الرذيلة قد تبدأ في مرحلة التعليم الإعدادي وتصل أوجها في التعليم العالي

استرعى انتباهي مقال الأخت الفاضلة إيمان ملال بعنوان » الجامعة المغربية عندما يتحول الهدف منها من تحصيل الشهادات إلى تحصيل الرذائل » وهو مقال هادف يروم طرح ومعالجة قضية الانحراف الأخلاقي في الجامعة خصوصا بالنسبة للطالبات . وإذا ما كانت كاتبة المقال مشكورة قد ركزت على ظاهرة الانحراف الأخلاقي في المؤسسات الجامعية فإنها لم تشر إلى البدايات الأولى للظاهرة في المؤسسات الثانوية الإعدادية والتأهيلية علما بأن هذه البدايات أخطر من النهايات، ذلك لأن عينات الذين يرتادون المؤسسات الثانوية بنوعيها من المراهقين والمراهقات حيث الاستعداد الكبير الفطري والطبيعي للوقوع في حبائل الرذيلة. وإذا ما تتبعنا البدايات الأولى للرذيلة نجدها في المؤسسات الإعدادية بمجرد مغادرة التلميذات المؤسسات الابتدائية وهي مرحلة البلوغ تبدأ المراهقة بالضغط وتكون بعض النماذج معرضة بحكم المراهقة للتفكير في الممنوع والمحرم خصوصا مع انعدام التوعية التربوية المؤسساتية والإعلامية بل قد يكون الإعلام هو أول عتبة لتوجيه المراهقات التوجيه المنحرف من خلال التسويق للأفلام العاطفية غير المناسبة أو المساوقة لقيمنا الدينية والأخلاقية ، فيترسخ في قناعة بعض المراهقات أن الحقيقة كل الحقيقة ما تنقله هذه الأفلام ويبدأ التفكير في خوض المغامرات العاطفية الحقيقية المقلدة للمغامرات الخيالية تحت ضغط الغريزة الناضجة والمتفجرة ، وبتوجيه من تفكير المراهقة الذي لا يضبطه ضابط ولا يحكمه منطق .
وقد تبدأ المغامرات بدائية وعفوية مع الأقران ولكن بعض المراهقات قد يسقطن في حبائل الراشدين رغبة في المال من أجل اقتناء ما تتطلبه مرحلة المراهقة من إثبات الذات أو ما تدعو إليه الضرورة . وقبل أسبوع كنت بإحدى المؤسسات الإعدادية لحضور حفل بمناسبة أسبوع ثقافي وبينما أنا في مكتب رئيس المؤسسة إذ حضرت سيدتان رفقة بنتيهما وقد حضرتا للتو من جلسة استماع لدى المحكمة في شأن قضية تحرش شيخ عجوز بتلميذات هذه المؤسسة مقابل الإغراء بالمال ، وهي قصة قد نشرت في صحف الجهة. فهكذا يستغل الراشدون بما فيهم الشيوخ والكهول والشباب المراهقات عن طريق الأغراء بالمال وركوب السيارات من أجل توريطهن في أوحال الرذيلة . وقد تبدأ أول الخطوات في أوحال الرذيلة بلقطات جنسية مما ينتشر في فضائيات الرذائل الأجنبية ، وتشاهده المراهقات في غياب رقابة أولياء الأمور والأهل ثم يتطور إلى ما هو أبشع وأشنع . وفي مرحلة التعليم التأهيلي يتطور انحراف بعض ضحايا الرذيلة التي يتحمل مسؤوليتها الراشدون فتنشأ العلاقات المحرمة وتكون رغبة بعض الضحايا البحث عن شريك العمر إلا أنهن يقعن في شراك الذئاب النهمة. وقد تصل بعض الضحايا إلى التعليم العالي ولكن بعد أن يكون قد وقع ما وقع مما لا يمكن تداركه فتساهم ظروف التعليم العالي التي تعوزها أكثر رقابة الأولياء في استفحال ظاهرة الانحراف خصوصا عندما تتحول إقامة الضحايا من الطالبات من بيوتهن إلى الإقامة في الأحياء الجامعية أو غيرها حيث تغيب الرقابة العائلية جملة وتفصيلا وتزداد الإغراءات والضغوطات المختلفة ، وتكون الحاجة ماسة للمال من أجل الضروريات والحاجيات والكماليات وحتى المسكرات والمفترات والمهلوسات والمجهضات .
والمؤسف المبكي أن تكون الجهات المسؤولة عن انحراف الضحايا من المتعلمات سواء في التعليم الإعدادي والتأهيلي أو التعليم الجامعي هي جهات تنتمي إلى الحقل التربوي والتعليمي حيث يكون بعض منعدمي الضمائر من المحسوبين على التربية والتعليم هم أول من يستغل المتعلمات ويستدرجهن للرذيلة . وقصص استغلال المتعلمات من طرف بعض الأطر المحسوبة على التربية والتعليم كثيرة ولا تخلو صحيفة منها أسبوعيا . وأقبح استغلال للمتعلمات ما يكون عن طريق المساومة بالنقط والمعدلات والنجاح كما هو الحال في بعض الكليات التي اشتهرت بهذه الفضائح حيث يستدرج بعض منعدمي الضمائر من المحسوبين على التعليم العالي وهم من طينة منحطة قذرة الطالبات عن طريق الإغراءات بالنقط والمعدلات والنجاح والدبلومات فيتم استغلالهن أبشع استغلال فتخرج بعض الطالبات الضحايا من بعض الكليات والجامعات بشواهد يدنسها العار. و قد تكون بعض الضحايا من هؤلاء الطالبات فريسة لبعض زملائهن الطلبة الذين لا هم لهم إلا الفجور، ولا يعني عندهم الانتماء للجامعة سوى التهتك ، وهم يتربصون أول فرصة سانحة للنيل من ضحايا سهلة بعد استعداد سابق لهذه الضحايا للوقوع في الرذيلة منذ المراحل الإعدادية والتأهيلية ، أو بسبب وقوعها ضحايا استغلال الذئاب الشرسة من بعض المحسوبين على التعليم العالي من المدرسين عليهم لعنة الله والناس أجمعين . وكثيرا ما يتحرش الطلاب بالطالبات اللواتي شاع خبر تعاطيهن للرذيلة مع أطر التدريس المفسدين في الأرض من أجل الحصول على الشواهد.
وأخيرا لا بد من الاعتراف بأنه ما كل الطالبات ضحايا وإنما يوجد من بينهن من تكون صاحبات مبادرات واستدراج وتحرش للغاوين . وقد يكون هذا الصنف من المنحرفات في بداية أمرهن ممن كن ضحايا ولكنهن يتحولن إلى محترفات للرذيلة باحثات عنها حيثما وجدت داخل وخارج المؤسسات التعليمية . والمشكل أن الجهات المعنية لا تلقي بالا إلى هذه الآفة المدمرة للمجتمع كما قالت صاحبة المقال والتي تمس رأس المال البشري الذي يراهن عليه الوطن . فماذا ينتظر من خريجات جامعاتنا بشواهد الرذيلة ؟ ألا يجدر بالمسؤولين الضرب بيد من حديد على كل من يتسبب في هذه الآفة بدءا بمراحل التعليم الإعدادي والتأهيلي وانتهاء بمرحلة التعليم الجامعي حيث يضاعف العذاب لكل من يساهم في استدراج المتعلمات للرذيلة خصوصا إذا كان من المحسوبين على قطاع التربية والتعليم .
فلو أن هؤلاء شهر بهم ونالوا أشد العقاب لما كانت الرذيلة مستشرية في مؤسساتنا التعليمية على اختلاف أنواعها. وعلى المجتمع المدني خصوصا الآباء والأولياء أن يتحملوا مسؤولياتهم وألا يديروا ظهورهم لهذه الآفة وكأنهم لا يعلمون أو لا يشعرون أو لا يعنيهم الأمر فيمهدوا الطرق للذئاب الكاسرة المفسدة لتعيث فسادا في أعراض صانها الله عز وجل بالكتاب والسنة وبأقسى تعزير في حق من ينتهكها . ولا بد من لقاءات وطنية وأيام دراسية وبرامج تربوية وإعلامية للتنبيه إلى خطورة هذه الآفة التي تزداد استفحالا سنة بعد أخرى . ولعل تناول الأخت الفاضلة إيمان ملال للقضية وهي طالبة قبل المربين والمختصين يدل على الفراغ الحاصل في القيام بالواجب والغيرة على أعراضنا من طرف الجهات المسؤولة . فشكر الله للأخت الفاضلة طرحها للقضية وأرجو أن تنال الاهتمام المناسب في وسائل إعلامنا من أجل معالجتها العلاج المناسب.




4 Comments
السلام عليكم،
أشكركم أستاذنا الكريم على هذا المقال الغني والذي قمتم من خلاله بتوضيح الرؤية أكثر فيما يخص الموضوع المثار هنا، وأتمنى ألا تبقى كلماتنا مجرد نقل للصورة كما هي، بل أن تتجاوزه لوضع حد لهذه المشكلة التي تشوه سمعتنا كطلبة بصفة عامة، وصورة الجامعة المغربية .
ونتمنى كذلك من المسؤولين الإهتمام بالأمر أكثر قبل أن يفوت الأوان .. الأمر شبيه بالإدمان على المخدرات و تجارتها، إن لم يتم إغلاق كل الأبواب المؤدية إليها قبل حصول ذلك فيصعب حل المشكل مستقبلاً ..
والسلام عليكم ورحمة الله
اكثر الله من أمثالك.ان هذه المقالة شاملة وصريحة تعري الواقع المغربي و وتضعنا امام مسؤولياتنا وكل ما جاء في المقال نحياه كل يوم .فكل مظاهر التفسخ الاخلاقي و الابتعاد عن جادة الصواب يمكننا ان نراه و نعيشه كل يوم لكن لا أحد يكترث لما يقع بدعوى أن الوقت بغات هكذ.و أنا احمل أباء و أولياء الامور مسؤولية ما يقع لانهم لايريدون تحمل مسؤولياتهم تجاه أبنائهم و بناتهم.شكرا لك على هذا المقال.
شكرا على المقال الرائع ولو اني لا اعرفك ولكن هدا المقال ينم عن شخصيتك القوية…اخي العزيز ما رايك في مدير كان له ملف في التحرش لما كان يعمل بتويسيت ونيابة جرادة على علم اهدا هو المربي ارجو من وجدة سيتي نشر هدا ان كانت تلتزم الحياد
مشكلتنا نحن المسلمين ليست فقط في تراجع التدين بل إن تراجع التدين ليس مشكلة كبيرة في حقيقة الأمر، لأنه إذا استثنينا بقعا قليلة في العالم كالأندلس وبعض البقع في شرق أوروبا، فإن التدين ما زال كما كان، حاضرا بقوة ورسوخ، وما زالت له جماهيريته، ومازال الدعاة الصادقون يجدون الإقبال الجماهيري الكبير جدا. ولكن المشكل الأول الآن هو نوعية التدين، ودائما التقدم الكمي فيه نوع من السهولة لكن التقدم الكيفي والارتقاء الكيفي هو الصعب، فنحن اليوم لم نعد نعاني فقط من إشكالات اللاتدين والانحرافات اللادينية، بل نعاني أيضا من إشكالات التدين وانحرافات التدين وأضرار التدين غير الرشيد، وأقصد هنا بعض أصناف المتدينين، فإذن آن الأوان أن يوضع هذا الأمر موضع الاعتبار فنرقي تديننا ونحسنه ونصلحه، وطبعا ترشيد التدين لا يعني شيئا سوى التدين الصحيح كما هو في الشرع، وكما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعنى أن يكون تدين اقتناع ومحبة، تدينا حيا فاعلا جهاديا، وأن يكون تدينا واعيا متفقها،