عندما يصبح الجهل وسيلة للتضليل

عندما يصبح الجهل وسيلة للتضليل
أشكر جريدة « الوطن الآن » التي فتحت لنا المجال لتقديم ما يجب من توضيحات إضافية حول الدواء الجنيس.
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن تكويننا الثقافي و سلوكنا الأخلاقي، يمنعنا من الدخول في أي جدال عقيم يريد البعض أن يُوقعنا فيه، لأننا نعتبر أن إتباع أسلوب السب المجاني أو التضليل، و اعتماد ثقافة تحميل مسؤولية الفشل للآخر، لا يمكن أن يُعبر إلا على ضُعف تكوين مُستعمله.
كما لا بد أن نُذكر الجميع بأن مسؤوليتنا اتجاه وطننا و مواطنينا تفرض علينا التزام الصراحة في القول و الحرية في إبداء الرأي، في إطار من الوضوح و المسؤولية، لأننا نمارس مهنة إنسانية تهدف إلى الوقاية و معالجة كل إنسان من الأمراض و بدون تمييز، لذلك نحرص على استقلالية ممارستنا الطبية، بعيدا عن كل تدخل من شأنه التأثير على طرق التشخيص أو العلاج التي تستوجبها الحالة الصحية للمريض. هذا ما جعلنا نعبر في أكثر من مناسبة عن استعدادنا لكتابة وصفاتنا الطبية باستعمال الأسماء الموحدة الدولية للأدوية (أي الاسم العلمي للدواء) بدل الأسماء التجارية. و لهذه الأسباب نعتبر أن تحميل مسؤولية تدني التعويض على مصاريف العلاج للطبيب و ما يصفه من أدوية لمعالجة المريض، ما هو إلا محاولة لتضليل المواطنين و محاولة يائسة للمس بمبادئ و أخلاقيات الممارسة الطبية.
إن ارتفاع مصاريف العلاج، الذي هو في الحقيقة ناتج عن التطور التكنولوجي، و ظهور أمراض جديدة و مكلفة، بالإضافة إلى حق المواطنين في الطلب المتزايد للعلاج، لا يمكن أن يصبح مبررا لتحميل الطبيب مسؤولية فشل تدبير المؤسسات المكلفة بالتأمين عن المرض، أو سببا للتأثير على قرار الطبيب المعالج الذي هو المسؤول الوحيد أخلاقيا و قانونيا على وصف طرق التشخيص و العلاج. لهذه الأسباب قمنا في العديد من المناسبات، بتقديم مجموعة من الاقتراحات تهدف كلها إلى خفض تكلفة العلاج من دون المس بمستوى جودة العلاجات أو المس بالضوابط و الأخلاقيات المنظمة للممارسة الطبية، إلا أننا لم نجد عند المسؤولين عن الصحة ببلادنا الآذان الصاغية، و كنا دائما نواجه بإجراءات يُهيمن عليها هاجس الحفاظ على التوازنات المالية للصناديق المكلفة بتدبير التأمين على المرض و لو على حساب أخلاقيات الممارسة الطبية و صحة المريض.
أما في ما يتعلق بالدواء الجنيس فمن الناحية النظرية يجب أن يحتوي على نفس المواد الفعالة كميا و نوعيا التي يحتوي عليها الدواء الأصلي، كما يجب أن يثبت تكافؤه الحيوي مع هذا الأخير. و يُعتبر الدواء الجنيس متكافئ حيويا مع الدواء الأصلي إذا ثَبت أن المادة الفعالة التي يحتوي عليها ترتكز في الجسم بنسبة 80% إلى 125% مقارنة مع الدواء الأصلي.
و من الناحية القانونية فإن الفقرة السادسة من المادة الثانية من القانون 17-04 بمثابة مدونة الأدوية تعرف الدواء الجنيس كما يلي: المستحضر الجنيس لمستحضر مرجعي و الذي له نفس التركيبة النوعية و الكمية من المواد الفاعلة التي يتكون منها المستحضر المرجعي و نفس الشكل الصيدلي و الذي ثبت تكافؤه الحيوي مع هذا الأخير حسب الدراسات الملائمة في مجال التوافر الحيوي. إلا أن النص التنظيمي الذي يحدد شروط تطبيق هذا البند لا زال لم يرى النور، و لذلك فإن الإدلاء بدراسة التكافؤ الحيوي ليست ضرورية ببلادنا، مما جعل العديد من الأدوية الجنيسة الموجودة حاليا في الصيدليات لم تقدم هذه الدراسة من أجل الحصول على رخصة لتسويقها في المغرب. إذن في الوضع الحالي و حسب القوانين المعمول بها ببلادنا لا يمكننا التأكد من فعالية الدواء الجنيس.
و ما يجهله أو يريد أن يتجاهله البعض هو أن هامش 20% بالنسبة للعديد من الأدوية كافية لكي تؤدي إلى مضاعفات خطيرة بالنسبة للعديد من المرضى المصابين مثلا بمرض الصرع، أو أمراض الغدة الدرقية، أو أمراض السكري، و أمراض القلب و الشرايين، و غيرهم من الأمراض. و بالإضافة إلى كل ما سبق ذكره هناك عوامل أخرى تَبين من خلال العديد من الدراسات أنها يمكن أن تُؤثر على فعالية الدواء مثل نوعية المادة الأصلية المكونة للمادة الفاعلة و كيفية التصنيع و التعبئة و التغليف.
أما في ما يتعلق بالجانب العملي سوف أكتفي بتقديم حالة واحدة كمثال أعتبرها دالة، و هي كما يلي: بتاريخ 04 مارس 2009، خضع (السيد ك.ع. السن 30 سنة، عامل زراعي) إلى عملية جراحية بعد تعرضه لكسر على مستوى ساقه الأيسر، و غادر المصحة يوم 16 مارس 2009، و في يوم 23 مارس 2009 زار طبيبه المعالج بسبب تعفن للجرح، فقام الطبيب بأخذ عينة من مكان التعفن لعرضها على المختبر الذي أكد أن هذا التعفن ناتج عن جرثومة (Staphylocoque Doré) كما شملت ورقة التحاليل الأسماء العلمية للمضادات الحيوية التي أثرت على هذا الميكروب داخل المختبر، و قد اختار الطبيب المعالج دواء جنيس من ضمن المضادات الحيوية المنصوص عليها في هذه اللائحة، إلا أنه بعد 15 يوما من العلاج تدهورت حالة المريض، و لمعرفة سبب ذلك قام الطبيب المعالج بأخذ عينة من مكان التعفن مرة أخرى و عرضها على المختبر الذي أكد من جديد على أن التعفن ناتج عن نفس المكروب (Staphylocoque Doré) و أنه يتأثر لنفس الأدوية، فقام الطبيب المعالج بتغير فقط الدواء الجنيس بالدواء الأصلي، و بعد خمسة عشر يوما تحسنت حالة المريض الذي شفي بالكامل بعد ذالك.
هذا مثال واحد من ضمن حالات أخرى عديدة يسجلها الأطباء من خلال ممارستهم اليومية، و هذا ما يعطينا الحق في أن نشكك في فعالية بعض الأدوية الجنيسة و عدم المغامرة بوصفها للمرضى.
و من أجل تعميق النقاش في هذا الموضوع، ستنظم النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر مائدة مستديرة حول موضوع « الممارسة الطبية و الدواء الجنيس بالمغرب » خلال مؤتمرها الوطني الذي سينعقد يومي 01 و 02 أكتوبر 2011، و بطبيعة الحال فالدعوة موجهة إلى كل مدبري التأمين عن المرض و شركات صناعة الأدوية الأصلية و الجنيسة، للاستفادة من وجهات نظرهم، كما سيشكل هذا المؤتمر مناسبة لتقديم دراسات علمية معمقة حول هذا الموضوع من كل جوانبه.
الدكتور الناصري بناني محمد
جريدة « الوطن الآن » يوم 19/07/2011
2 Comments
كل ما نتمناه كمواطنين من الله تعالى ، ومن بعده منكم كأطباء ومسئولين عن التأمينات الصحية وأرباب مصانع و مختبرات تصنيع الأدوية هو أن ألا يغيب البعد الوطني والأخلاقي عن الخلفيات التي تؤطر مختلف ممارساتكم المهنية. أقول هذا لأنه ومع الأسف الشديد ما نرصده في الواقع من ممارسات ،في كثير من الحالات لا ينسجم مع الخطابات والتحاليل التي تقدمونها والمنطقية في حد ذاتها.وهذا واقع يجعلنا وكمواطنين معنيين نستنتج وبمرارة أن الأمر في العمق يتعلق بالتمسك بالمصلحة الخاصة كما هي قائمة، بدعوى الدفاع عن المصلحة العامة . بعبارة أخرى، ما نلحظه في حالات غير قليلة هو تبني الحق الذي يراد به باطل. هذا مع تأكيد إجلالنا لكل هؤلاء الذين يحترمون مهنتهم ومن خلال ذلك أنفسهم ووطنهم، من خلال تبني نهج الاستقامة والحفاظ على ذاك التوازن الحيوي ما بين المصلحة العامة ومقابلتها الخاصة
مع الاحترام الواجب
certains medecins sont vraiment la cause principale de la catastrophe de sante des citoyebs surtout dans la ville d oujda.hormis leurs incompetences(temoignage des prof medecins a rabat et a l etranger) ils sont d une arrogance incroyable.concernant l article ci dessus le generique certe est une solution pour les caisses mais faut il encore montrer son efficacite;chose qui ne se realise qu avec les tests mondialement exigés pour les firmes pharmaceutiques qui malheureusement ne sont pas encore obligatoire dans notre pays.mais faut pas oblier que les labos qui se respectent eux meme et qui sont des multinationaux surtout; font ces tests spontanement pour leurs propres images et pour garantir une sante meilleure.