Home»International»أسباب اختلاف المواقف من إيران في حربها مع الكيان الصهيوني

أسباب اختلاف المواقف من إيران في حربها مع الكيان الصهيوني

0
Shares
PinterestGoogle+

أسباب اختلاف المواقف من إيران في حربها مع الكيان الصهيوني

محمد شركي

اختلف الرأي العام في العالم الإسلامي والعربي مفكرون ، وعلماء ،ودعاة، وخواص ، وعوام بخصوص الموقف  من إيران  في حربها مع الكيان الصهيوني حيث تعاطف معها البعض ، ولم يتعاطف  معها البعض الآخر ، وتجاهل أمرها طرف ثالث أو لنقل لزم الحياد وعدم الانحياز في الظاهر والباطن موكول إلى الخالق سبحانه وتعالى .

 وقبل الخوض في هذا الموضوع لابد من التذكير بأن كل اختلاف في المواقف أوفي  الآراء ، أوفي القناعات ، أو في وجهات النظر لا بد فيه من ثلاثة أطراف لا رابع لها : طرف مؤيد ، وآخر معارض ، وثالث محايد أو غير منحاز إلى هذا أو ذاك ، كما يحدث  ذلك على سبيل المثال في المحافل الدولية ، ونذكر منها مجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة أو كما يحدث أيضا في برلمانات الدول حين يقع التصويت  بين الفرقاء على بعض القرارات ، فتكون النتيجة  إما التصويت بأغلبية  لصالحها أو ضدها أو الامتناع عن التصويت تعبيرا عن الحياد أوعدم الانحياز ، وغالبا ما يعتبر الطرف الخاسر الامتناع عن التصويت موقفا خادما لمصلحة الطرف الرابح .

ولا يمكن أن يشذ الموقف العربي والإسلامي من إيران في حربها مع الكيان الصهيوني عن  هذه القاعدة  بحيث تعاطف معها طرف ، ورفض ذلك ثان ، والتزم الحياد وعدم الانحياز طرف ثالث  .

أما الطرف المتعاطف فقد رأى أن ذلك من الواجب الديني باعتبار الحرب دارت بين مسلمين وكفار، وأن الإيرانيين خاضوها تأييدا للقضية الفلسطينية، وهي قضية دينية أو عقدية قبل أن تكون قضية  سياسية ، فضلا عن كونهم ضحايا  العدوان  الصهيوني المباغت عليهم حيث كان هو المبادر بالهجوم ،متجاهلا  القوانين الدولية التي داس عليها مستخفا بها ، هو والولايات المتحدة التي أعطته الضوء الأخضر للهجوم على دولة ذات سيادة  ،وشاركته أيضا في عدوانه عليها دون الرجوع إلى قرار دولي صادر عن مجلس الأمن معتبرة نفسها طرفا يسد مسد هذا المجلس في وقت يمر فيه العالم بفوضى ، وبتعطيل القانون .

 ولقد انتقد المتعاطفون  مع إيران غير المتعاطفين  معها  خصوصا من المسلمين السنة ، وذهب بعضهم إلى تخوينهم ،و اتهامهم  بخذلان  مسلمين شيعة ، والشماتة بهم  ، بل أكثر من ذلك اتهامهم  بالردة ، والخروج من ملة الإسلام … إلى غير ذلك من النعوت القدحية .

وأما الطرف  غير المتعاطف، فقد برر موقفه بكون النظام الإيراني الشيعي  لا تختلف دمويته عن دموية الكيان الصهيوني، وذلك اعتبارا ما ارتكبه من جرائم إبادة جماعية في حق آلاف المسلمين السنة  بكل من العراق، وسوريا ،واليمن ، وهي إبادة جماعية لا تختلف  في شيء عن الإبادة الجماعية التي ارتكبها ولا زال يرتكبها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، وفي مناطق من الضفة الغربية. ويرى غير المتعاطفين مع إيران أيضا أنها ترتزق بالقضية الفلسطينية من أجل إنجاز مشروعها  الشيعي التوسعي في المنطقة العربية ، وهو مشروع لا يختلف عن المشروع الصهيوني التوسعي فيها أيضا . وفضلا عن ذلك يرى غير المتعاطفين معها أن المذهب الشيعي  الإمامي الذي تعتمده إيران يتعمد الإساءة  إلى المشاعر الدينية لأهل السنة بشكل صريح لا غبار عليه ،من خلال ما يلقنه مرجعياتهم لعوامهم من تكفير، ولعن ،وسب، وشتم ، وتجريح للخلفاء الراشدين أبي بكر، وعمر ، وعثمان رضي الله عنه ، مع الطعن في عرض أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها ، والنيل من حفصة بنت عمر … إلى غير ذلك من تكفير، ولعن ، وسب وتجريح  سواد الصحابة رضوان الله عليهم باستثناء قلة قليلة تعد على رؤوس الأصابع . وهذا وحده سبب كاف للامتناع عن التعاطف مع إيران نظرا لقيمة هذه الشخصيات  المقدسة عند المسلمين السنة، والتي تتعرض للإساءة العلنية عبر وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي . ولقد كان من المفروض  أن تنتهي المراجع الشيعية عن تحريض العوام من أتباعها على هذا الاعتداء السافر على مشاعر المسلمين السنة ، وهو يسبب كراهيتهم للشيعة ، علما بأن أهل السنة ليس من اعتقادهم  ، ولا من سلوكهم ، ولا من أخلاقهم لعن أو سب يقابل لعن وسب الشيعة للخلفاء الراشدين الثلاثة ، ولا يمكن أن يزايد الشيعة على السنة في حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم  فهم مقدسون عندهم ويصلون عليهم في تشهدهم عقب الصلوات الخمس ، وفي كل أدعيتهم افتتاحا ، واختتاما . ومعلوم أيضا أنه ليس من خلق المسلم أن يكون لعانا  أو طعانا أو مفحشا كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومعلوم كذلك أن التكفير واللعن إما أن يكون المكفَّر والملعون مستحقا لهما وإلا باء بهما المكفِّر واللاعن .ولا يقتصر لعن وسب الشيعة على الخلفاء الراشدين الثلاثة ، وأمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وسواد الصحابة ، بل  يشمل كل المسلمين السنة لمجرد اختلافهم معهم في عقيدة يرونها منحرفة ومتطرفة ، ومفرقة لصف المسلمين . وكيف ينتظر من المسلمين السنة والحالة هذه أن يتعاطفوا مع إيران الشيعية  في حربها مع الكيان الصهيوني ، علما بأن عدم تعاطفهم  معها لا يمكن بحال من الأحوال أو بذريعة من الذرائع أن يفسر مزايدة  عليهم  بأنه تعاطف مع الكيان الصهيوني ، بل لقد كان موقفهم واحدا من إيران ومن الكيان الصهيوني على حد سواء ، وهو ما  يعكسه دعاء :  » اللهم اشغل الظالمين بالظالمين  » على اعتبار أن الإيرانيين كالصهاينة أهدروا دماء الآلاف من المسلمين السنة  ظلما وعدوانا بناء على معتقدات تجرمهم بغير جرم اقترفوه  مع أن شرع الله عز وجل هو ما تضمنه قوله تعالى:  (( ألا تزر وازرة  وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يُرى  ثم يجزاه الجزاء الأوفى  )) ، وقوله أيضا : (( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب )) .  

وفي نظر غير المتعاطفين  مع إيران أيضا أنها تتاجر ، وترتزق بالقضية الفلسطينية  من أجل مصالحها السياسية إذ كيف تعم اللعنة عند الشيعة عموم المسلمين السنة ،  بينما يستثنى منهم السنة في فلسطين بمن فيهم أهل غزة ؟ وتأييد الشيعة لهؤلاء لا يمكن أن يسقط جرائمهم التي نالت من أبرياء  في العراق، وسوريا، واليمن أو تكفرها .

وفضلا عن ذلك لا يخلو سلوك إيران من مواقف عدائية تجاه بلدان عربية سنية كما هو الشأن بالنسبة للمغرب على سبيل المثال لا الحصر حيث انحازت إلى موقف الجزائر المعادية لوحدته الترابية للمغرب ، وقد تورطت إيران في هذا الصراع ، وحشرت أنفها فيه، وأمدت الجزائر والانفصاليين من عصابات البوليساريو بأسلحة . فهل هذا  سلوك إسلامي ؟ وهل يدعو الإسلام إلى الوحدة أم يدعو إلى التفرقة ، وإلى تمزيق أوصال الأوطانه  الإسلامية ، وإلى بث الصراعات فيها  بين الأشقاء ؟ ولا بد من التذكير بأن مشكل الصحراء المغربية كان من صنع الاتحاد السوفياتي الشيوعي  سابقا الذي كان يتنافس مع الامبريالية الأمريكية والغربية الأوروبية على مناطق نفوذ  في الوطن العربي ، وهو من حرض النظام الجزائري الموالي له إيديولوجيا على اختلاق هذا الصراع في المنطقة ، وهو صراع عانى منه الشعب المغربي كثير طيلة عقود ، وكلفه تضحيات جسيمة مادية ومعنوية في الأرواح  والأموال ، فلماذا انحشرت إيران في هذا الصراع المفتعل  في قضية وحدة ترابية لا غبارعليها بشهادة التاريخ ، وبشواهد بيعة محررة في أزمنة سابقة، ولا يمكن الطعن فيها .

وكيف ينتظر من المغاربة  السنة أن يتعاطفوا مع إيران الشيعية  وهي ضد وحدتهم الترابية ؟

أما الطرف الذي لزم الحياد  في هذه القضية ، فهو إما قصد التكتم على التعاطف مع إيران ، أو قصد التكتم على عدم التعاطف معها تجنبا للوم أو العتاب منها أو من غيرها  ، ولا ندري هل ستعتبره إيران  ومن تعاطفوا معا موقفا  يخدم  مصلحة الكيان الصهيوني على حسابها وهو أمر متوقع كما سبق ذكره في بداية هذا المقال ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *