Home»Correspondants»سلام عليك يا تويسيت 12

سلام عليك يا تويسيت 12

0
Shares
PinterestGoogle+

كان اهل الدوار يحرثون اراضيهم في أواخر الخريف,ثم ينتظرون نزول الأمطار الكافية في فصل الشتاء,وكان الله تعالى يستجيب لدعائهم,فتنزل الأمطار والثلوج بكميات تكفي الاراضي المحروثة وغير المحروثة,هاته الأمطار  التي انحبست في وقتنا الحالي بفعل الاحتباسات الحرارية وتلوث البيئة بفعل يد الانسان.

وبعد فصل الربيع,وبعد التمتع بالخمائل المخضرة والمزركشة بالوان الزهور الحمراء والبيضاء والصفؤاء ,وبعد الاستمتاع بزقزقات الطيور وتغاريدها,وثغاء الخراف وخوار البقر,وصهيل الاحصنة الرابضة امام الدور والخيام,يأتي موسم الحر,موسم الحصاد من طرف مجموعة (الشوالة)ثم الدراس بواسطة الدواب,ثم جني المحاصيل الزراعية من شعير وقمح ,توضع اغلبها في حفر امام الديار كان اهل الدوار يسمونها ب(المطمورة).

ينهي الفلاحون اعمالهم المختلفة,وأنفسهم مليئة بالحبور الفياض,شكرا لله على نعمه التي وهبها اياهم,واذاك يبدأ التساؤل عن اليوم الذي حددته القبيلة لموسم الوعدة,ويتم الاستعداد للرحيل باتجاه سيدي موسى,حيث يقام الموسم,قرب ضريح يعتقد اهل القبيلة انه للولي الصالح مولاي عبد القادر والذي تتضارب حوله الاراء,فمنهم من يصدق ومنهم من يكذب ولله العلم بساكن الضريح.

كانت الامهات تستعد للوعدة,فتجمع الاغطية والصحون,بينما الاباء يشترون الذبيحة وما يلزمها من توابل وزيتون وبرقوق وبصل وطماطم,ويطحنون كميات من الشعير والقمح لاعداد الخبز هناك في مكان الموسم,اما نحن الصغار فكنا نتهيأ للموسم,فنجمع كسوتنا الجديدة,وما جمعناه من زمن بعيد من دريهمات لنشتري ما يعجبنا هناك,ومن بين ما كنا نهتم به تلك المكاحل التي صنعتها ايدينا,وهي عبارة عن انبوب حديدي مغلق من احد طرفيه,وبالقرب من الطرف المغلق توجد ثقبة كنان نضع فيها عود الثقاب للضغط عليه بالزناد المصنوع من سلك حديدي,فيتم تفجير البارود كما هو الشأن لمكاحل الكبار.

لا زلت أذكر الفرحة العارمة التي كانت تنتابنا,ونحن ننتظر قدوم الشاحنة التي ستقلنا الى مكان الموسم,ولازلت أذكر ان نوع الشاحنات انذاك كان هو البيرلي او الفورد,وفي أحد المواسم تغير النوع فأصبح نوع اخر يسمى طامس.يضع الكبار حاجيات الوعدة من اكل وذبيحة وأفرشة,وخيام تخص الاسر,بينما خيمة اخرى من النوع الكبير كان الاباء يحملونها لاستقبال الضيوف .اما الخيول فكان بعض الشباب يتكلفون بنقلها,ولا زلت أذكر انهم كانوا يتوجهون الى مكان الموسم في الصباح الباكر,وحين تصل الشاحنة التي تقلنا كنا نجد الخيول قد وصلت.

تتوجه الشاحنة,لتمر عبر قرية تويسيت ومنها باتجاه طريق وجدة ثم باتجاه طريق جرادة,الى حين وصولها الى جماعة سيدي موسى,مكان الموسم والذي لازال الى يومنا هذا,واثناء التنقل كانت الامهات ترددن اغان محلية,بينما الكبار يفجرون البارود المحشو في بنادقهم,وهو نفس الشيء الذي كنا نقوم به نحن الصغار.

واثناء الوصول,تتكلف الاسر ببناء الخيام التي يبيتون فيها,بينما يبدأ الشباب في بناء خيمة الضيوف,أما الاباء فيكلفون بذبح الذبيحة,والامهات بترتيب الافرشة والصحون,بينما نحن الصغار لم نكن نهتم بأشغال الكبار بل كنا نتجه الى مكان قرب الضريح,يسمى المقام لنشتري هناك مالذ وطاب من الحلوى,ثم نعود باتجاه الخيام المنصوبة من طرف الكبار.

لا زلت أذكر ان كل قبيلة كانت تختار المكان الذي تبني فيه خيامها على مسافات متباعدة,وكل مكان يسمى باسم القبيلة التي تحط فيه رحالها,فكانت الاماكن متعددة ومنها اولاد كاري,والزوالة,والشبكة,والرحامنة,وذوي خليفة,واللواحك,والحرميين,واولاد سعيد,واولاد عمران,واولاد براز ,والحداحدة وغيرهم من القبائل الاخرى.

كان الرحيل من الدوار باتجاه موسم الوعدة,مساء يوم الجمعة,والعودة من الموسم باتجاه الدوار مساء يوم الاحد,اما يوم السبت فكان مخصصا للفروسية واكرام الضيوف ,وخاصة ممن يؤمون الموسم من القبائل غير قبيلة المهاية,واغلبهم يأتي من مدينة جرادة ووجدة وعين بني مطهر.

انها ذكريات لا تنمحي,عرفناها في قرية تويسيت ,وليس لنا من ذكراها ان خطرت,سوى زفرات ,على تلك الايام الزاهية,

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *