نشر فى جريدة الشرق الأسبوع الماضى مفاده أن وزارة الصحة القطرية بدأت فى إعداد مشروع لإدخال الحجامة حيز العمل بالقطاع الخاص وممارستها بطريقة طبية سليمة من قبل أطباء مؤهلين، كما ستجرى الوزارة دورات تأهيلية لمن يرغب منهم فى إجراء الحجامة على مرضاه .. .. كم أسعدنى هذا الخبر ولهذا أبعث برسالة شكر مع دعاء من القلب لكل من يقف وراء هذا القرار الحكيم الذى انتظره الكثيرون ممن لم يفلح معهم العلاج الدوائى أن يكون سبباً لشفائهم، وذلك بعد أن اعتبرت الحجامة إلى وقت ليس ببعيد نوعاً من العلاجات الشعبية لذا ابتعدت عن ممارستها بعض الطبقات المثقفة منها الأطباء أنفسهم، إلى أن قام فريق طبى سورى من مختلف التخصصات بإجراء أبحاث استمرت لأكثر من ثلاث سنوات عن الحجامة، والتى توصل من خلالها إلى إثبات القيمة العلاجية الكبيرة للحجامة في الشفاء من الأمراض المستعصية، مثل السرطان والروماتيزم والشلل النصفي والقلب وغيرها.. مما دفع العائلة المالكة البريطانية إلى أن توفد الفريق الطبى الخاص بها إلى دمشق لدراسة الحجامة كم ذكرت إذاعة الـ B.B.C البريطانية .. .. كما بدأ بعض الأطباء فى

مصر بتعلمها والقيام بها، ولعلها بذلك فرصة لتوضيح بعض المفاهيم العلمية الخاصة بالحجامة. كلمة الحجامة مشتقة من حَجَمَ أى مص .. .. ولقد انتشرت الحجامة فى العديد من المجتمعات القديمة، إلى أن جاء الإسلام فأيدها الرسول صلى الله عليه وسلم بل وقننها فصارت بذلك وسيلة علاجية وسنة أيضاً حيث روى جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال :  » الشفاء فى ثلاث : شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنا أنهى أمتى عن الكى  » . ولقد ثبت أن الرسول احتجم فى رأسه وفى الأخدعين ( عرقان فى جانبى العنق )، وفى الكاهل ( مقدم أعلى الظهر) وفى وركه وعلى ظهر قدمه .. كما احتجم فى هامته، وكان صلى الله عليه وسلم يحتجم يوم سبعة عشر أوتسعة عشر أوإحدى وعشرين من الشهر العربى وفى هذا دليل على تأثير الحجامة على تهيج الدم لقوله الشريف  » لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله  » ولهذا تفضل الحجامة فى الربيع والصيف أكثر من الشهور الباردة . والحجامة نوعان جافة ورطبة، فأما الجافة فيتم فيها تنشيط تدفق الدم من جديد وسحب التراكمات الضارة بالجسم من مناطق عميقة إلى سطحية مما يسهل على الجسم التخلص منها بعد ذلك عن طريق الجلد . وأما الرطبة فيتم فيها إحداث نوع من الاحتقان الدموي في إحدى المناطق المذكورة سابقاً باستخدام كاسات الهواء، ثم عمل تشريط للطبقة السطحية للجلد ومن ثم سحب كمية من الدم الفاسد بالموضع المحدد لأغراض علاجية معينة .. فما هو التفسير العلمى للعلاج بالحجامة وماذا يعنى مصطلح ( الدم الفاسد ) ؟ إن زيادة عدد كريات الدم الحمراء الهرمة وأشكالها الشاذة والشوائب الدموية الأخرى بالدم تجعله غليظاً لزجاً غامقاً متخثراً متعسراً فى تدفقه .. وهو ما نصفه طبياً بزيادة الدموية hyperemia وهو أيضاً المقصود بالتبيغ فى الحديث النبوى الشريف، وهذا الدم الفاسد يدور مع دورة الدم ويميل للركود والتجمع بمواضع معينة بالجسم وخاصة فى مناطق أعلى الظهر ( الكاهل والأخدعين ) والتى تتميز بضعف التدفق وبطء حركة سريان الدم بها، ومع تقدم العمرتزداد تلك التراكمات مسببة عرقلة عامة لسريان الدم في الجسم وبالتالى يقل تدفقه إلى أعضاء الجسم المختلفة وخاصة الأعضاء الموكل إليها مهمة التخلص من هذه الشوائب والسموم كالكبد والطحال وبالتالي يصبح الجسم عرضة لمختلف الأمراض، فإذا احتجم المريض فإنه يتخلص من هذه الشوائب ويعود تدفق الدم النقى المحمل بالأكسجين والغذاء لأعضاء الجسم المختلفة فتتفرغ للقيام بوظائفها … هذا ما قاله الدكتور أيمن الحسينى استشارى الأمراض الباطنية فى كتابه معجزات الشفاء بالحجامة وكاسات الهواء . ومن هنا أود التأكيد على أن الحجامة تعتمد على التخلص من الدم الفاسد من مناطق تجمعه وركوده وليس لها أى علاقة بفكرة مسارات الطاقة بالجسم التى بات جلياً لنا الآن علاقتها ببعض الفلسفات الوثنية. إعداد : هالة أحمد فؤاد عضوالمجمع العلمى لأبحاث القرآن الكريم والسنة