Home»Correspondants»حجب الثقة

حجب الثقة

0
Shares
PinterestGoogle+

حين تصل الأمور ، في البلدان الديموقراطية ، إلى الباب المسدود أوما شابه ذلك ، يتم الشروع ، في الحال ، في دراسة موضوع حَجْبِ الثقة عن الحكومة القائمة وإجراء انتخابات مُبَكِّرَة تُسْفِر عن ظهور حكومة أخرى لإدارة الشأن العام

.

حين تصل الأمور ، في البلدان غير الديموقراطية ، إلى جميع الطرق والأبواب والنوافذ المسدودة ، بل إلى وضعِ ما اصْطُلِح عليه بالسكتة القلبية ، يبقى الحال على ما هو عليه وتستمر الحكومة القائمة ــ النائمة أطول ممّا يتصور أحد . وأيّ حديث عن حجب الثقة عنها يكون ضَرْباً من العبث والجنون ، لأن الثقة محجوبة أصلاً عن العيون المقوّسة

.

في هذه البلدان ، ومنها بلاد العربان ، تكون مسألة حجب الثقة مثل حجب الحقيقة . الحكومات فيها تذهب وتزول بالإقالة وليس بالاستقالة

.

وما عليك سوى قراءة الدساتير بخاطرك وكفى بنفسك لكي لا تجلب عليك المتاعب ، أو قُلْ لتبقى محجوبا عن العيون الحمراء

.

ولأن الثقة مثل الحقيقة ، فإن الغربيين لا يترددون في حجبها عن كل من لا يستحقها بَحْثاً عمّن هو جديربها ما دام أن الأمر يتعلق أوّلاً وأخيرا بثقة المواطن التي هي أمانة مقدّسة ينبغي صَوْنُها وحمايتها من العبث ، وليس كما هو الحال عند المتخلفين حيث الثقة محجوبة بين المرء ونفسه ، وبين المواطنين والْحُكّام ، كما هي مفقودة بين البائع والمشتري ، وبين الحبيب وحبيبه ، والصديق وصديقه عَمَلاً بالمَثَل الساقط : »اللِّي غْفَلْ طارت عينه«. وخوفاً من أن »تطير له عينه« ، يظل المواطن ـــ سواء المواطن المسكين أو السُّوبِر مواطن ـــ فاتِحاً عينه حتى وهو نائم من دون أن يقشع شيئاً والأمور بسير بما لا يشتهيه ولا يرغب فيه من دون أن يستطيع القيام بأيّ شيء يؤدي إلى التغيير . وكم من حاجة قضيناها بِتَرْكِها . وكفى الله المومنين شرّ القتال

.

أليس هناك أُناس يفكرون ـــ جازاهم الله ــ بالنيابة عنا ، ويعملون بالنيابة عنا .. وحين »يطلع الدم إلى رؤوسهم « يطرحون »ملتمس رقابة« وليس »حجب الثقة« بهدف تغيير الحكومة ؟

كم من حكومة ، في بلاد العربان ، سقطت ب»ملتمس رقابة« المُلتبس ؟ وماذا تعني هذه الرقابة في ظل إشاعةِ مفهوم »شُوف واسكت « الذي استهوى البعض ليكتبه بخط عريض ويُلْصقه في مؤخِّرة شاحنته أو سيارته علامةً مسجّلة ، شاهدة على واقعِ حالٍ يستدعي ألف عملية حجب ثقة وثقة وليس فقط طلبُ رقابة غير موجودة حتى في ذهن صاحبها ؟

بين حجب الثقة وحجب الحقيقة مسافةُ ما بين الصِّدق والكذب ، وما بين التلقائية وقِلّة النية ، وما بين الصفاء والغموض . والفرق كبير وواضح بينهما . ولا حاجة لحجب الشمس بالغربال كما يقال

..

حكومات تذهب وحكومات تأتي ، ووجوه ترحل ووجوه تظهر . وفي كل مرة هناك جديد . وفي كل أرجاء الدنيا تغَيُّرٌ وتطوُّرٌ إلا في بلاد الراقدين المتخلفين حيث تظل نفس الوجوه إلى يوم الدين

….

حمادي الغاري

جريدة العلم

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *