Home»Islam»حديث الجمعة : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا ))

حديث الجمعة : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا ))

0
Shares
PinterestGoogle+

حديث الجمعة : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا ))

محمد شركي

من المعلوم أن الله عز وجل تعهد في كل الرسالات المتتالية التي بعث بها رسله الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، وجعل ذلك سنة ماضية في الخلق إلى قيام الساعة . ومن الآيات البيّنات التي ضمنها الله تعالى رسالته الخاتمة المنزلة على خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قوله عز من قائل : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا )) ، ففي هاتين الآياتين الثانية والثالثة والعشرين من سورة الفتح يذّكر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ومن خلاله  يذكّرعموم المؤمنين إلى يوم الدين بسنته الماضية في خلقه التي وعدهم بها حين يقاتلهم الكافرون ، وهي سنة خلت  فيمن كان قبلهم من المؤمنين ، ولا تبديل لها .

 ولما كانت العبرة في كلام الله تعالى بعموم لفظه، لا بخصوص أسباب نزوله ، فإن هذا الوعد منه سبحانه وتعالى كان لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولمن كانوا معه يومئذ من المؤمنين ،كما كان من قبل لمن سبقه من المرسلين الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين، ولمن كانوا معهم من المؤمنين ، وهو وعد لن يتخلف، ولن ينقطع أبدا ما دام في الدنيا كفار يقاتلون المؤمنين حتى تقوم الساعة .

وموعود الله سبحانه وتعالى هو حتمية فرار الكافرين حين يقاتلون المؤمنين ، وحتمية حرمانهم ممن يواليهم أو ينصرهم ، وهذه سنته سبحانه وتعالى التي خلت في الأولين ، وهي مستمرة في الآخرين لا تبديل لها إلى يوم الدين .

ولقد جاء في كتب التفسير أن هذا الوعد الإلهي مشروط بنيّة صادقة  لنصر دينه مصداقا لقوله تعالى في الآية السابعة من سورة محمد : (( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) ، وقوله أيضا في الآية الأربعين من سورة الحج : (( ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )) ، فهذان وعدان ناجزان منه سبحانه وتعالى إلى قيام الساعة .

 وقال المفسرون إن نصر الله عز وجل يكون على قدر الإيمان ، وعلى قدر تقواه سبحانه وتعالى . ولقد كان نصر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن كانوا معه من المؤمنين يوم بدر بقدر إيمانهم وتقواهم على ما كانوا عليه من قلة وذلة ، وما كان عليه  في المقابل الكفار من كثرة وعدة وعتاد، ومع ذلك لم يجد هؤلاء يومئذ من يواليهم ، ولا من ينصرهم لسابق وعد الله تعالى الناجز ، ولسريان سنته التي لا تبديل لها .

مناسبة حديث هذه الجمعة هو تنبيه عموم المؤمنين إلى ما قد يغفل عنه بعضهم  مما وعد به الله تعالى عباده المؤمنين الذين تصدق نيتهم في نصر دينه وإعلاء كلمته أو يظنون أن وعده قد يتعطل  أو أن سنته تتبدل بسبب تغير أحوال الناس في  زماننا هذا ،وقد قويت شوكة أهل الكفر ، وكثر عددهم ، وزادت قوتهم ، وكثرت أحلافهم ، وتطورت عدتهم ، وتنوع عتادهم . وقد يقال لا مجال لمقارنة حروب المؤمنين مع الكافرين بالأمس مع حروبهم في هذا الزمان لاختلاف أسباب القوة ، وتطور العتاد والعدة ، وذلك إما لضعف إيمان القائل أو لقلة يقينه بوعد الله الناجز والذي لا تبديل له . وقد يقال إن الله  تعالى قد أمر المؤمنين بالإعداد  قبل منازلة الكافرين ، وهذا أمر صحيح إلا أن المؤمنين قد يعوزهم الإعداد اللازم ، ويضطرون  اضطرارا إلى قتال الكافرين لعدوان هؤلاء عليهم ، ويكون دين الله عز وجل في حاجة إلى من  ينصره كما كان الحال يوم بدر ، فما الذي يجب عليهم القيام به في مثل هذه الحال ؟ هل يواجهون المعتدين مع يقين بأن الله عز وجل وعدهم الوعد الصادق  الناجز بنصرهم إن صدقوا في إيمانهم وفي نصر دينه ،وباندحار أعدائهم أم يستسلمون  لهم ؟

إن ما يمر به المؤمنون في أرض الإسراء والمعراج اليوم ، وفي هذا الظرف بالذات هو هذه الحال بالضبط ، ذلك أنهم حوصروا في أرضهم بقطاع غزة منذ سنة 2005  بعد انسحاب عدوهم الصهيوني من أرضهم  بعد احتلاله من قبل ، واستمر الحصار الخانق عليهم  طيلة عقدين  من الزمان ، وخلال هذه المدة  كان عدوهم يهاجمهم بآلته العسكرية المدمرة ، وقد كان اعتداؤه عليهم أربع مرات سنة 2008 ، وسنة 2009 ، وسنة 2012 ، وسنة 2014 ،  وتعرضوا خلالها  لعدوان الإبادة الجماعية ، وتعرضت ديارهم للدمار خراب . ولما أحسوا منه  التخطيط  الماكر لعدوان جديدا عليهم دلت عليه مؤشرات منها ما سمي صفقة القرن، بادروه بهجوم  عليه في المنطقة التي يحتلها  قبل أن يهاجمهم. وهذه هس الحقيقة التي لا غبار عليها ، وهذا يدل على أن  عدوهم قد فرض عليهم القتال فرضا  ، وليسوا هم من اختاروه كما يُروَّج عنهم ذلك ، وأن قصدهم إنما هو تحرير أرضهم من نير احتلال بغيض يريد إبادتهم أو تهجيرهم  عنها قسرا ،وعلى رأس ما هدفوا إلى تحريره بيت المقدس، ومسجده الأقصى الذي دأب عدوهم على تدنيسه باستمرار ، وهو مهدد بالهدم لإقامة هيكله المزعوم ، وهذا مؤشر على أنهم إنما أرادوا نصر دين الله عز وجل وإعلاء كلمته . فكيف يلومهم اللائمون على ما شرع الله تعالى لهم ، وما شرعته حتى الشرائع البشرية حين تحل  الأوطان ؟ وكيف يشكك المشككون في نواياهم الموكول أمرها إلى الله عز وجل وحده ، وليس من حق أحد أن يتكهن بها إلا أن يقع في إثم سوء الظن الذي نهى عنه سبحانه  وتعالى إن كان الظانّ  يظن نفسه مؤمنا حقا ؟ وليس من حق من لا يقدم لهم عونا أو دعما ، وهو واجب ديني على كل مؤمن أن يلومهم أو يشكك في نواياهم ، وخير له أن يصمت حتى لا يبوء بإثم يحمل وزره يوم العرض على الله عز وجل .

ومن كان يستعظم قوة الخلق دون استحضار قوة  الخالق سبحانه وتعالى ، وهو يدعي الإيمان ،وينتسب إلى  حظيرة المؤمنين ، فإنه يسيء الأدب  معه ، وقد ينزلق إلى ما هو أخطر من ذلك حين يتجاهل وعد الله الناجز أو يشكك فيه أو يكذبه أو يستهين به أو يستبعده في هذا الزمان لقصور نظره وتعطيل عقله حين تعظم قوة المخلوق عنده ، ويبلغ به اليأس مبلغه، فيعتقد جازما أن ليس لوعد الله تعالى إنجازا وهو يقرأ قوله تعالى : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )) ، يمر بها مرورا الكرام . ولقد ورد في الذكر الحكيم ذكر سنته هذه  التي خلت  من قبل ، وتلتها سنن أخرى مثلها على امتداد العصور المتتالية ، وقد عاش الناس في هذا الزمان مثلها كما هو الحال على سبيل المثال لا الحصر في أرض المسلمين الأفغان الذين نصرهم الله على الإنجليز، والروس، والأمريكان ومعهم دول حلف الناتو على ما كان عندهم من نقص في العدد، والعدة، والعتاد . وكان نصره لهم على قدر أرصدتهم من الإيمان والتقوى ، ووفق ما علم سبحانه وتعالى من صدقهم في نصر دينه وإعلاء كلمته .

وعليه على المؤمنين الذين يحرصون على صيانة أرصدتهم من الإيمان والتقوى، غير مرتابين، ولا شاكين أن يستيقنوا أن وعد الله عز وجل  الذي وعد به عباده المؤمنين من نصر إن  صدقوا في نصر دينه ناجز لا محالة. وعليهم أن يصونوا ألسنتهم من سوء الظن بالمجاهدين في أرض  الإسراء والمعراج أو من التشكيك في جهادهم ورباطهم تحت ذريعة الإشفاق على ضحاياهم من المدنيين ، وأن يساءلوا أنفسهم ما الذي قدموه لهم ؟

اللهم إنك أنت علام الغيوب ،لا يخفى عليك سبحانك شيء من أمر عبادك المجاهدين في سبيلك بأرض الإسراء والمعراج ، ولا نزكيهم عليك ، فعجل اللهم لهم  بوعدك الناجز الذي لا نرتاب، ولا نشك فيه ،وأقراللهم عيونهم بنصرك المبين واقهر اللهم من اعتدى عليهم  وظلمهم .

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *