Home»Correspondants»موحى ولحسين : ذاك بحر من العروض سقط

موحى ولحسين : ذاك بحر من العروض سقط

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

كم أخطأ الرئيس الأميريكي:
هو « المايسترو » إن أردت أن تُسقط عليه حمولة ثقافية فنية ؛من هذه الحداثة الغربية التي أحدثت في كل شيء؛والتي لا علم  لموحى ولحسين
بها ،وان ذاع صيته في كل جغرافيتها ؛ وحط مرارا بربوعها،نسرا متوثبا، نازلا من أعالي الأطلس الشماء.
ربما كان سيرفض التسمية لو قيل له بأن الرئيس الأميريكي »ريغان » لم ير فيه ،سنة 1984 ،غير مايسترو مبدع و صارم في ضبط إيقاع الدفوف، حتى لا  ترتعش الأكتاف ،وتتهادى الخِفاف،  إلا داخل اللوحة الراقصة ،كما يريدها قائدها.
كالألوان إذ تستبد بها الريشة لتنطقها كلمات ليست كالكلمات . نعم ان اللون كلمة تسمعها العين فقط.
تمتح التسمية من القاموس الموسيقي الانجليزي،حيث لا نغمة نشازا خارج النظم الموسيقي المتناغم؛كما يريده المبدع، ويخرجه المايسترو.
الراقص المجنح  موحى ولحسين – أمغار،لأنها أصدق –  أكثر من مجرد مايسترو في ركح موسيقي؛لأنه ،في حلبة الحيدوس ، بما هو جبل فني ضمن  الأطلس المتوسط،، وبما هو عرس دائم للإله « أطلس » الأسطوري ؛ لا يقود فقط  فرقة من « المحيدسات والمحيدسين »،بل ينتج نموذجا فنيا ،رقصيا،يختزل الحياة الأمازيغية الجبلية كلها؛كما جرت بها الأزمنة المغربية القديمة والحديثة،بين الشعاب ،وفي القمم الشماء،في القر والحر ؛وبين الأنهار والمروج ؛في المسرات كما في الأحزان.
يخطئ من يرى في أحيدوس مجرد رقص مرتجل وممتع ؛يقع على هامش المعيش اليومي  الأمازيغي؛ولا يؤثث غير ساعات المتعة التي يتيحها شظف العيش في الأعالي ؛حيث منافي الأحجار.
أحيدوس قلب الأطلس النابض بالحياة وليس هامشه ؛وأحيدوس موحى ولحسين عسيلة هذه العسيلة؛لأن الرجل أبدع إيقاعا متناغما ومتموجا ،متدرج الحرارة ؛وصولا إلى رعشة للأكتاف ،ولقلوب الراقصات والراقصين ؛لا يمكن نسبتها إلا لهذا الفرح العارم بالحياة ؛هدية من الله لأجساد أجرى فيها الحياة مع النبض ودفق الدم ؛ولو أرادها راكدة متجمدة لفعل.
عرف موحى ولحسين كيف ينتج لحظة الحياة الباذخة،هذه ؛وكيف يهيئ  لها  – راقصا – قلوب نجومه ،من خلال إيقاع  وسطي مسترسل ،لدقائق عديدة؛إيقاع يجعلك تتذكرتفعيلات الخليل بن أحمد ،كما تتشابه وتتكرر في بعض البحور(فعولن،فعولن،فعولن.) ؛ثم يقطع الإيقاع  بضربة كف آمرة ،ويردف بالكف الأخرى ،متموجة كرأس « كوبرا » ملكية؛تخاطب نجوم الرقص بلغة لا نسمعها؛ثم يوقع برأسه ،يديه ورجليه.
نعم يوقع متهاديا كطاووس قُد بهاؤه من ورود الجنة.
يوقع بخفة تعبر المكان ،وكأنها تقيس ،إلى جانب عرض الصف ،حرارة النجوم ؛ثم يؤذن للأكتاف والأرجل ،بل للقلوب، لتمارس غوايتها في الفرح بالحياة.
الفرح رقصا ،كما ترعش الأغصان ،فرحا بلون الطير ونغمه؛وتنط الخرفان وتثغوا ،وتتراكض الغزلان؛مُقبِّلة بعنف شهي، ضروعا من حليب الأمهات،نسغا للحياة.
تلعلع زغاريد عفوية من تلافيف التشابك الذكوري والأنثوي في صف الحيدوس ؛ومن عمق مساواة أمازيغية لا تحتكر الفرح بالحياة ،لجنس دون آخر. الحق في الرقص من الحق في الحياة ؛كما هو مقرر للجنسين ،حتى في الأديان والشرائع..
وبالمناسبة هل رأيتم داعشيا يرقص؟  وهل رأيتم داعشية خارج خدرها؛حيث جاراتها الثلاث؟
تلعلع زغاريد أحيدوس  لتوقع بدورها على الحق في الفرح للجميع ؛ لموحى ولحسين أمغار  ؛ اعترافا بكونه قد عبر بها إلى المسرة ،كما عبر بها نظيره  الفيافي والقمم ؛بحثا عن الحياة ؛ليستمر النوع ،كما أراد الله.
ثم ينطلق الموال الأطلسي ،وهو  من البحر الطويل دائما، ليفصل أسباب اللحظة الاجتماعية السعيدة ؛التي لا يُعبر عنها بقوة ،وبصدق غير أحيدوس،وجداوله من الشعر الأمازيغي القائم على المحبة دائما:
يراها بدءا في شكر كبير للخالق ،وفي مدح نبوي؛لأنهما من  الحياة الأمازيغية ،في الأعالي،كالقلب من الجسد .
هكذا حتى في لحظة البذخ الفني ،والغواية المباحة،وذبذبات الرعشة الحيدوسية ،يحضر هذا العالم الآخر؛لكن ليس حضور بؤس وقنوط ،بل حضور سعادة وتراص وتآخي .

ثم يتواصل الموال مرحبا بالحضور ؛لينفذ  ،بعدها،مترنحا ثملا من العشق،  إلى قلب الحبيبة ؛حيث هي – ولو حورية في الخيال ،ونسمة يسري بها الليل- ليسمعها دفء العشق ،وأغاريد مستوحاة من طبيعة هذه الأطالس الخلابة التي حبا الله بها هذا الوطن .
بعد هذا ،هل رقص موحى والحسين فقط؟
لم يرقص فقط ،ولم يقُد  مجرد فرقة فنية ،كما يقودها أي مايسترو فريقه ؛بل حكى الحياة الأمازيغية الأطلسية ،بكل تفاصيلها؛كما تتكرر من جيل لآخر ؛دون أن يقوى أحد على اعتراض مجراها ،وقمع سرعتها ،كما تفعل رادارات اليوم .
وكما تركب بعض الجهات ،من الداخل والخارج،على طهرها لتدنسه بنظم دواوين الكراهية.
موحى والحسين ،لو كان رقص فقط ،لما اشتهر ؛ولظل في قمة « أزرو نايث لحسن » لا يبرحها إلا لأسواق لقباب ،أجلموس،خنيفرة..
تماما كما حصل مع الشعيبية ،لو كانت رسمت فقط ،ضمن مدرسة من مدارس الفن الحديثة ؛لما شاع ذكرها في الآفاق.
رسمت ،دون أن تدري، الطفولة البشرية ،وخميرة كل الفنون التشكيلية وبذورها،ومن هنا أحسن العالم قراءتها.
سبقها طبعا الى هذا الدفق الفني – في مجاله- موحى والحسين ؛إذ عرف كيف يختزل الحياة الأمازيغية الجبلية في لوحات راقصة.
أبدع في الإيقاع والحركات –وان شئتم في الشطح الحيدوسي الصوفي- لأنه رقص بقلبه قبل جسده.
أحب حياة المجتمع الأمازيغي الجبلي فرسمها في وجدانه؛ قبل أن يؤديها رقصا ،أبهر العالم.
شهرته ،وان فهمناها شهرة إيقاع ، فهي ليست كذلك؛وأقول لمن دعا له بالتوبة لأنهه لازم الدف ،بار رأيك فأنت الدفاف وليس موحى ولحسين ،نسر الأطلس الذي ناب حتى  عن الدولة المغربية ، وعن مؤسساتها المتخصصة ، في رسم الحياة الأطلسية رقصا ؛أي بلغة يفهمها كل العالم.
ناب عن كل المُمَعيرين الفاشلين في القول :هانحن هكذا نحب الحياة؛هكذا نرقص رغم شظف العيش.
هكذا نسعد وان همشنا تمدنكم المصطنع ،وحداثتكم السكرى.
هكذا نحب ،ونساوي بين الناس في كل شيء.
هكذا نسمح لنسائنا بالرقص معنا لأننا في الحيدوس ،كما في الحياة،كأسنان المشط. نمارس الديمقراطية ولا ننظر لها كاذبين.
موحى والحسين أشيبان أكثر من مجرد مايسترو ،وان قبل منكم هذه التسمية فمن طبعه المتسامح فقط.
ورغم كل المكانة الفنية ،والباع الطويل في السوسيولوجيا الأمازيغية؛يؤوب الرجل الى بقراته غِب كل توقيع فني ؛داخل المغرب وخارجه ،ليقول للعالم،مرات ومرات :
ها أنتم ترون كيف أحب حياتي ؛وما قدمت لكم غير سجل صادق عنها.
رحمك الله يا نسر الأطالس؛وجادك الغيث إذا الغيث هما ؛حيث أنت هناك ؛وهنا في كل القلوب التي تحبك ،والتي بلغت بها ذروة التعبير عن طبيعتها.
بحر من العروض سقط ؛بل البحر الطويل ،بحر كل الفضائل ،وحصان الشعراء الجامح.
Sidizekri.blogvie.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. ص نورالدين
    28/02/2016 at 08:33

    من اجمل ما كتب عن موحى ولحسين و هي ان كنت قد بالغت قد اسميها قصيدة نثرية في رثاء القائد الحقيقي الذي احب الحياة و جعلنا نحبها و اختم بما قلته ياسيد مصباح اعزك الله في ما قلت و ما قدمت من شهادة في حق شخص عاش بسيطا و مات بسيطا كبساطة الحياة التي يحياها كل الفقراء من بلادي. واقول ما قلته سيد مصباح :رحمك الله يا نسر الاطلس و المغرب و المغاربة ايضا فكل القلوب تحبك لان مغربي حقا ورقصت و قدت و جعلتنا نحب احيدوس كالكسكس كل جمعة بل ان نحب احيدوس كما نحب الحياة البسيطة التي ليس فيها نفاق ولا حسد على المناصب ونزلت في قلوبنا فاحببناك وكرهنا السياسيين.وشكرا لكسيدي رمضان مصباح وجعلك مصباحا تنير الطريق و تبحث دائما عن امثال القائد موحى و ليس المايسترو وتمتعنا بالكتابات التي تقدمها لجمهور القراء الذين يسعدون

  2. محمد بيجمن
    29/02/2016 at 01:02

    تحفة أخرى ترصع  » عقدكم المفقود  » سيدي رمضان . مقالاتك – هي الأخرى _ تزرع في كياننا رعشة كما تحدثه رقصات  » الطاووس المجنح  » . رحم الله موحى و لحسين أشيبان أمغار و أطال الله في عمركم

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *