Home»International»ستكون مساءلة ومحاسبة أمة الإسلام بين يدي الله عز وجل يوم الحساب على قدر المسؤوليات والإمكانيات ولن يبرأ إلا من أبرأ ذمته أو استضعف ولم يستطع حيلة ولم يهتد سبيلا

ستكون مساءلة ومحاسبة أمة الإسلام بين يدي الله عز وجل يوم الحساب على قدر المسؤوليات والإمكانيات ولن يبرأ إلا من أبرأ ذمته أو استضعف ولم يستطع حيلة ولم يهتد سبيلا

0
Shares
PinterestGoogle+

ستكون مساءلة ومحاسبة أمة الإسلام بين يدي الله عز وجل يوم الحساب على قدر المسؤوليات والإمكانيات ولن يبرأ إلا من أبرأ ذمته  أو استضعف ولم يستطع حيلة ولم يهتد سبيلا

محمد شركي

يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء من الآية 95 إلى الآية 99

(( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفور رحيما إن الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم  جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا )) .

يتضمن هذا النص القرآني العهد الذي أخذه الله عز وجل على أمة الإسلام التي فرض عليها الجهاد من أجل أن يعبد وحده  في الأرض ، ويقام فيها شرعه ، وقد تضمن تمييزا ومفاضلة  بين القائمين بهذه الفريضة  على وجهها ، وبين المقصرين فيها ، وبشّر من بشر من هم ، وأنذر من أنذر ، وأعذر من رأى له عذرا .

و حري بأمة الإسلام اليوم أن تستحضر هذا العهد المأخوذ عليها من خالقها وقد وجب عليها نصرة عباد له استضعفوا في أرض الإسراء والمعراج ، فحوصروا وجوعوا ، ودمرت مساكنهم ، وقتّلوا تقتيلا فاق حدود الإبادة الجماعية بأشواط بعيدة، لا لشيء إلا  لأنهم  أولا أرادوا تطهير مسجده الأقصى الذي باركه ، وبارك ما حوله من دنس اليهود الصهاينة ، ثم استرجاع حريتهم،  ووطنهم الذي سلب منه بالقوة بمساعدة ودعم الاحتلال البريطاني ثم بعده دول أوروبية والولايات المتحدة الأمريكية  .

إن النص  المتضمن للعهد الإلهي أعلاه، لم يرد في محكم التنزيل ليرتل ثم تطوى صحفه كأنه قصص أو أحداث تاريخية ، بل هو تشريع ملزم لأمة الإسلام حتى تقوم الساعة ويقف الناس بين يدي خالقهم للمساءلة والمحاسبة والجزاء .

والأصناف التي ورد ذكرها في هذا النص القرآني هم مجاهدون بأموالهم وبأنفسهم ، وقاعدون عن الجهاد ، ومستضعفون ، وهي أصناف  تتكرر في كل زمان وفي كل مكان  إلى نهاية العالم .

والذي يعنينا من هذه الأصناف في هذا الظرف بالذات الذي يحتاج فيه المؤمنون المظلومون في أرض الإسراء والمعراج  إلى مؤازرة واجبة شرعا هم القاعدون عن الجهاد الواجب والمستضعفون وفيما يلي تفصيل أحوالهم :

أ ـ  صنف القاعدين عن الجهاد :

 وتتدرج مسؤولياتهم من عليا إلى دنيا ، وسيسألون  يوم العرض على خالقهم  سبحانه وتعالى على قدر درجة مسؤوليتهم التي قلدهم  إياها ، ولا ذريعة لهم يتذرعون بها  يومئذ عن قعودهم  أو تخلفهم عن نجدة من يستنجدون بهم من إخوانهم  المؤمنين  وهم تحت الحصار المحكم والتجويع المهلك ، والقصف المدمر . وإذا كان القاعدون المتخلفون عن فريضة الجهاد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيسألون  يوم العرض على ربهم عن قعودهم بعبارة  » فيم كنتم ؟ وسيتذرعون بعبارة   » كنا مستضعفين في الأرض « ،   فترفض ذريعتهم وتدحض بعبارة  » ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟  » ، فإن أصحاب  المسؤوليات  اليوم حسب تدرجها سيواجهون يوم العرض على خالقهم نفس المساءلة  بصيغ أخرى، وستدحض كل ذريعة سيتذرعون بها ، وسيدانون بما أدان الله تعالى من كان قبلهم بقوله : (( إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم )) ، وما ظلم أنفسهم سوى القعود والتخلف عن أداء فريضة أوواجب الجهاد بالمال والنفس .و سؤال هؤلاء فيم كانوا؟  سيشمل كل شاغل شغلهم عن أداء واجبهم  الديني ، وصاحب كل مسؤولية  منهم على اختلاف نوعها سيتذرع بذريعة تسد مسد ذريعة الاستضعاف في الأرض كما فعل من كان قبلهم ، وسيواجه دحضها  بأدلة دامغة لا سبيل لإنكارها، لأن الله تعالى يعلم السر وأخفى.

ومعلوم  أن الجهاد المفروض على المؤمنين ـ  وهو كره لهم ـ  يتحقق بطرق شتى ، وهو أنواع ذكر منها الله عز وجل في النص القرآني أعلاه الأهم، وهو إنفاق المال ، والتضحية  بالنفس ، ولكنه في نص آخر ذكر أنواعا أخرى في قوله عز من قائل  في الآيتين العشرين والواحدة والعشرين بعد المائة  من سورة  التوبة :

 (( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل  الله ولا يطئون موطئا يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون )) .

ففي هذا النص القرآني تفصيل للجهاد بالنفس والمال وغيرهما ، ذلك أن الذي يظمأ، وينصب، ويجوع، ويطأ الموطىء الغائض للعدو ،والنائل منه ، و الذي يقطع الوادي هو المجاهد بنفسه  ،وبجهده العضلي ،وربما يكون مجاهدا بماله أيضا ، والذي ينفق النفقة الصغيرة والكبيرة هو المجاهد بماله . والجهاد بما يغيض العدو وبما ينال منه له أوجه عديدة  منها  الكلمة المسموعة  والتي  تحضر وتعاين أو المنقول بالصوت والصورة عن بعد،  كجهاد العلماء، والمفكرين،  والدعاة، والخطباء، والإعلاميبن … هو جهاد لا يقل شأنا عن جهاد المال والنفس ، ومنه أيضا جهاد المسيرات المليونية، والمظاهرات ،والوقفات والاعتصامات  المؤيدة والداعمة للمستضعفين المظلومين كجهاد عموم الناس، ومنها جهاد مقاطعة ما يسوق في الأسواق من سلع  تعود أرباحها بالنفع على العدو وتقويه ، وهو جهاد مفروض على الجميع ولا عذر لأحد في التقصير فيه ، و قد توجد طرق وأساليب أخرى  تؤدي نفس الغرض لا تقل شأنا عن جهاد المال والنفس، وعلى  كل أفراد الأمة المسلمة أن تنشدها للنجاة من التخلف عن فريضة الجهاد إذا وجبت  كما هو الشأن اليوم في أرض الإسراء والمعراج . ومع كثرة وتنوع ما يسد مسد الجهاد بالمال والنفس، لا يبقى من عذر لأحد ، ولا تقبل منه ذريعة  إذا عرض على خالقه يوم الحساب .

ب ـ صنف المستضعفين :

وهم الفئة التي استثنيت في النص القرآني الأول من الوعيد في قوله تعالى :

(( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا )) .

ومعلوم أن الاستضعاف هو اعتبار الشخص ضعيفا ، وركوب  ضعفه من أجل الإساءة إليه  كما جاء على لسان نبي الله  هارون وهو يخاطب  أخاه  نبي الله موسى عليهما السلام في  جزء من الآية الخمسين بعد المائة من سورة الأعراف : (( قال ابن أُمَّ  إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني )).

ولقد ذكر الله تعالى في هذا الاستثناء ثلاثة أنواع  وهم : رجال ،ونساء ،وولدان  قاسمهم المشترك هو الضعف . وإذا كان الأصل  في الرجال أنهم أقوياء ومؤهلون للجهاد ، و لا يدخلون تحت صنف المستضعفين إلا لعلة تسلبهم  قوتهم  من عمى، أو مرض، وعرج، أو قُعاد ،أو خبل … أو غير ذلك من العلل المانعة من أداء الفريضة، فإن الأصل في النساء والولدان الضعف  .

ومعلوم أنه لا يجوز لغير هذه الأصناف التذرع بذرائع غير مقبولة  كي يكونوا ضمن المقبولة أعذارهم لأن الله تعالى لا يخفى عليه  شيء في الأرض ولا في السماء . ولا عذر يقبل لتعطيل فريضة الجهاد إذا وجبت  على أمة الإسلام ، وهي اليوم واجبة في أرض الإسراء والمعراج ، وقد تعددت ، وتنوعت طرق الجهاد وأساليبه كما مر بما خصوصا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  » من مات  ولم يَغْزُ، ولم يحدث نفسه به، مات على شعبة من نفاق «  .

وأخيرا نقول لينظر كل فرد من أمة الإسلام ،وهي اليوم تزيد عن المليار ونصف المليار نسمة  إلى ما في وسعه من قدرة ، أوجهد مادي أو معنوي يبذله جهادا في سبيل الله من أجل إخوة له في الدين يعيشون محنة الحصار الخانق ، والتجويع ، والتعطيش ، والإبادة الجماعية ، وذلك  تبرئة للنفس أمام الخالق سبحانه وتعالى ، و في نفس الوقت إراحة لضميره قبل أن يلقى ربه على شعبة من نفاق عياذا بالله منه .

و لا تفوت الفرصة دون التذكير بأنه على الرغم من أهمية ما في التوجه الواجب إلى الله تعالى بخالص الضراعة  كي يعجل بفرج لإخواننا في أرض الإسراء والمعراج ، فإنه لا يمكن أن يكون بديلا عن التفكير في بذل ما في الجهد ، والوسع، والطاقة مما يدعمهم ماديا أو معنويا ،علما بأن الدعاء يأتي بعد الاستعداد والإعداد كما ذكرني بذلك أخ فاضل مشكورا مأجورا إن شاء الله تعالى  بقول المولى جلت قدرته في الآية الخمسين بعد المائتين من سورة البقرة على لسان المجاهدين من أصحاب طالوت  : ((  ولمّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) وقد جاء دعاؤهم بعد البروز لأعدائهم، وكان مسبوقا بالإعداد والاستعداد والتوكل على الخالق سبحانه وتعالى. ولا شك أن  الدعاء مع إخواننا في أرض الإسراء والمعراج  إذا جاء بعد عونهم ماديا ومعنويا مهما كان نوعه أو حجمه أو شكله، سيكون مستجابا  إن شاء الله تعالى .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *