Home»National»هل تفرض الوزارة الوصية على الإعلام نفس الرقابة على قطاعها التي تفرضها الوزارة الوصية على الشأن الديني على منابرها ؟

هل تفرض الوزارة الوصية على الإعلام نفس الرقابة على قطاعها التي تفرضها الوزارة الوصية على الشأن الديني على منابرها ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

هل تفرض الوزارة الوصية على الإعلام نفس الرقابة على قطاعها  التي تفرضها الوزارة الوصية على  الشأن الديني على  منابرها ؟

 

محمد شركي

 

يبدو أن حكاية الداعية السيد عبد الله النهاري  مع صحفي جريدة الأحداث قد أخذت أبعادا كبرى ، وأثارت العديد من القضايا التي لا يمكن أن تظل معلقة إلى ما لا نهاية . فإذا كان صحفي جريدة الأحداث قد ركب حق حرية التعبير فدعا إلى ما سماه الحرية الجنسية دون مراعاة  مشاعر المغاربة الدينية والأخلاقية  ، ودون احترام القرآن الكريم  والسنة النبوية الشريفة  ،وهي مرجعية المغاربة  الأساس التي لا تقبل المساومة أو المزايدة ،فضلا عن  دستور البلاد الذي تم التوافق بشأنه  وصار ملزما للجميع بما فيهم الذين لم يرضوه بعد التصويت عليه ، فإن الداعية السيد عبد الله النهاري  صدر في حديثه عن  واجبه الدعاوي معتمدا المرجعية الدينية . وإذا كان هذا الداعية قد تنكب الصواب في اعتماد المرجعية الدينية ، فدونه المجلس العلمي الأعلى الذي له سلطة الإفتاء ، وتقويم  الدعاة . وما حصل لحد الآن  في قضية الداعية الرافض للإباحية الجنسية  والصحفي الداعي إلى هذه الإباحية بشكل صريح غير قابل للتأويل عبارة عن تجاوز للجهة المختصة بتقويم ما صدر عن الداعية ، وما صدر عن الصحفي . فالقضية في الأساس  قضية قيم وأخلاق  ، ومعلوم أن الدين هو المسؤول عن القيم والأخلاق ، ولهذا كان لا بد من استشارة وزارة العدل الوزارة الوصية عن الشأن الديني قبل أن تباشر تحقيقها مع الدعاية على اعتبار أن كلامه كان تحريضا على القتل دون اعتبار كلام الصحفي الذي كان إساءة  واضحة لمشاعر المغاربة الدينية  . فكيف  يا ترى يرفع المغاربة شعار :  » ما تقيسش بلادي  » عندما يتهدد الوطن خطر الإرهاب ، ولا يرفعون  نفس الشعار عندما يتهدد الوطن خطر المساس بالقيم والأخلاق ؟   ولقد كان من المفروض أن تستشير وزارة العدل الوزارة الوصية عن الشأن الديني لمعرفة فتوى المجلس العلمي الأعلى في ما صدر عن الصحفي  أولا ، ثم  استشارتها فيما صدر كرد فعل  من الداعية  لمعرفة فتوى المجلس العلمي الأعلى أيضا . أما إحالة القضية مباشرة على العدالة ، فيوحي بأن المغرب  بلد علماني أو بلد يأخذ بقوانين البلاد العلمانية ، وهو أمر مناقض  لما يتصدر الدستور وهو اعتبار الإسلام دينا رسميا للدولة . والمغاربة إنما صوتوا على هذا الدستور لتضمنه هذا الاعتبار وإلا فإن غالبية المغاربة يرفضونه لو أنه جاء خلوا من اعتبار الإسلام دينا رسميا للدولة. وممارسة المغرب للإسلام  لا يعني  ما تعنيه ممارسة المسيحية في  البلاد المسيحية حيث  يوجد مسيحيون ممارسون وآخرون غير ممارسين ،لأن هذه البلاد المسيحية تأخذ بالنهج العلماني الذي يقر  ممارسة الدين وعدم ممارسته. وهذا من الاشكالات التي  أفضت إليها قضية الداعية والصحفي العلماني الإباحي . فما هو حاصل اليوم في المغرب  هو وجود مسلمين ممارسين ممارسة كاملة  للإسلام ، ومسلمين ممارسين ممارسة  محدودة أو نسبية للإسلام ، ومحسوبين على الإسلام غير ممارسين  وهم العلمانيون الذين يحترمون علمانيتهم ، وليسوا الذين يتذبذبون بين التدين والمروق منه . فإذا كان المغاربة لا يجرؤون على الإفطار في رمضان ، فإن الكثير منهم يجرؤ على ترك الصلاة ،  أو منع الزكاة ، أو التراخي في فريضة الحج دون أن يحاسب كما يحاسب على الإفطار في رمضان ، وهذا يعطي الانطباع لدى الكثير من الناس بأنهم أحرار في التدين أو عدمه ، أو أنه من حقهم أن يمارسوا ما شاءوا من العبادات ، وهو ما يعني  وجود مغاربة  ممارسين للتدين بشكل كامل ، وآخرين ممارسين للتدين بشكل منقوص ، ونوع ثالث  غير ممارس وقد يكتفي بالاعتقاد دون تطبيق ، و قد لا يعتقد أصلا . ووجود وزارة وصية على الشأن الديني يعني  بالضرورة حراسة الدين  من كل ابتذال . فعلى غرار منع  هذه الوزارة المجاهرة بالإفطار في رمضان   يجب أيضا أن تمنع المجاهرة بترك الصلاة ، أومنع الزكاة ، أوتعطيل فريضة الحج ، كما أنه من واجبها منع كل ما حرم الله عز وجل من زنا  وقمار  وخمر  ورشوة … إلى غير ذلك من المعاصي المنهي عنها شرعا. والوزارة الوصية على العدالة  يجب عليها أن تعتمد آراء الوزارة الوصية على الشأن الديني . فإذا ما جاهر المفطرون في رمضان بالإفطار وجب أن تأخذ  وزارة العدل برأي أهل الفتوى المتعمد  في الإفطارالعمد  . ونفس الشيء يقال عمن يتعمد المجاهرة بتعطيل ركن من أركان الإسلام . وباقي الوزارات  يجب أن تحترم وتلتزم احترام الثوابت وعلى رأسها الشريعة الإسلامية . وهنا ننتقل إلى إشكال آخر  مرتبط بتداعيات الخلاف بين داعية وصحفي ، وهو أن الصحافة  المقروءة  والمرئية  والمسموعة قد تتناول قضايا تمس بالعقيدة والشريعة دون أن تراقب أو تحاسب . فعلى سبيل المثال لا الحصر  تكاد بعض الصحف تتخصص في  القضايا الجنسية بحيث لا تتجاوز مواضيعها ما بين الفخذين وبشكل إباحي   ومبتذل  ، وبصور تخدش الحياء على صفحاتها الأولى ،ذلك أن مواضيع  تدور حول الدعارة ، والقوادة ، وعمل قوم لوط ، وزنا المحارم  وما شابه هذا العفن . ولم تتدخل وزارة العدل لاستجواب أصحاب هذه المواضيع الساقطة بكل المقاييس  خصوصا في بلد إسلامي . ولقد بلغ الأمر  بالأشقاء  العرب  في وسائل إعلامهم المساس بشرف وطننا حيث  تنشر بعض وسائل إعلامهم أن  عدد المومسات عندنا بالملايين . ولقد خضت شخصيا حروبا مقالية طاحنة مع بعضهم على بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية  بسبب النيل من سمعتنا الأخلاقية التي  تعبث بها بعض صحفنا  ، والتي لا أتردد في وصفها بالسفاهة  والانحلال الخلقي  والتهتك . ومقابل  انعدام الرقابة على ما ينشر في هذه الصحف  توجد رقابة  شديدة على منابر الجمعة  وبأساليب  مختلفة  وتبدو أحيانا مثيرة للسخرية . فمن هذه الأساليب ما يسمى الخطب المنبرية ، وهي خطب تحرر  من طرف بعض الجهات ، وتكون في الغالب  دون المستوى .و فضلا عن كونها تتعلق أحيانا بمناسبات وطنية ، فإنها في أحيان أخرى  وحين تصادف أحداثا  داخلية أو خارجية يكون الهدف من ورائها هو منع الخطباء من تناول هذه الأحداث  وفرض خطب عليهم تتناول مواضيع من قبيل أهمية دور الملح في الطعام ، وما شابه ، الشيء الذي يجعل حتى المواطن البسيط يستخف بها  بله المواطن المثقف و الواعي  الذي يرغب في معرفة وجهة نظر الدين في مختلف القضايا التي تعنيه داخليا وخارجيا .  وقد يتحمل الخطباء مسؤولية تهافت الخطب المنبرية التي يلزمون بها . وإلى جانب الخطب المنبرية المفروضة  ، تفد على الخطباء مذكرات تلزمهم بتناول  مواضيع بعينها  إما لمصادفتها مناسبة من المناسبات أو لصرفهم عن الخوض في قضايا طارئة داخلية أو خارجية . وكل هذه الإجراءات تعتبر رقابة تمارسها الوزارة الوصية على الشأن الديني على منابر الجمعة مقابل انعدام أية رقابة  من الوزارة الوصية على الشأن الإعلامي على  المنابر الإعلامية ، ومقابل انعدام أية رقابة  من طرف باقي الوزارات على قطاعاتها حين  تمس  بالقيم الدينية والأخلاقية . ولقد تم توقيف العديد من الخطباء والوعاظ بسبب رقابة الوزارة الوصية على الشأن الديني على المنابر والمساجد ، ولم يتم توقيف  سوى الصحفي  المشهور رشيد نيني من طرف العدالة  .   أما الذين تم توقيفهم في الجهة الشرقية فسأذكر نموذجين  لمعرفتي  بهما  على سبيل الذكر لا الحصر . فتوقيف الأستاذ  الدكتورعبد المجيد بن مسعود ، وهو  رجل تربية اشتغل بالتدريس  لمادة الفلسفة  وبالتفتيش  لمادة التربية الإسلامية ، وهو عضو نشيط ومؤسس لجمعية النبراس  الثقافية كان بسبب تعاطفه مع الثورة الليبية ، علما بأن الموقف الرسمي للدولة كان هو التعاطف مع هذه الثورة  ، إلا أن وصاية  وزارة الداخلية التي تمارس على الوزارة الوصية على الشأن الديني جرمت تعاطف هذا الخطيب مع الثورة الليبية ،  وحملت وزارة الشأن الديني على توقيفه  دون وجود عدالة تحميه ، ودون منحه فرصة حتى للاعتذار إن كان قد  أخطأ ، ودون إحالة قضيته على جهاز الفتوى الذي هو المجالس العلمية المحلية والمجلس العلمي الأعلى . أما النموذج الثاني فهو الداعية السيد عبد الله النهاري المربي سابقا  والموظف  حاليا ، والناشط في حقل الدعوة ، والذي تم توقيفه أيضا على خلفية تقارير وزارة الداخلية التي تفرض  وصايتها على الوزارة الوصية على الشأن الديني . ومن توقيفه من خطبة الجمعة إلى توقيفه من الوعظ ، وأخيرا تمت فبركة  استنطاقه  من أجل  تجريمه وحبسه  على ما يبدو ، وذلك دون مراجعة الجهات المختصة التي لها حق البث فيما نسب له من مخالفات وهي المجلس العلمي المحلي والمجلس العلمي الأعلى. والتهمة الأخيرة التي نسبت له تحاول نسف  كل إنجازاته ، بل تحاول تشويهه  لدى الرأي العام الوطني  على اعتبار أنه شخص يحرض على العنف ، وذلك من أجل إدخاله ضمن لائحة المدانين بجرائم الإرهاب . والذي يعرف جيدا الجهة التي كان يمارس فيها الداعية السيد عبد الله النهاري دعوته يقدر جهده وما قدمه للوطن من خدمة .  فالجهة التي كان يمارس فيها الوعظ والإرشاد والتوجيه والتربية   عبارة عن أحياء شعبية كانت تعشش فيها الرذائل من تعاطي للمخدرات والخمور والزنا  ، والسرقة وغير ذلك من الآفات الخطيرة . وبذل جزاه الله كل خير كل جهد حتى  استمال  الشباب الضائع ، وجعل منهم بعد فضل الله عز و جل شبابا متدينا مقبلا عن حفظ القرآن الكريم . أما المشاريع الخيرية  فكان من أكبر الدعاة إليها  لفائدة الفئات الاجتماعية البائسة الفقيرة . وكان لا يدعو إلى مساعدة هذه الفئات إلا استجاب له  جمهوره الطويل العريض .  وكان يقود ويخطب كل التجمعات الوطنية  الشعبية  في كل المناسبات الوطنية والقومية  ويخطب فيها ، ويصرف الناس في نهايتها بهدوء ، ويثني على رجال السلطة والشرطة  ، ويدعو لأمير المؤمنين بالتوفيق والنصر . فكيف يشطب كل ذلك من سجله المشرف ليصير متهما ومدانا لأنه قال كلمة حق  ، وأنكر الدعوة إلى نشر الفاحشة من خلال  تسويق فكرة حرية الجنس ؟  وصدق المتنبي إذ قال :

أيذهب يوم واحد إن أسأته //// بصالح أيامي  وحسن بلائيا

إن الوزارة الوصية على الشأن الديني مطالبة بحكم اختصاصها بمراجعة التوقيف التعسفي في حق الدعاة ، ومراجعة أساليب الرقابة عليهم  ما دامت وزارات أخرى لا تمارس أية  رقابة على قطاعاتها  ،ومنها الوزارة الوصية على الإعلام ، ووزارة الداخلية . ولا يعقل أن يوجه الخلاف داخل قطاعات  بعض الوزارات توجيها  مشبوها  ، وغير سليم من أجل التمويه على الخلاف مع حكومة محسوبة على الإسلام.  فالقناة الثانية  إن كانت على خلاف مع  وزير الإعلام بخصوص دفتر التحملات الذي أراد  وضع حد لاستبداد لوبي القناة ، فلا يعقل أن تتخذ من داعية وقع عليه الظلم  قربانا  لهذا الخلاف . وأخيرا أقول على الحكومة المحسوبة على حزب  يتبنى الإسلام أن تبرهن لنا  على أنها بالفعل تحترم الإسلام من خلال  الحد من تجاسر العلمانية المستأسدة  عليها ، وألا تخضع_ لابتزازها  المقصود والمتعمد ، علما بأن القضايا التي أثارتها العلمانية لحد الساعة لم تثر من قبل يوم كانت الأحزاب العلمانية في مركز القرار . فمن قضية الاغتصاب والانتحار إلى  قضية الطرب  والرقص ، والمهرجانات ، إلى قضية الحرية الجنسية  والباقي سيأتي . وعلى الجهات العلمانية  أن تعلم علم اليقين أن المغاربة ليسوا بهائم  يساقون  لكل من هب ودب ، وأن المساس بقيمهم وأخلاقهم الدينية هو مساس بهم ، ولن يسكتوا عن ذلك . فمن أراد إباحة الجنس فليبحه في قريباته أما  وأختا وبنتا  وعمة وخالة ، ولا يحاول  تسويق ذلك لأنه إن فعل يكون قد عرض  الشعب  للإهانة التي لن يقبلها أحد ، وحينئذ لن يحتاج الشعب إلى من يفتيه في  من يريد إهانته ، فالشعب  الذي قاوم المحتل الفرنسي  والإسباني الذي كان يريد إهانته هو نفس الشعب الذي لن يرضى بإهانة  غير المحتل كائن من كان. فليس المغاربة أهل دياثة ولا يرضون وجود قوادة بينهم أبدا .  وأختم بالقول : كفى من النفخ في قضية باطلة وخاسرة  أساسا . ومن أراد أن يبح عرضه فلفعل ما شاء ، ولكن ليس من حقه أن يساوم الناس في أعراضهم  لجعلها كعرضه الذي هان عليه . ومن أراد أن يكون علمانيا فليحتفظ لنفسه بعلمانيته ، ولا يحاول  أن يسوقها تسويق البضاعة البائرة ، في بلد شاء الله عز وجل أن يكون مسلما أبا عن جد ، وسيبقى كذلك إلى  أن يرث الله الأرض ومن عليها ، لأن الدماء الزكية التي سالت  فوقه لا ثمن لها سوى بقاء ودوام الإسلام فيه . ولن يفرط المغاربة في دماء الشهداء الذين  سقوا أرض المغرب من أجل أن يصل إلينا الإسلام غضا طريا  كما أنزل .ولنا عودة إلى هذا الموضوع إن جد جديد .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. أبوسيف
    04/07/2012 at 19:48

    بارك الله فيكم على هذا المقال الذي ينم على تبصر وبصيرة وجعل ماتكتبون في ميزان حسناتكم يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *