Home»National»تقرير عن اليوم الدراسيّ حول « التراث الثقافيّ والتنميّة بالريف: إمكانيّات واستراتيجيّات’ 28 ماي 2011

تقرير عن اليوم الدراسيّ حول « التراث الثقافيّ والتنميّة بالريف: إمكانيّات واستراتيجيّات’ 28 ماي 2011

0
Shares
PinterestGoogle+

نُظّم يوم السبت 28 ماي 2011 بالمركب الثقافي بمدينة الناظور يوما دراسيّا في موضوع ‘التراث الثقافي والتنميّة بالريف: إمكانيّات واستراتجيّات’ بشراكة بين كلّ من مندوبية وزارة الثقافة والكلّية المتعدّدة التخصّصات بسلوان وتكوين الدكتوراه في التراث الثقافي التابع لكلّية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة. وقد انطلقت أشغال هذا الملتقى العلمي بكلمة تقديمية رحّب فيها الأستاذ فريد لمريني، المسؤول عن تكوين الدكتوراه في التراث والتنمية، بكلّ المشاركين والمنظّمين والحاضرين ومهّد لمداخلات المشاركين حيث تحدّث عن فكرة تنظيم هذا اليوم الدراسي الذي جاء في إطار التقليد الأكاديمي المسمّى بشهر التراث، كما أشار إلى ضرورة اعتبار التراث قطبا أساسيا من أجل تحقيق التنميّة المستدامة وذلك بإثارة الانتباه إلى أهمّية التراث الثقافي لمنطقة الريف الذي يحتاج إلى اهتمام خاصّ من أجل ردّ الاعتبار له. بعد ذلك مباشرة ألقى السيد لحسن الشرفي مندوب وزارة الثقافة بالناظور كلمته التي رحب فيها بدوره بالحضور والمشاركين.

تخلّلت هذا اليوم الدراسي جلستان غنيّتان الأولى صباحية والثانية مسائية. خصّصت الجلسة الصباحية لأربع مداخلات ترأّسها الأستاذ فريد لمريني. تركّزت المداخلة الأولى بعنوان ‘سيرورة إعداد إستراتيجية جديدة من خلال الحفاظ على التراث المادي : حالة إقليم الناظور’ من تقديم الأستاذ بلقاسم الجطاري، أستاذ باحث بكلية الآداب بوجدة، على ثلاثة محاور أساسيّة تتجلّى الأولى في جرد المؤشّرات السياحية لمنطقة الريف، هذه المؤشّرات تتمثّل حسبه في البنى التحتيّة للمنطقة حيث أورد مجموعة من الإحصائيّات المتعلّقة بالفنادق المصنّفة وغير المصنّفة، المطاعم، وكالات كراء السيارات، إلخ. كما أورد معلومات متعلّقة بتطوّر السوق السياحيّة ما بين سنتي 2010 و2011 حيث لاحظ وجود تطوّر إيجابي سواء على مستوى السياحة الداخليّة أو عدد السيّاح الوافدين من دول أوروبا. أمّا المرتكز الثاني لهذه المداخلة فيتعلّق بتحديد المواقع والإمكانات والمؤهّلات السياحيّة لمنطقة الناظور والمتمثّلة في الموقع الإستراتيجي الذي تحظى به المنطقة فضلا عن المناخ الجميل والمواقع الطبيعية التي يزخر بها كبحيرة مارتشيكا، جبل كوروكو، مصبّ نهر ملوية، إلخ. والمواقع الثقافيّة كالمتاحف والقصبات والمواقع الأثرية (مدينة غساسة، سيدي ادريس…) والمنارات والمغارات وغيرها. أمّا العنصر الأخير المتعلّق بالآفاق التنمويّة فقد اقترح المحاضر في ختام مداخلته تبنّي سياسة تنمويّة جديدة ترتكز على تثمين تراث المنطقة وذلك عن طريق خلق مشاريع نفعيّة تعود بالخير على المنطقة وعلى أهلها.

جاءت المداخلة الثانية بعنوان ‘التراث الأثري لمنطقة الناظور والتنمية المستدامة’ للأستاذ حسن أوراغ، وهو أستاذ باحث بكلية العلوم بوجدة ومدير مركز الدراسات الأركيولوجيّة بجامعة محمد الأوّل، اعتمد فيها على عنصرين أساسيين يتمثّل الأوّل في التطرّق إلى غنى منطقة الناظور من حيث المواقع الأثرية في حين تمركز الثاني على الخريطة الأركيولوجية المتعلقة بمسح لهذه المواقع. في إطار جرده للتراث الأركيولوجي للمنطقة، تحدث المحاضر عن أهمّ مواقع المنطقة كــإفري ن عمار، إفري ن الباروذ، إفري أودادن، إلخ. حيث اكتشفت في هذه المناطق مستحثات وأدوات فنيّة وتزينيّة، وبقايا حيوانات وأدوات حجرية ترجع إلى حقب مختلفة، فضلا عن الهيكل العظمي الذي يعود حسب الباحثين إلى أقدم إنسان في المغرب الشرقي والذي عثر عليه في إفري ن عمار. اختتم الأستاذ أوراغ محاضرته بضرورة إشراك المجتمع المدني وذلك بهدف خلق وإحداث متحف التاريخ الطبيعي بالناظور.

وقد شرع الأستاذ عبد القادر السباعي في مداخلته التي حملت عنوان:‘ التراث البيئي: دعامة للتنمية المستدامة للمنتزه الوطني للحسيمة’ بتقديم نبذة عن هذا المنتزه المتكوّن من مجموعة من المناطق منها البحريّة ومنها الطبيعيّة، قبل أن ينتقل إلى الحديث عن الإمكانات السياحية لهذا المنتزه والتي قسّمها إلى نوعين:

إمكانيات سياحية ثقافية كالصناعة التقليدية، الفخار وغيرها.

إمكانيات سياحية طبيعية كالكهوف، الشواطئ، الحيوانات والغطاء النباتي المهمّ.

أشار المتدخل بعد ذلك إلى مشاريع التهيئة السياحية والتي ارتكز فيها على ضرورة إنشاء علامات التشوير، تقوية المسارات الطبيعية، تنظيم رحلات لاكتشاف المنتزه، خلق مآوي سياحية، تقويّة الشبكة الطرقيّة، إلخ. وختم محاضرته بضرورة تحسيس الساكنة وكذا أصحاب القرارات السياسية والاقتصادية بأهمّية المشاريع السياحية المراعية للبعد البيئي والعائدة بالنفع على ساكنة المنطقة وعلى الوطن بصفة عامّة.

المداخلة الأخيرة في جلسة الصباح بعنوان ‘الشعر والتراث’ كانت للأستاذ حسن بنعاقية، أستاذ باحث بالكلّية المتعدّدة التخصّصات بالناظور بالمشاركة مع الطالب الباحث عبد المطلب الزيزاوي، تناولا فيها موضوع الشعر الريفي باعتباره موروثا جماعيا لامادّيا يحمل الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة وباعتباره أيضا مختزلا لتصوّر أهل المنطقة للعالم ولمكوّناته. وقد قام الطالب الباحث الزيزاوي بقراءة مجموعة من أبيات ‘إزران تدور حول مواضيع مختلفة كالتنافس القبلي، الحرب، المعاناة، الطبّ التقليدي وغير ذلك. كما أكّد الباحثان على أنّ الفرق بين الأدب الشفهي والأدب المكتوب هو محض تمييز سياسي وإديولوجي في عمقه، ممّا يعني أنّ الاختلاف بين الأدبين لا يكمن في الإنتاج بل فقط في أنّ الأوّل غير معترف به سياسيا ومؤسّساتيا.

بعد ذلك فتح باب المناقشة، وقد كانت أهمّ الأسئلة والملاحظات تدور حول كيفيّة أجرأة تدابير لتنمية المنطقة عن طريق استثمار تراثها وإدماجه في عجلة التنميّة بل وأيضا كيف يمكن تحسيس الساكنة بقيمة إرثهم الحضاري الغنيّ. في حين ركّزت ملاحظات أخرى على دور المجتمع المدني والسلطات المحلّية في المحافظة على التراث وحفظه من السرقة والتخريب في ظلّ غياب قانون زجري في هذا المجال. في حين أشار متدخّلون آخرون في ملاحظة ذكيّة إلى غياب تمثيليّة لمندوبية الثقافة فوق منصّة المداخلات لتقول كلمتها بالنظر إلى كونها فاعلا أساسيّا في الحقل التراثي.

أمّا الجلسة المسائيّة فقد قسّمت إلى ثلاث مداخلات ترأسها جمال الطاهري الأستاذ الباحث بالكلّية المتعددة التخصّصات بالناظور. جاءت المداخلة الأولى بعنوان ‘أيّ تعبئة للتراث في التنمية المحليّة: حالة الريف’ قدّمها الباحث حسين بوديلب من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وقد تمحورت حول مجموعة من النقط أهمّها التعريف بالتراث وأنواعه وكذا إشكالية تثمينه، كما تناول إشكالية تحريك التراث وجعله في خدمة المجال قبل أن يقترح، في آخر المطاف، تطبيق نموذج القطب الاقتصادي للتراث على تراث الريف الشرقي.

كان هدف الباحثة صباح علاش من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أيضا من مداخلتها التي حملت عنوان ‘المؤهّلات التاريخية والثقافية ودورها في التنمية’ هو الوقوف على بعض المؤهّلات التاريخية والثقافية في التنمية لمنطقة الريف، وهي تقصد هنا بالريف مجموع شمال المغرب. وقد أخذت كنموذج مدينة المزمة ‘ثمزمث’ وهي جزء من خليج الحسيمة والتي تمّت بها تنقيبات أركيولوجية مهمّة. هذا فيما يتعلّق بالمؤهّلات التاريخية، أمّا المؤهلات الثقافية التي تزخر بها المنطقة فقد أوردت كأمثلة عنها: الصناعة التقليدية والفخار النسائي بالخصوص، الأسواق الأسبوعية النسائيّة، المساجد القديمة كمسجد القرن بتمسمان، فضلا عن التراث الشفهي كالقصص والاحتفالات والأمثال والحكم وغير ذلك. وقد ختمت الباحثة محاضرتها بمجموعة من الاقتراحات أهمّها الدعوة إلى تصنيف مدينة المزمة تراثا حضاريا وطنيّا.

أمّا المداخلة الأخيرة فقد كانت للباحث فؤاد أزروال بعنوان ‘المواسم الاحتفالية والمساهمة في تنشيط القطاع السياحي للمنطقة’ حيث ابتدأ مداخلته بسرد مجموعة من المواسم المشهورة بالريف كموسم سيدي شعيب أونفتاح، سيدي عمر أوموسى، إلخ، مع الإشارة إلى أهمّيتها الاجتماعية والاقتصادية في ذلك الوقت. تحدّث أيضا عن اندثار هذه المواسم مع التأكيد على أهمّية إحيائها كما هو الشأن لمهرجان أّحيدوس الذي اندثر وحاليا يحاولون إحياءه وذلك لما لهذه المواسم من أهمّية اقتصادية واجتماعية وثقافية.

بعد ذلك تمّ فتح باب المناقشة وكانت معظم المداخلات إضافات لإغناء ما تفضّل به السادة الباحثون، وإن كانت في بعض الأحيان عبارة عن تعليقات وتصويبات واقتراحات لا تخلو من أهميّة. ولعلّ من بين أهمّ المقترحات تنظيم مناظرة جهوية حول تراث الريف الشرقي يحضرها فاعلون مختلفون كمندوبية السياحة والصناعة التقليدية، مندوبية الثقافة، المجتمع المدني، الأكاديميون وغيرهم.

وقد اختتم اليوم الدراسي بكلمة شكر للمتدخّلين والحاضرين ألقاها السيد لحسن الشرفي والتي عبّر فيها عن أسفه لغياب ممثّلي الجماعات المحلّية، فيما كانت كلمة الأستاذ فريد لمريني موجّهة للشكر لكلّ الذين سهروا على إنجاح هذا اليوم الدراسي وأكّد على أنّ التوصّيات واضحة وقد بلّغها السادة الأساتذة المشاركون في هذا اليوم الدراسي من خلال مداخلاتهم الغنيّة والمفيدة وبعد تجديده الشكر للجميع أعلن عن انتهاء أشغال اليوم الدراسي.

مسعودي نبيلة

طالبة باحثة

تكوين الدكتوراه ‘التراث الثقافي والتنمية’

كلية الآداب –وجدة-

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *