Home»Régional»حكايا استاذ متقاعد : سنتان استثنائيتان وهجرة شباب القبيلة الى منجم الفحم بجرادة

حكايا استاذ متقاعد : سنتان استثنائيتان وهجرة شباب القبيلة الى منجم الفحم بجرادة

2
Shares
PinterestGoogle+

تابع
عمت الخيرات وحطمت كل الأرقام القياسية في المحاصيل، واندفع الأهالي الى هدر هذه المنحة الالهية في وسائل اللهو العابرة استدراكا للحرمان الذي لا يغيب عن الساحة الا ليعود أكثر وقعا!
مرت شهور السنة المعطاء في لمح البصر ليجد الأهالي أنفسهم في مواجهة كارثة فلاحية بعد سنة، حيث ساد جفاف قاتل سنة 1966 ، وانتشرت خلالها اوبئة مما ادى الى هجرة قوية نحو مدينة جرادة ليستجير الشباب من النار بالرمضاء!
استمرت الحياة في البلدة بمن بقي مرتبطا بتراب ارضه ، وتقلبت السنون بين اليسر والعسر دون أن يعيد تاريخ الخيرات نفسه،لأن دوام النعمة يستدعي الشكر، وهو ما تجاهله الناس عندما جادت السماء والأرض.
ادع التفصيل في باقي الامور التي زخرت بها البلدة الى وقت لاحق للحديث عن السنة الاستثنائية الثانية-في نظري على الاقل-انها السنة الفلاحية 1994.
لم يكن المثير خلال تلك السنة هو المحصول الفلاحي الجيد -على كل حال-وانما هو ذلك العطاء الرباني الذي تجلى في وفرة الكمأ(الترفاس)الذي لم يسبق أن انتشر بالقدر الذي حصل يومئذ.
لعل الناس يذكرون أنه هذه النبتة الشهيرة عالميا والمعروفة بخصائصها الغذائية قد وصلت الى كل أرجاء الوطن وخارجه، وكانت فرصة ليتعرف عليها من لم يسبق أن أكلها أو سمع عنها.
عندما تنتظم الأمطار،فان بلدتنا تجود بدورها بنوع خاص من الكمأ، ولكنه يظل متواضعا أمام سخاء النجود العليا التي تكتسي حلة بديعة.
أذكر أنني قررت أن أقضي بعض أيام عطلة الربيع بمسقط الرأس للاستمتاع بجمال الطبيعة على أن أزور بلدة عين بني مطهر التي تبعد عنا بحوالي سبعين كم من أجل معاينة الكمأ في السوق الأسبوعي للمدينة من حيث يتم تصريف المنتوج السحري نحو باقي المناطق.
توجهت في الصباح الباكر، وما ان وصلنا مقدمة النجود العليا(الظهرة)التي تتقاطع معها حدود بلدتنا، حتى استقبلني عبير النباتات المتعانقة وكأنها تتازر لصنع هذا الأريج الطبيعي الخالص الذي يصل الى الجوارح بنكهة الشيح!
كنت قد سمعت عن تحولات،،الظهرة،،خلال سنوات الخصب،حيث يتيه الناس بسبب احتلال الحشائش لمعالم الطريق، الى أن وقفت على ذلك بنفسي!
لقد تحولت جنبات الأرض الى زربية فارسية يشق على المرء ان يدوس عليها بالأقدام!
لقد نما فيها مزيج من النباتات التي لم يسبق لي أن رايتها،وأحرى أن أعرف أسماءها؛فذلك شأن السكان من ،،أولاد سيدي علي وبني كيل،،الذين خبروا المكان عبر الزمان منتشين برفقة قطعان الغنم التي تشغلهم عن شؤون الدولة ومشاكل الاقتصاد حينما تكون ،،الظهرة في الموعد،لأن ،؛الذايب،،وجبن العكة وشي اللحم على حطب الشيح ينسي في كل ما سواه!
لقد أسرت الأرض عيني ، ورأيت القطعان البيضاء وكأنها شدت الى المكان،لأن كل شبر من الأرض قد أخرج كل ما في أعماقه الى السطح،واتاح للرعاة أن يستلقوا على البساط الأخضر ليقاسموا القطعان متعتها.
جلست باحد المقاهي انتظر اشتداد وطيس التسوق، فاذا رجل يقف أمامي وهو يحمل سلة مثقلة بالكمأ.
لم أتمالك نفسي ،فسألته ان كان ينوي بيع السلعة فاجاب بالايجاب.
طلب الرجل سبعة دراهم للكغ فوافقت فورا اعتقادا مني انه لا يعرف القيمة الحقيقية للمنتوج، واقتنيت كل ما كان بحوزته.
حينما دخلت السوق،فوجئت بحركة قوية :لقد كانت وسائل النقل من كل الأحجام تفرغ سلعة واحدة:الكمأ!
كانت احجام المنتوج في مستويات قياسية، وقد تأثرت حين رأيت بعض الشيوخ يقبلون حبات الكمأ وهم يشكرون الخالق الذي أراهم عجائب قدرته، وكلهم يؤكدون أن الذي يرون لم يسبق لأي منهم أن عاينه!
يتبع.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *