Home»International»ازدواجية المعايير

ازدواجية المعايير

0
Shares
PinterestGoogle+

بقلم سليمة فراجي
كغيري من المواطنين تابعت واتابع ما يجري في وطني في خضم الأحداث التي تعرفها بعض المدن المغربية، بخصوص المطالب الشبابية المرصعة ظاهريا ولدى النيات الصادقة بتنديد بتردي قطاع الصحة والتعليم وهو ما يعتبر مطلبا مشروعا ، وباطنها وصفتها المقنعة لدى اصحاب نوايا خاصة يتجاوز فهمي السيط
كما دأبت على تتبع ما يجري في الدول الاجنبية كذلك، وحاولت تقاسم قراءة متأنية مع الأصدقاء الاجلاء بخصوص هذه الاحداث مع اجراء مقارنة بسيطة في افق الاستنتاج والاستنباط

ما اثار استغرابي حول هذه الاحداث التي تقع في جميع دول العالم هو تركيز بعض المنابر الأجنبية على الزاوية الأمنية حصراً، وتجاهلها المتعمّد لأفعال العنف والتخريب التي لا يمكن لأي دولة، كيفما كانت ديمقراطيتها، أن تتساهل معها.
كما أن الربط المريب بين المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها المغرب من موانئ، وملاعب، وبنية تحتية استراتيجية وبين هذه الاحتجاجات، يُفهم ضمن محاولات لتقزيم هذه المنجزات، وتأليب الرأي العام ضد هذه المنجزات لغاية يصعب علي تفسيرها من باب كشف الواضحات من المفضحات

وما لفت انتباهي ايضا حول الاحداث التي شهدها وطني ، هو حجم هذا التفاعل الإعلامي الخارجي، لا سيما من منابر غربية وعربية وجارة، تحاول أن تَصنع من زوايا محدودة روايةً اختزالية تختزل مشهدًا يتلخص في ثنائية مبسّطة تتمثل في شباب غاضب مقابل دولة قمعية .
غير أن أي تحليل موضوعي ومسؤول لا يمكن أن يتجاهل السياق العام، وطبيعة الأفعال المرتكبة، والخصوصية الوطنية في التعامل مع التجمهرات.
اذ ان التظاهر السلمي مضمون دستوريا بمقتضى الفصل 29 من الدستور بضوابط ينص عليها القانون ولكن ما وقع من إضرام النار في مقرات تابعة للدرك الملكي، ووكالات بنكية، ومرافق عمومية، ونهب المتاجر فان ذلك ليس مجرد احتجاج رمزي، بل أفعال مُجرّمة بمنظور القانون الجنائي المغربي وفي كل التشريعات المقارنة. فإضرام النار في مؤسسات أمنية، والاعتداء على ممتلكات الغير، يندرج في خانة الجرائم الخطيرة ضد النظام العام، تُعاقَب عليها الأنظمة الديمقراطية ذاتها بأقصى درجات الصرامة.
وفي هذا الباب، اورد مقارنة مع ما يجري في الدول الغربية نفسها:
-في فرنسا، واجهت السلطات احتجاجات “السترات الصفراء” سنة 2018، واحتجاجات التقاعد سنة 2023، باستعمال الرصاص المطاطي، وخراطيم المياه، والغازات المسيلة للدموع، واعتقلت آلاف المتظاهرين. ولم يُعتبر ذلك قمعًا، بل “حفظًا للنظام العام”.
أما في أحداث ضواحي باريس (2005)، فقد أعلنت حالة الطوارئ، وفرضت حظر التجول، وسُجّلت آلاف الاعتقالات، دون أن تتعرض فرنسا لأي حملات تشكيك في نواياها الديمقراطية.
-في بريطانيا، يمنح قانون النظام العام للشرطة صلاحيات واسعة لتحديد مكان وزمان التظاهر، وتفريقه إذا خشي تهديد الأمن.
أما التخريب أو الاعتداء على المنشآت العامة، فيُواجه بعقوبات قد تصل إلى السجن لعشر سنوات.
-في الولايات المتحدة، تمّ خلال احتجاجات “Black Lives Matter” سنة 2020، نشر الحرس الوطني في عشرات الولايات، واعتقال أكثر من 14 ألف شخص، واستعمال وسائل تفريق متقدمة، ولم يُنظر إلى ذلك كقمع بل كتدبير أمني مشروع

من جهة اخرى تعتمد المانيا مقاربة “صفر تساهل” مع الشغب (Zero Tolerance) و تُفرّق بوضوح بين التظاهر السلمي (المحمِي دستوريًا) وأعمال العنف.و من يشارك في التخريب أو اضرام النار يُتابع بتهم الإرهاب الداخلي أو تقويض الأمن العام، بعقوبات قد تصل إلى 10 سنوات سجناً و في احتجاجات هامبورغ سنة 2017 (قمة G20)، استخدمت الشرطة الغازات، والرصاص المطاطي، والمياه، وحاصرت الأحياء لساعات.

لذلك لا يمكن قياس المقاربة المغربية بمسطرة إعلامية مزدوجة، تُبرّر العنف في دول وتُدين الانضباط في دول اخرى
إن حماية الأمن العام، وسيادة القانون، واستمرار البناء التنموي، ليست قمعًا، بل واجب وطني مشروع، لا يقلّ شرعية عن الحق في التعبير السلمي.
وتتلخص ازدواجية المعايير في كون بعض الدول تتعامل بصرامة مع أعمال الشغب، وتستعمل وسائل قوية لحماية النظام العام، وتُميّز بوضوح بين التظاهر السلمي والفعل الإجرامي.
ويتم وصف ما يُعتبر في بلداننا قمعًا يصطلح لدى البعض حفظًا للأمن وما يصطلح لدى البعض توقيفا او اعتقالايصفونه بإحراءات احترازيةوتدابير وقائية
ختامًا، يعتبر الاحتجاج حقا ولكن هنك فرق بين الحكومات والوطن والوعي بالرهانات الحقيقية هو الكفيل بصون حق الاحتجاج ، وضمان ألا يتحول الشارع المغربي إلى أداة في يد من لا يريد الخير لبلادنا.وحجم الخرجات الإعلامية الاجنبية خاصة المعادية للمغرب دليل قوي على نوايا معينة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *