Home»National»خطة ترامب مجرد حلقة أخرى من حلقات السعي لطمس معالم القضية الفلسطينية مقابل التمكين للكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط وأبعد منها

خطة ترامب مجرد حلقة أخرى من حلقات السعي لطمس معالم القضية الفلسطينية مقابل التمكين للكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط وأبعد منها

0
Shares
PinterestGoogle+

خطة ترامب  مجرد حلقة أخرى من حلقات السعي لطمس معالم القضية الفلسطينية مقابل التمكين للكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط وأبعد منها

محمد شركي

تابع العالم يوم أمس حضور الرئيس الأمريكي في القدس المحتلة وفي منتجع شرم الشيخ بمصر . أما حضوره في القدس فكان عبارة عن إرضاء الكيان الصهيوني من خلال خطاب طبعته عبارات غرامية ، وقف وصفق لها أعضاء الكنيست مرات عديدة خصوصا عندما كان يدغدغ مشاعرهم وهو يكرر مرة أخرى اعترافه بالقدس عاصمة أبدية للكيان المحتل ، وكذا اعترافه بسيادته على هضبة الجولان ، وبما سماه حقه  التاريخي في يهودا والسامرة بالضفة الغربية ، فضلا عن إطلاقه خيال الصهاينة المجنح إذ طار بعيدا  بأطماعهم في حصاد مكاسب كبرى إلى أبعد الحدود في القارة الأسيوية بأندونيسايا وما بينها وبين فلسطين  المحتلة من أقطار عدّدها ، وذكر بعضها بالأسماء مبشرا بما سماه من قبل خطة أبرهام الحالم صاحبها بتطبيع  كل الدول العربية  والإسلامية مع الكيان المحتل كي يعيش بينها بأمن وسلام ووئام  والتي اقترحها هو نفسه في فترة رئاسة الأولى سنة 2020 .

ولم تخل كلمة ترامب في الكنيست من تكرار الإشادة بمجرم الحرب نتنياهو المطلوب لدى العدالة الدولية والذي شبهه بنبي الله موسى  ـ  عليه السلام وحاشاه ـ هو وزمرته المتورطة معه في جرائم الإبادة الجماعية ، وقد نسبهم أيضا لأنبياء الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب ـ عليهم السلام وحاشاهم ـ   كما  أشاد بوزير خارجيته الذي لا يخفي تصهينه، وشببه بهنري كيسنجر المعروف بمشروعه الماكر الذي كان يهدف إلى ترحيل الشعب الفلسطيني إلى لبنان   من أجل تهويد كامل الوطن الفلسطيني ، و أشاد كذلك بالصهيوني زوج ابنته التي أعلن على الملأ  اعتناقها الديانة اليهودية  مباهيا بمصاهرة للصهاينة. ولم يغادر مدحه وثناؤه الكثير أحدا من صهاينة أو أمريكان مدنيين أو عسكريين تلطخت أيديهم بدماء الفلسطينيين  أو شاركوا في ذلك بطريقة أو أخرى .

 وأقر ممتنا أمام الجميع بأنه زود الكيان المحتل بأحدث الأسلحة التي لا يملكها غيره في العالم والتي استعملت لأول مرة في إبادة المواطنين الفلسطينيين العُزّل وقد صب  منها فوق رؤوسهم ما يزيد عن مائتي ألف طن من القنابل الحارقة والمدمرة ، وكان هذا اعتراف منه بمشاركته الفعلية في جرائم الإبادة الجماعية، وعلى المحاكم التي أدانت من استعمل تلك الأسلحة في الإبادة أن تدين أيضا من زوده بها .

 وعبر ترامب عن سعادته الغامرة بإطلاق سراح الرهائن الأحياء ، وعن حزنه العميق على الأموات منهم ، ولم  يأسف على ضحايا الإبادة الذين فاق عددهم ستين ألفا عدا جرحاهم ، ولم يعبر بكلمة واحدة عن الأسرى الفلسطينيين الذي شملتهم صفقة التبادل المنصوص عليها في خطته التي هلل لها وأثنى عليها من حضروا معه لقاء قمة شرم الشيخ والتي خطب فيها بغير ما خاطب به الصهاينة في الكنيست ، ولم يرد على لسانه  ذكر لدولة فلسطين  بله الاعتراف بها  . وكل ما ورد على لسانه أن الصراع الذي دام ثلاثين قرنا على حد زعمه  قد انتهى بإعلان خطته التي بلغ الأمر برئيس وزراء دولة الباكستان حد تمنيه استحقاق صاحبها نيل جائزة نوبل للسلام .

ولنعرج الآن عن هذه الخطة  التي امتدحها كل من حضروا القمة وقد سميت بقمة السلام ولمّا يتحقق لحد الآن منها سوى وقف إطلاق النار، ومبادلة الرهائن الصهاينة بالأسرى الفلسطينيين ، ودخول  شاحنات المساعدات ، وعودة بعض المهجرين قسرا إلى ما سُوِّي بالأرض من مساكنهم .

وأول ما يلاحظ على  هذه الخطة أنها لا تختلف عن خطط سابقة كانت تنعت بمسلسلات سلام  لم يتحقق  منه شيء . وليس من قبيل الصدفة أن يرد ذكر اسم كيسنجر على لسان ترامب وهو يشبه به ويتكوف وزير خارجية الشيء الذي يعني أن مشروع كيسنجر قد أحياه  من جديد ويتكوف بتوجيه من ترامب الذي صرح في بداية تولي فترة رئاسته الثانية أنه يريد تهجير أهل غزة عنها  كي يحقق حلمه بتحويلها إلى  » ريفيرا  » على غرار  » ريفيراته  » في  بلاده  مناصفة مع زميله نتنياهو.

ولقد أطرب  ترامب  كثيرا ثناءُ من حضروا قمة شرم الشيخ عليه ، وسره كثيرا أن يوصف بأنه صانع السلام ،علما بأنه استعمل الفيتو عدة مرات  لمنع وقف الإبادة الجماعية في القطاع . وهنا قد يطرح الحائرون سؤالا مفاده ما الذي غير موقف ترامب  ؟ والجواب بسيط و لم يعد خافيا على الرأي العام العالمي وهو تدني سمعته إلى أسفل درك بسبب منعه وقف الإبادة الجماعية ، ومشاركته الفعلية  فيها من خلال إمداد مرتكبها بآخر ما صنع من أسلحة الدمار الشامل كما شهد بذلك على نفسه وهو يفاخر ويباهي به. ولهذا جاءت خطته مع من تستبطنه من تآمر  فاضح على القضية الفلسطينية  لتلميع صورته  لدى الرأي العام الدولي والأمريكي ، ومحاولة إخراج  الكيان الصهيوني من الغرق في مستنقع غزة ، و كذا محاولة الالتفاف حول ما بلغته من سوء سمعة هذا  الكيان المحتل عالميا  وفك الحصار السياسي والاقتصادي عليه ، وهو حصار خلقت إرادة  الشعوب الحرالغربية التي أحرجت أنظمتها المتورطة معه في الإبادة الجماعية عن طريق تسليحه ودعمه بلا حدود، الشيء الذي اضطر بعضها إلى تبني فكرة الدعوة  للاعتراف بدولة فلسطين من أجل امتصاص غضب شعوبها التي صارت تخرج  غاضبة يوميا في مسيرات وتظاهرات مليونية الشيء الذي خلق لديها وعيا طالما غيبته أنظمتها عن طريق التسويق الإعلامي لفكرة معاداة السامية  والمتاجرة بها من أجل التغطية على الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، وعلى جرائمه الفظيعة فيها علما بأن الذين  ينادون اليوم بالاعتراف بدولة فلسطين  هم من استنبتوه بالأمس ، لذا من السخرية أن يطلع اليوم رئيس وزراء بريطانيا على العالم بفكرة الاعتراف بدولة فلسطين التي نقلت من احتلال بلاده لها  إلى الاحتلال الصهيوني بموجب وعد بلفور المشئوم . ومن السخرية أيضا أن يتشدق ترامب بما سماه  نهاية مشكلة عمرها  ثلاثين قرنا في إشارة منه لما سماه الفيلسوف  الفرنسي روجي جارودي :  » الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية  »  والتي منها  الوهم التلمودي الذي يمّلك زورا وبهتانا لليهود أرض فلسطين وما حولها من النيل إلى  الفرات . ولو أننا اعتمدنا جدلا منطق ترامب لكان عليه هو وجميع من غزا أباؤهم القارة الأمريكية قبل قرنين من الزمان  وأبادوا سكانها الأصليين الذين يمتد تاريخ وجودهم بها إلى قرون تفوق بكثير الثلاثة آلاف قرن التي توهمها  باعتماد الوهم التلمودي أن يرحلوا جميعا عنها.

  وأخيرا نقول إن خطة ترامب المنطوية على فخ  حلم  » الريفيرا  »  إنما هي محاولة من  المحاولات المتكررة لطمس معالم القضية الفلسطينية  من أجل التمكين للكيان الصهيوني المحتل تمكينا يحقق وهمه التلمودي على حساب تمزيق  الشعب الفلسطيني ، وكذا تمزيق اللحمة العربية والإسلامية من خلال تمرير اتفاق أبرهام  المشئوم  الذي يصدق عليه المثل المغربي المشهور القائل  » ما يقضي على الطماع غي الكذاب  » ، وما أقصر حبل الكذب ، وإن غدا لناظره قريب .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *