Home»Correspondants»بين تفناغ والحرف العربي: خط للهدنة

بين تفناغ والحرف العربي: خط للهدنة

0
Shares
PinterestGoogle+

                                                   بين تفناغ والحرف العربي:   خط للهدنة

رمضان مصباح الإدريسي

تقديم:
أعادت محاضرة الدكتور عباس الجراري في موضوع »اللغة والهوية » الى ساحة النقاش الوطني ،مسألة الحرف  المعتمد حاليا في كتابة الأمازيغية .
ولعل الرأي الذي عبر عنه المحاضر صراحة ؛وهو انتصاره للحرف العربي ؛بعد كل ما جرى سنة2004 ،من ترسيم لتفناغ ،مؤشر على تحول لغوي مهم للدولة- باعتبار مكانة المحاضر- يشكك في صواب الاختيار المستند إلى مختبرات » الايركام » ,وما حولها,حيث تدافعت ثلاث أبجديات :اللاتينية،تيفناغ والعربية.
البعد السياسي للخطاب:
للخطاب بعد سياسي يستند الى المتن الدستوري ؛حيث سكت المشرع عن  تأكيد الحسم في الحرف ,ضمن قضايا أخرى ذات صلة,الى صدور قانون تنظيمي.
وباعتبار سمو الدستور عن كل الظهائر  والمراسيم والقوانين  لم تعد هناك حجة بين يدي أحد  من المغاربة –وليس الأمازيغ فقط- ليقول:هذا أمر حُسِم؛أو « هذا كتاب كنا قرأناه » كما يقول نزار قباني.
خلافا لما يدفع به خطاب ,أقل ما يقال فيه أنه عنصري احتكاري، فَرحَ جميعُ المغاربة ،المتتبعون للنقاش ,ولنضال مشروع طال أمده, بدسترة الأمازيغية  ؛لكن أصَحَّ فهم لهذه الدسترة هو: انتهاء أمازيغية وميلاد أخرى:
انتهاءُ أمازيغية مُحارَبة إداريا وتعليميا ؛لا يحمل همَّها غيرُ أكاديميين أمازيغيين ,معززين بجمعيات محاصرة ؛وميلادُ أمازيغية مغربية رسمية، يتقاسم هم النهوض بها جميعُ المغاربة ؛كل حسب موقعه وثقله؛ من الباحث الأكاديمي –ليس الأمازيغي  بالضرورة- الى المواطن البسيط  الذي يكتفي برفع لا فتة مطلبية في تجمع أو مسيرة.
دون أن أغفل المواطن ،الوحيد اللسان، الذي استيقظ  ذات صبح ليقال له دستوريا :وان كنت لم تطالب، فهي لك أيضا
رديفة لجنسيتك ،فأقبل عليها لغة وثقافة ؛كما أطربتك ,من قبل ,فلكلورا.
من المستبعد أن تكون الهدية الدستورية مسمومة,كما يزعم البعض: إغراق الأمازيغية في بحر المواطنة الشاسع ,وسحب البساط من تحت أرجل أكاديميين أمازيغيين ؛شجعان لكن لا علم لهم بالحرب.
يُنطِقون كل ألواح جزولة؛ لكن يُخْرِسون كلَّ من أعاد كتابتها بالحرف العربي ؛حتى تزداد الثقافة المغربية ضوء مصباح.
البعد الثقافي:
رغم قوة المتن الدستوري ,ووضوح خطابه التصحيحي – افتراضا على الأقل- يدلي الدكتور عباس الجراري بالبعد الثقافي المُعبَّرِ عنه بالغِنى المنشود. غنى الثقافة حينما تقيم جسورا بين كل مكوناتها ؛ليتم التركيز على حسن التثاقف والتناص ,والمضي قدما في إنتاج المحتويات؛ وصولا الى الوضع الثالث:
الانصهار التام لنص مولود من رحمين لغويين.
لا تتبسطوا المسألة وتختزلوها في أحكام جاهزة ؛من قبيل النِّعال العامة الموضوعة في الحمامات؛تضعونها في أقدام كل من اقترب من حِمى الأمازيغية.  لم يعد هذا مقبولا دستوريا:نضرب فيها ،جميعا، بأسهم متساوية.
أقلَّها حدة: انتعال الفكر العروبي الاقصائي. وفي هذا  استعادة متهافتة للحظة الكاهنة « ديهيا » ؛بكل ما يعنيه هذا من إحراق لقرون من التاريخ المشترك ،بآلامه وآماله.
ان النار التي أضرمتها هذه الملكة المقاتلة,في كل ما قد يغري الغزاة، كانت تكتيكا قتاليا فرضته ظروف المعارك المتلاحقة ؛فلا تعتمدوا الحرق قاعدة ؛ وصولا الى جينات لم تعد خالصة لا لها ،ولا لعقبة بن نافع.
لا تختزلوا المسألة الثقافية في الحرف ؛ولا تكرروا خطأ من لا يرى بناء الاتحاد ألمغاربي إلا بعد حل مشكل الصحراء.
حينما نسير ترتسم الطريق ؛ترسمها أقدام ما شية ،ومتسلقة حتى للجبال. حينما يطول بها الوقوف تتورم وتصاب بالغنغرينا.
لنبحث جميعا عن حل مشرف للكاهنة وعقبة:
يراه الدكتور الجراري الحل الصحيح، لكنه يسكت عن التفاصيل ؛وان كان أدلى بالحرف العربي.
لكن هل الحرف هو كل شيء؟ لو كان هذا هكذا لهانت: اكتبوا بتفناغ لمن يعتبرها نعناع الشاي الأمازيغي.  » الله يربح » كما يقول أهل البهجة حينما يتمسك محاورهم برأيه.
اكتبوا لبعضكم البعض في الايركام ؛وحينما يدرككم السأم التفتوا إلينا :نحن لا نفهم ؛ونريد أن نفهم بحرفنا ولغتنا.
أرأيتم كيف تذوب القضية وتصبح غير ذات موضوع ؛حينما تهدم جسور أمر الله أن توصل.
تريدون لوحات تشوير أمازيغية ,وأسماءَ غيرَ مُعتَرَض عليها , وجوازات سفر ,ورخص سياقة …هي لكم لا أسهل وفي مختبركم كل اللوازم.  لكن هل ارتحتم ؟ لا أظن؛ بقي شيء من حتى.   تريدون جباهنا للوشم ؛كجسد جدتي الأمازيغية.
هي ذي قد دانت لكم ؛ارسموا بها ما تشاؤون.ثم ماذا؟ هل ارتحتم؟
هل اقتنعتم الآن أن الحرف ليس حلا للمسألة .
التثاقف قبل » التفانغ »:
يقف المغاربة الآن – بفضل الدستور- على أرضية اتفاق لا تمنع الاختلاف:
حتى عتاة الممانعين لا يملكون الآن أن يتملصوا من مقتضى دستوري يجعل الإقبال على الثقافة الأمازيغية تعبيرا عن الوطنية الحق ؛والدستور أسمى تعبير عنها. هذا مكسب مهم.
لقد أصبح مستهجنا التأريخ لميلاد الدولة المغربية بلحظة المولى إدريس الأول؛لقد سادت قبله دول ثم بادت ؛وهي مغربية /مغاربية ،جغرافيا ،بشريا ولغويا ؛وان تعددت ألسنها،وهيمن بعضها على البعض. وهذه بقاياهم صانتها رسومات تفناغ.بل وصانتها حتى أمازيغيات المنطقة مُستعيرَة ومُعِيرة.
ومن ينكر هذه الحقيقة كمن يقول لقد قدم جد الأدارسة بشعبه من الحجاز الى أرض خلاء.وهذا بهتان وزيف.
قَدِم ثانِيَ اثنين ،ولا عاصمَ له من حفدة الكاهنة غيرُ إيمانهم؛فاختاروه ملكا لأنه لم يُغِر عليهم كسلفه عُقبة .
لنمض في سيرنا على هذه الأرضية زمنا ،ولو طال .لا تعنينا النتائج السريعة ،والمكاسب المعرضة للمراجعة؛كما حصل مع الحرف سنة 2004؛حينما تم فرض رأي جماعة والتنكر لرأي أخرى  .
تم الإدلاء ,بقوة, بالحرف اللاتيني ؛اقتناعا بما في اعتماده من تيسير التجسير ؛لكن حينما وجد من ينبه الى الوقع النفسي لهذا الحرف على المغاربة ؛تم التشطيب على هذا الهدف كلية لصالح مغامرة أبجدية غير محسوبة من جميع جوانبها.
لعلنا ندري جميعا ، لماذا يجاهر بعض سياسيينا ,وعلى رأسهم رئيس الحكومة,والمرشح المنهزم للأمانة العامة لحزب الاستقلال,بقطع الطريق على تفناغ؟
لأمر منطقي : لم  يتح لهم الوقت الكافي للتثاقف.  اتركوا مسألة الحرف تنضج على نار هادئة .
لا ربح لنا ، كأمازيغ ,أصلا أو مواطنة ،أن نكسب أعداء لمشروع ثقافي كبير ومندمج.
اذا أجلنا نقاش الحرف فلا يعني هذا توقف الإنتاج الثقافي الأمازيغي. ليتواصل حتى يقتنع الواحد من الرافضين أن هذا المتن أو ذاك لا يفيد ولا يمتع الا اذا قرئ في لغته الأصلية.
ليكتب من شاء بتفناغ ومن شاء بالحرف العربي ؛لنحقق التراكم وسنرى لمن الحجة الأقوى وليس الغلبة..
ان سياسة تعدد الكتاب المدرسي ,المعتمدة بالنسبة للمواد التعليمية ,تبدوا ناجحة ،ولم تطرح مشاكل ديداكتيكية مستعصية على الحل؛فلماذا لا نعدد كتب الأمازيغية المعتمدة للحرفين معا؟
مرحلة تجريبية اختبارية ليس الا ثم نحسم لصالح هذا الحرف أو ذاك ؛معتمدين أساليب ناجعة للتقويم الموضوعي.
لماذا تهجر الفرنسية الآن لصالح الانجليزية؟ للمقروئية ،ولغزارة الإنتاج بهذه اللغة التي فرضت عالميتها؛بل انتقلت إلى فرض العولمة ,وفق حمولاتها القيمية .
أعتقد أنه لا إقناع بتفناغ الا اذا كان إقناعا بالمحتوى .ينوب المحتوى عن جهود الأكاديميين والجمعيات والأفراد.
التقعيد الذي أنجزه الايركام ,تاريخا ,حرفا ومعيرة, مهم لكنه غير كاف ؛إن لم أقل يحمل في طياته بذور فساد ،أو دودة التفاح.
أقول دون أن يرف لي جفن؛ لأن  أمازيغيتي الزكراوية ,وجوارها, مقصاة من المعيرة: لا تستنسخوا الممارسات التي عانينا منها  قرونا.
لا تَحْمِلوا التلاميذ على هجر أمازيغيتهم لفائدة مَعْيرة مخبرية عالمة؛ ومن يستطيع منكم أن يطوف  بها على قرابة
السبعين لهجة أمازيغية مغربية، فَيُفهم بدرجة واحدة نُتَوِّجُه ُ »يوبا » المغرب  الحديث،ونمتثل،صاغرين، لأمره.
يقترح الأكاديمي الأستاذ العثماني معيرة متدرجة ؛تبدأ بالكتل المتجانسة,كالكتلة الزناتية مثلا ؛وحينما تصقل المنابر-على حد عبارة المعري – هذه اللهجات المُمَعْيرة نصل الى الأمازيغية الأم ،التي ستهيمن كما حدث مع لسان قريش في الجزيرة العربية.
هذا مخرج مُشرف للايركام من ورطته؛وسيكون له الفضل- باعتبار ما قام به الى حد الآن- في تأسيس ديداكتيك المعيرة؛شريطة تخليص منهجه من التعصب للهجة السوسية.
لاحظوا :حتى حينما نستعمل مصطلح »ثريفيث » وهو يحيل على قبائل جبال الريف؛نقفز على سلاسل جبلية أخرى تتوزع عبر ربوعها قبائل الكتلة الزناتية:جبال بني يزناسن,جبال بني يعلا,جبال بني بوزكو,ثم جبال الزكارة…..
ليس سهلا القبول بمصطلح واحد مهيمن، ضدا على الجغرافية؛وليس سهلا على الإطلاق معيرة لهجات هذه القبائل ؛لكن المسألة تظل ,كتليا أو جهويا ,ممكنة ومقبولة.
نقول معا لما هو جميل: »ذُو صْبِيحْ » عَمّْرا يَصْبَحْ » لكن « أَفُولْكِي » السوسية بعيدة تماما عن لساننا.
وحينما يُحَيِّيني أحدهم  بتحية » أَزُولْ » لا أرد بأحسن منها ،لأني أفكر أولا في « تازولط »؛وهي تعني الْكُحْل .
هذا فقط مبتدأ المعيرة الكُتُلِية ,وبُشيرُ نجاحها ،لكنه لا يلغي وجود صعوبات في طريقها.
حتى من الناحية النفسية ؛حينما أشعر أنني ضحيت، في تسميات ،بأمازغيتي؛ وكسبت في أخرى أطمئن الى أن الأمور بيد لغويين موضوعيين.
أما حينما تحكم على ابني بأنه لا يفقه شيئا في الأمازيغية ,وأمه الزكراوية تكذبك ؛فلا شك أن وراء الأكمة أكمات.
ضيق الايركام:
يفرض المتن الدستوري اهتماما للدولة بكل المكونات الثقافية المغربية؛من أمازيغية وحسانية وأندلسية وعبرية؛ومن هنا , ومواكبة للقانون التنظيمي المشار اليه ؛وخدمة لكل الثقافات ,بكل موضوعية وديموقراطية,أصبح من الضروري اعادة النظر في اختصاصات الايركام ؛بما في ذلك تغيير تسميته.
يضاف هذا الى تصحيح مساره الأصلي حتى يخدم ,فعلا,قرابة السبعين لهجة أمازيغية مغربية .
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. hamid
    21/11/2012 at 10:30

    ذُو صْبِيحْ=افولكي=اهيا=اغودا=اشوا…
    اليس لكلمةالاسد مرادفات عديدة قد تصل الى 400 . . فهل نستعملها كلها او هل نعلا==رفها كلها ؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *