الكاتب بوعلام صنصال بعد وصوله إلى ألمانيا : « مرحبًا فرنسا، ها أنا ذا أعود، سنفوز! » و »أنا بخير إلى حد ما، أنا قوي. لن تدمرني سنة سجن صغيرة »

عبدالقادر كتـــرة
تم العفو عن الكاتب الفرنكوجزائري بوعلام صنصال الذي وصل حديثًا إلى « برلين » العاصمة الألمانية بعد عام قضاه في السجن، وحكى كلماته الأولى كرجل حرّ لصديقه مواطنه الفرنكوجزائري كمال داود في مجلة « لوبوان ».
يروي كمال داود في مقال نشرته مجلة « لوبزان » الفرنسية في 13 نوفمبر 2025 :
« في الساعة 5:45 مساءً، كنت أسرع نحو أحد مطارات جنوب فرنسا، مصممًا ألا أفوّت رحلتي المتجهة إلى باريس في مساء الثالث عشر من نوفمبر. فجأة، اهتز هاتفي: اتصلت بي صديقة من برلين. « هل أنت مستعد؟ ستكون زميلتي معه خلال خمس دقائق. » ثم أضافت: « ألّحقه ببوعلام؟ » أومأت موافقًا، وانتظرت. ثم ارتفع صوته فجأة، كالسيل: مبتهجًا، حيويًا، مفعمًا بالمرح، طريفًا – صوت رجل بعمر الطفولة الأبدية. « مرحبًا كمال! »
ثم يضيف أن المقابلة كانت شخصية، غنية، دافئة، مُثيرة للفضول: « فالرجل لم يفقد شيئًا من بريقه. تلامس أحاديثنا أحيانًا ما هو حميمي: المشاعر، الصداقات التي دعمته، دار غاليمار للنشر، الوحدة. إدراكه للعالم لا يزال مندفعًا ومتشربًا بشغفه المعروف. ها هي جزء منها ننشره، جزء من قصة عرفت للتو نهاية سعيدة لفرنسا والجزائر أيضًا. »
التحية التي وجهها صنصال لفرنسا عقب إطلاق سراحه: « مرحبًا فرنسا، بوعلام يعود. سنفوز! »، حسب تعليق مجلة « لوفيغارو » الفرنسية، تعكس روحه المقاومة وتفاؤله رغم قسوة ظروف الاعتقال، وتؤكد تمسكه بحرية التعبير.
تصريحه عن سنة السجن: « أنا بخير إلى حد ما، أنا قوي. لن تدمرني سنة سجن صغيرة » يُظهر صلابته الشخصية ويلمح لصعوبة الظروف التي عاشها، والتي تضمنت عزلته عن العالم وعن باقي السجناء في قسم عالي التأمين .
وعبر عن أمله في أن تساهم ألمانيا والدبلوماسية في تحسين العلاقات المتوترة بين فرنسا والجزائر .
تهزد.تفاصيل قضية بوعلام صنصال إلى أكتوبر 2024، بعد أن أدلى بتصريحات لوسيط إعلامي فرنسي يشير فيها إلى أن مناطق غرب الجزائر (مثل وهران ومعسكر) كانت تابعة للمغرب في السابق .
في 16 نوفمبر 2024، ألقي القبض عليه عند وصوله إلى مطار الجزائر العاصمة قادمًا من فرنسا .
وفي27 مارس 2025، حُكم عليه ابتدائيا بالسجن 5 سنوات بتهمة « الإضافة بالوحدة الوطنية »، وفي يوليو 2025، تم تأييد الحكم من قبل محكمة الاستئناف .
استجاب الرئيس الجزائري، في 12 نونبر الجاري 2025، لطلب من الرئيس الألماني ومنح العفو للإفراج عن صنصال نقلاً إلى ألمانيا لتلقي العلاج .
كان لطلب الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير بشكل مباشر الأثر الحاسم في إطلاق سراح صنصال، حيث استند الطلب إلى أسباب إنسانية تتعلق بتقدم صنصال في السن ووضعه الصحي .
وفضلت الجزائر توجيه صنصال إلى برلين وليس باريس بسبب الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين، والتي ازدادت سوءًا بعد اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في يوليو 2024 .
جاء الحل بعد تغيير في منهجية التعامل الفرنسي مع الأزمة، حيث حل أسلوب الهدوء والحوار مكان أسلوب التصعيد والقوة الذي كان يتبناه وزير الداخلية السابق برونو ريتايو .
كان اتصال الكاتل الفرنكوجزائري بوعلام صنصال بالعالم الخارجي محدودًا للغاية، مقتصرًا على زيارات زوجته، كما حُرِم من الوصول إلى الكتب باستثناء بعض الكتب الدينية أو التي يتم تداولها بشكل سري .
ويعاني صنصال من سرطان البروستاتا، وقد أثارت حالته الصحية قلق عائلته ودفعت إلى المطالبة بالإفراج عنه لأسباب « إنسانية ».
عبرت ابنته « صبيحة » عن سعادتها الغامرة وارتياحها لانتهاء محنة والدها، مشيرة إلى الصعوبة التي عانوها بسبب عدم تلقيهم أخبارًا رسمية منتظمة عن ظروف احتجازه .
من جهته، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وعدد من المسؤولين الفرنسيين عن ارتياحهم للإفراج عن صنصال، وشكر ماكرون الرئيس الجزائري على هذه « بحركة إنسانية » .
تُظهر قصة إطلاق سراح بوعلام صنصال كيف يمكن للدبلوماسية الهادئة والوساطة الدولية أن تحقق نتائج إيجابية حتى في أكثر الأوضاع تعقيدًا. وقد مثلت هذه الخطوة بارقة أمل في فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجزائر وفرنسا.





Aucun commentaire