ظاهرة تسرب امتحانات البكالوليا بين المفاجأة والتوقع

لا يصبح الخبر مشروعا عندنا حتى تتناقله وسائل الإعلام ؛ وكما هو معلوم طالعتنا الصحف الوطنية مشكورة بعناوين بارزة تنذربخبر فضيحة تسرب امتحانات شهادة البكالوريا . ولقد تباينت الأنباء حول انحصار أو انتشار الظاهرة ؛ فبينما حرصت الوزارة على حصرها في جهة معلومة راجت الأخبار عن انتشارها هنا وهناك في ربوع البلاد المحروسة ؛ وقد يكون تدخل الوزارة لغرض تجنب الفتنة لعن الله من أيقظها . والسؤال الملح هو هل هذه الظاهرة مألوفة عندنا أم أنها مجرد أمر طارىء ؛ ومجرد مفاجأة ؟ وبكل موضوعية وتجرد وبعيدا عن المزايدات المروجة للفتنة نقول إن الأمر كان متوقعا لعدة أسباب نذكر من بينها ما عرفه الأسبوع السابق لموعد الامتحانات من عمليات واسعة الانتشار لاستنساخ قصاصات الدروس من أجل استعمالها في عملية الغش مع الترصد وسبق الإصرار ؛ وقد تمت هذه العمليات بعلم الآباء والأولياء ومباركتهم وإنفاقهم عليها ؛ وبعلم السلطات التي من المفروض ألا تنام أعينها ؛ وبعلم الجهات المسئولة عن قطاع التربية حتى أن بعض الصحف الوطنية أسهبت في الحديث عن ظاهرة الغش وأسبابه وعوامله ونتائجه وهلم جرا ؛ ولكن لم تتحرك الجهات المسئولة لاتخاذ الإجراءات الواقية من استعداد الناشئة للغش ؛ حتى سار الغش عدوى تنتقل من المصابين إلى الأصحاء. وفي ظروف كهذه نشط المزورون وتجاسروا على ما كان سرا لا يعلم إلا ساعة الامتحان ووصلوا إلى عناصر الإجابة علما بأنها عناصر يسجن بسببها طاقم إداري وتربوي برمته لمدة تناهز الشهر . ووقع البيع احتكارا ومزادا حتى ذكرت بعض الصحف أن السعر انحدر إلى مستوى خمسة دراهم وهو استخفاف بشهادة البكالوريا وبالتعليم والتربية في بلادنا . وكثيرا ما ضجت حناجر أهل الغيرة على التربية محذرة من ظاهرة الغش والتزييف ؛ ولكنها أصوات تتلاشى أمام شعارات الجودة المنقطعة النظير .
لقد غادر المتعلمون الفصول الدراسية قبل الأوان بعد مقاطعة الامتحانات التجريبية ؛ وقبل إنهاء المقررات ووجدوا من ينجز معهم فروض المراقبة المستمرة الأخيرة قبل الأوان ويشجعهم على الانقطاع المبكر والوزارة غاضة الطرف مشغولة باستصدار المذكرات الزجرية بدون تفعيل ؛ فكانت النتيجة هي البحث عن سبل تدارك النقص الحاصل بسبب الانقطاع المبكر عن الدراسة وقد وجد أبناؤنا ضالتهم في استنساخ قصاصات الدروس لتستعمل في عملية الغش الذي حقق جودة غير معهودة ؛ فلماذا يفوتون على أنفسهم فرصة الاستفادة من وجود عناصر الإجابة المطروحة في السوق السوداء بثمن بخس دراهم معدودة ؟
ومن بين الأسباب أيضا تعطيل جهاز المراقبة التربوية الذي قضى موسما دراسيا يناضل من أجل اسماع صوته للرأي العام عسى أن تعرف قضية ملفه المطلبي الذي تماطل الوزارة فيه لأنها لا ترغب في جهاز حقيقي للمراقبة يتمتع باستقلالية تمكنه من رصد الخلل حيثما وجد مهما كانت الجهة المسئولة عنه ؛ والوزارة غير مستعدة لسماع من ينتقد أداءها . لقد غيبت الوزارة جهاز المراقبة من عملية الحركة الانتقالية ومن مراقبة الجديد من البرامج والمقررات ومن عمليات الامتحانات بسبب تصلب مواقفها إزاء مطالب جهاز المراقبة ولعلها اعتمدت على كل من هب ودب لإجراء الامتحانات كما ذكرت ذلك بعض الصحف المطلعة ناسية أو متناسية أنه إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها حلت الساعة ؛ فها قد حلت ساعة مصداقية الامتحانات.
والسؤال المطروح الآن : هل إعادة الامتحان في جهة بعينها سيعطي المصداقية لامتحان وطني بصيغتين ؟ ومن يضمن بأن جهات أخرى قدعرفت هي الأخرى نفس الظاهرة بلا فضيحة خصوصا وقد أصبحت شبكة الانترنيت ملك للجميع ؛ كما صار الهاتف الخلوي مشاعا بين الجميع والبلد عبارة عن زقاق داخل قرية صغيرة تسمى العالم ؟
لعل الحكمة تقتضي أن تحدد المسئولية كما يحصل في البلاد الراقية فيتحمل المسئول الكبير مسئولية أخطاء الموظف الصغير عندما يتعلق الأمر بفضيحة فيبادر إلى استقالة تعني عدم كفاءته في تدبير الشأن العام . وان الظهور أمام عدسات الكاميرا دون خجل في ظروف تسرب كهذه يعد مؤشرا على أن تيار التغيير ما زال بعيدا وما زال المسئولون عندنا من أهل العصمة لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم . وعندما تحصل القناعة بأن قطاع التربية هو رهان المستقبل حينذاك يمكن أن نقدر حجم خسارة في مستوى خسارة لحقت بشهادة البكالوريا وبالتعليم والتربية بسبب غياب روح المسئولية والانفراد بالقرار ؛ والتصلب في الموقف ؛ والتشبث بالمنصب دون كفاءة ؛ ورحم الله من عرف قدره وجلس دونه.
Aucun commentaire
شكرا على مقالك وإن كان البعض سيحمله ما لا طاقة له به، وسيذهب به بعيدا، وسيعتبره حملة نقابية ضد الوزارة والقائمين على الامتحانات، وصب الزيت على النار … وهلم جرا من المصطلحات المفلسة في عالم التربية والتكوين. لكن هل إعادة الامتحان في مكان بعينه من بلدنا الحبيب يعد حلا عادلا يتماشى مع تكافؤ الفرص وغعطاء الحقوق لأهلها؟ أم هو وجه آخر من سلبيات تسريب الامتحانات. فنعل الله من أشعل هذه الفتنة والفتنة أشد من القتل. والله يحفظ بلادنا الكريمة من كل مكروه والسلام
الأزمة أكبر من تسريب الامتحانات فهي ناتجة عن ثقافة الغش الموجود في كل شيء حتى في مشاعر الناس.
لسم اللهالرحمن الرحيم. رب اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. اما بعدفلقد ورد في المسند عن انس عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- (لايستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ولايستقبم قلبه حتى يستقيم لسانه). وفي الترمدي من حديث مرفوع لابن عمر(لاتكثروا الكلام بغير دكر الله فان كثرة الكلام بغبر دكر الله قسوة للقلب وان ابعد الناس عن الله القلب القاسي). وقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- (من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت دنوبه ومن كثرت دنوبه كانت النار اولى به . اللسان اللسان . روى الامام احمد الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجزمن اتبع نفسه هواها وتمنى على الله.) ودان نفسه- اي حاسبها . ودكر ايضا عن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- انه قال( حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا انفسكم قبل ان توزنوا فانه اهون عليكم في الحساب غدا ان تحاسبوا انفسكم اليوم. وتزينوا للعرض الاكبر)( يومئد تعرضون لا تخفى منكم خافية ) .
صياح أمس يوم الجمعة يوم 16-06-2006 نظم أساتذة وتلاميذ ثانوية الخوارزمي بزرهون ولالامينة إضافة إلى أوليائهم تظاهرة واحتجاجا أمام نيابة الوزارة بالمنزه ويأتي هذا الاحتجاج إثر تسريب الامتحانات الباكالوريا التي لم تعرفه المؤسستين المذكورتين بل جل المؤسسات المغرب والمقف السلبي الذي اتخذته الوزارة ، وقد رفع المحتجون شعارات هذا عيب هذا عار التعليم في خطر – هذا عيب هذا عار الشواهد في خطر- يا تلميذ يا مسكين رى ظلموك المسؤولين- المسؤولين في التعليم فنانة في التعتيم – لالا ثم لا لامتحان المهزلة- يا أستاذ يا مدير رسمالك هو الضمير….. وقد انتهت الاعتصام بإصدار بيان يؤكد على ضرورة إعادة الامتحانات ومحاسبة المسؤولين كما طالبوا باستقالة الوزير