Home»Débats»الغش من آفة مذمومة عندما يتلبس بها من طلاب العلم والمعرفة إلى فضيحة ومعرة عندما يتلبس بها من يشرفون على تعليمهم وتكوينهم

الغش من آفة مذمومة عندما يتلبس بها من طلاب العلم والمعرفة إلى فضيحة ومعرة عندما يتلبس بها من يشرفون على تعليمهم وتكوينهم

0
Shares
PinterestGoogle+

الغش من آفة مذمومة عندما  يتلبس بها من طلاب العلم  والمعرفة  إلى فضيحة  ومعرة عندما يتلبس بها من يشرفون على تعليمهم وتكوينهم

محمد شركي

على بعد أيام قليلة من انطلاق الامتحانات الاشهادية في المؤسسات التربوية ببلادنا ، طلعت علينا  وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي بخبر فضيحة مدوية  حدثت في قطاع التعليم العالي مفاده نسبة المتاجرة في الشهادات والدبلومات العليا لأحد الأطر بإحدى الجامعات ، وهي قضية لا زالت قيد بحث أجهزة الأمن ، وأجهزة القضاء للبث فيها  والكشف عن ملابساتها .

ومعلوم أن آفة الغش مما يعرفه قطاع التربية والتعليم  في مختلف الأسلاك . و قد صارت ظاهرة يكثر الحديث عنها  خصوصا عند حلول مواعيد الامتحانات الإشهادية مما يجعل الوزارة الوصية على هذا القطاع تتخذ إجراءات وقائية  للحيلولة دون تفشي هذه الآفة ، ومحاصرتها في أضيق دائرة ممكنة عن طريق توعية الممتحنين من خلال نشرات تطبع وتوزع عليهم ، كما أنها تثبت في قاعات الامتحانات ، وتتضمن التحذير من عقوبات التلبس بها ، والتي تتراوح بين الإقصاء من اجتياز الامتحانات كليا أو لمدد زمنية معينة ، وبين عقوبات زجرية قد  تصل إلى حد الحبس خلف القضبان .

ومعلوم أن لجوء المتعلمين إلى الغش سببه  التراخي ، والتهاون ، والكسل في التحصيل ، وفي التحضير للامتحانات ، وهو أقصر طريق بالنسبة إليهم للحصول على علامات تخول لهم النجاح . وتتعدد أساليب الغش لدى الغاشين ، فمنهم من يستنسخ الدروس في قصاصات ورق بأحجام صغيرة ، تطوى و قد صارت تعرف » بالأكورديون  » تشبيها لشكلها بشكل الآلة الموسيقية المعروفة ، ويخفونها في جيوبهم أو في أكمامهم أو في أطراف من أجسادهم أو تحت  قباعات  أو غيرها من المقتنيات  يضعونها فوق طاولات بقاعات الامتحانات، ويتبادلونها فيما بينهم حين تغفل عنهم أعين المراقبين.

 ومع ظهور الهواتف الخلوية حوّلها الغاشون من المتعلمين إلى وسيلة نقل بامتياز ، وهم يعتبرونها  وسيلة  ذكية ومتاحة  حيث تسجل  فيها معلومات  إما مصورة  أومسموعة ، ويخفونها أيضا تحت ألبستهم،وفي مواضع من أجسادهم بما فيها الحساسة منها  ، وقد يصلونها بسماعات يخفونها أيضا إما تحت الشعور المنسدلة  أو تحت الوُشُح بالنسبة للإناث . وقد  توجد عناصر خارج مراكز الامتحانات تتورط  في عمليات الغش عن طريق التواصل مع الممتحنين عبر الهواتف الخلوية . وهذه العناصر هي التي تروج  إشاعات  تسرب أسئلة الامتحانات مباشرة بعد مرور وقت قصير من انطلاق عمليات الامتحانات بعد أن تتوصل بها مباشرة  من قاعات الامتحانات ، وذلك بغرض التشكيك في مصداقية وسرية الامتحانات  ومصداقية الساهرين عليها .  وقد توجد طرق وأساليب أخرى للغش يتورط فيها  بعض عديمي الضمائر ممن يستأمنون على الامتحانات لكنهم مع الأسف الشديد يخلون بواجبهم ، وقد يحدِّث أحيانا  الممتحنون الأغرار بأخبارهم ، ويسرون بها إلى أهلهم وذويهم، فتصير بعد حديث الألسنة  شائعة ومتداولة  .

وإذا كانت آفة الغش مذمومة حين يتلبس بها طلاب العلم والمعرفة على اختلاف فئاتهم ومستوياتهم ، فإنه حين يتلبس بها من يستأمنون أمانة التعليم تصير فضيحة ومعرة  لما يترتب عنها من عواقب وخيمة، منها  تزوير الشهادات والدبلومات التي تخول لحامليها مناصب ووظائف ليسوا أهلا لها ولا يستحقونها ، وهم يفتقرون إلى ما تتطلبه من  معارف، وخبرات ،وكفاءات ،الشيء الذي يعني الاعتداء على حقوق من يحصلون على  مثلها والتي تكون ذات مصداقية ، ومستحقة عن جدارة، وبعد جد  كبير وجهد جهيد ، وبعد معانات طويلة مع الدراسة، والتحصيل، والبحث، واجتياز للامتحانات تحت الرقابة الصارمة . ومعلوم أن تزوير الشهادات والدبلومات جريمة نكراء ترقى إلى جريمة الخيانة العظمى باعتبارها خيانة للوطن  قبل أن تكون اعتداء على حقوق الغير من المواطنين  ، وقبل أن تكون وسيلة لسرقة المال  العام أو الاستفادة من مناصب أو امتيازات  دون استحقاق .

ولا شك أن الفضيحة المدوية مؤخرا في مؤسسة للتعليم العالي، قد كشفت عن جرم كبير لا يغتفر في حق العلم  والمعرفة خصوصا وأن المتلبسين بها أو المتورطين فيها من المستأمنين على أمانة العلم والمعرفة ، ومن المبتذلين للشهادات والدبلومات التي أصبحت عرضة للمتاجرة عوض الحصول عليها  بالجهد الجهيد وبعرق الجبين .

ولقد أصبح بعد هذا الذي حدث من اللازم ،بل من الواجب  بالنسبة لجميع  خريجي مختلف الكليات والجامعات أن يؤدوا القسم  كما يؤديه خريجو كليات وجامعات الطب والصيدلة  والمعروف بقسم الطبيب أو الصيدلاني .

ولا بد أيضا من إحداث جهاز مراقبة في قطاع التعليم العالي ، ويجب أن يكون هذا مطلب رجال ونساء هذا القطاع قبل أن يكون مطلب غيرهم درءا لكل ما من شأنه أن يسيء إلى سمعتهم ، وليس في وجود مثل هذا الجاهز ما يقلل من قيمتهم أو يشكك في نزاهتهم ، وجديتهم  أو ينال من مصداقيتهم ،لأنه يوجد في غيره من القطاعات ، وهو لا يضير المنتمين إليها ،بل  هو شاهد على جديتها ونزاهتها وتفانيها في مهامها ، ويجعلها بمنأى عن كل ما قد يثار حولها  من أراجيف مغرضة  تستهدفها.

وفي الأخير نتمنى أن يكون هذا الذي حدث  إذا ما صح وثبت  بعد البحث والتحري من طرف الجهات المختصة  » حدًا للبأس  »  كما يقول المثل العامي عندنا ،وألا يتكرر أبدا في المستقبل .

وليعلم كل من حصل على شهادة أو دبلوم لا يستحقه ماضيا أو مستقبلا  ، وتبوأ به وظيفة أو منصبا  أو امتيازا أنه  إنما يأكل سحتا  محرما  شرعا ، ويطعمه أهله وذويه ، وسيلقى ربه وهو يحمل وزره ، وساء له وزرا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *