Home»Correspondants»الأشبــــــــــــــــــاح

الأشبــــــــــــــــــاح

0
Shares
PinterestGoogle+
 

الأشباحالشبح كما عرفه بن منظور هو :( ما بدا لك شخصه من الناس، وغيرهم من الخلق .) وهو أيضا: ( الشخص وما أدركته الرؤية والحس ). (بن منظور لسان العرب الجزء الثاني الصفحة 494). أما في المتداول اليومي، فالشبح هو طيف، أو ظل، في شكل شخص، يصعب تحديد ملامحه، أو التعرف عليه لسرعة حركته، وقدرته الغريبة على الاختفاء السريع. ويسمى عند عامة المغاربة « بالخيال « . وهو قادر على الإذاية .لارتباطه في تصورهم ، بالجن ،و الشياطين،وأرواح الموتى المظلومين .والأشباح في نظر عامة المغاربة، تسكن الخراب القديمة، والمقابر المهجورة.وكل الأماكن التي تم فيها القتل، والقتال.وخاصة إذا كان ظلما وعدوانا.وهي لا تخرج إلا ليلا .لأنها تحب الظلام والهدوء، وتكره النور والضوضاء .إن الحديث عن الأشباح،قديم قدم الإنسان ،فهي من وجهة نظري، ظاهرة اجتماعية غرفتها كل المجتمعات ، وسجلتها الأساطير، والروايات ، والأحاجي الشعبية …وما زلت أسمع الكثير من أبناء مجتمعي، عن ما يسمى » بالجثمة أو الجزمة أو الجثام « (وهي شعور النائم ، بشخص يجثم فوق صدره ، يمنعه من الحركة والصراخ ) .(علم النفس له رأيه في هذا الموضوع). أو عن عيشة قنديشة مولات المرجة : وهي شبح جني مائي ،لا تجد مغربيا لم يسمع بها .والأشباح أشكال وأنواع لا حصر لها . وهم مخلوقات غير عادية . لا يهمني منهم إلا الأشباح الإنسية.كل عام ومع بداية الدخول المدرسي، نسمع الكثير عن الموظفين الأشباح ،(تقدرهم بعض الإحصائيات بنحو 30 ألف شبح في وزارة التربية والتعليم وحدها ) وعن الطقوس والتمائم السحرية ، التي قد تنفع في تخليصنا منهم ، وتحررنا من جثومهم على صدورنا .

 إن هذا « الخيال » من الموظفين، سكن وزارة التربية الوطنية لقفرها، وظلمتها، وخرابها.وأنا أتعجب ، لماذ لا تظهر هذه الأشباح، ولا تخرج في الوزارات، والقطاعات الأخرى، على الرغم من خرابها ،و ظلمتها الحالكة هي الأخرى .ولماذا لا توظف الدولة ، جيشا من السحرة، والمشعوذين وكتبة التمائم … لمحاربة هذه الأشباح، التي اعتادت على نهش لحمنا، و شرب دمنا، وتخلصنا من نار جوعها ، الذي لا حد له ،فهي تأكل ولا تشبع، وتشرب شرب الهيم : أي تشرب دون أن ترتوي .إن هذه الأشباح اكتسبت مناعة، وتطورت بشكل سريع ومتنوع،وما أظن أن التمائم قادرة على طردها، وإخراجها من جسدنا المريض، المتهالك من نهشها له.لأنها حمت نفسها من كل محاسبة ،وذلك بدخولها في حماية لوبي معين ،أو حزب معين ،أو نقابة لها مصلحة ما. فهي مستوعبة لتاريخ عهد الحماية ،والدخول في حماية جهة ما، تحمي مصالحها ،جزء من استراتيجياتها. حتى ولو كانت هذه الجهة صهيونية، تعمل ضد مصلحة وطنها . الحقيقة ،أن الموظفين الأشباح، لا يقتصر وجودهم على القطاع التربوي فقط. فهم يتواجدون في كل مكان به ظلمة وخراب، كالمؤسسات المنتخبة مثل البلديات، والغرف المهنية، والبرلمان…(يلاحظ أن قاعة البرلمان مثلا تكون ممتلئة عن آخرها، يوم ينورها جلالة الملك ،وما أن يغادرها جلالته، حتى يعمها الظلام فتسكنها الأشباح ). وهناك موظفون يشغلون مناصب مرموقة، يتغيبون كثيرا، لا ينتجون ،حضورهم وعدمه سيان. فهم نوع من الأشباح الحاضرة، في كل زمان ومكان، والغائبة في نفس الوقت، عن كل زمان ومكان.لا تحكمها قوانين العقل والفكر السليم التي وضعها أرسطو.(مبدأ الهوية ، مبدأ عدم التناقض، مبدأ الثالث ) لأنها تتحرك، وتتصرف ، طبقا لمنطق التناقض. فهي تحمل بذرة حضورها وغيابها في ذاتها .(لا ننسى أنها أشباح ) .

وهناك آخرون يستغلون نفوذهم فهم ك »الجثمة  » يجثمون على صدور الناس، فيشلون كل حركاتهم ،ويكتمون أصواتهم. بيروقراطيون، لا يسمحون بأي مبادرة تصدر عن غيرهم، مهما كانت قيمتها النفعية للوطن والأمة، ديكتاتوريون لا يحسنون الاستماع، ويكرهون التواصل، ويعشقون إصدار الأوامر. وآخرون ك « عيشة قنديشة مولات المرجة  » يزحفون أرضا، فإذا صادفوا ضحية تسلقوا إلى ظهرها ، فإذا ركبوا كتفيها ، أكلوا من لحمها، وشربوا من دمها .وهؤلاء لهم قدرة عجيبة وغريبة ،على تغيير جلودهم، إذ تجدهم يغيرون انتماءاتهم الحزبية والنقابية باستمرار، يميلون حيث مالت مصالحهم ، فهم يتلونون كعيشة قنديشة، التي تظهر في صورة عجوز شمطاء ،فتفرق بين المرء وزوجه بمآمراتها ومخادعاتها . كما تظهر في شكل امرأة خارقة الجمال. من أجل الإيقاع بضحيتها، وحبك ألاعيبها …وغالبا ما يختار هؤلاء ضحاياهم السذج من الموظفين، وإغرائهم بالنضال من أجل حقوقهم ،وترقياتهم،مبدين لهم الاستعداد الكامل، والكبير للدفاع عن المتضررين منهم، والوقوف إلى جانبهم . فإذا حصلوا منهم على ثمن بطاقات الاشتراكات النقابية ، دفعوهم دفعا إلى ممارسة الإضراب العشوائي، بسبب وبدون سبب ، على حسب ما تمليه مصالحهم وحاجاتهم ،حتى وإن كانوا هم أنفسهم في أمس الحاجة ، لمن يقف إلى جانبهم ،ويدافع عنهم كهيأة نقابية، غير معترف بها . ولكنها استطاعت ، كعيشة قنديشة المتقمصة للفتاة الجميلة، أن تغري المتواجدين في محيطها و تقودهم خلفها، إلى مخبأها، بدون أية مقاومة ،وتقتطع من أرزاقهم أجرة ثلاثة أيام ،عند كل إضراب ،موفرة بذالك لوزارة المالية – مشكورة – ملايين الدراهم. ثم تقف تتفرج عليهم ،دون أن تكلف نفسها، حتى عبارات المساواة. ولسان حالها يقول : {إن لكل شيء ضريبة، وضريبة النضال الاقتطاع ،والأشباح لا يحمون المغفلين ولا السذج . وإلى موسم دراسي جديد إن شاء الله .}

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.