Home»Débats»سياسة « العسكر » بطعم ميكانيكا الكم

سياسة « العسكر » بطعم ميكانيكا الكم

0
Shares
PinterestGoogle+

كثير من الناس يتساءلون عن السبب وراء كون الجزائر، ومنذ خمسين عاما، وهي غائبة كالموتى عن شؤونها الداخلية، وغائبة عن تدبير شؤون مواطنيها، وعن تلبية حاجياتهم اليومية البسيطة؛ لكنها حاضرة في كل جزء من الثانية في مجريات قضية الصحراء المغربية، وحاضرة في كل المحافل والمنتديات والمؤتمرات الدولية التي تناقش حيثيات هذه القضية، وحاضرة في كل المؤسسات العالمية التي تقرر في شأنها؛ وما مكالماتها الماراثونية مع روسيا والصين وباكستان وغيرها، قبيل انعقاد مجلس الأمن الأخير، إلا غيض من فيض. لكل هؤلاء الناس أقول:

 « إن السبب الحقيقي وراء انخراط عصابة الجزائر، قلبا وقالبا، في قضية الصحراء المغربية، هو أنها مجرد بلد مراقب يحبه الله؛ من شدة تفانيها وإتقانها في مراقبته، الأمر الذي أتى على جهدها ومالها ووقتها حتى لم تعد لها من طاقة تخولها لأن تهتم بشؤون رعيتها ».

إن السياسة التي تنهجها عصابة العسكر لا تخضع لقواعد السياسة المؤطرة للعلاقات الدولية، فتلك قواعد قد عفا عليها الدهر؛ بل تخضع لقوانين فيزياء ميكانيكا الكم الحديثة، وعلى رأسها كون المراقب جزء لا يتجزأ من التجربة، إذ بإمكانه أن يؤثر في نتائج التجربة التي هو بصدد مراقبتها، وهو ما دلت عليه بوضوح تجربة الشق المزدوج.

يعتبر قانون التشابك الكمي من بين أهم قوانين ميكانيكا الكم ، حيث إن التأثير على جُسيم ما يؤدي بشكل فوري إلى التأثير في الجسيم المرتبط به، مهما كانت المسافة الفاصلة بينهما؛ وهو ما يتجلى بوضوح في التشابك الكمي الحاصل بين عصابة العسكر وبين مرتزقة البوليساريو؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، ففي نفس اللحظة التي أعلنت فيها « بنما » دعم مغربية الصحراء، توقفت « الجزائر » عن استيراد الموز من هذا البلد؛ رغم أن المسافة الفاصلة بين « الجزائر » و »بنما » تقدر ب 12 ساعة و28 دقيقة في الطائرة.

من بين القواعد العجيبة التي تؤطر سياسة العسكر أيضا مبدأ التراكب الكمي، والذي بموجبه يمكن لجُسيم أن يتواجد في مكانين مختلفين، في نفس الوقت، وهو ما يفسر تسمية عسكر المرادية لمخيمات « تندوف » بنفس أسماء المدن المغربية؛ فتجد، على سبيل المثال، مخيم « العيون »، ومخيم « الداخلة »، ومخيم « بوجدور » وغيرها. كما أن مبدأ التراكب هذا يُمَكن من تواجد الجُسيم في حالتين متباينين، في نفس الوقت، وهو ما جسده التصريح العجيب الغريب لوزير الخارجية « عطاف »، بُعيد تصويت مجلس الأمن على القرار رقم 2797، حيث صرح بأن الجزائر تدعم الحكم الذاتي؛ لكنها لا تدعم السيادة المغربية على الصحراء.

إن دويلة  الجزائر لا تنتمي إلى عالم الحقيقة؛ بل إلى العالم الآخر، كما قال جلالة الملك، فهي من شدة حقارتها ودناءتها وصغرها لا تُرى بالعين المجردة؛ لذلك تنطبق عليها قوانين فيزياء الكم التي تسري على العالم « اللاّمنتهي » في الصغر؛ شأنها في ذلك شأن مخيمات « تندوف »، التي ظلت قرابة نصف قرن، منطقة غامضة ولغزا كبيرا، لا يعرف عنها المجتمع الدولي شيء أو يكاد، وكأنها ثقب من الثقوب السوداء؛ وهو ما يشكل تطبيقا عمليا لمبدئ « اللاَّيقين » الذي اكتشفه عالِم الفيزياء الكمي « هيزنبرغ »؛ إلا أن قرار مجلس الأمن الأخير، قد غيّر قواعد اللعبة للأبد، عازما، أكثر من أي وقت مضى، على إرجاع حظيرة الجزائر إلى جادة الصواب، وإرغامها على التعامل مع القوانين الطبيعية التي تحكم العلاقات الدولية، في أفق إسراء مبدئ « السلم والسلام »، والذي أبدعه جلالة الملك، حفظه الله، منذ توليه عرش أسلافه الميامين.

نورالدين زاوش

عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *