Home»International»يشرفني أن أكون هنا في هذا اليوم المقدس

يشرفني أن أكون هنا في هذا اليوم المقدس

1
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
شهد يوم الجمعة الماضي من مارس 2019 في أمريكا حدثا بارزا ومثيرا وهو زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أونطونيو غوتيريس لمسجد المركز الثقافي الإسلامي في حي مانهاتن بنيويورك، وذلك من أجل العزاء وإعلان التضامن مع شهداء مجزرة مسجدي نيوزيلاندا، وهو عزاء متأخر جدا مما يطرح العديد من الأسئلة والتخمينات.
وعلى شاكلة رئيسة وزراء نيوزيلاندا السيدة جاسيندا أرديرن، بدأ السيد غوتيريس كلمته بالسلام الإسلامي « السلام عليكم » ليقدم العزاء بطريقة مثيرة جدا وغير متوقعة إطلاقا وهي قوله:  » أعرف أن هذه أوقات عصيبة، لكنني هنا لأقول لكم بقلب مفعم بالمشاعر وبثقة: أنتم لستم وحدكم، العالم معكم، والأمم المتحدة معكم، وأنا معكم »
واستمر قائلا: « إن الشخص « الغريب » الذي هاجم المصلين في مسجدين بمدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية « إرهابي ». أي لقد اعتبر العملية « إرهابية » ولم يرد أن يسمي الإرهابي تماما كما دعت جاسيندا أرديرين رئيسة وزراء نيوزيلاندا.
عندما نقارن هذا الكلام أثناء هذه الزيارة مع تصريح الرئيس الأمريكي دولاند ترامب الذي اعتبر ما وقع بالعمل الآثم ولم يصفه بالإرهابي وكل ما قاله هو أنه يبعث بأحر التعازي وأطيب التمنيات لشعب نيوزيلندا بعد المذبحة المروعة في المسجدين. مات 49 بريئا بلا أي معنى وأصيب كثيرون آخرون بجراح خطيرة، الولايات المتحدة تقف إلى جانب نيوزيلندا وتعرض عليها أي شيء يمكننا أن نفعله. »
فهل يمكن أن نعتبر هذه الزيارة التي قام بها غوتيريس إلى المركز الإسلامي بنيويورك ترقيعا لخطإ قاتل وقع فيه الرئيس الأمريكي ترامب بعدم تسميته للأشياء بمسمياتها، أي اعتبار الحدث عملا إرهابيا؟ وبالتالي تعتبر نوعا من الاستدراك على ما فات أمريكا من الخطوات التي حققتها حكومة نيوزيلاندا في جدب الأضواء وإعطاء الدروس للعالم في كيفية التعامل مع العمليات الإرهابية عندما يذهب ضحيتها مسلمون بكل موضوعية ونزاهة؟ أم أن الأمر له علاقة بسياسة الكيل بمكيالين ووضع قدم هنا والأخرى هناك، أي هي عملية توزيع الأدوار فيعتبر غوتيريس أن العملية إرهابية ويعلن بأن كل الأمم المتحدة مع المسلمين في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الأمريكي بأن العملية مجرد مذبحة.
إن القول أو الاكتفاء بوصف هذا العمل الإرهابي بالمذبحة لا تزيد عن أن تصف الأمر كما هو، ولأن المذابح قد تكون كذلك مشروعة في ظروف وسياقات مغايرة. أما صفة الإرهابي التي لم يرد ترامب أن يطلقها على ما وقع للمسلمين بنيوزيلاندا فلا تعني إلا أن يكون الإرهابي عنصريا ظالما مقيتا مجرما لا يجد في كل العالم من يسانده أو يؤيده على اعتبار أن العالم كله يحارب الإرهاب بمفهومه الحقيقي، لا بالمفهوم المشوه الذي يعتبر العلميات الاستشهادية في فلسطين عملا إرهابيا كما فعلت قناة ميدي1 تيفي بوصفها لآخر عملية استشهادية هناك.
إن التصريح الغريب لترامب أقلق جميع المسلمين الذين سبق لهم أن أدانوا تصريحاته السابقة، خصوصا والأمر يتعلق بمسلمين، أي إن الترامبية أصبحت منهجا سياسيا عنصريا بدأ مند التصريح بعدم السماح للمسلمين بدخول أمريكا، والذي اعتبره العالم حينها دعوة إلى الإرهاب ضد المسلمين، وبالتالي يمكن اعتبار ما وقع في نيوزيلاندا مجرد عملية جاءت تلبية لنداءات ترامب العنصرية المشبعة بفكر الكراهية.
وفي كلمة ألقاها الناشط الإسلامي من مدينة واتربيري فهد سيد، أكد على أن ترامب ما فتئ يهاجم الأقليات في البلاد ويلهم الإرهابيين من اليمين المتطرف، مما قادهم للقيام بالعديد من الجرائم تجاه السود واللاتين والمسلمين، وفي الكونغرس الأميركي حيث لا يزال الهجوم قائما ضد النائبة المسلمة المحجبة إلهان عمر بقيادة الإيباك.
وربط عضو حزب التحرير الاشتراكي الأميركي نورمان كلمنت بين العملية الإرهابية بالمسجدين وبين ترامب الذي ساهم -على حد قوله- في تأجيج الإسلاموفوبيا والكراهية ضد المسلمين، وقال إن ترامب عمل على شيطنة المسلمين والعرب بكلامه وأفعاله.
ويتفق معه الإمام المساعد في مسجد « الإسلام » في نيويورك سيف الدين، قائلا « لدينا رئيس لم يعتذر مجرد اعتذار ولم يظهر أي تعاطف أو شفقة تجاه ما حصل في نيوزيلندا. نحن كلنا أميركيون مهاجرون ما عدا الهنود الحمر هم الوحيدون الذين يعتبرون سكانا أصليين، فكيف يأتي شخص ويقول إنهم غزاة؟ كل المهاجرين جاؤوا من بلدان في حروب ومآسي يطلبون حياة كريمة فقط ».
وإذا كان جميع هؤلاء قد ربطوا بين العملية الإرهابية بنيوزيلاندا وتصريحات ترامب العنصرية ضد المسلمين، فلابد من الجمع كذلك بين زيارة غوتيريس لمسجد نيويورك ووصفه لما حدث بالعملية الإرهابية، وتصريحات ترامب العنصرية، حيث يمكن اعتبار هذه الزيارة التي جاءت متأخرة تخفيفا من حدة تحميل ترامب مسؤولية العلميات الإرهابية التي تطال المسلمين.
وإذا كان غوتيريس قد قال للمصلين في مسجد مانهاتن: » يشرفني أن أكون هنا في هذا اليوم المقدس » والذي يقصد به يوم الجمعة، فلسان حال المسلمين في كل بقاع العالم يقول له: « كان سيشرفنا أكثر لو ذهبت إلى نيوزيلاندا يوم الجمعة المقدس السابق وقابلت عائلات الشهداء وقمت بمواساتهم وحضرت تأبين ودفن هؤلاء المغدور بهم من طرف رئيسك ترامب ومن يتخذه قدوة ومثلا في الكراهية والعنصرية ».

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *