اليوم الدراسي الأولي في موضوع المسألة اللغوية، الورش الوطني الكبير

جمعية المسار
اليوم الدراسي الأولي في موضوع
المسألة اللغوية، الورش الوطني الكبير
منذ الاستقلال، بقيت المسألة اللغوية بالمغرب موضوعا صعبا لا يتم طرحه أو معالجته إلا وفق منظور التقلبات الظرفية و الحسابات السياسية الضيقة، في غياب رؤيا واضحة وسياسة جريئة. أنتج هذا الوضع حالة من الفوضى اللغوية ما فتئت تداعياتها تتفاقم و تؤثر سلبا على حياة المواطن و مسار الأمة.
تتجلى هذه الحالة الفوضوية بالخصوص على مستوى نظام التعليم حيث يروح ضحيتها 93 في المائة من التلاميذ. هكذا، بدلاً من الحد من الفوارق كما يُرجى من كل منظومة تربوية ناجحة، تساهم منظومتنا في استفحال تلك الفوارق وعرقلة الترقي الاجتماعي و تكريس التنافر بين المرجعيات الثقافية.
على مستوى الإدارة، أصبحت هذه الفوضى اللغوية مصدر ثنائية لغوية غير متوازنة ولا منفعة منها بل كلفتها باهظة، كما أنها تسبب أضراراً نفسية واجتماعية واقتصادية للغالبية العظمى من المواطنين الذين لا يعرفون أو لا يجيدون اللسان الفرنسي.
أما على مستوى المقاولات والقطاع الخاص، فالحالة أسوأ حيث تنقلب الثنائية اللغوية العرجاء إلى هيمنة شبه مطلقة للغة الفرنسية. نلاحظ في المصانع مثلا أن الوثائق المهنية و المذكرات و بيانات الأجرة محررة بالفرنسية كذلك، بينما في كثير من الحالات معظم العاملين غير الأميون لا يقرؤون إلا العربية.
تجاوزت هذه الحالة ميدان العمل إلى المجال العام بعد أن غزته العلامات التجارية ولوحات الإشهار المكتوبة بالفرنسية وحدها في انتهاك لمقتضيات القانون.
تمتد هذه الهيمنة أيضا إلى قطاع الاتصال في سياق تحرير الأمواج حيث كثيراً ما تهيمن على الفضاء السمعي البصري برامج بالفرنسية أو بخليط مستهجن يضحي بالجودة لاعتبارات تجارية صرفة.
و هكذا فإن الخيار الذي نهجته الحكومات الأولى في المغرب حيث احتفظت مؤقتاً باللغة الفرنسية كلغة مساعِدة، أصبح متجاوزا بعدما احتلت هذه الأخيرة مكانة اللغة الرسمية بل حتى مجالات التداول العادي الشفوي بالأمازيغية والدارجة العربية. والمفارقة أن الفرنسية رغم استحواذها على وظائف اللغات الوطنية في بعض بلدان العالم لم تعد تستطيع القيام بوظيفة الانفتاح الدولي. ولذلك فإن المغرب، بارتباطه العنيد و الأعمى بالفرنكوفونية، يخسر كثيرا على الصعيد العلمي والاقتصادي والثقافي.
الخلاصة أن ترشيد و عقلنة المجال اللغوي ضرورة ملحة لإعادة الاعتبار للغتين الوطنيتين و تصور موضوعي لممارسة اللغات الأجنبية تكون حقا في مصلحة المواطن والوطن.
إن الهدف من هذا اليوم الدراسي هو إطلاق نقاش في سبيل هذا الترشيد المنشود، و هو الخطوة الأولى من ورش كبير ندعو للإسهام فيه جميع الضمائر والطاقات الواعية بخطورة الوضع الحالي والعقبات التي يضع أمام تنمية المواطن المغربي والمغرب.




Aucun commentaire