Home»Islam»حديث الجمعة : (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ))

حديث الجمعة : (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ))

0
Shares
PinterestGoogle+

حديث الجمعة : (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ))

محمد شركي

سنواصل بإذن الله عز وجل  في هذه الحلقة من حلقات أحاديث الجمعة المتسلسلة الوقوف عند حال من أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعكس عظمة خلقه الذي نوه به الله تعالى في محكم التنزيل ، ويتعلق الأمر بما جاء في الآية الكريم الثامنة والسبعين من سورة الإسراء التي قال فيها الله تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم : (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى فسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا )) ،  ففي هذه الآية أمر إلهي  موجه إلى الرسول الأعظم بإقامة الصلاة .و لقد جاء في بعض  كتب التفسير أن هذا الأمر بهذه الصيغة (( أقم  الصلاة ))  يدل على ا ستدامتها والمواظبة عليه في أوقاتها المعينة  .

 والصلاة كما هو معلوم ومشهورفرضت ليلة أسري وأعرج برسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخبر بذلك ،ونزلت هذه الآية تؤكد ما أخبر به ، وتشرع الصلاة لأمة الإسلام، وهي صلة يومية رابطة بين الخالق سبحانه وتعالى وعباده المؤمنين ، ولحظات أدائها عبارة  تواصل روحي معه سبحانه وتعالى حيث  يقدسونه، ويعظمونه، ويثنون عليه بنعمه التي شملهم وعمهم بها  ، ويتضرعون إليه  في شدتهم وفي افتقارهم إلى رحمته  ،  ويشكرونه على نعامه وأفضاله ،ويتوبون إليه إذا أساءوا وأّذنبوا ….

وأمره سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بإقامة هذه العبادة فيه تشريف له يتجلى في الإنعام عليه بالصلة الدائمة معه ليل نهاردون انقطاع ، لهذا قال عليه الصلاة والسلام   » وجعلت الصلاة قرة عيني  » ومعلوم أن العيون لا تقر إلا بالشيء المحبوب الحب الشديد، لهذا درج المؤمنون على الدعاء  لبعضهم البعض بقرة العيون التي لا تنقطع .

 وصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لحظاتها عبارة أن وقت  ينهل فيه من فيوض نعم الله تعالى عليه  التي لا يحصيه عد ،كما كانت بالنسبة إليه أنسا بربه سبحانه يزود من خلاله بطاقة روحية تساعده على مهمة تبليغ رسالته العظمى إلى خلق إلى قيام الساعة، وكان تبليغه  لها بأقواله وأفعاله  المترجمة   لها، وهو ما بوأه مرتبة الخلق العظيم الذي أشاد به  ربه سبحانه وتعالى  .

ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لقن كيفية أداء عبادة الصلاة قياما، وركوعا ،وسجودا ،وتلاوة للقرآن، وتكبيرا، تسبيحا، وحمدا وهو بالأفق الأعلى، وكان التلقين بواسطة الملك الكريم جبريل عليه السلام الذي أمره به مباشرة رب العزة جل جلاله .

 ولقد جاءت أوصاف هذه الكيفية في آيات من الذكر الحكيم إلا أن هذه الآية التي هي منطق حديث هذه الجمعة قد ركزت على  تحديد أوقات هذه العبادة التي  جعلها الله تعالى من دلوك الشمس إلى غسق الليل . أما دلوك الشمس فهو حركتها ما بين طلوعها وغروبها نهارا، وهو وقت تؤدى قيه صلاتان هما صلاة الظهر وصلاة العصر بعد صلاة الصبح  ، وأما الغسق فهو ما بعد غروبها وتؤدى فيه أيضا صلاتان هما صلاة المغرب وصلاة العشاء . والملاحظ أن ما بين دلوك الشمس وغسق الليل  فترات تغطي جزءا كبيرا من اليوم نهاره وليله ،الشيء الذي يدل على أن الله تعالى حرص على أن تكون  صلة المصلين به دائمة دون انقطاع  وهو ما يدل عليه عبارة (( أقم الصلاة )) الدالة على دوامها ليل نهار . ولقد قرن الله تعالى بين أداء هذه العبادة وبين عبادة تلاوة القرآن الكريم أداء وتدبرا، وهما عبادتان متلازمتان لا تنفصلان، ذلك لأن الصلاة إنما تؤدى بتلاوة القرآن الكريم  . ومع أن تلاوة القرآن في كل الأوقات لها فضل كبير ، فإن الله عز وجل قد خص بالفضل بزيادته فجرا  حيث قال : (( إن قرآن الفجر كان مشهودا )).  ولقد ورد في  كتب التفسير أن ملائكة الليل والنهارعليهم  السلام يشهدون ذلك ، كما ورد أنها الصلاة الوحيدة التي يجهر فيها بتلاوة القرآن خلاف باقي الصلوات التي  يسر بالتلاوة في اثنتين منها ظهرا وعصرا ، ويجمع في اثنتين  منها بين الجهر والسر مغربا وعشاء . ومما ورد في كتب التفسير أيضا  أن الله تعالى يأمر المؤمنين بحضور وشهود صلاة الفجر مع شهود ملائكته الكرام  .

و لقد أعقب آية الأمر بإقامة الصلاة مباسرة أمر خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم  في قوله تعالى : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك الله مقاما محمودا )) ، ففي هذه الآية الكريم إشارة إلى  ترغيب الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في نافلة الصلاة  ليلا  بعد ما أمره بإقامة المفروضة منها  من دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وأعد له جزاءها  العظيم وهومقام محمود يفضل به المرسلين صلوات الله وسلامهم عليهم أجمعين، ويتعلق الأمر بنعمة الشفاعة التي سينعم بها عليه  يوم يحشرالناس بين يدي الله عز وجل .

وبخصوص نافلة التهجد ورد في حديث قدسي أن الله عز وجل يحب أن يتقرب إليه عباده المؤمنون بما افترضه عليهم، وجعل لتقربهم إليه بالنوافل فضلا عن الفرائض  جوائز عظيمة ينعم بها عليهم وذلك لانصرافهم  عن الهجود وهو النوم ليلا إلى التهجد وهو القيام بالقرآن الكريم .

والذي يعنينا من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته التي أمر بإقامتها أنها تجل من تجليات عظمة خلقه الذي خصه به ربه سبحانه وتعالى وذلك بما أودع في صدره من وحيه ،وما كشف له من أسراره المكنونة ، وما هداه إليه من  تجسيد عملي إجرائي له  ليكون بذلك إسوة وقدوة للخلق ليدركون بتأسيهم واقتدائهم ما أراد الله تعالى لهم من استقامة على صراطه المستقيم واقتباسا من  خلق رسوله العظيم  صلى الله عليه وسلم .

وأول ما  يجب أن يحرص عليه  في الاقتداء  والتأسي الحرص الشديد على إقامة الصلاة المفروضة لدلوك الشمس إلى غسق الليل  بما تعنيها الإقامة من استدامة  لا انقطاع لها ولا فتور فيها ثم بعد ذلك التطلع والرنو إلى التهجد من الليل  بالقرآن الكريم تقربا إلى الله تعالى  من اجل الظفر بجوائزه التي خصصها سبحانه وتعالى للمتهجدين .

مناسبة حديث هذه الجمعة هو أولا تذكير المؤمنين  بتجل آخر من تجليات الخلق العظيم  الذي أنعم به الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونوه به  في محكم التنزيل والذي تعكسه حاله في الصلوات المفروضة ونوافلها وهو ما كان يجعله على صلة دائمة بالله تعالى لا تنقطع مع تعاقب الليل والنهار، وثانيا ترغيبهم في السعي إلى هذه الاقتداء به حرصا على دوام الصلة بالله تعالى ، ولا يتحقق لهم ذلك إلا إذا صارت  عبادة الصلاة فرضها ونفلها  والتهجد بالقرآن الكريم قرة أعينهم كما كانا قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولما كان الإنسان بحكم ضعفه معرضا إلى اقتراف المعاصي كل حين، فإن الله تعالى جعل  له الصلاة ناهية له عن ذلك . ولا  يمكن أن تكون نهاية إلا بأدائها بالكيفية  التي  أوحى بها الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، وفي الأوقات المعلومة التي حددها له لعلمه جل في علاه بأسرارها .

اللهم إنا نسألك عونا منك على أداء عبادة الصلاة على الوجه الذي يرضيك وترضى به عنا ، واجعلها اللهم قرة عيوننا ، وجلاء همومنا وغمومنا، ولا تحرمنا اللهم جوائزها عاجلا وآجلا ، وبارك لنا فيه .

اللهم إنا نسألك كشف الضر عن  عبادك المؤمنين المضطهدين في كل مكان خصوصا في الأرض التي باركت حول مسجدها الأقصى فإنهم وأنت أعلم بهم لفي كرب شديد قد بغى عليهم أعداء دينك ، اللهم انصرهم نصرا تعز به دينك ،وتعلي به رايتك ، وامكر اللهم بأعدائهم مكرك الشديد الأليم فإنهم قد طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد ، فأذقهم يا رب  مما أذقت الطغاة الغابرين فإنهم لا يعجزونك .

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *