ما أصدق حديث السفينة على المغاربة في الظرف الحالي وما أحوجهم جميعا حكومة ومعارضة للاستفادة منه
ما أصدق حديث السفينة على المغاربة في الظرف الحالي وما أحوجهم جميعا حكومة ومعارضة للاستفادة منه
محمد شركي
مما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : » مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر ، فأصاب بعضهم أعلاها ، وأصاب بعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها يصعدون ، فيسقون الماء ، فيصبون على الذين في أعلاها. فقال الذين في أعلاها : لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا ، فقال الذين في أسفلها : فإنا ننقبها من أسفلها ، فنسقي . فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا ، وإن تركوهم غرقوا جميعا » . فما أصدق هذا الحديث على المغاربة اليوم ، وقد صار بعضهم في الحكومة ، والبعض الآخر في المعارضة . فأما القيام على حدود الله عز وجل ،فهو التزام القانون والشرع ، وأما الإدهان في حدوده ، فإظهار الالتزام بالقانون والشرع ، وإبطان عكس ذلك .وأما السفينة فهي الوطن ، وأما الاستهام عليها فهو الاقتراع لتدبير شأنه، وأما أعلاها فهو الأخذ بزمام الأمر أو الحكم ، وأما أسفلها فهو المعارضة ، وأما سقاية الماء فهو المصالح المشتركة ، وأما نقبها فهو الفساد والإفساد في الوطن، أو تعريض مصالحه للخطر، وأما الأخذ على اليد والمنع من النقب ، فهو مواجهة الفساد والإفساد ، وأما النجاة فهي النجاح في التدبير ، وأما الغرق فهو نهاية الوطن وخرابه. فالمعارضة اليوم عندنا ،وقبل أن تشرع الحكومة في تدبير شأن السفينة التي تمخر عباب البحر ، بدأت تهدد بنقب السفينة ، ولم تجرب حتى مجرد الصعود إلى أعلاها لجلب الماء ، لأنها لم تقبل بنتيجة الاقتراع ، ولم تقبل بوجودها أسفل السفينة ، ووجود غيرها أعلاها ، مع أنها أصابت من قبل أعلاها ولم تكسب خيرا مع أن من كان في الأسفل لم يهددها بنقب السفينة كما تهدد بذلك ، وكانت سببا في وشك السفينة على الغرق بسبب ما أشاعته من فساد وإفساد في الوطن . ولقد بدأ الإعداد لنقب سفينة الوطن من طرف المعارضة لما أصاب أعلاها الإسلاميون قبل أن تتحرك في عرض البحر حيث الأمواج العاتية ، لأن القضية قضية إدهان في حدود الله عز وجل ، وهو إظهار الالتزام بقواعد لعبة الاقتراع مع إبطان رفض هذه القواعد. لأن المعارضة عندنا مريضة الذوق والتفكير والمنطق ، ولا ترى الديمقراطية صحيحة وصائبة إلا إذا كانت نتيجة الاقتراع لصالحها ، أما إذا كانت النتيجة لصالح غيرها فلا ديمقراطية ولا هم يحزنون. والمعارضة اليوم تريد أحد أمرين إما أن تخضع الحكومة لابتزازها أي بلغة الحديث الشريف تريد المعارضة أن تسقي من أعلى السفينة على طريقتها ، وبأسلوبها ، فتصب الماء على من في الأعلى أي تؤذيه ، أو تلجأ إلى نقب السفينة في أسفلها لتغرقها . ولما كان النقب عبارة عن فساد وإفساد ، فإن تجلياته ستكون متعددة ومتنوعة ، حيث ستطالب المعارضة المدهنة في حدود الله عز وجل بكل فساد وإفساد ممكنين كما كان حالها يوم كانت تصيب أعلى سفينة الوطن أو كان الحكم بيدها . وأما الأخذ بيد هذه المعارضة الحاقدة المتربصة الدوائر بالحكومة الإسلامية ، فهو التزام حدود الله عز وجل ، والتزام القوانين المانعة للفساد والإفساد بكل أشكاله ، وتجلياته ، وأقنعته ، وتمويهاته . ولقد أنكر علي أحد أنصار المعارضة الحاقدين نقدا سابقا لها يوم نصبت الحكومة الجديدة ولما تباشر بعد عملها ، فكان نقد المعارضة جاهزا كما كان نيرون يجهز مشنقته قبل أن تنعقد جلسات محكمته الظالمة. ولقد عجبت من إمهال الأجانب حكومة المغرب مائة يوم للحكم عليها ، في حين لم تعطها المعارضة عندنا فرصة يوم واحد حتى كانت الأحكام جاهزة وبعين سخط لا تبدي إلا المساوىء . ولقد غضب المحسوب على المعارضة أو المتعاطف معها مني ونعتني بأبشع النعوت مع أنني لست منتميا لحزب ولا لجماعة ، وإنما أميل حيث أقتنع بالصواب والحق والعدل . وبيني وبين الذي جرحني ظلما وعدوانا مستقبل الأيام حيث سيكشف أنه مجرد نزيل من نزلاء أسفل سفينة الوطن ، وأنه وأمثاله سيهددون بنقب السفينة من أجل إغراقها إذا ما منعهم من في أعلاها من العبث بالماء في الأعلى . وما أحوج الحكومة ، والمعارضة على حد سواء إلى الاستفادة من حديث السفينة ، وهو حديث من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم .
Aucun commentaire