Home»Correspondants»هل قصة المسيح عليه السلام في القرآن الكريم مسيئة حقا لمشاعر المسيحيين ؟؟؟

هل قصة المسيح عليه السلام في القرآن الكريم مسيئة حقا لمشاعر المسيحيين ؟؟؟

0
Shares
PinterestGoogle+

قامت دنيا المسيحيين ولم تقعد بسبب الفيلم الإيراني عن رسول الله المسيح عليه السلام ، وبلغ الأمر حد تدخل الرهبان في لبنان لالتماس إيقاف الفيلم أو بتر المقاطع التي تعتبر مسيئة لمشاعر المسيحيين لدى المسؤولين عن قناة المنار التي قررت بث الفيلم خلال شهر رمضان ، وكان الغزل بين الرهبان وبين هؤلاء المسؤولين ولعل القضية انتهت إلى تفاهم حكمته المصالح السياسوية المتبادلة على حساب الحقيقة القرآنية . ومهما كانت التسوية بين المسيحيين و الرافضة في لبنان بخصوص هذا الفيلم فالسؤال الذي سيظل مطروحا هو : هل حقيقة تعتبر قصة المسيح عليه السلام في القرآن الكريم مسيئة لمشاعر المسيحيين ؟؟؟ . فالقضية التي أثارت المسيحيين في هذا الفيلم هي قضية صلب المسيح عليه السلام . فالمسيحيون يعتقدون من بين ما يعتقدونه في المسيح عليه السلام أنه صلب ، وهم أحرار فيما يعتقدونه لأن الاعتقاد قضية قد لا تخضع عند البعض لمنطق أو برهان فهي قضية عاطفة دينية . وإذا كان من حق المسيحيين أن يعتقدوا بصلب المسيح عليه السلام ،فليس من حقهم إقناع الناس بشكل من أشكال الضغط لتصديق ما يعتقدونه . فالفيلم الإيراني تناول قصة المسيح عليه السلام باعتماد القرآن الكريم الذي لا يقر بصلب المسيح عليه السلام لقوله تعالى : (( وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه )) .

فهذا الكلام ليس فيه إساءة للمسيحيين على حد زعمهم وإلا اعتبر الاعتقاد بصلب المسيح تكذيبا للقرآن الكريم وإساءة له أيضا . والقرآن الكريم أمر بجدال أهل الكتاب بالتي هي أحسن ، والمقصود بالتي هي أحسن ليست المجاملة الكاذبة التي أساسها المصالح السياسوية المتبادلة أو ما يسمى زواج المصلحة بل الحجج التي هي أحسن الحجج ، ذلك أن الجدال هو الخصام الذي لا عدوان فيه ، وأحسن ما يكون في الجدال هو أن الرأي الأحسن هو المقنع لهذا جادل القرآن المسيحيين في قضيتين : قضية نسبة المسيح ابنا لله تعالى ، وقضية صلبه . فالقضية الأولى كانت مجادلتهم فيها كالآتي وهو قوله تعالى : (( يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا )) . وقوله أيضا : (( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )) فهذا نموذج الجدال بالتي هي أحسن ، إذ يسوق الله تعالى الحجة والبرهان الحسنين لإقناع أهل الكتاب بأنه سبحانه وتعالى ليس أبا لأحد وإنما هو خالق الجميع والكل عباد له . وأما القضية الثانية فكانت مجادلتهم فيها كما مر بنا في الآية الأولى وهي قوله تعالى : (( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم )) إلى قوله تعالى : (( بل رفعه الله إليه )) وهو أمر ورد ذكره في موضع آخر في قوله تعالى : (( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي )) .

فالقرآن الكريم لم يكذب المسيحيين في قضية الصلب وإنما كذبهم في قضية صلب المسيح ، فالصلب كان ، وقد أقره القرآن الكريم ولكن المصلوب لم يكن المسيح وإنما كان شبيها له أو بتعبير دقيق شبه لمن ظنوا أنه المسيح ، ولم يخض القرآن في شبيه المسيح ولا في التعريف به لأن الأمر لا يقتضي ذلك ، ولأن المهم أنه ليس المسيح فليكن بعد ذلك من كان. فهذا جدال بالتي هي أحسن أي بالدليل والحجة إذ لو نفى القرآن قضية الصلب جملة وتفصيلا لما كان الجدال بالتي هي أحسن ، بل أقر أهل الكتاب في قضية الصلب ولكنه نفى أن يكون الشخص المصلوب هو المسيح لأنه رسول الله وهو أكرم عند الله من أن يتخلى عنه ليعبث به العابثون ويصلبونه لهذا توفاه ورفعه إليه إكراما وتقديسا له . ولم يكن رفعه بعد صلبه كما يزعم المسيحيون بل كان رفعه دون أن يكون الصلب . وقوله تعالى : (( إني متوفيك )) دليل حسن في الجدال على أن موت المسيح لم يكن موتا أحمر بالصلب والقتل وإنما كان موتا أبيض أو وفاة . ومن الجدال بالتي هي أحسن أن القرآن الكريم جاء بالقصص الحق لقوله تعالى : (( إن هذا لهو القصص الحق )) وهذا القول إقرار صريح بوجود قصص غير حق أي قصص باطل من نسج الخيال أو من التوهم وهو ما عبر عنه قوله تعالى : (( ولكن شبه لهم )) ففعل شبه ـ بتضعيف الباء ـ في العربية يدل على الإشكال والتلبيس ، والعرب تقول :  » شبه عليه الأمر أي لبس عليه  » ومنه الاشتباه وهو الشك في صحة الأمر. وعليه فالذي وقع هو إشكال وتلبيس ، وهو محض ظن ، وليس حقيقة لقوله تعالى : (( ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا )) .

والعاقل هو الذي يستطيع أن يميز بين ظن البشر ويقين الله عز وجل . فالله تعالى الذي توفاه ورفعه وهو أعلم به إذ يقص قصته ، والذين اشتبه عليهم الأمر يقصون قصة مخالفة لقصة الله تعالى فأيهما يصدق العاقل ؟ والذي يؤكد صدقية القصص القرآني الحق هو اعتراف الذين يقولون بالصلب بأن المسيح قد رفع ، ذلك أن القادر على رفع المسيح بعد صلبه على حد زعم من يزعم ذلك هو أقدر على رفعه قبل أن يصلب ، وهو الأصوب وإلا فما قيمة رفعه بعد صلبه والتنكيل به ؟؟؟ وأكثر من ذلك يقع أصحاب اعتقاد الصلب في إشكال كبير وهو زعمهم أن الذي صلب هو ابن الله تعالى الله عما يصفون ، وجدالهم بالتي هي أحسن القول : أيعقل ألا يمنع الله عز جل ابنا تزعمونه له ، وهو الذي يمنع من يستجير به من خلقه ؟ وإذا كان الله تعالى عما يصفون لم يمنع ابنه على حد زعمهم فلماذا تسألونه في حياتكم أن يمنعكم من الأخطار المحدقة بكم ، فهل أنتم أكرم عنده من ولده تعالى الله عما يصفون ؟؟؟ . وأخيرا نقول : إن المسيحيين لا يؤمنون أصلا بمحمد صلى الله عليه وسلم كرسول ونبي ختم به الله الرسالات ، ولم يقل المسلمون يوما إن ذلك مسيء إلى مشاعرهم الدينية ، بل لقد عبثوا به عن طريق الرسوم الكاريكاتورية ، وعن طريق الأفلام الساقطة متعمدين الإساءة إليه وإلى مشاعر أمته ، وتعمد أكبر حبر لهم الإساءة للإسلام في محاضرته المشهورة ، واستنكف عن مجرد الاعتذار عما صدر منه ،وفي المقابل يطالب المسيحيون بسحب فيلم ينفي صلب المسيح لأن ذلك في اعتقادهم مسيء لمشاعرهم الدينية ، وكأن اعتقاد الصلب لا يسيء إلى مصداقية القرآن الكريم وإلى مشاعر المسلمين الدينية لما فيه من تكذيب لكلام الله عز وجل .

والإسلام قد حسم في أمر الاختلاف العقدي بقوله تعالى : (( لكم دينكم ولي دين )) ولا يمكن أن يكون هذا الدين مسيئا لغيره لأنه لا يتفق معه في اعتقاده . ونعتقد أن الفيلم الإيراني غير موجه للمسيحيين بل للمسلمين ، ولقد صورت عشرات الأفلام التي قدمت صلب المسيح ولم يقل المسلمون إن في ذلك مساسا بمشاعرهم لأن صلب المسيح ليس مما يعتقدونه وأن فيه تكذيبا للقرآن الكريم . وحتى الفيلم الإيراني إنما قصده الترويج للعقيدة الرافضية كما كان شأن فيلم النبي يوسف عليه السلام ، فكل ما يريده الفيلم الإيراني هو تأكيد صلاة المسيح عليه السلام خلف الغائب في السرداب المنتظر عندهم ، ليجعلوا قدره فوق قدر نبي الله عليه السلام من أجل تضخيم شأن عقيدتهم . ولا يستغرب من المسؤولين عن القناة التي كانت تريد بث الفيلم التنازل عن بثه بسبب المصالح السياسوية في لبنان خصوصا في هذا الظرف ، ولا يعنيهم من قصص القرآن الحق شيء ، وكل ما يعنيهم هو زواج المصلحة ، وهو أمر مألوف عندهم لأن الدين عندهم مجرد مطية يمتطى للأغراض السياسوية عبر التاريخ ، وهذا مدار عقيدتهم ، فهم يعادون ويصادقون حسب هذه الأغراض ليس غير .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. ادريس
    21/08/2010 at 18:49

    مادام النصارى لا يؤمنون برسالة سيد المخلوقات سيدنا محمد عليه ازكى الصلوات مادام انهم لا يؤمنون به فليس من حقهم ان يعترضوا

  2. Koutaiba
    04/08/2013 at 13:35

    عن بعض المقالات التي نشرت في هذه الصفحة،كانت مثيرة وهامة بالنسبة لي ، وكنت اقرأ ما تم طرحه بكل اهتمام ومتابعة ،واني اشكر الكاتب على مقالاته .ولكن المثير للجدل وغيرالمبرر له ،ان يختم تعليقه للمقال بتهمةلا أصل لها الا عند المتعصبين أو (المأجورين ( الذين يريدون شرذمة المسلمين…. فهذه المقالات هي » خير اريد به باطل » فهل انتهيتم يرعاكم الله

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *