النفخ في القضية الأمازيغية من أجل التمويه على إضمار أغراض خفية

بداية أسجل انتمائي الأمازيغي أبا عن جد ،وما ذكرت نسبي الأمازيغي إلا لمنع كل مزايدة أو اتهام أو تجريم أو تشكيك في هويتي العرقية التي أعتز بها ولكنني لا أرفعها فوق انتمائي الإسلامي ،ذلك أن الله عز وجل إنما جعل التفاضل بين عباده بالتقوى لا بالانتماء العرقي القبلي والشعوبي مصداقا لقوله تعالى : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)). ومن المعلوم أن النفخ في القضية الأمازيغية كان منذ مدة طويلة لأسباب غير خافية على أحد من طرف بعض العناصر الذين حاولوا اختلاق ما سموه مظلمة أمازيغية وهمية ، إلا أنه في الآونة الأخيرة ، ومع ظروف الحراك الوطني الداعي للإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية عرف هذا النفخ نوعا من التصعيد المكشوف والمفضوح لنفس الأهداف المعروفة. والأمازيغية في المغرب كهوية سواء تعلق الأمر باللغة أم بالثقافة لم تعرف في يوم من الأيام في تاريخ المغرب الطويلة مظلمة مما بعض الجهات المغرضة المستهدفة للحمة الوطنية المغربية التسويق له والنفخ فيه . ولا أحد في المغرب ينكر الهوية الأمازيغية ، ومن عادة المغاربة في تعارفهم اليومي السؤال التقليدي والعادي عن أصل بعضهم البعض ، ولا يكاد الرجل يسأل عن نسب غيره القبلي فيجيب حتى تنساب على لسان سائله عبارة جميلة مؤدبة وهي : » خيار الناس وتبارك الله » وهذا السؤال التقليدي يكون باللغتين العربية والأمازيغية ، وقد يلي هذا السؤال بعض عبارات المجاملات باللغتين أو بخليط منهما . ولم يحدث في تاريخ المغرب أن منع أحد المغاربة من الحديث باللغة التي يختارها في تخاطبه اليومي ، ولم يحدث أن سخر أحد من لغة الآخر أو استنقص من شأنها أو عاتب من يستعملها ، أو استهزىء بثقافة أحد .
والمغاربة يستعملون اللغة العربية الفصحى بطريقة تميزهم عن طريقة إخوانهم المشارقة ويعرفون بها ، كما أنهم يستعملون العامية العربية حسب موروثهم النطقي ، وهو تنوع يغني الأداء العامي للعربية ، كما أنهم يتميزون بأداء الأمازيغية حسب موروثهم النطقي أيضا على غرار ما يحصل في العامية العربية ، وهو تنوع يغني الأداء الأمازيغي للغة الأمازيغية أيضا. والمغاربة سواء كان أصلهم عربي أم أمازيغي تجاوزوا منذ قرون الانتماءات العرقية وتشربوا الانتماء الإسلامي الإنساني الذي ارتضاه لهم رب العزة ، ونبذوا كل دعوة عصبية استجابة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأمر من رب العزة جل جلاله ، وهو : » ليس منا من دعا إلى عصبية « وبموجب هذا الأمر لا يستقيم الانتماء الإسلامي مع الانتماء العرقي القبلي الذي يعتبر تقزيما لإنسانية الإنسان المسلم ، ويحاول أن يصنفه كما تصنف الحيوانات ،لأن الإنسان هو المخلوق المكرم عند الله عز وجل بتقواه لا بعرقه أو جنسه خصوصا وأن أصله هو رجل واحد » كلكم لآدم وآدم من تراب » . فلا مبرر اليوم لكل هذه الضجة المجانية المغرضة التي تحاول أن تختلق مظلمة أمازيغية لا وجود لها أصلا . فالمغاربة أمة واحدة وشعب واحد كغيره من شعوب الأرض يتكلم أكثر من لغة ، ولا يتفاضل هذا الشعب باللغة التي يستعملها بل بالصدق في الوطنية ،وحب الوطن ، وحب شعب هذا الوطن . والمغاربة لهم علم واحد يجمع بين حمرة دماء الشهداء الذين سقطوا من أجل حريته ، وخضرة نجمته الخماسية التي ترمز إلى أركان الإسلام الخمسة ، ولا عبرة بغير هذا العلم من الأعلام التي نراها اليوم بألوان مغايرة للوني العلم الوطني والتي ترفع بدافع النفخ في العصبية المنتنة التي نهانا عنها ديننا الحنيف . ولقد سجلت منذ زمن فلتات ألسنة بعض دعاة العصبية الأمازيغية ، ولم تتردد في ركوب هذه العصبية من أجل النيل من دين الإسلام ومن القرآن الكريم ومن لغة القرآن الكريم عند التحري والتدقيق ،علما بأن أعظم وأكبر العلماء الأمازيغ وأتقاهم لله عز وجل عبر التاريخ المغربي لم يسجل على أحد منهم ولو مجرد إشارة إلى ما تحاول بعض الجهات المتعصبة الترويج أو التسويق له من مظاهر إضمار العداء للعربية من أجل النيل من القرآن ومن الإسلام .
ولقد ألف هؤلاء العلماء الأمازيغ الأجلاء مؤلفات نفيسة باللغتين العربية والأمازيغية دون الخوض في تراهات التفاضل بين اللغتين التي يجعل منها بعض المتعصبين وقود نار الفتنة العصبية والطائفية المنفوخ فيها بشكل غير مسبوق بعد حراك الإصلاح . فلا مبرر لإثارة القضية الأمازيغية سواء تعلق الأمر بالهوية أو باللغة أو بالثقافة . ومن السخف ومن التفاهة النفخ في قضية محسومة منذ أن دخل الإسلام بلاد المغرب. ولقد تمادى بعض النافخين في النعرة الأمازيغية من خلال تصريحات تشتم منها رائحة العداء ضد العربية ، وضد الإسلام خصوصا عند بعض الأغرار المدفعوين من طرف تجار الفتنة المحرضين المندسين . والشعب المغربي شعب واع ويقظ ولن ينجر أبدا إلى الفتنة الطائفية ، ولن يحصد النافخون في النعرات الطائفية إلا شوك القتاد ذلك أن المغاربة الأمازيغ أعزهم الله بالإسلام و لم ولن يلتمسوا العزة في غير دين الإسلام ، ولا مكان للنافخين في النعرات بين أوساط الشعب المغربي المعتز بوحدة لحمته إلى الأبد بعيدا عن كل طائفية بخسة منتنة داعية للحقد والكراهية .
Aucun commentaire