Home»International»الذكرى الخمسون للمسيرة الكحلاء بالجزائر!

الذكرى الخمسون للمسيرة الكحلاء بالجزائر!

0
Shares
PinterestGoogle+

في الوقت الذي يحتفل فيه المغاربة من طنجة إلى لكويرة بحلول الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة، التي أعلن عن انطلاقتها الملك الراحل الحسن الثاني في 6 نونبر 1975، من أجل استرجاع الأقاليم الجنوبية المحتلة من قبل إسبانيا. والتي تأتي هذه السنة في أجواء مغايرة وأكثر ابتهاجا من ذي قبل، إثر صدور القرار التاريخي 2797 لمجلس الأمن الدولي يوم الجمعة: 31 أكتوبر 2025، القاضي بمنح « الصحراء الغربية » حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية، بعد أن صوتت لفائدته 11 دولة من أصل 15 دولة، امتناع 3 دول: روسيا والصين وباكستان، فيما لم تشارك الجزائر رغم أنها طرف رئيسي في النزاع المفتعل.

      هناك في المقابل آلاف المغاربة يعتصر الحزن قلوبهم وهم يسترجعون بمرارة شريط أحداث تلك الجريمة النكراء التي ارتكبتها السلطات الجزائرية في حقهم، حيث ستحل بعد أيام قليلة ذكرى مرور خمسين عاما عن ترحيلهم القسري من الجزائر، عقب القرار الجائر الذي اتخذه الرئيس الجزائري الراحل محمد بوخروبة المعروف بلقب « هواري بومدين »، ضاربا عرض الحائط بكل القيم الدينية والأخلاقية والروابط المشتركة بين الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي، متجاهلا التضحيات الجسيمة التي قدمها المغاربة في سبيل دعم الثورة الجزائرية، حين أمر بكل صفاقة طرد 75 ألف عائلة ذات أصول مغربية كانت مقيمة في الجزائر منذ عقود، وذلك يوم: 18 دجنبر 1975 الذي يصادف صبيحة عيد الأضحى، وهو التهجير القسري الذي شمل زهاء 350 ألف شخص، وسمي ب »المسيرة الكحلاء » التي تمت على بعد شهر واحد فقط من المسيرة الخضراء بالمغرب.

      ففي انتهاك صارخ لحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، وبعيدا عن المشاعر الإنسانية والدينية، قامت قوات الأمن والجيش الجزائري دون إشعار سابق بجر حوالي 350 ألف شخص مغربي نساء رجالا، كبارا وصغارا، في واحدة من المناسبات التي تعد من أهم الشعائر الدينية إلى خارج الحدود الجزائرية، مما أدى إلى تشريد عائلات بكاملها وتجريدها من ممتلكاتها دون موجب حق أمام أنظار العالم، فضلا عن اختفاء الكثير من الرجال والأطفال في ظروف غامضة وفصل أزواج مغاربة قسرا عن زوجاتهم الجزائريات والعكس صحيح، لا لذنب اقترفوه عدا أنهم ينتمون إلى بلاد أعلن قائدها عن تنظيم مسيرة خضراء سلمية في أجواء من الانضباط، سعيا إلى تحرير الأراضي المغربية المغتصبة.

      والمثير للاستغراب أن الجزائر التي تنفق ملايير الدولارات من أموال الشعب في قضية خاسرة، عبر الدعم المستمر لميليشيات البوليساريو الانفصالية، كما يشهد بذلك رئيسها الصوري عبد المجيد تبون، مازالت مصرة منذ خمسة عقود على الإنكار وعدم الاعتراف بما ارتكبته من انتهاكات جسيمة في حق أبرياء عزل، بسبب قرار أرعن اتخذ في لحظات تهور وما ترتب عنه من مآس إنسانية مؤلمة، دون أن تجشم نفسها عناء تعويض آلاف العائلات عن الأضرار البليغة التي لحقت بها. والأسوأ من ذلك كله أن ذات السلطات الجزائرية مازالت إلى الآن تحاول التنصل من مسؤوليتها في فعلتها الدنيئة، إذ ما انفك آلاف الضحايا يسترجعون تفاصيل تلك الجريمة النكراء كلما حل موعد عيد الأضحى، فأي شي أفظع من أن يجد الإنسان نفسه فجأة مشردا رفقة أفراد عائلته أو بعضهم فقط خارج بيته الذي قضى فيه معظم أيام عمره، في انتظار ترحيله إلى بلده الأصلي مجردا ليس فقط أمواله وممتلكاته، بل حتى من كرامته؟

      فما يدمي القلب ويؤثر في النفس كثيرا ليس بالنسبة لضحايا عملية التهجير القسري من الجزائر وحسب، بل كذلك بالنسبة لجميع المغاربة، هو أن يستمر « كابرانات » العسكر الجزائري في قصر المرادية في تعنتهم، ويصرون على عدم إيجاد أي حل مناسب من شأنه إنصاف الضحايا وعائلاتهم  وجبر أضرارهم المادية والمعنوية، الكشف عن مصير المختفين دون إرادتهم أثناء تلك المأساة الإنسانية وتقديم اعتذار رسمي صريح لهم وللمغرب، علما أن معظم المواطنين المغاربة الذين كانوا يقيمون في الجزائر وخاصة في الغرب الجزائري، شاركوا ضمن جيش التحرير الجزائري والمنظمات المدنية في مواجهة المستعمر الفرنسي. بالإضافة إلى أنهم كانوا يقدمون أيضا الدعم المادي للثورة، بتأييد من الجهات الرسمية المغربية دون كلل ولا ملل، كما لم يكن غريبا على السلطات المغربية احتضان الثورة الجزائرية على أراضيها، من خلال توفير مراكز التدريب والإيواء للمجاهدين الجزائريين في كل من مدن وجدة والناظور وبركان، ناهيكم عن شحنات السلاح والدعم اللوجستي لقيادة الثورة في مواقع سرية بالمملكة، مما عرض مغاربة كثر في الجزائر إلى عمليات انتقامية من طرف الاحتلال الفرنسي، من حيث التنكيل بهم وإتلاف ممتلكاتهم.

      إن نكبة المغاربة ضحايا « المسيرة الكحلاء »، ستظل تشكل وصمة عار على جبين النظام العسكري الجزائري ولعنة قاسية تلاحق المجرم « هواري بومدين » في قبره، ما لم تسارع السلطات الجزائرية إلى تقديم اعتذار رسمي للمغرب وإنصاف العائلات المتضررة، من خلال التعجيل بتعويضها عما لحقها من أضرار بليغة، وترك في نفسها جرحا غائرا لا يندمل.

      من هنا ندعو جميع الضحايا وذويهم إلى مزيد من الصمود ومواصلة المطالبة بحقوقهم المشروعة مهما كلفهم الأمر من تضحيات ومزيد من الصبر. وعلى جميع الهيئات السياسية والمنظمات النقابية ووسائل الإعلام الوطنية وحتى الدولية إيلاء هذا الملف ما يستحقه من بالغ الأهمية حتى إحقاق الحق.

اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *