Home»International»تحت الدف الدف الرابع عشر – الرجل الذي حُفِرَت رأسه خُواراً .

تحت الدف الدف الرابع عشر – الرجل الذي حُفِرَت رأسه خُواراً .

0
Shares
PinterestGoogle+

حدثنا أبو الغرائب عن أبي العجائب أن حرفيا من قرية الرموز ، عرف بإتقانه لحرف الحديد من نجارة ومطالة وترصيص وتلحيم ، وحدث يوما أن اتصلت به جماعة من الناس كانوا يودون صناعة رمز لمشروعهم الحديدي وطلبوا منه أن يصنع لهم رمزا على شكل مجسم صغير يستطيع كل من يشاهده أن يألفه ويحفظه ويرسخ في ذهنه رسوخ اسم أبيه وأمه ، وفي رواية أحد الفضوليين يقول إنهم طلبوا منه صنع رمز قادر على اقتحام أفئدة الناس وأن يكون جاريا لهم في العيون والعروق والمصارين . فكر الحرفي في الأمر وطمأنهم بعد أن قدموا إليه نموذجا ورقيا على أن يحوله حديديا ، شرع في إحضار كل المستلزمات كما أحضر مهارته المعهودة فيه ثم بدأ في نشر ما ينشر وإحكام ما يحكم وطلي ما يطلى ، ولما انتهى من عمله عاين الرمز المصنوع وبدا له كشكل طائرة بلا جناحين ، أضاف بعض القطع الحديدية على يمين ويسار الرمز لكن عند المعاينة بدا له كشكل دلفين بلا ذيل ، أضاف قطعا أخرى في كل جنبات الشكل حتى بدا له كوحش آلي دون عينين ودون قلب ، اضطر أن يفكك الشكل ويركبه من جديد ، لكن كل محاولاته باءت بالفشل مما جعله يتصل بأصحاب الطلب ليفهم منهم أكثر ماذا يريدون بالضبط وما المناسبة وما الهدف من هذا الطلب الغريب ، حاول كبيرهم أن يفهمه بنوع من المراوغة ولما أدرك فهمه الثقيل صرح له بالمكشوف الواضح المفتضح أن الغرض من الطلب هو ضرورة اقتحام سوق الرموز الموسمي الذي يقتضي عرض بضاعة جيدة يكون لها بريق يخطف الأنظار ويعمي الأبصار . هز الحرفي رأسه مؤكدا فهمه واقترح عليهم صنع سيف يخطف الأبصار والأعمار ، إلا أن أحد الفضوليين كان ينتظر دوره لإصلاح ما تكسر من صندوقه الحديدي ، تدخل دون استئذان ورفض الاقتراح بدعوى أنه رمز تم استعماله سابقا ، مما زاد في تعقيد تفكير الحرفي في إيجاد رمز لم يتم استخدامه ولم يفكر أحد في استخدامه ، فطلب منهم أن يأتوه بكل الرموز الموجودة في السوق حتى يستطيع صنع رمز مميز ، وبعد يومين أحضروا له عينات من كل الرموز التي عرفتها أسواق المواسم السابقة ، سيوف وفؤوس ، قدور وكؤوس ، مصابيح وورود ، موازين وأسود ، ساعات وجمال ، رايات وتلال ، حمام وفتائل ، نخيل وسنابل ، شموع وأباريق، نجوم وصناديق ، وقوالب ومفاتيح ، لوالب و مشاريح ، كتب ومسامير ، سفن ومناشير ، بوالع ونواقيس ، روافع ومتاريس …

حار الحرفي في ما عُرض أمامه وبدأ يفكر في صنع رمز يجمع كل هذه الرموز بغض النظر عن كونها من الورق أو من الحديد أو من النحاس أو من الخشب أو حتى من القطن . جمع الأشكال إلى بعضها البعض في صحن كبير دون أي اعتبار لألوانها أو أحجامها ،  وأضاف إليها مادة لاصقة ثم أضاف محلول الزفت إليها وبدأ في تخليطها حتى تحولت إلى مادة لزجة ثم أضاف محلولا آخر وبدأ في عجنها حتى استوت على شكل ثور ، اندهش مما رأى وأدرك أنه الرمز المطلوب تماما ، لكن أحد الفضوليين فاجأه حينما شبه الشكل المصنوع بثور السامري واقترح عليه أن يضيف إليه ثقبا كثيرة حتى يحدث خوارا يتناسب وخوار رواد السوق الموسمي . اقتنع الحرفي بالفكرة وشرع في تزيين الشكل بثقب وحفر في كل حواشيه وجنباته ، وكان كلما أحدث ثقبا بالرمز تطايرت الشظايا مقتحمة جسمه حتى أحس بصداع في رأسه نقل على إثره إلى مستشفى الرموز ، وحسب فضولي محنك ، نقل بالضبط إلى غرفة معالجة وتصميم الرموز بالمستشفى المذكور ، هناك أمر كبير اللجنة بسلخ رأس الحرفي وفتحها طولا وعرضا ، ولما قُشِّرت رأسه وشُقَّت بعناية تامة إلى نصفين قفزت من داخلها كائنات صغيرة تحمل بأيديها مناشير وتتكئ على فؤوس ولوالب وترتدي عجلات مطاطية مزركشة بأسلاك كهربائية وتضع على رؤوسها دلاء حديدية تعلوها بقايا الأصباغ ، انتظمت في صف رصين عارضة نفسها على المارة بجوار المستشفى علها تجد من يضمن لها قوت يومها

. صرخ كبير اللجنة في وجه تلك الكائنات وأمرها بالعودة إلى مكانها ، لكن الحرفي توسل إليه بأن يتركها تذهب لحالها ، تدخل فضولي من اللجنة محاولا معرفة سر هذه الكائنات فأجابه الحرفي أنها كائنات رمزية صنعت بمناسبة قيام موسم الرموز وعُلٍّبت في رأسه لاستعمالها عند الحاجة وأن تاريخ صلاحيتها سينتهي بانتهاء الموسم . تدخل فضولي خبير في أمراض الرموز وأكد لكبير اللجنة أن وجود هذه الكائنات في رأس هذا الحرفي يعود إلى كثرة تشغيله في مواسم الرموز فكلما طرق حديدا طارت منه شظايا مخترقة أنفه وأذنيه وعينيه مستقرة برأسه ومع مرور الأيام وكثرة تشغيله لتفكيره انتعشت تلك الشظايا وتحولت إلى هذه الكائنات . ظل الحرفي ينظر إلى تلك الكائنات وهي تودعه متوجهة إلى الموسم الأسبوعي حاملة في سرها الرمز الذي ستختاره دون رقيب ولا حسيب ، حاول أن ينادي عليها لتسمع آخر نصائحه لكنه وجد أنهم قد ركَّبوا في حنجرته قفلا حديديا ، حاول ثم حاول فكه حتى استسلم تحت مفعول التخدير وبقي على هذه الحال حتى تحول إلى كائن مزركش بالرموز حيث ثبَّتوه على بوابة السوق الموسمي كرمز كبير في أعين كل الزائرين ليُذهب عن ذويه حسد كل الرموز الأخرى التي تمر تحته ، استطاع أن ينزع نفسه من البوابة بعد أن اشمأز من الكيفية التي علق بها . ولما سقط  أرضا وجد نفسه لازال يزين ثوره بالثقب والحفر عله يسمع خوارا لا يشبه خوار رواد السوق الأسبوعي ، ثم حفر ثقبا كبيرا برأسه ومات . وفي رواية أخرى ، شكر الفضولي على الفكرة وجز رأسه ثم قطعها إلى نصفين متساويين واستبدلها برأس الثور ثم خار ثلاث مرات  ومات .

يتبع مع فضول آخر ……… محمد حامدي

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *