتات إحساس ، وأن الذكرى أصبحت عبادة وأخاف أن نكفر يوما ونلقي بها في قمامات العشق . ليس سهلا نسيان يوم كان قد تدلى من عين السماء وأيقظ فينا رميم المدى المطرز بيواقيت الحلم ، وملأنا حينها جعبة الصمت بما في دواخلنا واستحضرنا الشمس للشهادة ..
كنت أعرف أنك منهمكة في تعليق شظايا براءتك على حائط المضاحك ، ولكنني كنت مشغولا عنك في مغازلة جملة مفيدة أعلن فيها موتي وانهياري وأتهاوى كالطوب مع الأخطاء ، كنت أشتهي أن أعانق كل الجمل المبحوحة وأعصر ما بذاتي على دفء صدرها وأرتاح ، لكن كل الحروف أبت أن تطيعني وانفلت مني الخبر والتمييز وانصهرت حمرة الممنوع من الصرف بحمرة عينيك وذابتا في عيني وانسكبت حروف أخرى تشوي هذا اللسان المختون لترميني باتجاه الصمت المغلف بالشحوب ….




1 Comment
..رحم الله المتنبي و المعري..وعلى الشعر نصلي صلاة الجنازة..ما هذه الصور؟