حاجة الجهة الشرقية الماسة إلى مصحة للعلاج النفسي
بعدما عاشت الجهة الشرقية لعقود طويلة مفتقرة إلى المرافق الصحية اللازمة بحيث كان مستشفى الفارابي هو قبلة ساكنة الجهة الشرقية والملجأ الوحيد لكل الحالات المرضية قبل الاضطرار للجوء إلى مستشفى ابن سينا بالعاصمة أو اللجوء إلى المصحات خارج الوطن عرفت الجهة الشرقية ظاهرة المصحات سواء التابعة للتعاضديات أو المصحات الخاصة حيث تنفست ساكنة الجهة الشرقية بعض الصعداء في المجال الصحي.و قد تم دعم القطاع الصحي بالمركز الجهوي الشيخ زايد للأنكولوجيا الذي خفف الكثير من المعاناة عن مرضى ساكنة الجهة الشرقية بداء السرطان. ولا يمكن أن يذكر القطاع الصحي بالجهة الشرقية دون ذكر الأيادي البيضاء لأهل الخير والإحسان جازاهم الله خيرا و من وجه عنايتهم إلى ضرورة دعم القطاع الصحي العمومي بتجهيزات ومرافق وأجهزة ساهمت بشكل فعال في الرفع من مستوى التطبيب بالجهة الشرقية.
وبالرغم من القفزة النوعية للقطاع الصحي بالجهة الشرقية فإن الحاجة لا زالت ماسة إلى بعض المصحات الخاصة ببعض الأمراض التي لا يلقى لها بال مع أنها واسعة الانتشار ووخيمة العواقب ونخص بالذكر الأمراض النفسية وهي أمراض العصر المرتبطة بالتغيرات الاجتماعية ذات الوتيرة المتسارعة والتداعيات المتلاحقة والمسببة لكل الآثار النفسية السلبية مما عمق وجود الأمراض النفسية وجعلها مزمنة.
وإذا كان المستشفى الوحيد بالجهة الشرقية والخاص بالأمراض العقلية لا يمكنه استقبال المرضى النفسانيين فإن التفكير في إنشاء المصحات النفسية في الجهة الشرقية أمر لا مندوحة عنه خصوصا وأن أقرب مصحة نفسية لساكنة الجهة الشرقية توجد بمدينة سلا في الجناح المحاذي للمستشفى بهذه المدينة ، وهي مصحة للعلاج بالمقابل. والجهة الشرقية تتوفر على أخصائيين في العلاج النفسي من خيرة الأطباء الذين يساهمون بعياداتهم في محاربة الأمراض النفسية. ومن المعلوم أن المرضى النفسانيين يحتاجون إلى جانب العلاج النفسي والكيميائي الذي يتلقونه في العيادات خلال جلسات إلى جوانب أخرى منها العلاقات داخل أسرهم ، والمعاملات الخاصة ، مما لا يتأتى للأسر ويستوجب بالضرورة مصحات نفسانية بالمواصفات المتعارف عليها دوليا . فالمعروف عن هذه المصحات أنها توجد في مناطق طبيعية جبلية أو شاطئية تساهم في علاج المرضى النفسانيين الذين يحتاجون إلى المناظر الطبيعية والخضرة والمياه والهواء النقي والراحة التامة بعيدا عن ضجيج المدارات الحضارية ومشاكلها. والمنطقة الشرقية ولله الحمد تتوفر على مناظر طبيعية غاية في الجمال سواء في المناطق الجبلية أم في المناطق الساحلية حيث يمكن إنشاء مثل هذه المصحات النفسانية. والمشكل المطروح أمام هذا المشروع الصحي الرائد هو مشكل التمويل من جهة إذ لا يقوى الأطباء النفسانيون في الجهة الشرقية وحدهم على تمويل مشروع مصحة نفسانية فضلا عن كون الدولة تلاحق قطاع الطب الخاص بضرائب خيالية .
وإذا ما تم التعامل مع المصحات النفسانية على قدم المساواة مع المصحات الأخرى من حيث الرسوم الضريبية فإنه لا يمكن أبدا لمثل هذا المشروع أن يوجد في الجهة الشرقية أو في غيرها من الجهات ذلك أن مداخيل المصحات التي تعالج أمراضا عضوية قد تكون مرتفعة مما يجعل الدولة تفكر في فرض ضرائب عليها حسب تقديرات هذه المداخيل إلا أن المصحات النفسانية لا يمكن أن تكون لها نفس المداخيل لهذا لا يمكن أن تعامل نفس المعاملة الضريبية. ولهذا يلجأ بعض الأطباء النفسانيين في بعض الجهات إلى حجز بعض الأسرة لمرضاهم في بعض المصحات ذات التخصصات المتنوعة ، وهي فضاءات لا تصلح للمرضى النفسانيين. ووجود مصحة نفسانية في الجهة الشرقية سيكون عبارة عن التفاتة صوب شريحة طويلة عريضة من المرضى الذين لا يلقى إليهم بال ويعانون مع أسرهم الأمرين في ظروف غير مناسبة تجعل العلاج يتأخر كثيرا. ومن أغرب ما سمعت من أحد الأطباء النفسانيين الذين مارسوا مهمة التطبيب في إحدى المصحات النفسانية بالريف الفرنسي أن بعض المواطنين المغاربة كانوا يقصدون هذه المصحات للاستشفاء بل إن بعض الأصحاء المرهقين بكثرة الأعمال كانوا يطلبون الراحة بهذه المصحات لمدة أسبوعين وأكثر بنفقات باهضة طلبا للتوازن والراحة النفسيين . فلماذا لا تتضافر الجهود الرسمية والمجتمعية من أجل إيجاد مثل هذه المصحات النفسانية لتدارك آفات الأمراض النفسية المتزايدة في جهتنا الشرقية بين جميع الفئات والأعمار وخصوصا الشباب ؟
Aucun commentaire