جميعا من أجل مدرسة النجاح: الشعار والدثار

في القصص
القرآني قصة جديرة بالدراسة والاعتبار، يحكي لنا القرآن الكريم عن سحرة فرعون وكيف
ألقوا عصيهم فخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى، حتى إذا ألقى موسى عصاه تلقفت ما
يأفكون ﴿ فوقع
الحق وبطل ما كانوا يعملون﴾ و ﴿ غلبوا
هنالك وانقلبوا صاغرين﴾ . تكاد هذه الواقعة تشبه ما يقع في المشهد المجتمعي العام.
هذه الصورة لها شبيهها إذ تنطبق على ما يعرفه المشهد التعليمي
ببلادنا منذ مدة ليست باليسيرة، ففي بداية هذا الدخول المدرسي الجديد واستمرارا في
نهج نفس السلوك أصدرت الوزارة الوصية على القطاع مذكرات لفتها في ملف سمته ملف
الدخول المدرسي المتمعن فيه سوف يلقى سيلا من المصطلحات والمفاهيم وكما من
القرارات والمقولات: مشروع جيل مدرسة النجاح، مشروع المؤسسة، الزمن المدرسي،
الحياة المدرسية، اللباس المدرسي الموحد، الاحتفال بعيد المدرسة، الاحتفال بيوم
المدرس وبيوم الوطني لآباء وأمهات التلاميذ إلى غير ذلك من القرارات والمذكرات
لتنظيمية والدلائل التربوية التوجيهية..ركام من الأوراق وورم من المصطلحات والمزيد
والجديد من الفلسفات وكفى.
إنه تسويق يوهم أن وراء المفردات والقرارات عملا.. أن وراء الجعجعة
طحينا وتحت العناوين طائلا، إذ البور شاسع بين الآمال العريضة الواسعة وبين الواقع الذي لا يرتفع. إنه
مجرد تخييل يسحر به المتنفذون أعين الناس وعقول الناس استبدادا واستبلادا. فسبحان
ربي العظيم « هذا بهتان عظيم » و »إفك مبين ».
اختارت
الوزارة هذه السنة شعار « جميعا من أجل مدرسة النجاح » لتجعله وسما تدشن
به الدخول المدرسي الجديد. أعظم به من طموح لو لم تكن الوزارة متمرسة في تسويق الوهم وصناعة التخييل،
حتى لقد شبعنا شعارات. »جميعا من أجل مدرسة النجاح » شعار يطرح تساؤلات:
• هل ما
كنا فيه منذ عقود لم يكن من النجاح في شيء.؟! هل تعترفالوزارة بفشلها في ما مضى معلنة عن عزمها على تحقيق النجاح من الآن فصاعدا؟!
• هل
حققنا في ما سطر آنفا من برامج ومخططات نجاحا يبرر الانتقال للحديث عن نجاح آخر
بمعنى آخر.؟!
• هل
حققنا إجماعا عاما وتعبئة واسعة لتحقيق النجاح الفعلي؟!
إن
المتأمل في المذكرة 120 المتحدثة عن جيل مدرسة النجاح سوف يسجل الحقائق التالية:
• الحديث عن
مدرسة النجاح جاء في سياق تفعيل البرنامج الاستعجالي، وهو ما يعتبر إقرارا فعليا
(بعد الإقرار الرسمي طبعا من خلال تقرير المجلس الأعلى للتعليم ) بفشل الميثاق
وضياع عشرية كاملة من الأحلام والتوقعات المبنية على غير أساس.
• الإعلان
عن توطين الإصلاح في المؤسسات والأقسام الدراسية اعتراف بفشل الإصلاحات الماضية،
ولكنه غمز ولمز مشينان للطاقم التربوي والإداري أن الإصلاح وصل إلى أبواب المؤسسات
والفصول ثم انتهى على حد تعبير الوزارة يوما ما، إنه إلقاء باللوم
على الحائط القصير والحلقة الأدنى في مسلسل العملية التربوية… على الجهاز المنفذ المغيب الذي
لا يستشار وإنما ينفذ الأوامر والتعليمات الفوقية المعزولة عن التربة الحقيقية
للعملية التعليمية التعلمية.
• القول
بإعادة الاعتبار للمدرسة المغربية وفق مقاربة تعتمد الأولويات والوقاية قبل العلاج
هو حديث غير ذي بال، لأن إعادة الاعتبار للمدرسة المغربية لن يتم أبدا وفق
التعليمات والقرارات الفوقية، وإنما من خلال حوار وطني صريح يشرك فيه الكل مدخله
الرئيس الإرادة السياسية الحقيقية للقطع مع منطق التعليمات، ثم إن الحديث عن
الأولويات والوقاية قبل العلاج لا يكون عند العقلاء وقد استفحل الداء وانتشرت
الأورام السرطانية في جسد التعليم فلسفة وجهازا.
• الطموح
الذي تعلن عنه الوثيقة أعلاه في إحداث قطيعة مع « الوضعية الحالية وفق مقاربة
مرنة تعتمد مراعاة الفروق والاختلاف والرقي بالمهارات، وتوفير مناخ للحيوية يساعد
على الاجتهاد واتخاذ المبادرة وتنمية الشعور بالمسؤولية » هو طموح مشروع لو
هيئت له الأرضية الفعلية لانطلاقة حقيقية بينما الواقع الذي يحياه الفاعلون
التربويون الممارسون واقع مر أليم يدمي القلوب الصادقة. إذ شتان بين المذكرات
وواقع الحجرات.
• لعل
الهاجس المسيطر الذي يعبر عنه المشروع بصراحة هو الرغبة في الاحتفاظ بالمتعلمين
داخل قاعات الفصل الدراسي لمدة أطول من السنوات، كيف؟ ضمن أية شروط؟ ما هي
الوسائل؟ أسئلة لا جواب عنها!!
• دعوة
المدرسين إلى التفاعل الجيد مع المشروع وإلى اعتماد المقاربات الجديدة في التعليم
هو وهم آخر في ظل غياب التكوين الجيدوالتكوين المستمر الهادفوفي
ظل الإحساس المتفاقم بالغبن والظلم الاجتماعي لهذه الفئة التي تنتهب حقوقها.
إن الشعار
على ما يبدو يعلن بملء فيه « إن ما كنا فيه كان الفشل » الفشل في النجاح!! اوالنجاح
في الفشل!
كاتب العام للهيئة الوطنية للدكاترة الجامعة الوطنية للتعليم الاتحاد المغربي للشغل




Aucun commentaire