Home»International»الخوري يقطر الشمع على قبر شكري

الخوري يقطر الشمع على قبر شكري

0
Shares
PinterestGoogle+

تأسست مؤخرا مؤسسة باسم « مؤسسة محمد شكري » تزامنا مع عرض فرقة باب البحار لمسرحيتها الجديدة  « رجل الخبز الحافي » بالمعهد الفرنسي بطنجة . لكن هذه الإلتفاتة المستحقة  لم نكن لتجعل الرجل الصاعد من صهد القاع المجتمعي،والمبتلى بلعنة الكتابة، في منأى من السهام الضالة لبعض من بني جلدته.

ففي مذكراته التي عرضها على صفحات جريدة المساء قبل  شهر من الآن ، انبرى الكاتب إدريس الخوري ،وكما يفعل الكثيرون حينما يشارفون على خريف العمر، إلى سرد ذكرياته ملتفتا إلي غيره، في غياب أي التفاتة حقيقية إلى شخصه مذ كان نزيل السطوح بأحد أحياء  الدار البيضاء القديمة.

إن القارئ المتفحص لأقوال وتصريحات الخوري في مذكراته هاته، ليلمس بوضوح ذلك البوح التلقائي بالتذمر والإحساس بالتهميش الذي طاله .وليعلم أنه ليس هو الوحيد الذي يلاقي نفس المصير. فقد سبقه في واقع النكران والتجاهل الكثيرون من محترفي الكلمة. فقدر هؤلاء أن يستمروا في العطاء إلى أن يلاقوا حتفهم . وكل من  تعثر لسبب من الأسباب أو أوقف مشواره فنقمة الجحود في انتظاره. وهذا ما يفسر لجوء الكتاب والمبدعين إلى إنعاش ذاكرتهم كلما أمكن ذلك ، فالموت الإبداعي ينتظرهم في منتصف الطريق ،هذا إن لم يباغتهم نظيره السريري.

إن الغريب والمفاجئ في مذكرات إدريس الخوري هو أن بعض مضامينها جاء على شاكلة صكوك اتهام توزعت يمينا ويسارا . فعوض أن يتحدث عن تجربته بما يفيد القارئ المتعطش إلى إدراك ملابسات احتراف الكاتب، ومعاناته في سبيل فرض إسمه على الساحة الإبداعية . صار يطلعنا كل صباح على متهم جديد من شبكة الكتاب والشعراء الذين عايشهم أو تعامل معهم، بل وصل الأمر به إلى نشر لائحة بأسماء المستفيدين من كرم العقيد القذافي ، إسوة بحكومتنا الموقرة التي عمدت إلى نشر لوائح الريع ثم انزوت جانبا تنتظر من يتصدى إلى هذا الحصن المنيع. غير أن المؤسف والمؤثر في كل هذا هو أن يتعرض لرفاقه في الدرب ، والذين أكل معهم خبز وملح كما يقال،واقتسم معهم الأفكار الوجودية وواقع الحياة غير النظامية وثقافة الحانة وكل ماهو قاسم مشترك بين أغلب الفنانين والمبدعين… ففي معرض حديثه عن محمد شكري الكاتب الذائع الصيت، لم يترك كاتبنا إدريس الخوري أي مناسبة ليقطر عليه الشمع حتى وهو في باطن الأرض ، ولا سبيل له لرد التهمة. استكثر عليه المكانة الأدبية العالمية التي احتلها،ولم يقدر قيمة كتابات الرجل التي جابت الرجاء وبوأته مصاف كبار الكتاب. لا حجة له في هذا التبخيس إلا لكونه امتهن الكتابة متأخرا. فهل عيب أن يكون المرء عصاميا، ولا يعتد بكتاباته إلا بمقدار حيازاته من الشواهد الورقية؟  ويسترسل صاحب المذكرات في سرد أحوال الكاتب شكري ممعنا في محاولة استصغار شأنه: » شكري لم يكن سوى معلم بسيط كنت أنا وزفزاف لا نتركه يضع يده في جيبه » وهذا لعمري ليس من شيم المروءة في شيء ، فضلا عن كونه انتهاك صريح لميثاق الصداقة الذي ينصح بواجب التحفظ على تفاصيل الحياة المشتركة والحميمية بين الأصدقاء. كيف يبيح الكاتب الخوري لنفسه توزيع التهم والإهانات على الأحياء والأموات . هل ثقافة وأخلاق الحانة الباعثة حتما إلى واقع التصعلك هي السبب في كل ما قاله ؟

 إن الكاتب الخوري بوصفه التسطيحي لواقع محمد شكري الحياتي ،وبتفاصيل أقرب إلى  السادية منه إلى السرد الموضوعي،قد يتماهى في تفكيره وتحليله مع رجل الشارع،والسوقي منه على الخصوص،حين يعتبر الإنسان المعلم هو ذلك الشخص لا يتسع إدراكه المعرفي لأكثر من مضامين المقررات التي يدرسها . إن الواقع غير ذلك، فقد شكلت مهنة التدريس عبر التاريخ المشتل الحقيقي للعظماء والنوابغ في شتى المجالات ،ومنهم شكري ذاته.

إنها إذن محاولة يائسة للنيل من هذا الرجل، ذلك الذي اعترفت ثقافات أجنبية بنبوغه الأدبي،بترجمة مؤلفاته إلى لغات مختلفة .ومن المرجح أن تكون للسيد إدريس الخوري دوافع أخرى في تهجمه لن يكون أقلها الشعور بالتهميش بعد أن طال أمد عزلته ، وتلاشي لديه الأمل في أي فرصة تكريم .

   توقيع/ محمد اقباش             

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *