Home»National»حين يجمعنا كل شيء وتفرقنا السياسة / قصة عن محنة المهجرين من الجزائر

حين يجمعنا كل شيء وتفرقنا السياسة / قصة عن محنة المهجرين من الجزائر

0
Shares
PinterestGoogle+

حين يجمعنا كل شيء وتفرقنا السياسة

اسمها * حليمة* , لكن كل الجيران والمعارف ينادونها * لقبايلية * , ولقبت بهذا اللقب في أحفير شأنها شأن جميع الجزائريات اللواتي كن يقطن في أحفير , لكن عمتي حليمة لم تكن أبدا جزائرية , فقد ازدادت بدوار من دواوير تغجيرت , ومع بداية حقبة الاحتلال الفرنسي , نزل ابوها من الجبل ليشتغل في احدى ضيعات العنب بتريفة , ليلتحق بمشغله الذي كان يمتلك مجموعة معاصر للخمور بمدينة سيدي بلعباس بالجزائر الشقيقة
لم يكن * لفقير أحمد * سوى باحث عن لقمة العيش في زمن عم فيه الجوع وشحت السماء
* شركَ لفقير أحمد * برفقة عائلته . زوجته , ثلاث أولاد , وبنت واحدة هي * حليمة * . التي ستكون محور رحى قصتنا لهذه الليلة
كان لفقير أحمد رجلا شريفا درويشا لسانه لا يبرد بذكر الله , فقد كان من أتباع أحد الزوايا الصوفية , وفي الجزائر وجد ضالته , حيث زاد قربه من أهل الطريقة ومعهم زاد زهده وورعه , عاش لفقير أحمد نظيف اليد والسريرة , فبطلب من * لمقدم * غادر لفقير أحمد حقول العنب في نفس اليوم . لم يتريث ولم يخف من الفقر , فيقينه بالله جعله يثق بأن الرزاق هو المنتقم , فهم الصفات و الأسماء الحسنى , لم يكن يعرف كتابة اسمه , لكن يقينه بالله كتب به أجمل معاني الذوبان في ذات الله .
كان لرجال الطريقة الفضل نعم , لكن تربة لفقير أحمد كانت خصبة جدا ساعدت على أن ينبت الورع فيه والتقوى ويترعرع الى أن وصل أرفع معاني الزهد , لقد صار لفقير أحمد يحدث جلسائه عن طاعة المحبين للحبيب , لفقير أحمد الذي لا يحفظ الا قصار السور , حفظ معانيها كاملة غير منقوصة , لقد أدرك بأن أعمال العباد وتجارتهم وطمعهم في الجنة مدرك من مدارك العامة , لهذا أحب الله محبة الحبيب لحبيبه , لم يخف من نار ولم يطمع في جنة , بل رغب في مدارك الخاصة وطمع في مجالستة أحبته والقرب منهم ومن حوضهم
كانت زوجة لفقير أحمد تعيب عليه صفة التخلي عن الدنيا , وكانت تلومه بالليل والنهار , لم يرفع يوما صوته ولم يمد يده عليها , كان يدعو لها الله بأن يلبسها * دربالة * الصالحين ويبليها بحب الله وبأن يعمر قلبها بالايمان * وقلمونها بالشيكان * , كما كان يمزح معها ويقول
تفرغ لفقير أحمد لخدمة الزاوية وأهلها , وكان مصدر رزقه منها , لا طمعا في ما في يد الناس , ولكن برزق القائمين عليها
في تلك الفترة كان ابنائه الثلاثة قد وصلوا سن المراهقة , اثنان دخلا المدارس الفرنسية وتدرجا في الحياة , والثالث تكلف به *شيخ الطريقة* وأدخله تعليما دينيا أصيلا
دارت الأيام والسنين وصلح حال العائلة وصارت أحسن حالا وأوسع رزقا , لم تزد هذه السعة في الرزق* لفقير أحمد* الا يقينا بالله , فقد زاد شكره وتواضعه , وصار محل سكناه محجا للدراويش و المحبين ,فمع تقدم سنه ابيضت لحيته , واحمر وجهه , واعتلى نور من الوقار على عمامته البيضاء , وزادت أوراده وأذكاره وكأنه في المسافة الأخيرة يريد استدراك كل ما ضاع منه , قل كلامه وكثرت ركعاته وتسابيحه
لا تسمع غير نداءه على الله , قائم , جالس , متكئا على عصاه , الله الله الله
كأن الأجل اقترب واقترب منه الدنو والقرب , والنداء صار يرجو القرب بالله لا غير
في تلك الفترة كان ابناه قد تقلدا مناصب وظيفية هامة , سمحت لهما بنسج علاقات مع حركة التحرر الجزائرية , فاستغلا معرفتها بالمغرب وأهله من أجل تسهيل حركة المقاومة الجزائرية , وربطا أواصر تعاون مع اخوانهم في المغرب
, أما الابن الثالث فقد اختار مسارا اخر واتجه للقرويين ليكمل دراسته بها ثم الاشتغال في القضاء في احدى الادرات الفرنسية بالمغرب .
كانت الزيارات العائلية متكررة , والأمور تسير بشكل عادي , فالكل لا يتخيل أن يأتي يوما فتنفك تلك الأواصر التي أسسها وأوثق رباطها لفقير أحمد
كانت أحلام الابناء كما الأب كبيرة لمغرب عربي كبير موحد مستقل , يتسوق فيه الأحفيري لغليزان , ويتجول في الندرومي في ريف المغرب
هرم لفقير أحمد وزاد ضعفه بوفاة زوجته , تزوجت ابنته الوحيدة من مغربي مقيم أيضا في الجزائر, أنجبيت ولدا واحدا * مراد * , و ثلاث بنات
لم يكن زوجها سوى مريد تربى على يد ابيها لفقير أحمد , لم يكن الناس يعرفون له اسما غير * الشاوش * , والشاوش في هرم الزاوية تعني القائم بأشغال الزاوية المتكلف برفادة وسقاية و اطعام الزوار , لقد زوجها واختارها له شيخ الطريقة خوفا على أن يدخل بيت لفقير أحمد بلاء يعكر ورعه
استقل المغرب وتبعته الجزائر , لم يكن أحد يعرف سر *لفقير أحمد *غير ابنته الوارثة لسر الصلاح , كان لفقير أحمد أيام الاحتلال يستغل زياراته المتكررة للمغرب ومريدي الزاوية من أجل ايصال الرسائل وأموال الدعم للمقاومة الجزائرية خصوصا في مرحلة استقلال المغرب , كان يعمل في سرية تامة , وعندما استقل البلدان لم يسجل ولم يحصل على بطاقة مقاوم ولا قدماء جيش التحرير , والوحيدة التي كانت تحفظ سره ابنته و من كانو على علاقة خاصة به
ويأتي يوم مشؤوم على العائلة فيحول ذلك العز وتلك الايام الى جحيم سيغير مجرى حياتهم ومعهم الاف الأسر المغربية القاطنة في الجزائر
فبينما كان الناس فرحين بقدوم عيد الأضحى فوجئت 45 ألف أسرة مغربية قاطنة بالجزائر بوحدات الجيش والدرك وبشكل وحشي تم حشرهم داخل شاحنات , ثم القذف بهم في العراء بين الحدود المغربية الجزائرية , لقد وصل عدد المهجرين حينها الى 350.000 ألف مهجر , فرقوا الابن عن أباه , والزوجة عن زوجها , والعائلة كلها عن ما تملك وما بنته تلك المدة الطويلة , كان مراد يبلغ حينها من العمر سنتان فقط
كان النظام الجزائري يسميها * المسيرة الكحلة* , وكانت فعلا سوداء على* لفقير أحمد* وعائلته الصغيرة , وأحبابه ومحبيه وجلسائه
لقد حشر ذاك الشيخ الجليل ومعه ابنته وزوجها وأبنائهم وبعض اخرين داخل عربات عسكرية , لم تأخذ العائلة معها سوى لباسها فوق جلدها , تتذكر * احليمة *بأنها تركت الغذاء فوق النار , ويتذكر زوجها كيف تم ضربه عندما طلب منهم أن يعطوه فرصة لجمع بعض من أغراضه
تركوا في العراء , فعلم ابنهم القاطن بفاس بالأمر , لم يستشر أحدا , لم يتردد , اقتنى منزلا متواضعا بأحفير وبعض من الأثاث ثم أسكن عائلته ومعها بعض من المهجرين , كان وقع الصدمة على * احليمة * أكبر حين رأت الوالد على كبر سنه وما قدمه للجزائر يهان بهذه الطريقة وينتزع من بين أحبابه و الدراويش الذين وهب حياته لهم , لكن لفقير أحمد لم تهتز شعرة واحدة في لحيته البيضاء , كان هو من يأمر بالصبر والاحتساب ,كان يعرف بأن ما تبقى له ليس أطول مما فات ومضى
عكس كل من هجروا , لم يغضب لفقير أحمد ولم يحقد , كان وطنه هو الخير , بلاده حيث تواجد أحباب الله , لا يخاف غربة ووحشة غير وحشة القبر وبعده عن مجالس الذكر
عاش لفقير أحمد أربع سنوات في أحفير , كان لا يقدر على الحركة , زاد وقاره و نوره مع عجزه , كان يأمر صهره أن يحمله ويضع له كرسي أمام المنزل فيتركه الى أن تغيب الشمس , كان لا يتحرك الا لتمرير حبات سبحته , أو لاخراج التيمم من تحت * الهيدورة * التي كان يجلس فوقها , ليدخل في ركعات وسجدات بهز رأسه فقط .
كان الأطفال كل مروا به قبلوا يده , يمرر يده فوق رأسهم ويدعوا لهم , كان في عيون الأطفال شخص ات من زمن لم يروه بل فقط سمعوا عنه في حكايات الجدات
كان الجيران يحترمون العائلة الى درجة الخوف من أن يخطئوا في حقهم * وتلحقهم بذلك دعوة الشر * , كانو لا ينادونهم الا * لمرابطين * وكانوا يترجون بركات ودعوات *لفقير أحمد*
توفي لفقير أحمد تاركا دهشة كبيرة في قلوب الصغار قبل الكبار , لم يتصور أحدهم أن يستفيق يوما ولا يرى ذلك الملاك الحارس الذي يزين بهيبته حيهم
كانت ابنته * حليمة* أكبر الخاسرين , فباعتنائها بوالدها كانت ترى خوارق كتمت سرها , ضاع منها مفتاح البركة واليمن واليسر
بعد أربعين يوما من وفاته , وبعد ايام طويلة من الذكر والتسبيح , وبعد ليال تناوبت عليها كل الفرق الصوفية , فض الجمع وراح كل واحد لحال سبيله
عاد الابناء لفرنسا , وعاد ابنه القاضي لفاس , وتركت حليمة مع زوجها وابنها مراد والثلاث بنات
بعد وفاة ابيها مباشرة , التحفت حليمة لباسا أبيضا , واصبح الناس يلقبونها * لفقيرة احليمة * , كانت فعلا مرحلة جديدة ترددت فيها على مجالس الذكر , كيف لا وهي التي رأت بعيناها ما لا تصدقه عين ولا خطر على قلب بشر
كانت حليمة تعتني بمنزلها وكان كل شيئ مختلف تماما عن بيوت الاخرين , كأنها امرأة تركية تعيش في أحفير , كان مدخل الباب مزين بمزهريات من * الحبق* , تشتم رائحته كلما مررت به , وأنت تدخل المنزل تتفاجئ بتلك الحديقة الصغيرة تتوسط فناء المنزل , بها شجرة * ديال الليم * وهبت ثمارها للجيران , كل يوم تضع بعض منها في سلة قرب مدخل الدار , وكلما دق أحد أطفال الجيران دار بينهم هذا الحوار
الطفل : السلام أعمتي لمرابطة احليمة
حليمة : السلام أولدي , الفم اللي يكول عمتي الله يعمرو بالذهب , واشتا بغيت
الطفل : كَالتك ما مديلها واحد الليمة بغات ديرو لراسها راه يوجعها
حليمة : سير راني جاية وغادي نجيبها ونجي
لم تبخل يوما عن عيادة المريض , تدخل منزل الجيران تشم رائحة الحساء* لحريرة * فتداعب الجارة
وش راسك وجعك ولا هاذي غي لحريرة , فتجيب الجارة
أودي غي حشمت أوكا وقلت لو واشتا يقولك
كان لفقيرة حليمة تفهم الأمور بسرعة , تتجاوز التفاهات العابرة , لم تكن تتدخل , فغيرها يصبح واعظا حول الكذب , ولا يجب تعليم الأطفال هذا , لكن رزانة لفقيرة احليمة كانت تفرق بين حرج الناس وبين بعض المواعظ التي تفسد العلاقات أكثر مما تصلح
كان المنزل ورائحته قطعة تركية في الحي , كلما دخلته شممت رائحة ماء الورد , كلما زرتهم شممت رائحة * النافع و البسباس * , وبدون مناسبات كان المنزل الوحيد الذي يعد الحلويات على مدار السنة , كل يوم ترى بنات لفقيرة احليمة يتوجهن * لفران طوطو * يحملن الحلويات وخصوصا * الكعك * الذي لا يمكن أن يخلو منه منزل * لمرابطين * , لقد كانت أجواء المنزل محاولة لاعادة رسم ايم عز مرت بها العائلة , كان التنظيم واحترام الناس واعطائهم قدرهم خلق أصيل فيهم رغم نوائب الدهر
كان الابن الوحيد مدللا ولا يقوم بأي شيء , كانت أمه وأخواته ينادونه * بسيدي مراد * ,الا الأب الذي كان جادا معه ويريد أن يرجعه للواقع
لا يقوم *مراد* بأي أمر ,لا هم له سوى الاهتمام بمظهره الخارجي , منذ صغره لم يلعب مع عامة الاطفال ولم يخالطهم , رعاية أمه جعلته أقرب اليها من غيرها , وزاد من دلاله رعاية أخواله واهتمامهم به
لم يكن يعتني بدروسه بالقدر الذي كان يهتم بمظهره ,كلما اعتلى * لعجاج * فوق حذائه , أخرج منديلا وبسرعة ينحني لينظفه , كان أقرانه يتخذونها مزحة فيطأون بأحذيتهم على حذائه
كان لمراد ملكة فائقة في الفهم , رغم أنه لا يراجع دروسه في المنزل , الا أن انتباهه في القسم جعله يتفوق على الجميع
كبر مراد وكبرت معه أحلامه
لفقيرة احليمة كلما هرمت أكثر اقتربت من مسار والدها , يزيدها الكبر وقارا وهيبة , لم تنزع * الحايك * يوما بل أمرت به البنات ومن تعرفهم
تزوجت البنات الا واحدة وهبت نفسها لخدمة الوالدين, لم يجبرها أحد على هذا القرار , لكن سر ما ورثته من جدها , سر التخلي والايثار ولو على حساب مستقبلها
غريب وعجيب أمر هذه العائلة , لا يغادر أحدهم الدنيا حتى يدع سره في أحد اللاحقين
لم تكن لزوج لفقيرة احليمة أثر كبير في مسار العائلة , فقد ظل وفيا لعهد صهره* لفقير أحمد* , بل كان اصهاره الثلاثة يعرفونه بأنه من طينة الوالد , فتحملو مصاريفه ومصاريف العائلة دون أي حرج
توفي زوج لفقيرة احليمة , وبقيت فقط مع ابنتها , كان مراد حينها يكمل دراسته بفرنسا
في يوم من الأيام توقفت سيارة فخمة , خرج منها شاب أنيق , أطلت فتيات الحي من النوافذ , من يكون من يكون ؟
انه ولد لقبايلية قالت احداهن
سمعها مراد والتف اليها وقال لها : *صافي ما بقاتش مرابطة ولات قبايلية , وخا فيها يا حشحوشة نسيتيني غادي نشدك*
هكذا كان يلقبها عندما كانت صغيرة , * بنات اليوم تكول راهم ياكلو لا نكَري * , يكبرن بسرعة , يسأل مراد نفسه
وهو يمزح مع جارته , فتحت لفقيرة احليمة الباب لتتبن مصدر هذا الصوت , لم تخرج الا عينها من شقة الباب , دفع * مراد * الباب ثم وقفت و نظرت اليه , تجمد لسانها , نظرت في عينيه , نظر في عينيها , فركت عينيها لتتأكد , فرك عينيه ضاحكا
خمس سنوات بالتمام والكمال قضتهم * لفقيرة احليمة * في شم ملابسه
رددت : ومن شر حاسد اذا حسد , ثم عانقته ودخلا الاثنان في بعضها البعض , وانخرطا في بكاء سال دمع الأم فيه على خد ابنها قبل خدها من شدة العناق
دخل * مراد * ليجد أن البيت على حاله , رغم وفاة الأب و مغادرة أختاه الى بيت الزوجية
أخبر مراد أمه بأنه بأنه يعتزم العودة والاشتغال بالمغرب , فهو الان خريج كلية الطب بفرنسا
مفاجئة أخرى كبرى حين أخبرها بأنه حجز لها تذكرة سفر من أجل زيارة معارفها في الجزائر , لم يكن مراد يتذكر جيدا تلك المرحلة , لكن حكايات الأم جعلته يشتاق لمعرفة مسقط رأسه , ورأى بأن حج الأم لتلك الديار معروف بر سيقوم به
سافر الاثنان الى الجزائر , في حين سافرت أخته الى فاس عند خالها رافضة السفر معهما
سيارة طاكسي صفراء نقلتهم من مطار وهران لسيدي بلعباس , نزلا من الطاكسي , وقفا على ربوة ينظران الى ذلك الحقل و ذاك المنزل الذي تركاه
اقتلعت الأشجار , صارت الأرض مكسوة بالأعشاب الضارة , صار المنزل خراب , اقتربا من تلك المراسم , جالا بين ما تبقى منها , قبلت حليمة أركان بيت متهاو , في كل حجرة ذكرى , قي كل ركن سر والدها , في أي موضع حديث همس بين لفقير أحمد وربه . في * الحوش * أمداح * لفقرة * وقرع طبولهم , دخلت الكانون فرأت رمادا كثيفا ذكرها بكرم الوالد , كما ذكرها باخر وجبة غذاء تركتها على النار , جالت وبكل ذكرى حكاية ورواية , خرجا من المنزل فرأت شيخا هرما , اقتربت منه , لم تسأله بل قبلت رأسه في صمت , فأي كان الشخص فهو جزء من ذلك الزمن , وفي الحقيقة لم يكن الا أحد * لمجاديب * الذين كان لفقير أحمد يعطف عليهم
اقترب *مراد *منه ووسأله : هل تتذكر* لفقير أحمد*
رفع رأسه وقبل يد* مراد *ولم يقل أي كلمة , سالت دمعتان من عينه ثم قام وغادر المكان
زادت حيرة* مراد *, وما كان عليه الا أن يتبعه بنظراته حتى غاب طيفه و خط الدموع يرسم على خديه
اتجهت* لفقيرة احليمة *الى أقرب منزل من معارفها , دقت الباب , خرجت فتاة جميلة , سلمت عليها لفقيرة احليمة ثم طلبت * ضيف ربي * , وما خاب من كان لله ضيفا
أدخلتها الفتاة بينما جلس مراد ينتظر في الخارج ,وهي تلج المنزل و بعرف * الفقرا* كانت لفقيرة احليمة تردد أهازيج دينية لم يفهمها الا جدة تلك الفتاة , كانت الجدة في ركنها فقامت وكأن ريحا حملتها لتلك الأهازيج و الأمداح , دخلت * الحاجة الكاملة* وهي تردد نفس الأهازيج , كانت الحوار مدحا وصلاة على النبي , لم تتعرف على *لفقيرة احليمة *, لكن تعرفت على قاموس أي من كان قائله لا يكون الا من أهل الله , كانت الأوراد خاصة , وكانت اللقاء بالعناق والتقبيل عشرات وعشرات المرات
وحين سألتها عن * ضيف ربي شكون يكون * , أجابت لفقيرة احليمة بأنها * بنت لفقير أحمد المروكي * أو كما كان يحلو للبعض مناداتها
لم يقف عويلهما وبكائها الا حين سأل مراد عن أمه , مع سر اللحظة نسيت* لفقيرة احليمة* بأن معها *مراد* , رغم أنهما آتيان من المغرب وقطعا مسافة طويلة من أحفير للدار البيضاء ثم الجزائر بمحطاتها , كانت اللحظة لحظة تذكر بالعناق والدموع , وقف الجميع يراقب العجوزتان وحالهما , كان الجميع من جيل لا يتذكر تلك الايام , لكن ذابوا في شوق غصت الحناجر منه ولم يسمع منه الا الشهيق وزفير الأرواح
أمرت * الحاجة الكاملة * بادخال مراد ثم حاولا الظهور بمظهر المتماسكتين , بدأ السؤال عن الأحياء والأموات , بدأ حوار عن حال الأحباب والعائلة , تخللت الجلسة عناق بين الفينة و الأخرى , ثم سأل مراد عن الرجل * المجدوب * وعن حاله , أجابته * الحاجة الكاملة * بأن منذ أن رحل لفقير أحمد من الجزائر وهو على تلك الحالة
استضافت العائلة مراد وأمه لمدة لم يحسا بها بأنهما ضيفان , وفي تلك المدة أعجب مراد بحفيدة * الحاجة الكاملة * , ليعيدا من بعد تلك الأواصر ويتزوج بها
عادت الأم وابنها من الجزائر , وعندما استقلا الطائرة التف مراد نحو أمه وخاطبها بلغة تحبها
فعلا ألفقيرة احليمة أنت بنت ربي كما تقولين , فهؤلاء ينادونك بلقبايلية , والاخرون ببنت لفقير أحمد المروكي , واللي يكون ربي مولاه كلشي عيال الله عيالو.

طابت ليلتكم

أمريكا في 27 يونيو 2013

عبد الواحد مزويرح / الداعي الى فتح الحدود و صلة الرحم

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. moussa
    28/06/2013 at 19:03

    wallah , wallah , wallah les frontières resteront fermées jusqu’a la fin du monde . encore une foie vous étés nos ennemis n 01 de l’Algérie . le peuple algerien a choisi sont camp depuis 1962 a ce jours .aucune chance ! on vous aiment pas .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *