Home»National»صرخة في واد

صرخة في واد

0
Shares
PinterestGoogle+

ما أصعب أن يستفيق المرء، وقد بلغ من الكِبَر عُتيا على واقعٍ له فيه انتساب أو انتماء معين، وهو لا يعلم على هذا الانتماء إلا النزر اليسير، إن لم يكن في حالات عديدة لا يعلم عنه شيئا. فماذا يعني الانتماء للعالم العربي الإسلامي على سبيل المثال؟ ألا يعني ذلك أن يكون صاحب هذا الانتماء مُلمًّا على الأقل بالمعلوم من الانتماء بالضرورة قياسا على يُسميه بعض الفقهاء « المعلوم من الدين بالضرورة ».
وأمام هذا لا يمكن لمن وُجِد في هذه الوضعية إلا أن يصرخ، من أنا؟ ومن أين جئت؟ وكيف وصلت إلى هذا الوضع؟ ألم ألج المدرسة، وكنت أنجح، وفي أحيان كثيرة أَتَفَوَّق في مختلف المواد الدراسية التي تضمنتها المقررات الدراسية…؟؟؟
وعندما يصرخ الإنسان هذا النوع من الصراخ في واد حيه، أو في واد مدينته، أو في واد مجتمعه، أو في واد المجتمع العربي الإسلامي، أو في واد العالم قاطبة، فإنه لا بد وأن يسمع صدى صراخه، وهذه بديهة من بداهات علم الفيزياء، إلا أن طبيعة الصدى قد تختلف حسب طبيعة تضاريس الوادي الذي صرخ فيه. فإذا كانت هذه التضاريس سلسة ولا تتضمن منعرجات وحواجز فإن الصدى يكون مسموعا ومعبرا بصدق عن الصوت الأصلي، مما يسمح باستيعابه وفك لغز الصراخ، ومن ثم العمل على معالجة الداء والوجع الذي كان وراء هذا الصراخ.
أما إذا كان الوادي (أيا منهم) ذو تضاريس ملتوية ومعقدة، أو لِنَقُل تَمَّ العمل على أن تكون كذلك، فلا شك أن الصدى سيكون غير مُستَوعبٍ، وحتى إن تم استيعابه من بعض « الخبراء »، فإن التعامل معه سيكون بالشكل الذي يَتِيهُ فيه الصارخ في وَادِهِ دون أن يجد مَنْفَذا للخروج مما هوفيه.
قد يقول قائل لماذا هذه الألغاز؟ لنسمع الصرخة مباشرة، ولنترك الصدى جانبا! فليكن ذلك، إذا لم يكن الصدى مرتبطا بأُذُن السامع نفسُهُ.
– ما معنى أن تجد عَددا غير يسيرٍ ممن يُحسَبون على المثقفين من المسلمين، لا يحسنون الوضوء، ولا يعرفون ترقيع صلاتهم؟
– ما معنى أن تجد نسبة غير قليلة من المسلمين المواظبين على قراءة وِرْدِ القرآن، دون استيعابٍ لمعانيه، أوامره ونواهيه و…؟
– ما معنى أن تجد من المسلمين من لا يعرف على رسوله وسنته إلا ما يسمعه هنا وهناك دون أن يعقد العزم على الغوص في كتب السيرة للإلمام بكل ما هو من صميم الدين؟
– ما معنى أن جل المنتسبين إلى الإسلام لا يعرفون تاريخ دينهم ولا كيف وصَلهم؟
– ما معنى أن تجد من يحمل من الديبلومات ما يشير إلى بلوغه شأوا من العلم، لكنه لا يتكلم لغته، أو على الأصح لا يقدر على التكلم بها ولا استيعاب بعض مفرداتها؟
ما معنى؟ وما معنى؟ وما معنى؟؟؟ هي تساؤلات كثيرة يمكن طرحها، بل يتعين طرحها، عسى أن ينخرط الجميع، كل حسب موقعه وطاقته، في العمل على تشذيب تضاريس وِدْيَاِنَنا حتى يكون صداها مفهوما بما يسمح لكل من يهمه الأمر استيعاب مضمون الصرخة، ومن ثم العمل على معالجة مسبباتها عسى أن يتحول الصراخ إلى تواصل فعال بين مكونات مختلف الوديان.
الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ج
    20/12/2017 at 23:55

    المرارة التي تشعر بها اخي الحسن والتي كانت لك الشجاعة للتعبير عنها يشاركك فيها كل منتسب لهذه الامة التي تعرف بالعالم العربي الاسلامي ومن بينها مجتمعنا المغربي . وانت تطرح العديد من التساؤلات المنطقية والمشروعة .اعتقد انها في طيها تحمل الاجابات .لان اي مجتمع هو منتوج لتوجهات ومشروعات احيكت في دوائر قد يجهلها وهي التي تحكمت في اخراجه بالشكل الذي ارادت . لقد كانت التربية والقيم الدينية والاخلاقية تمرر من جيل الى جيل في مجتمعاتنا حتى وهي ترزح تحت نير الجهل والامية والفقر لانها كانت تعتبر العمود الفقري للامة وبدونها لن تستقيم لذلك لم يكن من الممكن التفريط فيها ( هذا بطبيعة الحال مع الاستثناءات) اما وقد فرطت الامة في ثوابتها بداعي الانفتاح على ثقافات الغير وغيبت مكونات حضارتها وشخصيتها فان النتيجة التي حصلنا عليها هي ما ذكرته في مقالك . شخصيات مغربية بالاسم ولاتعرف عن تاريخ وهوية بلدها شيئا . شخصيات مسلمة ولا تحفظ من القرءان آية اوسورة شخصيات عربية ولا تحسن تركيب جملة بهذه اللغة الرائدة ..لذلك اذا لم تستيقض الضمائر الحية في هذا البلد فان المشروع التخريبي لكل مقومات الامة وركائزها سينجح وينتصر وساعتها سيصعب التدارك .لانه مشروع يستهدف التربية والتعليم والتحكم فيهما بالشكل الذي اراده اصحابه

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *