كيف يجب أن تكون العلاقة….بين الحكومة والبرلمان…..
كما هو معلوم يقوم نظام الحكم على تفاعل بين ثلاثة سلط , السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.كلما تميز حكم ما باستقلالية السلط عن بعضها البعض , كلما دل ذلك على تقدم كبير في مجال الديمقراطية واحترام حريات الأفراد.
لن أخوض في دستورية هذه السلط , ولا في تحديد اختصاصاتها , وإنما فكرت في التركيز على العلاقة التي يجب أن تسود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية , انطلاقا من مقررات مشروع الدستور الجديد , وتحرك الشارع المغربي وفق ما هو جار بالشارع العربي والذي بدأت رياحه تهب على الشارع الغربي.
إن التحركات مهما كانت , إن توفرت على خطة وتنظيم محكم وعقلاء يمكن أن تساهم في بلورة ديمقراطية ولو نسبية مقارنة مع وضع قائم.عكس تحركات عشوائية والتي وإن يبدو أنها تحرك بعض الأوضاع , إلا أن عدم توفرها على إطار فكري ناضج قد يجعل منها مجرد حراك مؤقت ونبرة غير دائمة.
إن العلاقة التي يجب أن تسود بين البرلمان والحكومة علاقة مراقبة متبادلة.فمن حق البرلمان حجب الثقة عن الحكومة بطلب من ثلث أعضائه ,حتى لا نطلب نسبة مستحيلة التحقيق , وموافقة أغلبية الحاضرين وليس أغلبية أعضاء البرلمان , والذي قد يستحيل من جراء تواطؤ الكثير من النواب مع الحكومة , وغياباتهم المتكررة والتي قد تكون أحيانا مقصودة للوقوف دون تمرير قرار ما. وفي المقابل يجب أن يكون من حق الحكومة حل البرلمان .
قبل الحديث عن هذه العلاقة الجدلية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية,لا بد من الحديث عن مؤهلات الحكومة المنشودة.
1- أن تشكل الحكومة من أغلبية برلمانية حقيقية ,ومن انتخابات نزيهة.
2- أن يرشح رئيس الحكومة من الحزب الذي تحصل على الأغلبية البرلمانية, بعيدا عن حسابات حزبية وتحالفات مشبوهة.
3- أن يمنح رئيس الحكومة حق الإشراف على كافة الوزارات,وافتحاصها كلما دعت الضرورة لذلك.
3- ألا يسمح للوزير الذي رشح باسم حزب ما تغيير لونه الى نهاية مدة انتدابه.
4 – أن يعين الوزير طاقمه الخاص على أساس تقديم مشروع عمل يحاسب على أساسه وفق فريق متكامل ,عكس ما نلاحظ من وزراء مقيدين بموظفين قد يعملون على عرقلة أنشطتهم لحساب أحزاب أخرى.
6- تقليص أجرة الوزراء وجعلها معقولة لا تتعدى ثلاثين ألف درهم. يكفيه مسكن بالمجان وسيارات وتعويضات التنقل والتي يجب أن تخضع للشفافية والتتبع من طرف فريق الافتحاص الخارجي.مع تتبع حسابات الوزير ومداخيله بواسطة لجنة افتحاص تعد لهذا الغرض.
7- توقيف أجرة الوزير مباشرة بعد إعفائه أو انتهائه من مهامه.فما معنى أن تبقى أجرته أبدية.فإن كان موظفا فليرجع الى وظيفته, وان كان غير ذلك فليمارس نشاطه السابق.
8- أن تختار الأحزاب الفائزة وزراءها المرشحين انطلاقا من مؤتمراتها التي يجب أن تعقد خصيصا لهذا الغرض وبشكل علني للتصويت على الوزراء الذين يقترحهم الحزب وفق ترشيحات شفافة وتصويت شفاف, على أن يلتزم كل وزير ثم اختياره بتقديم حصيلة الى حزبه سنويا .
إنها بعض الملاحظات المتواضعة والمختصرة , والتي يجب أن تتوفر في حكومة انبثقت من انتخابات نزيهة وتشكلت من وزراء اختيروا بشكل شفاف ومن طرف مناضلي أحزابهم ووفق مؤهلات توفرت فيهم والتزامات التزموا بها وتكليف أنيط بهم ونتائج رصدوها لتحقيقها بنسبة تفوق 90 بالمائة.
و مما يجب أن يتوفر في كل وزير, يمكن ذكر المواصفات التالية :
1- سيرة ذاتية تشهد له بالنزاهة والكفاءة.
2- تخصصه في مجال من المجالات التي رشح لها,كأن يكون رجل تعليم بالنسبة لوزارة التعليم وطبيب بالنسبة للصحة …وهكذا…
3- تحديد ذمته المالية قبل دخوله الوزارة , وكذا الذمة المالية لأفراد أسرته.
4- خضوعه وزاراته لمحاسبة سنوية.
5- توقيعه لعقد مع الحكومة وتتبع أعضاء البرلمان, لتحقيق سقف من المنجزات,تخضع للمحاسبة المدنية والجنائية , والمسئولية التقصيرية.
6- عدم استفادته من أية صفقة كانت سواء من الوزارة التي يترأسها أو الوزارات الأخرى.ما دام تحمل مسئولية الوزارة فعليه التخلي عن أنشطته الاقتصادية.
آمل أن أكون قد ساهمت في توضيح معالم حكومة نزيهة قادرة على تحمل العبء بكل مسئولية ,وقادرة على تحمل الحساب والمحاسبة,وقادرة على تحديد برنامج عمل يروم تحقيق تحسن في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية والرياضية وفي كل مجالات الحياة ,وقادرة على مواجهة التحديات الوطنية والدولية بروح وطنية ملؤها الصدق والمصارحة….وقادرة على تقديم استقالتها أو استقالة بعض وزرائها كلما عجزت أو عجزوا عن تحقيق طموحات الشعب المغربي…الطريق ليس صعبا وليس سهلا. فقط يتطلب إرادة وعقلية منفتحة وروح متشبعة بالإخلاص.
على أن اخصص المقال القادم لدور البرلمان وكيفية تحديد معالمه. والله الموفق
Aucun commentaire