سفاهة زيتوت ورسالته التافهة!


يوما عن يوم يتأكد بما لا يدع مجالا لذرة من الشك ليس للشعب المغربي وحسب، بل لجميع شعوب العالم وخاصة شعوب العالم العربي، أن معظم المواطنات والمواطنين الجزائريين بمن فيهم بعض المحسوبين على المعارضة ضد النظام العسكري الجزائري، قد تشبعوا بعقيدة العداء للمغرب التي سقى بذورها « المجرم » الراحل محمد بوخروبة الشهير باسم « هواري بومدين »، وأن خرافة « خاوة خاوة » التي ما انقك يرددها الشعبان الجزائري والمغربي في عدة مناسبات وتظاهرات رياضية، لا تصمد كثير أمام الأزمات والنزاعات المفتعلة، وهو ما يصدق عليه قول الشاعر والمتصوف المغربي عبد الرحمان المجدوب: « السن تضحك للسن والقلب فيه خديعة ».
ففي هذا السياق، يجدر التذكير بأن عقدة النظام العسكري الجزائري تجاه المغرب وكل ما هو مغربي شعبا وحضارة ومؤسسات، لها جذور عميقة وليس من السهل اجتثاثها، حيث أنها تتمظهر من حين لآخر وخاصة خلال فترات التوتر والأزمات، بتصريحات ومواقف وقرارات عشوائية للإساءة إلى المغرب والشعب المغربي، ولا بأس من أن نستحضر هنا واقعتين تكشفان عن حجم العداء الجزائري تجاه المغرب والمغاربة، الأولى: أثناء زيارة المغفور له الملك الحسن الثاني إلى الجزائر فور استقلالها في عام 1963 من أجل مناقشة مسألة الحدود بين البلدين، حيث قام النظام الجزائري حينها بطرد آلاف الأسر المغربية والمختلطة من تندوف وبشار وغيرها من المدن، التي رفض الملك محمد الخامس طيب الله تراه تسلمها من الاستعمار الفرنسي، لأنه لم يكن يريد خذلان الجزائريين وكان صادقا في دعم الثورة الجزائرية، معتبرا أن حل قضية الحدود يمر عبر الإخوة الجزائريين والمغاربة فيما بينهم.
والواقعة الثانية: هي تلك التي حدثت مباشرة بعد إعلان الملك الراحل الحسن الثاني عن انطلاق « المسيرة الخضراء » المظفرة في 6 نونبر 1975 لاسترجاع الصحراء المحتلة من يد المستعمر الإسباني، حيث قام المجرم « هواري بومدين » بجريمته الشنعاء من خلال اتخاذه قرار تهجير 75 ألف عائلة ذات أصول مغربية كانت تقيم في الجزائر منذ عقود، وذلك صباح يوم 18 دجنبر 1975 الذي يصادف صبيحة عيد الأضحى، وهو الترحيل القسري الذي شمل حوالي 350 ألف شخص وسمي ب »المسيرة السوداء » التي تمت على بعد قرابة شهر واحد فقط من المسيرة الخضراء.
وبصرف النظر عن مجموعة أخرى من الأحداث والوقائع التي تؤكد عدوانية الجزائريين تجاه المغرب وعدم التزامهم بما يصرحون به في عديد المناسبات، فهذا المدعو العربي زيتوت المواطن الجزائري الذي ما انفك يدعي عبر قناته المغشوشة في اليوتيوب معارضته للنظام العسكري الجزائري، لا ندري أي ذبابة لسعته هو الآخر، حيث أنه وبمجرد صدور القرار 2025/2797 عن مجلس الأمن الدولي المنعقد يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 القاضي بمنح « الصحراء الغربية » حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية، باعتباره الحل الموضوعي والأمثل للنزاع المفتعل حول إقليم الصحراء، حتى ثارت ثائرته وأبى إلا أن يكشف عن حقده الدفين ويقوم بتهديد المخابرات المغربية والنظام المغربي ككل عبر رسالة تافهة، محاولا إنكار مغربية « الصحراء الشرقية » ومتوعدا بالعودة إلى مساندة نظام بلاده ما لم يتوقف المغاربة عن المطالبة بها، وأنه سيدافع عنها بكل ما أوتي من قوة وبأس، ليتضح بجلاء أنه ليس سوى بوقا آخر من أبواق الكابرانات، التي تتناوب على إثارة الضجيج، كلما جد جديد في غير صالحهم.
فما لم يستسغه العربي زيتون وأمثاله من المعارضين المنافقين لنظام « الكابرانات » وغيرهم من الانتهازيين والمتهافتين، هو عودة مجموعة من الفعاليات الجمعوية والحقوقية والنشطاء المغاربة في منصات التواصل الاجتماعي في إطار استكمال الوحدة الترابية، إلى المطالبة باسترجاع الصحراء الشرقية التي اقتطعها المستعمر الفرنسي غصبا من التراب المغربي وسلمها للجزائر سنة 1962 دون أي سند قانوني، ولاسيما أن « بهيجة سيمو » مديرة مديرية الوثائق الملكية المغربية، تؤكد امتلاك المغرب وثائق رسمية تثبت إلى جانب سيادته على الأقاليم الجنوبية « الصحراء الغربية »، سيادته كذلك على مناطق بشار، القنادسة وتندوف… أو ما يعرف بالصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر.
ويشار هنا إلى أنها ليست المرة الأولى التي يثار فيها الحديث عن مغربية « الصحراء الشرقية » الواقعة في الجنوب الغربي الجزائري، إذ سبق للمؤرخ الفرنسي « برنارد لوغان » أن صرح في مقابلة له مع صحيفة « ماروك إيبدو » أن « فرنسا قطعت أجزاء من المغرب لتوسيع الجزائر الفرنسية » واستعرض كيف أن بلاده كانت تأخذ مناطق مختلفة منذ بداية القرن العشرين، التي ستندمج فيما بعد في الجزائر، مؤكدا أن الملك الراحل محمد الخامس رفض التفاوض مع فرنسا بشأن تلك الأراضي، مفضلا انتظار استقلال الجزائر لتسوية « حدود النزاع »…
إن ما لا يعرفه « زيتوت » وغيره من الأبواق والمرتزقة، أو يحاولون إنكاره كما هي عادة أولياء نعمتهم من كابرانات عسكر الجزائر، هو أن شهامة ملوك المغرب الشرفاء ونبلهم لا يسمحان لهم أبدا بنكران الجميل أو الطعن من الخلف، حيث أنه فضلا عما تتوفر عليه المملكة الشريفة من وثائق رسمية، تثبت أن « الصحراء الشرقية » هي الأخرى مغربية تاريخيا وثقافيا وروحيا، فإن الملك المجاهد محمد الخامس رحمه الله رفض بقوة عام 1956 عرضا فرنسيا، يقضي بإعادتها للمغرب مقابل تخليه عن الاستمرار في مؤازرة ودعم الثورة الجزائرية. فلتعيدوا قراءة التاريخ قراءة جيدة ومتفحصة، بدل محاولة طمس الحقائق التي تكاد تفقأ عيونكم.
اسماعيل الحلوتي





Aucun commentaire