Home»Correspondants»هل العدل أساس الملك فقط؟

هل العدل أساس الملك فقط؟

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

توطئة:
لم يعد العدل أساس الملك فقط؛فهو أساس كل أساس:أساس المواطنة,أساس السلطة,أساس الحقوق والواجبات ,أساس نمو الثروة وتوزيعها,أساس الأسرة ؛وغير هذا مما تقوم عليه الدولة.
وهو هكذا منبث في كل اشتغالات الدولة والجماعات والأفراد؛لأن مقابله ,وهو الظلم, حرمه الله حتى على نفسه,وأمرنا ألا نتظالم . وهو ظلمات يوم القيامة؛لكنها ظلمات ولدت في الدنيا؟
وما دام الأمر هكذا ,ابتداء؛ودون أدنى اعتراض من أحد ؛قديما أو حديثا ؛فمن أفسد العدالة؟
وأي عدالة كانت ,هذه التي  سكتت عن المفسدين وهم يفسدونها؟

سؤال صعب لكنه ضروري:
لأن الهيئة العليا لإصلاح العدالة  لا يمكن أن تشتغل على هذا الورش الحيوي والخطير ,دون أن تطرح كل الأسئلة الصعبة, لتحيط بالموضوع ,من جميع جوانبه  ؛حتى يرقى مشروعها إلى انتظارات الدولة المغربية الحديثة ؛وهي تكاد تكمل الستين عاما من الاستقلال؛وهو الاستقلال الذي تأسس بدوره على مطلبي تحقق العدالة الداخلية و الدولية ؛كما ناضلت من أجلهما ثورة الملك والشعب.
فإذا كانت الغاية الأساسية من تشكيل هذه الهيئة –في هذا الظرف بالذات- هي الإصلاح الفعلي ؛فانه لا يتم دون إغلاق جميع المنافذ التي تسرب منها الفساد ؛وهذا يقتضي معرفتها, أولا ,وبكيفية علمية ,وبالتالي موضوعية.
حينما يضاف تشكيل هذه الهيئة إلى نصوص ملكية سابقة,ومؤسسة, مطالبة بالإصلاح ؛فهذا يعني
الاعتراف الرسمي,أمام الداخل والخارج- من أعلى سلطة في البلاد- بوجود فساد ينخر جسم العدالة ؛ولا حل إلا بقطع دابره. ومن هنا مطلب علمية الإصلاح وليس تسييسه؛ليخدم أجندة وطنية أو فئوية.
تتجه العدالة-أي عدالة- صوب الداخل والخارج؛وحينما يتعلق الأمر بدولة كالمغرب,تحظى بوضعية متميزة على مستوى الاتحاد الأوروبي,وتطمح الى مزيد من الانفتاح شرقا وغربا وجنوبا؛فان مخاطبة الخارج ,وجلب رأس المال ,وهو جبان بطبعه,يجب أن تتم من خلال ترسانة قانونية مقنعة.ولا يمكن أن تكون بهذا المستوى- وهو مطلوب دوليا- إلا إذا تأسست على دراسات علمية أفقية وعمودية.
مهما تكن متطلبات الوضع التدبيري الداخلي ,وأولوياته فان رأس المال القادم إلينا ينتظر منا أمنا عداليا
وتحقق هذا النوع من الأمن, للمواطنين أولا, شرط لتحققه حتى للأجانب الوافدين علينا.
من أفسد العدالة إذن؟
هل هي ثقافتنا التقليدية ؛القائمة – مجتمعيا- على العصبية والغلبة؛يطلبان ,ولو بظلم ,ولو بمال؟
هل هو الظلم الذي ورثناه عن المستعمر ؛جعلنا بدورنا نتشبع بالظلم ونصير ظالمين لبعضنا البعض؛حسب نظرية فرانز فانون؟
هل هي الدولة  التقليدية القاهرة؛كما انتهت إلينا ؛بعد ماض من الحركات السلطانية التطويعية ,وفرض الإتاوات ؛في مواجهة قبائل متنمرة؛ تواقة دوما الى الحرية ؛ولو كانت بالخروج عن سلطان عادل؟
هل هي الدولة الحديثة ؛إذ اختارت ,لعشرات السنين ,ألا تشتغل ,بدون كلل, الا على الهاجس الأمني ؛وكأنها تستكمل حملاتها التطويعية للمعارضين ؛على غرار حركاتها القديمة؟
هل هي الرؤوس المحروقة لبعض المعارضين –على حد عبارة المرحوم الحسن الثاني- التي استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير؛فراحت تتآمر على الشرعية ؛غب الاستقلال ؛ولما يجف مداد وثيقته؟
هل هو العمل القضائي التقليدي ؛كما تراكم بقبائل المغرب؛حيث سطوة الأعيان, وضعف الوازع غالبا؟
هل هي خطة العدالة ,كما مورست قديما ؛وكما تمارس حاليا :لا ينتصب العدلان للشهادة الا وهما مطمئنان لأجر تفاوضي,حر, بينهما وبين المشهود له؟
هل هم القضاة ,إذ اختارت الدولة – الى حدود التسعينيات ربما- أن تفقرهم ؛ حتى اعترف المرحوم الحسن الثاني أنهم بشر, وأن قطارات الذهب تمر أمامهم ؛ومن محطاتهم.
هل هم نفس القضاة اذ يلجون المعهد ؛وهم – طبعا- أبناء بيئتهم؛كالشعراء تماما؟ بيئة مثقلة بفهم متخلف ومغرض للعدالة. لا حظوا كيف تعاورت الأقلام نازلة اعتقال قاضي مراكش لابنيه ,بسب حادث مروري؛مع العلم أن الرجل لم يقم بغير المطلوب منه قانونيا.
كيف أيعتقل ابنيه؟و » مولات الدار »كيف سيقنعها بصواب ما فعل.؟
سبق أن قرأت لميشال جوبير- ابن زرهون- كلاما يحكي فيه أنه كان الى جانب صديقه الحسن الثاني ؛وهو يقود سيارته في شوارع الرباط.توقف الملك عند الضوء الأحمر ؛وقال لجليسه:ها أنت ترى ملك المغرب يتوقف .أجابه جوبير,بذكاء: وما الغرابة في هذا؟ وكأنه يقول له:يجب أن تمتثل لقانون بلادك.
هل المسؤول هو المواطن ؛إذ يغير بماله على المحكمة ؛كما أغار بقوته على ضعيف؟
هل هم أقوياء البلاد إذ يضعفون العدالة بتكبيلها ؛فلا تشتغل الا على الملفات الصغرى ؛تمضي السنين ذوات العدد, وهي تبث- مثلا- في قضية تبادل الضرب بين قاصرين ؛كبرا وصارا يخجلان مما تسببا فيه لأسرتيهما؛وعندي أمثلة حية.
حدثت الواقعة في حفل زفاف جرى منذ سنين؛ولد للعريسين مولود ؛هو اليوم يدرج صوب المدرسة.؛وما نطق القضاء بالحكم…
هل هي الأجهزة ذات الصلة بالعدالة ؛مهيئة لملفاتها ,ومحتكة ,بكيفية مباشرة ,بكل الأطراف ومؤثرة في مصير القضايا؟
هل هو النظام التربوي الذي لا يستدخل درس العدالة, الا كموضوع محدود, ضمن مواضيع التربية الوطنية ؛سرعان ما ينساه التلميذ وهو يتخلص من الركام الورقي للسنة الدراسية؟
هل هي كليات الحقوق ؛حيث لا نقاش جدي الا حق الإضراب الذي يمسك بتلابيب الإضراب الموالي؟
هل ذاك العون ,الواقف بباب العدالة؛كما يقف المقدم في الدوار:له جرأة على كل الأطراف لأنه يعرف الجميع ويخدم الجميع؟
من أين نبدأ؟
نبدأ – أو تبدأ الهيئة العليا- من حيث يبدأ الطبيب المختص ؛بعد أن يكون المريض قد مر بالطبيب العام
دون شفاء.
نجيب على كل الأسئلة ,وحينما نكون بصدد صياغة مشروع الإصلاح- ولعله أفيد للمواطن من الدستور-
نبحث عن موقع لكل الأجوبة ؛حتى لا تتكرر المفاسد ,مرة أخرى, وهي شتى.
وسينتهي المشروع بصلاح وإصلاح لعدالتنا؛ حتى لا يبدأ الإصلاح المقبل من نفس البدايات ؛وحتى لا يستغرب الناس أن يقدم قاضي مراكش على ما فعل؛ وحتى لا يتعجب المواطنون من توقف الملك محمد السادس عند الضوء الأحمر,كغيره من المواطنين.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *