تصريح مدوي: رئيس جنوب إفريقيا « سيريل رامافوزا » يقر علنا بأن قرار مجلس الأمن أيد بقوة مبادرة الحكم الذاتي المغربية وتجاوز نهائيا الاستفتاء

عبدالقادر كتـــرة
ضمن خطاب دبلوماسي مدوي وقوي، خرج رئيس جنوب إفريقيا « سيريل رامافوزا » بتصريح صادم للنظام العسكري الجزائري وصنيعته البوليساريو، قلب ميزان الخطاب الإفريقي رأسا على عقب، بعد أن أقر علنا بأن قرار مجلسوالأمن أيد بقوة مبادرة الحكم الذاتي المغربية واعتبرها الحل الوحيد القابل للتطبيق في الوقت الذي تجاوز فيه نهائيا سردية الاستفتاء التي ظلت بريتوريا والجزائر تتشبثان بها وترافعان عنها وتحلمان بها.
ويعتبر هذا الاعتراف من ألد أعداء الوحدة الترابرة المغربية وأشد الداعمين للأطروحة الجزائرية، انهيار كامل الركيزة رئيسية في الخطاب الذي كانت تعتمد عليه الدعاية الانفصالية لعقود.
الرئيس الجنوب إفريقي « سيريل رامافوزا » أصدر تصريحات تعبر عن « قلق » و »خيبة أمل » بلاده من التوجه الأخير لمجلس الأمن الدولي.
رامافوزا لم يعلن تأييده لمبادرة الحكم الذاتي (حيث لا تزال جنوب إفريقيا داعماً رئيسياً للبوليساريو)، لكنه اعترف صراحةً بأن مجلس الأمن في قراره الأخير (القرار رقم 2797 الصادر في أكتوبر 2025) قد « قوّض » خيار الاستفتاء ودعم بقوة المبادرة المغربية واعتبرها « الحل الأكثر قابلية للتطبيق ».
أهمية التصريح تكمن في أن هذا « الاعتراف » جاء من الخصم، وهو إقرار ضمني بأن المجتمع الدولي (ممثلاً في الأمم المتحدة) حسم أمره لصالح المغرب، مما يجعل المطالبة بالاستفتاء صيحة في وادٍ غير ذي زرع.
ولفهم « الزلزال الدبلوماسي » الذي يشير إليه تصريح رامافوزا، يجب وضع النقاط التالية في الاعتبار:
لم يكتف قرار مجلس الأمن 2797 (أكتوبر 2025) بتمديد ولاية بعثة المينورسو، بل كرس « سمو » مبادرة الحكم الذاتي كإطار وحيد وجدي للحل، وهو ما دفع ممثل جنوب إفريقيا في الأمم المتحدة لانتقاد القرار بشدة، معتبراً أنه « ينحاز للمغرب ».
كما يأتي تصريح رامافوزا في وقت تتوالى فيه الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء (بما في ذلك دول دائمة العضوية في مجلس الأمن مثل فرنسا والولايات المتحدة)، مما جعل موقف بريتوريا يبدو نشازاً ودون تأثير فعلي.
تصريح رامافوزا بأن المجلس اعتبر الحكم الذاتي « الحل الوحيد القابل للتطبيق » هو توصيف دقيق للواقع الدبلوماسي الذي حاول الانفصاليون إنكاره لعقود، وتسويقهم الوهم لمحتجزين في تندوف.
وعندما يعترف « عراب » الأطروحة الانفصالية في إفريقيا (جنوب إفريقيا) بأن الأمم المتحدة تجاوزت خيار الاستفتاء، فهذا يسحب البساط كلياً من تحت أقدام الجزائر والبوليساريو. لم يعد بإمكانهم القول إن « العالم لا يزال يناقش الاستفتاء »، لأن حليفهم الأول أكد العكس.
تصريح رئيس جنوب إفريقيا يوقع على نهاية سردية « المظلومية »، إذ كانت جنوب إفريقيا والجزائر تسوقان لفكرة أن قرارات مجلس الأمن « غامضة » أو « تحتمل التأويل »، وتصريح رامافوزا قطع الشك باليقين وأغلق باب التأويلات: القرار يدعم المغرب، نقطة وانتهى.
تصدع الجبهة الداخلية للخصوم: مثل هذه التصريحات ستخلق إحباطاً هائلاً داخل مخيمات تندوف ولدى القيادة الانفصالية وتصدع الجبهة الداخلية للخصوم حيث سيشعرون أن أكبر داعميهم (جنوب إفريقيا) بدأ يقر بالهزيمة الدبلوماسية ويعترف بالأمر الواقع، حتى وإن كان يرفضه أيديولوجياً.
خلاصة القول، ما حدث ليس مجرد تصريح عابر، بل هو لحظة كاشفة في تاريخ النزاع المفتعل، الدبلوماسية المغربية، بقيادة جلالة الملك، نجحت في تحويل « الحكم الذاتي » من مجرد « مبادرة » إلى « عقيدة أممية » (International Doctrine) للحل.
تصريحات رامافوزا هي بمثابة « نعي رسمي » لأطروحة الانفصال صادر عن أحد رعاتها. فالرجل لم يكن يقصد مدح المغرب، لكنه وجد نفسه مضطراً لتوصيف الواقع المرير الذي وصلت إليه أطروحتهم: العالم تغير، والقطار قد فات.
المغرب اليوم لا يحتاج لاعتراف جنوب إفريقيا، لكن « اعتراف جنوب إفريقيا بانتصار المغرب في الأمم المتحدة » هو أقوى دليل يمكن تقديمه للمشككين على أن الملف قد حُسم دولياً.
آخر مسمار في نعش لقطية النظام العسكري الجزائري المارق وتبديد لأوهامه: رامافوزا، بمحاولته انتقاد مجلس الأمن، قدم للمغرب – من حيث لا يحتسب – خدمة إعلامية ودبلوماسية هائلة، مؤكداً المؤكد: الصحراء في مغربها، والحكم الذاتي هو الحل الوحيد المطروح على الطاولة الدولية.





Aucun commentaire