وعد بلفور يبعث من جديد من خلال خطة الرئيس الأمريكي ترامب

وعد بلفور يبعث من جديد من خلال خطة الرئيس الأمريكي ترامب
محمد شركي
لقد صار اليوم مصير الشعب الفلسطيني بين كفي عفريت بسبب خطة الرئيس الأمريكي ترامب التي بعثت من جديد وعد بلفورالمشئوم ، وهي خطة خلت من أي اعتراف صريح لا غبارعليه بدولة فلسطين ،و في المقابل ركزت بدقة على تحويل هزيمة الكيان الصهيوني أمام المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة إلى انتصار يعود عليه بمكاسب ما كان له أن يحصل عليها بالقوة طيلة حولين كاملين وهو يمارس أقذر إبادة جماعية عرفها هذا العصر، بل لم يحلم بالحصول عليها منذ احتلاله أرض فلسطين سنة 48 19.
ومعلوم أن خطة ترامب عبارة عن وعد متجدد للصهاينة بتحقيق حلمهم المتمثل فيما يسمونه دولة إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر والتي تضم أرض فلسطين كاملة ،ودولة لبنان، وشطرا كبيرا من سوريا، والأردن برمته، وشطرا من العراق، وشطرا من مصر، وشطرا من السعودية ، وهو حيز جغرافي مترامي الأطراف أشار إليه رئيس وزراء الكيان عدة مرات أمام وسائل الإعلام من خلال استعراض خريطة بلون أخضر يموه فيها على أطماعه الفاضحة بادعاء مفاده أنه إذ استتب الأمن لكيانه المحتل ستعود المنطقة المشار إليها في الخريطة التي يعرضها إلى جنة .
وغير خاف أن الكيان الصهيوني بكل شرائحه يعبر صراحة بأطماعه في تحقيق حلم ما يسميه وطنه القومي المنصوص عليه في تلموده ، ولا يمكن الثقة في شريحة دون أخرى لوجود إجماع بينها جميعها على محاولة استئصال الشعب الفلسطيني من وطنه عن طريق ممارسة الإبادة الجماعية أوالتهجير القسري . ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتعداه إلى ضم أقطارعربية أخرى بالقوة، ولن يكون مصير شعوبها حينئذ مختلفا عن مصير الشعب الفلسطيني .
ولقد كان من المفروض أن ترتكز خطة ترامب أولا على فكرة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في سيادته الكاملة وغير المنقوصة على وطنه دون وصاية عليه من أية جهة مهما كانت . ومعلوم أن حق السيادة المشروع بشريعة السماء وبالقوانين الوضعية يتطلب بالضرورة تصفية الاحتلال وهو ما لا تتضمنه الخطة الترامبية، ذلك أن التصفية لا يمكن أن تقتصر على تراجع قوات الاحتلال الصهيوني مسافة محدودة داخل أرض محتلة و قد ضع لها حدودا بألوانا بموجب اتفاق وقف القتال الذي لم يلتزم به إطلاقا ولا زال يغير ويقصف يوميا ويقتل ويغتال باعتماد ذرائعه الواهية التي لا تعوزه .
إن خطة ترامب لا وجود فيها لما يدل بوضوح على ما يسمى بحل الدولتين والذي يعني انسحاب الكيان المحتل إلى حدود سنة 1967 وما يؤكد ذلك هو اعتراف ترامب أمام برلمان الصهاينة بحقهم التاريخي فيما يسمونه يهودا والسامرة بالضفة الغربية فضلا نقله السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس خلال فترة رئاسة الأولى مع الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية للكيان المحتل .
إن ما تضمنته الخطة الترامبية من وضع قطاع غزة تحت إدارة دولية بإشرافه يعد مؤشرا واضحا على عودته إلى فكرة تحويله إلى » ريفيرا » كما كان ينتظر ذلك من الاجتياح الإسرائيلي الذي واجه مقاومة عنيفة قضت على هذه الفكرة أو هذا الوهم .
ولقد بات من المؤكد أن خطة الرئيس الأمريكي كان الهدف من ورائها هو مجرد استعادة الكيان عناصره التي كانت بيد المقاومة الفلسطينية أحياء وجثامين ثم الإجهاز من جديد على القطاع لتحقيق هدف القضاء على مقاومته ثم ضمه إلى باقي الأراضي المحتل ومن ثم يتحقق مشروع » الريفيرا » ، والدليل الواضح أو الفاضح على ذلك أن مرحلة تبادل الأسرى بين الكيان والمقاومة لمّا تنته بعد والكيان لم يتوقف عن العدوان اليومي على الفلسطينيين ، ولم يف بوعد رفع الحصار والسماح بمرور شاحنات المساعدات بالحجم وبالكيفية المتفق عليهما مع الوسطاء.
ومعلوم أن الكيان المحتل ماض في سياسة التنمر والعدوان في المنطقة فهو اليوم يتأهب لاحتلال لبنان من جديد تحت ذريعة فشل الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله ، كما أنه يتحرش بسوريا من خلال توسيع منطقة توغله فيها مستغلا وضعها السياسي الحالي، وهذا يدل على أنه لن ينسحب من قطاع غزة ، وأنه مصر على احتلاله كاملا ،ولن تعوزه الذرائع كعادته إذا لم ينزع سلاح المقاومة الفلسطينية ، كما تدل على عدوانه على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقد دفع بمستوطنيه للقيام بدور التهجير القسري للرعايا الفلسطينيين عن طريق العدوان عليهم وعلى ممتلكاتهم بالقتل والإحراق والإتلاف تماما كما كان عليه الحال في بداية هجرة الصهاينة إلى فلسطين وخلال احتلالها .
وخلاصة القول أن الكيان الصهيوني ماض وبسبق إصرار في سياسة العدوان والتوسع في الوطن العربي وفق خرائط نتنياهو المعروضة على الإعلام العالمي ومع ذلك لا زالت جهات وأطراف دولية وعربية تراهن على حل للقضية الفلسطينية التي يعتبرها هو منتهية عن طريق القضاء أو التهجير القسري للشعب الفلسطيني مستغلا فترة رئاسة ترامب الذي يعتبر أعظم رئيس أمريكي أفاض على الصهاينة بدعم غير مسبوق ولا محدود، لهذا يسارع الكيان المحتل الوقت خلال فترة رئاسته الحالية لإعلانه الاحتلال الكامل لأرض فلسطين تمهيدا للتوسع في الوطن العربي بعد ذلك تحقيقا لوطنه التلمودي المأمول في لحظة سبات الأمة العربية والإسلامية التي هي مسؤولة شرعا عن صيانة قدسية أرض فلسطين من خلال صيانة قدسها ومسجدها الأقصى المبارك والدفاع عنهما لأنه لا وجود لغيرالوطن القرآني فوق أرض فلسطين وما حولها . والمستقبل القريب سيزيح لا محالة الستار عن أحداث مرتقبة ستؤكد أن المحتل خطر ليس على فلسطين وحدها بل على العالم العربي من محيطه إلى خليجه وحتى على العالم الإسلامي المترامية أطرافه في كل المعمور .





Aucun commentaire