Home»National»مؤسسة إنريش بول وحقوق الإنسان

مؤسسة إنريش بول وحقوق الإنسان

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسن جرودي

مؤسسة هاينريش بُل وحقوق الإنسان؟

عندما أسمع كلمة شراكة، يتبادر إلى ذهني وجود علاقة تقوم على التَّعاون وتبادل المصالح في شتَّى المجالات بين كيانين، وهذا بالفعل ما تشير إليه مجموعة من التعاريف الواردة في عدد من معاجم اللغة العربية، وتبقى الإشارة إلى أن المصالح المتبادلة تختلف باختلاف الكيانين وباختلاف المجالات التي يتم فيها التبادل. وفي هذا الصدد، وبعدما اطلعت على مقال بجريدة هسبريس تحت عنوان « تدريب صحافيين شباب على حقوق الإنسان » تمت الإشارة فيه إلى أن المنتدى المغربي للصحافيين الشباب سينظم، بشراكة مع مؤسسة هاينريش ُبل -مكتب الرباط، يومي 29 و30 يوليوز الجاري بمراكش، دورة تدريبية حول موضوع « المفاهيم الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان من أجل صحافة مغربية ذات جودة »، تساءلتُ عن طبيعة المصالح التي يمكن تبادُلها بين المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، ومؤسسة هنريش ُبل الألمانية. وبما أن مفهوم حقوق الإنسان يرتبط ارتباطا وثيقا بمرجعية كل من الشريكين وبالأهداف التي يتوخيانها ، بَقِيتْ طبيعة المصالح المتبادلة مبهمة في ذهني بسبب جهلي بالمؤسسة وبمجالات اشتغالها، مما جعلني أسائل الحاج غوغل الذي أمدني بصفحتها الخاصة بمكتب الرباط، حيث اقتطفت المعطيات التالية: إنها « مؤسسة سياسية ألمانية غير ربحية تابعة لحزب الخضر التي تتمثل مهمتها في التربية المدنية والسياسية داخل ألمانيا وفي بلدان أخرى… كما تعمل المؤسسة على تشجيع الديمقراطية والتنمية المستدامة وتدافع عن قيم حقوق الإنسان والمساواة بين النساء والرجال… وتعمل وفق منهجية تراعي فيها المقاربة المبنية على النوع. »، هذا من جهة، ومن جهة ثانية أورد المقال أن « أهمية موضوع هذه الدورة مستمدة من ضرورة مرافقة الترسانة القانونية الموجهة للصحافيين والصحافيات، ليس بـالتحسيس، ولكن أيًضا بـالتكوين في المفاهيم والأدوات الأساسية لحقوق الإنسان؛ ما يمّكنهم من تغطية القضايا المتعلقة بهذه الحقوق بشكل استباقي واحترافي، والبقاء على اطلاع دائم على الممارسات الفضلى في مجال التشريع الدولي، من أجل تعزيز صحافة مغربية أخلاقية ومهنية تحترم الضوابط الأساسية لحقوق الإنسان ».

من خلال ما سبق سأحاول استنتاج مدلول تبادل المصالح بين الطرفين، أي ماذا يعطي كل طرف وماذا يأخذ؟ فإذا كانت مؤسسة هاينريش تتكفل بالتكوين، في جانبيه المادي والمعرفي على السواء، فماذا تأخذ مقابل ذلك؟ وإذا كان الصحافيون الشباب يستفيدون من هذا التكوين، فما هو الثمن الذي يؤدونه في المقابل؟

يبدو حل هذه المعادلة في إطار تبادل المصالح صعب للغاية، إذا ما تم الانطلاق من المعطيات التي تنبني عليها كل الشراكات التي يتوفر فيها شرط الندية. ومن ثم فإذا كان هناك من حل في غياب هذا الشرط، فلا يمكن أن يتم إلا على حساب الطرف الضعيف. وبقليل من التدبر يتضح أنه ليس للصحافيين الشباب ما يساهمون به في هذه الشراكة سوى وضع مادتهم الرمادية رهن إشارة المؤسسة، وهو المقابل الذي تستهدفه مؤسسة هاينريش حتى تتمكن من برمجتها على احترام الضوابط الأساسية  » لحقوق الإنسان » التي لا يمكن أن تكون سوى تلك الحقوق « الدولية » التي تتهافت مجموعة من الجمعيات المسندة من الغرب على تبنيها والتفاني في استنباتها، على الرغم من علمها علم اليقين أن عناصر التُّربة المغربية لا تلائم هذا النوع من البذور.

أخيرا، إذا علمنا أن المغرب يتوفر على المعهد العالي للإعلام والاتصال كمؤسسة عمومية، وعلى مجموعة من المعاهد العليا للصحافة والإعلام الخاصة، فإنه يُفترض أن الحصول على صفة صحافي يستلزم التكوين بإحدى هذه المؤسسات، ومن ثم يتعين أن يكون التكوين متكاملا، وشاملا لجميع المجالات التي لها علاقة بالإعلام والتواصل. وبما أن الساحة الإعلامية بصفة عامة تعج بالمستجدات، يتعين على هذه المؤسسات التكفل بإعداد وإنجاز برنامج للتكوين المستمر بخصوص التعامل معها في إطار التمسك بالقيم الدينية والوطنية، أما أن يتم اللجوء إلى « شراكات » مشبوهة وغير متكافئة، على غرار جل الشراكات التي تستجير بها مجموعة من الجمعيات الحقوقية والنسوية، التي تستهدف بالأساس عقول شبابنا، من خلال علمنة أكبر عدد منهم، واستعمالهم بدون مقابل في محاربة قيمنا الإسلامية والوطنية، فليعلم الجميع، والمسؤولون منهم على الترخيص لمثل هذه « الشراكات » بالخصوص، أن ترك المجال مشرعا أمام هذه الجمعيات والهيئات، مآله الوحيد هو  زرع الفرقة بين المغاربة، وتفكيك أواصر اللحمة المغربية، مما يؤدي بالضرورة إلى زعزعة استقرار هذا البلد الأمين لا قدر الله.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *